بحث

السبت، 19 أبريل 2014

القابعون في الظلام : الحلقة الرابعة

البروفيسور (A) حول دور الخداع في الطبيعة
:
ON THE ROLE OF FRAUD IN NATURE

".. ألسنا مجرّد حيوانات مفترسة بالغريزة؟ إذا توقّف البشر عن افتراس بعضهم البعض، هل يستطيعون الاستمرار في البقاء؟.."
أنتون.س. ليفي Anton S. LaVey

".. من أجل السيطرة على الطبيعة، وجب إطاعتها.."
فرانسيس بيكون Francis Bacon

كافة الكائنات الحيّة يعتمد نجاحها في البقاء على عامل الخداع أو القوة الجسدية أو في بعض الأحيان على تبادل المصالح (التعايش symbiosis). 

هذه الحقيقة واضحة وجلية، لكن يتم تجاهلها وتجاوزها بشكل عام بسبب الشرائع الأخلاقية والأدبية التي نفرضها نحن، النخبة المسيطرة، على رعايانا، وطالما فرضها أجدادنا المسيطرون على البشرية عبر التاريخ من خلال الأديان والتشريعات المدنية التي تطوّرت في القرون الأخيرة السابقة. 

دعني أعطي بعض الأمثلة لتوضيح الفكرة، لأن الثقافة الرسمية الأدبية/الأخلاقية التي نشأت عليها قد عطّلت قدرتك على الرؤية الموضوعية للواقع الحقيقي للحياة من حولك. 

يُعتبر التمويه المخادع Camouflage عاملاً جوهرياً لدى كافة الكائنات، إن كانت مُفترسة أو طريدة. 

حتى أن الأزهار تطلق روائح وتظهر ألواناً تعمل على تفعيل الغريزة الجنسية لدى بعض الحشرات، وكل ذلك من أجل استخدامها لنقل حبات الطلع وبالتالي إكمال عملية الإخصاب بين أجناسها. 

الكلاب تنبح بشراسة وتتظاهر بالهجوم على الأعداء، مع أنها في الحقيقة مرعوبة منهم. 

أما النبتة الآكلة للحشرات Venus Fly Trap، فعملها هو إغراء الحشرات وإغواءها إلى أن تقع في الشرك لتواجه الموت. 

أما الإنسان، فيدعي المثالية والتفاني تجاه الآخرين وحتى تجاه نفسه، مع أنه في الحقيقة يعمل بأنانية خبيثة لتحقيق المصلحة الفردية أولاً. 

إذا لازلت تشكّ بحقيقة أن الخداع هو عامل طبيعي موجود في كل مكان في الطبيعة، فوجب عليك إذاً قراءة المقطع الثالث من الفصل الأوّل من كتاب "روبرت أردري" Robert Ardrey الذي بعنوان "الاتفاقية الاجتماعية" The Social Contract، حيث ستجد عدد كبير من الأمثلة الجيدة.

(طبعاً، رغم بصيرته الثاقبة التي تجلت في كشفه عن جوانب كثيرة من الطبيعة الحيوانية للإنسان، إلا أن الكاتب "أردري" فشل في استيعاب طريقة تطبيقها واستثمارها بين المجتمعات البشرية العصرية).

إن الجرأة العقلية وقدرة التواصل المميزة لدى الإنسان وفرت استمرارية مذهلة لهذه الطبيعة الحيوانية المتمثلة بالخداع لكنها تطوّرت لتتخذ شكل جديد: خداع الذات. 

يعتمد النظام التراتبي للحيوانات البدائية على الغش والتحايل والترهيب والاعتداء، وكل عضو في هذه المنظومة التراتبية يدرك جيداً موقعه في هذه المنظومة ويرضى به، لكن بشكل مؤقّت، لأن توقه يكون دائماً للأعلى. 

هذا التوق الغريزي للهيمنة والإخضاع لازال نشطاً في قلوب البشر. 

مع أن الخداع (الذي هو الوسيلة) قد تطوّر كثيراً لدى الإنسان. 

فلذلك نرى أنه ليس فقط التحايل والترهيب يُستخدم عند البشر بهدف تحقيق الهيمنة، بل تطوّرت وسيلة مخادعة أخرى، وهي التفاني (الغيرية altruism) وكذلك المؤسسات الجماعية (أديان، أحزاب.. إلى آخره) تُستخدم كواجهات ظاهرية تخفي وراءها سيطرة مطلقة. 

بعكس المنظومة الحيوانية البدائية، فالمنظومة التراتبية البشرية لا يمكن أن تستمر إلا إذا كان الأعضاء واهمين بحيث يجهلون الطبيعة المهيمنة للمنظومة. 

ويصبح الأمر أفضل بكثير إذا كانوا يجهلون بوجود أي منظومة تراتبية أصلاً!

الحُكام المرئيين هم ضعفاء جداً. 

ومع ذلك، نرى كيف أن هؤلاء الحكام يُعتبرون أحياناً بأنهم ممثلون الله على الأرض، الخير المطلق، القوة المادية في التاريخ، الإرادة العامة للرعايا. 

مع أنه في الحقيقة، يُصرف الكثير من الاهتمام وتُبذل الجهود الكبيرة لتحريف الثقافة العامة، وحتى العلوم الفكرية، لتعمل على تقليل الحقد والحسد الذي يكنه المحكومون للحكام. 

يُعتبر تشجيع هذه الأوهام المخادعة بين الجماهير الواسعة من العوامل الرئيسية التي تتبعها الحكومات المرئية. 

لكن مهما كانت السياسات والإجراءات المُتبعة لتشديد وطأة الحكومات والقيادات المرئية، فهي لا تستطيع حماية نفسها أمام منظمات متطورة جداً تقودها النخبة العالمية في الخفاء (الحكومات السرّية)، وبكل تأكيد، فهي لا تمثّل شيئاً بالنسبة لرجال مثل والدك. 

كانت الإمبراطورية الرومانية مترفعة عن المساءلة من قبل رعاياها طوال قرون مديدة، لكن مع ذلك، كان الأباطرة الرومان يعيشون في حالة رعب دائم من خطر الانقلاب أو حتى الاغتيال.

من خلال إتباع سياسة الخداع والحزم وفي كافة المستويات، استطاعت الرأسمالية المتمولة، المسيطرة عن طريق المال، أن تصمّم منظومة كاملة متكاملة بحيث لم يشهدها التاريخ من قبل، بهدف ضمان النفوذ المطلق واستمرارية السيطرة حتى النهاية. 

إن رجال مثل والدك، الأسياد الخفيون للرأسمالية المصرفية، يحكمون الذين يحكمون، والذين ينتجون، والذين يفكرون، كل ذلك من خلال قيود وسلاسل مالية خفية ممثلة بإجراءات وعمليات معيّنة سوف تتعرف عليها لاحقاً وبالتتابع من خلال زملائي. 

لقد تم تحقيق الهيمنة الكاملة للمجتمع، لكن بطريقة سرّية وغير مُدركة، بينما لازال مُعظم الجماهير الخاضعة للسيطرة، وحتى القيادات والزعامات الدولية، يعتقدون بأنهم مستقلون أو أحرار. 

لازال الجميع تقريباً يظنّ بأن القرارات المصيرية الكبرى تُتخذ كنتيجة لأحداث عفوية تولّد ضغوطاً معيّنة في مجالات مثل التجارة والأعمال، الحكومة، المستهلكين، الطبقات الاجتماعية، وغيرها من مصالح وشرائح أخرى. 

وفي الحقيقة، فإن المساحة الممنوحة لنشاط القوى الاجتماعية المختلفة قد تم موازنتها بحذر من قبلنا، بحيث عندما يحصل حركة اجتماعية معيّنة لا بد من أن تكون جهة حركتها من اختيارنا.

العائق الوحيد الذي يمكن أن نواجهه، والذي يمكن أن يكون له أثر كبير، هو حصول تدخّل من قبل عائلات رأسمالية نافذة منافسة لنا. 


هذه المسألة المُحرجة والحرجة بنفس الوقت سوف لن تكون موضوعنا الرئيسي في الوقت الحالي.

سوف أسلّم الأمر للبروفيسورQ الذي سيشرح الأسرار المركزية الكامنة وراء القوة المالية الهائلة لوالدك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق