الفصل الثاني:نظرة جديدة
لبنية مخازن التفكير (Think Tanks) وعلاقتها التفاعلية بمنظومة اتخاذ القرار
.
كما
يتضح جليا" مما مر بنا فان مؤسسات مخازن التفكير (Think
Tanks) في طابعها الأكاديمي البحثي هي ليست
بالتكوينات الجديدة أو الحديثة العهد إلا أن تطورها و شكل و ديناميكية العلاقة
بينها و بين دوائر صنع و اتخاذ القرار السياسي هو الذي يمثل المفصل الحيوي في
الموضوع و هو العنصر الذي يحتاج إلى البحث و الدراسة و التمحيص و اخذ العبرة.
يقول
ريتشارد هاس([1])
إن مؤسسات الفكر والرأي ..... تسد فراغا" في غاية الأهمية بين العالم
الأكاديمي ، من جهة و بين عالم الحكم ، من جهة ثانية.
ذلك أن دافع الأبحاث في
الجامعات يكون في أحيان كثيرة ، النقاشات النظرية المنهجية و الغامضة التي لا تمت
إلا بصلة بعيدة للمعضلات السياسية الحقيقية. أما في الحكومات فيجد الرسميون
الغارقون في مطالب صنع السياسة اليومية الملموسة أنفسهم عاجزين ، بسبب كثرة
مشاغلهم، عن الابتعاد قليلا" عن الشئون اليومية لإعادة النظر في المسار
الأوسع لسياسة الولايات المتحدة. من هنا كانت أولى مساهمات مؤسسات الفكر و الرأي
المساعدة على سد الفجوة بين عالمي الأفكار و العمل.
المبحث الأول
: الرفد المتبادل بالكوادر و الخبرات.
إن
من أهم ما يميز العلاقة بين مؤسسات مخازن التفكير (Think
Tanks) و مراكز صياغة و اتخاذ القرار السياسي و
الاستراتيجي في الدول الحديثة المتقدمة و على وجه الخصوص الولايات المتحدة
الأمريكية إنما يكمن في : الدور المتبادل في توفير الكوادر و الخبرات و النتاج
الفكري كل للأخر بين كل من :
1-
مؤسسات
مخازن التفكير.
2-الأحزاب
و التنظيمات و الكيانات المشاركة في لعبة السياسة و السلطة.
3-
دوائر
المعلومات و صياغة القرار ضمن اطر السلطة كدوائر الاستخبارات بأنواعها و فروعها و
مختلف تخصصاتها كذلك الدوائر السياسية و الدبلوماسية بالإضافة إلى المفاصل
القيادية في القوات المسلحة و دوائر الأمن.
إن
الملاحظ والمتتبع لأسماء عناصر وشخصيات و نشاطات مخازن التفكير سيجد بوضوح و
بالشكل الظاهر و الملموس إن أغلب الكوادر و العناصر الراعية و المنشئة و الناشطة
بشكل أساسي في هذه المؤسسات إنما هم من ذوي الارتباط المباشر (في مراحل حياتهم
المختلفة) إما بمراكز و مؤسسات السلطة أو بالأحزاب و الكيانات والتنظيمات ذات
التماس بها أو بلعبة السلطة و اللعبة السياسية بشكل عام.
ويكاد المرء أن يجزم بأن
قراءة في قائمة أسماء أعضاء و ناشطي هذه المراكز ستظهر لنا بوضوح أن أغلبهم قد عمل
في مختلف مؤسسات السلطة و تقلد مختلف المهام و المناصب فيها لينتقل في مراحل
تقاعده إلى مؤسسات مخازن التفكير و يمارس نشاط البحث و هو مسلح بالخبرة و التجربة
العملية ثم ليعود مجددا و في مراحل لاحقة إلى ممارسة نشاطات في إطار مؤسسات السلطة
و صنع القرار و هكذا تتبادل هذه المراكز و مؤسسات السلطة المختلفة و الهيئات و
الأحزاب العناصر و الخبرات أو لنقل أن العناصر و الخبرات هي ذاتها في حالة دوران
في هذه الأفلاك لتؤدي أدوار مختلفة في مراحل مختلفة بما يحقق تراكم في رصيد خبرتها
و أفق رؤيتها و يساهم في تعميق نمط تفكيرها.
و
بالنظر في بعض الأمثلة و النماذج المعاصرة لمؤسسات مراكز التفكير (Think
Tanks) في الولايات المتحدة من زاوية تركيبة
الأفراد و الباحثين العاملين في هذه المؤسسات يمكننا أن نلمس و نؤشر بوضوح تام حجم
الترابط الكبير و العميق القائم بين أفراد هذه المؤسسات و أجهزة السلطة بفروعها
المختلفة.
1- معهد
بروكنغز (BROOKINGS)
:
يحتوي معهد بروكنغز أكثر من (140) مائة
و أربعون شخص باحث مقيم و غير مقيم و من أبرز الشخصيات المقيمة المنتمية إليه([2])
:
·
ايفو
اج دادلر (Ivo H. Daalder) و هو مدير سابق للشؤون الأوربية في مجلس الأمن القومي الأمريكي و
لديه خبرة و اطلاع في مواضيع حلف شمال الأطلسي (ناتو/ NATO) و العلاقات عبر الأطلسي بين أوربا و الولايات المتحدة و مواضيع
استخدام السلاح النووي([3])
· وليام
جي غيل (Wiliam G. Gale) خبير اقتصادي في مجلس خبراء الاقتصاد الخاص بالرئيس الأمريكي
لعامي (1991 - 1992)[5]).
· فيليب
اج غوردون (Philip H. Gordon) مدير سابق للشؤون الأوربية في مجلس الأمن القومي و متخصص في
قضايا مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط و أوربا[6]).
· رون
هاسكنز (Ron Haskins)
كبير مستشاري الرئيس و الحزب الجمهوري في الكونغرس في القضايا المالية و الاجتماعية[7]).
·
ستيفن
هس (Stephen Hess)
موظف مخضرم في البيت الأبيض منذ أيام الرئيس أيزنهاور مختص بقضايا الإعلام و
الثقافة السياسية السائدة في محيط البيت الأبيض و الكونغرس[8]).
· مايكل
أي اوهانلون (Michael E. O'Hanlon) متخصص في قضايا الدفاع و السياسة الخارجية و عضو في قسم / فرقة
الأمن الوطني([9])
المنشأة استنادا لسلطات قانون الوطنية لعام 2006م و توصيات تقرير لجنة تحليل قدرات
أجهزة الاستخبارات للولايات المتحدة في موضوع ملف أسلحة الدمار الشامل في أذار
2005م. و تشمل عدة أفرع و مكاتب في مجال مكافحة الإرهاب و مكافحة التجسس([10]).
· كارلوس
باسكوال (Carlus Pascual) متخصص في قضايا إعادة البناء في مناطق شرق أوربا و اوراسيا و قد
عمل في وزارة الخارجية و وكالة التنمية الدولية (USAID) و كذلك عمل سفيرا" في أوكرانيا و مديرا" لموظفي مجلس
الأمن بالإضافة إلى وظائف استشارية أخرى في مواضيع روسيا و شرق أوربا و اوراسيا و
مجموعة الدول المستقلة حديثا"([11]).
السيدة أليس ام ريفلين (Alice M. Rivlin
متخصصة في
الميزانية و قضايا التنمية الحضرية و قد عملت في البيت الأبيض في مواضيع الإدارة و
التنظيم و الميزانية كذلك هي عملت في هيئة الاحتياط الفدرالي و هي مؤسسة أمريكية
مستقلة توازي سلطة البنك المركزي في بقية الدول([12]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق