بحث

السبت، 19 أبريل 2014

القابعون في الظلام : الحلقة الحادية والعشرون

ملاحظاتي الختامية : ولدي، من المؤكّد أن لديك الكثير من الأسئلة حول
إستراتيجيتي بخصوص الأزمات الاقتصادية والسياسية الراهنة والتي تزعزع العلاقات الوطنية والعالمية. 

أنا وأنت سنتناولها بالتفصيل لاحقاً. 

لكن الليلة دعني أكون موجزاً. 

مُعظم حالات الجيشان في الساحة الوطنية هي مسرحيات من إخراجنا، وتهدف إلى تدعيم موقعنا الاحتكاري في الحكومة والسوق ضدّ إزعاجات منافسينا المؤهلين اقتصادياً لكن غير الأكفاء سياسياً. 

وكذلك الحال، معظم الأزمات العالمية هي مُصطنعة ويتم إدارتها لزيادة الضغوط على عملائنا من الدكتاتوريين الجامحين والممانعين أحياناً في العالم الثالث. 

هذه الأحداث هي سهلة الإدارة. أتوقع أن أضع هكذا إدارة بين يديك في أقرب وقت ممكن.

التحدي الحقيقي يقع في التعامل مع نظرائي العالميين. 

فهؤلاء يمثلون الأزمة الحقيقية لأنهم يمثّلون أزمة بالنسبة لبنية النفوذ لدي، وليس فقط بالنسبة لقيادات الدُمى وأتباعي الذين هم رهن إشارتي. في لعبة الشطرنج واسعة المدى هذه، والتي ألعبها مع نظرائي. 

ليس هناك أي قواعد للعبة لكي نحتكم إليها، ولا تكتيكات معروفة مسبقاً للإرشاد بها. 

فقط التساهل المتبادل بين الفريقين يحدّ من النزاع. 

لقد جاهدنا أنا ونظرائي لعقود طويلة من أجل تشييد حكومة عالمية ومنظومة مصرفية يمكن من خلالها أن نتقاسم خيرات الرأسمالية المصرفية لقرون قادمة دون أن نخاطر في الدخول بدوامة حرب داخلية قاتلة بالنسبة لجميع الأطراف. 

بعد أن وصلنا لفترة أصبحت فيها الحرب النووية أمراً وارداً، رأينا أن نظاماً عالمياً جديداً أصبح مطلوباً. 

أكرّر وأقول بأننا نجاهد لإقامة حكومة عالمية لأنه ليس هناك بيننا من هو مستعدّ لتسليم سلطته للآخر. 

الأجندة التي وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية لم تُنفّذ بالكامل بعد. 

وحتى الآن، فقد خدمت فكرة "الحكومة العالمية" بشكل عام في تحميس المفكرين الاشتراكيين، وساهمت من جهة أخرى في إخفاء مناورات كل رأسمالي خلال اجتهاده للتفوّق والارتقاء على حساب الآخرين.

من الصعب التنبؤ بالمسيرة المستقبلية للرأسمالية المصرفية. 

إن إمبراطورياتنا هشّة جداً للمخاطرة في الدخول بمعارك مع نظرائنا بهدف نيل السلطة المطلقة. 

فيمكن لقوتنا أن تقع في أيدي الصفّ الثاني من الرأسماليين خلال النزاع مع نظرائنا الكبار. 

لكن لازلنا نستمر في النهش من الإمبراطوريات المنافسة كلما سنحت لنا الفرصة، متبعين المبدأ القائل " الهجوم هو أفضل سياسة دفاع". 

ومن جهة أخرى، فإن الزعماء السياسيين، مهما توسّعت شعبيتهم، هم ضعفاء جداً أمام نفوذنا المالي. 

وبالتالي، عندما يبرز قياصرة في هذا العالم، فلا بد من أنهم من صنعنا.

ربما ستبقى منظومتنا كما هي على الأغلب، مستقرّة على المستوى الوطني وجماعية بشكل مضعضع على المستوى العالمي. 

وسيبقى الأمر كذلك إلى أن يتنامى المنطق والعقلانية والأنانية الكافية بين الجماهير الواسعة حتى يصل لدرجة معيّنة بحيث تصبح وسائلنا الخفية للسيطرة واضحة وجلية بالنسبة لهم، وهذا سوف يؤدي إما لنشوء فوضى عارمة، أو ابتداع شكل جديد ومتطوّر من الخداع مما يبقي السيطرة مستمرّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق