بحث

السبت، 19 أبريل 2014

القابعون في الظلام : الحلقة العاشرة

البروفيسور (B) عن آلية المصرف المركزي في المنظومة الرأسمالية الناضجة
:
ON THE FUNCTION OF THE CENTRAL BANK IN THE MATURE FINANCE CAPITALIST SYSTEM

".. سوف ينتهي أمرنا، يا سيدي العزيز، إذا استمرّت السلطة التشريعية في صنع أموالنا، إكثارها أو تقليلها، جعلها زائفة أو حقيقية، كل ذلك بالتوافق مع مصالح خاصة تختار هذه الحالات المتناوبة.."
الرئيس الأمريكي ثوماس جفرسون Thomas Jefferson

".. من الآن وصاعداً النكسات الاقتصادية سوف تُخلق بشكل علمي مُمنهج.."
تشارلز.أ. ليندبيرغ Charles A. Lindberg
عضو في الكونغرس الأمريكي، 1923م

في شكله النموذجي، المصرف المركزي هو عبارة عن مؤسسة احتكارية خاصة private monopoly للإجراءات المالية لدولة معيّنة، أي تصدر الأموال وتمنح الديون بدعم كامل من قبل سلطة الدولة التي تجعل هذا النظام المالي الحصري إجبارياً في البلد. 

إن كون خضوع المصرف المركزي لسلطتنا المباشرة يبقى أمراً حيوياً حتى ننتهي من تأسيس نظامنا الرأسمالي الجديد عبر التحكم بكافة الشرائح الاجتماعية: السياسية والحكومية والفكرية والتجارية. 

بعد ترسيخ دعائم النظام الجديد، يصبح من المستحسن جداً إجراء تأميم كامل للمصرف المركزي، ذلك عبر مسرحية انقلابية تحدث ضجة وبلبلة كبيرة، لكي نتخلّص من أي ريبة أو اشتباه بحقيقة أنه يعمل لمصلحة جهات خاصة. 

وطبعاً، بعد تأميم المصرف، لا يُسمح سوى لعملاء مخلصون للعائلة فقط أن يعتلوا مراكز إدارية قيادية فيه وبهذا يبقى نفوذنا قائماً. 

فالاحتكارات الخاصة الظاهرة تكون مُستهدفة دائماً من قبل المحرّضين الفاجرين على الإصلاح. 

لكن مع ذلك، فقط الأكثر هوساً بنظرية المؤامرة والاضطهاد يستطيعون الرؤية بوضوح عبر البهرجة الوطنية المظللة التي تختبئ وراءها الاحتكارات العائلية الخاصة للمصارف المركزية الوطنية والشبه وطنية.

المصرف المركزي هو الاحتكار الرئيسي الذي تستند عليه كافة قوانا الاحتكارية. 

فالقوة الخفية للمصرف المركزي، حيث يُخلق المال من لا شيء، تُعتبر الينبوع الرئيسي الذي يغذّي إمبراطوريتنا المالية والسياسية المترامية الأطراف. 

سوف أجري مسحاً سريعاً لبعض مظاهر استخدام هذه القوة المالية الخفية.

بشكل أساسي، نستمدّ قوة مصرفنا المركزي من خلال سيطرته على كافة النقاط الأساسية للاقتصاد القائم بواسطة المال المتضخّم الذي يخلقه من لا شيء. 

وفي هذه الحالة، عادةً ما يشتري المصرف أوراق التبادل المالي bills of exchange، أوراق القبول المالية acceptances، سندات مالية خاصة  private bonds، سندات مالية حكومية government bonds ، وسندات دين أخرى مختلفة، ذلك عبر عملاء حُظوة مختارين، بهدف طرح الأوراق النقدية الجديدة في التداول. 

يُسمح للعملاء المحظوظين بمكاسب مالية كبيرة من هذه العملية طالما أنهم يمثّلون واجهات لوكلائنا. 

إن شرائنا لرهون الحكومة يسعد الحكومة، كما أن شرائنا للديون الخاصة يُسعد المدينون الخاصون. 

ومقابل خدمتهم المخلصة لنا، نمنح وكلائنا البارعون مناصب إدارية رفيعة ومتوسطة في المؤسسات الخاصة والحكومية الخاضعة لنا. 

خلال نمو وتعاظم هذا الإدمان على الكسب السريع في فترات التضخّم المالي، يزداد طلبنا رويداً رويداً للمزيد من السيطرة والتحكّم بأتباعنا وتوابعنا المدمنين، إن كانوا حكومات أو مؤسسات خاصة. بعد أن ننتهي من شراء الديون بحجة "محاربة التضخّم"، تبدأ المؤسسات الخاصة والحكومات المكسورة بالسقوط في أيدينا الواحدة تلو الأخرى، فيتم إنقاذها من وضعها البائس لكن مقابل ثمن بسيط: سيطرتنا الكاملة عليها.

بالإضافة، نحن المصرفيون الحاكمون نسيطر على جريان الأموال في الاقتصاد عبر السلطة الواسعة للمصرف المركزي، إن كان من ناحية الترخيص، أو تدقيق الحسابات، أو ضبط وتنظيم المصارف الخاصة. 

البنوك التي تمنح قروضاً مقابل فائدة، والتي تكون خارجة عن حظيرة أتباعنا المخلصين، سوف يتم تدقيق حساباتها من قبل المصرف المركزي الذي يجد بأنها بالغت كثيراً في منح الأموال overextended

ومجرّد تلميح السلطات الإدارية للمصرف المركزي بأن هذا المصرف الخاص معرّض للإفلاس كافي لأن يقع هذا المصرف المتمرّد في مأزق كبير مع المودعين بعد أن فقد مصداقيته، فتجفّ كافة إمداداته المالية المنعشة، فينهار فوراً ويختفي من الوجود. 

لم يمضي وقت طويل قبل أن تتعلّم كافة المصارف أوتوماتيكياً معنى إشارات التلميح وهزّ الرأس التي يتبعها عملاء والدك في المصرف المركزي.

وكذلك، الدورات المتناوبة للمال السهل والمال المشدود التي نحددها من خلال سيطرتنا على المصرف المركزي يسبب تأرجحات متناغمة معها في الأسواق. 

حلقتنا الداخلية تعلم مسبقاً بتوقيت هذه الدورات وبالتالي تستغلها أحسن استغلال من خلال المضاربة في البضاعة والسلع، الودائع، العملات، الذهب، سوق السندات، وغيرها. 

إن هذا التبادل والتصريف الاحتكاري الدوري للودائع والسلع يُعتبر مرفداً حيوياً لقوتنا التي نستمدها من قوة المصرف المركزي. 

نحن لا نسمح بوجود أسواق مزاد علني عادلة ومنصفة، لكننا نصنع بهرجة مسرحية كبيرة تظهر إجراءات حكومية قاسية لضبط وتنظيم هذه الأسواق من أجل خلق شعور بالثقة في نفوس المستثمرين والمضاربين الصغار. 

بمساعدة المسرحيات التنظيمية، وبالإضافة إلى نفوذنا المالي، نستطيع المحافظة على عمليات المبادلة والتصريف المُصممة أساساً لتناسب حاجات أتباعنا المخلصين، فنتلاعب بأسعار الودائع على حساب المضاربين المستقلين. 

أما اختصاصيينا الحظوة على أرض سوق التبادل، والمدعومين بالبروبوغاندا التي يصنعها إعلامنا المالي ووكالات السمسرة التابعة لنا، فيلعبون دائماً على براءة وطمع الغافلين بهدف استنزاف كافة مدخراتهم لتملأ خزينتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق