بحث

السبت، 19 أبريل 2014

القابعون في الظلام : الحلقة الثالثة

من ناحية ثانية، أهم العوامل التي جعلتك مختاراً كوريث مناسب لي يتمثّل بــ
طبيعتك النفسية (السيكولوجية) التي تم تبليغي عنها بأمانة عبر السنوات الماضية من قبل زملائي الذين معظمهم تلقى تدريب متقدم في مجال السيكولوجيا. 

وجب على رجل في موقعي أن يتمتع بسيطرة كاملة على عواطفه. وجب على جميع التصرفات والقرارات التي قد تؤثّر على مصلحة العائلة ونفوذها أن تستند على حسابات عقلانية وباردة، هذا إذا كانت الغاية بقاء العائلة وازدهارها على حساب أتباعها ومنافسيها معاً. 

إن القوة والسلطة مستحيلة بالنسبة لهؤلاء الذين تكون ممارساتهم محكومة بالعاطفة، الحب، الحسد، شهوة السلطة، الثأر، التعصّب، الكره، حب العدالة، شرب الخمر، تناول المخدرات، وأخيراً الرغبة الجنسية. 

وبنفس الوقت، المحافظة على القوة تكون مستحيلة بالنسبة لهؤلاء الذين يكبتون كافة رغباتهم وشهواتهم في وعيهم الباطن لفترة من الوقت، حتى تأتي لحظة غضب مجنونة فتسمح بتدفّق كل هذه المكبوتات إلى الخارج فيتم التعبير عنها بطريقة لا يمكن السيطرة عليها. 

إن كل هذا يؤدي حتماً إلى دمارهم الأكيد. 

رغم تسلّح الفرد بقوة عقلانية ذات طبيعة حسابية هادئة، إلا أن السلوك الاندفاعي يقبع عند جذور هذه الطبيعة الهادئة، وبالتالي فهو حاضراً لأن ينفجر في أي لحظة غير متوقعة أو محسوبة.

رغم أنه عليك العمل على هذا الجانب النفسي باهتمام في المستقبل، لكنك نجحت في الاختبار على أية حال، حيث أظهرت عبر السنوات الماضية قدرة كبيرة على التحكم بطبيعتك العاطفية والاندفاعية وهذا ضروري جداً لتحقيق القوة الحقيقية والمحافظة على النفوذ والتفوّق على المستوى العالمي. 

وجب عليك اعتبار طبيعتك العاطفية بأنها مجرّد آلية بقاء بدائية كانت مناسبة في إحدى العصور للعيش في الغابة، أو ربما هي مناسبة للإنسان العادي، لكنها غير مجدية إطلاقاً بالنسبة للتحديات التي نواجهها نحن الرأسماليون الكبار. 

إن ملاحقة ما تفعله، فقط لأنك تقوم بفعله، يُعتبر خاصية نفسية ابتدائية للأشخاص العاديين. 

فهذه الخاصية الشاذة تُعتبر كارثية بالنسبة لنا.

إن التركيبة العاطفية تجعل حياة البشرية مجدية وتستحق العيش، لكنها ليست مجدية إطلاقاً لممارسي فنون السيطرة وطقوس التآمر والتحكّم. 

على أي حال، استمرّ في إشباع رغباتك الحسّية والعاطفية إلى أن ترتوي. 

طالما حافظت الإمبراطورية على ازدهارها، سوف يبقى لديك المصادر الكافية لتنغمس في ملذاتك الحسية والعاطفية بشكل منتظم ومحسوب، فهذه وسيلة مجدية لمنع تراكم أي مكبوتات غير عقلانية في جوهرك وبالتالي تساهم في إبطال وتعطيل كافة اندفاعاتك الغريزية غير المحسوبة. 

سوف لن تكون في موقع أولئك الكادحين في الطبقات الوسطى، والذين بسبب عدم توفّر مصادر إرواء الرغبات الحسّية والعاطفية، يكبتون طبيعتهم العاطفية عندما يعتلون منصب قيادي معيّن في حياتهم. 

لكن، وبكل تأكيد، ينتهي بهم الأمر وهم يستمدون متعتهم من انتصارات آنية وكذلك متعة القسوة التي يظهرونها خلال كفاحهم القصير الأمد. 

وبالتالي، لم يعد النفوذ والسلطة يمثلان غايتهم النهائية، بل يهزمون أنفسهم المُحبطة أصلاً من خلال سلوكهم المتهوّر أثناء توقهم لتحقيق متعة الهيمنة المباشرة فقط.

لقد جمعتك في هذه الخلوة مع المستشارين الأكثر ثقة لدي، بهدف تدشين مرحلة جديدة من مسيرتك الإدارية للإمبراطورية. 

فتدريبك السابق على التعامل مع النظرة الرسمية للعالم السياسي/الاقتصادي قد اكتمل. 

وهذا اليوم سوف يمثّل انطلاقة جديدة حيث تتدرّب على التكنولوجيا الحقيقية للنفوذ والسلطة التي تختبئ وراء الواجهة الرسمية لإمبراطوريتنا. 

إنها التعاليم الخفية للطقوس المُتبعة للسيطرة على هذا العالم البائس. 

وكما سوف يشرح لك معلموك لاحقاً، فإن التعاليم الخفية، أو المعرفة السرّية، تمثّل أساس قوتنا ونفوذنا بين المجتمعات البشرية. 

لهذا السبب اخترت كلمة "التعاليم الخفية" occult لأنها تمثّل جوهر ما أقصده. 

أنا واثق بأنك أصبحت مدركاً لحقيقة أن الإنتاجية وحدها لا تضمن وجود القوة وبالتالي لا تضمن الرضا بالحياة. 

تذكر أنه حتى العبيد منتجون. 

ليس هناك أي من منظماتي التي خدمت أنت في معظمها بكفاءة عالية تهتمّ بتطوير التقنيات التي ترضي حاجات البشر ورغباتهم. 

وبدلاً من ذلك، فهي مُكرّسة لتجعل كافة الجهود المنتجة، حتى ولو بالإكراه، تتمحور حول سلطتي مباشرةً أو تعمل على توفير الظروف والأجواء التي تبقي على استمرارية هذه السيطرة الخفية في المستقبل. 

أنا لا أتسامح أبداً، بل أدمّر فوراً أي مجهود إنتاجي غير قابل لأن يعلق في شبكتي.

بعد فترة وجيزة سوف أترك المجال للبروفيسور A لكي يشرح المنظومة الرأسمالية من منظور بيولوجي. 

وبعد شرحه المُختصر، سيتبعه ستة من الزملاء بشروحات مُختصرة أيضاً تغطي مواضيع أخرى، وجميع هؤلاء الزملاء تعرفهم جيداً.

وسوف نمضي عطلة الأسبوع هذه بمصارحات أخرى تمثّل إجابات شافية لكافة تساؤلاتك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق