بحث

الخميس، 24 أبريل 2014

مؤسسات الفكر والرأي في أمريكا - من أذرع الماسون في إدارة العالم - 16

المبحث الثاني : الحالة العراقية كنموذج لدور مخازن التفكير في صنع القرار الخارجي الأمريكي
.


بالرغم من الأحداث الدراماتيكية التي جرت بين العراق و الكويت في صيف العام 1990م  و ما تلا ذلك من عقوبات و إجراءات فرضها المجتمع الدولي عبر حزمة قرارات للمنظمة الدولية (الأمم المتحدة) بحق العراق([1]) ومن ضمنها التفويض الذي منحه مجلس الأمن لمختلف دول العالم لإجبار العراق بالقوة العسكرية المسلحة على تنفيذ قراراته والانسحاب من الكويت([2]) والذي مثل القاعدة القانونية للحرب الكبرى التي دارت رحاها في المنطقة وأدت إلى دمار كبير بالدولة العراقية وجيشها وقواتها المسلحة ومختلف مرافقها العسكرية والمدنية ، بالرغم من كل ذلك إلا أن قرارا" بتغيير النظام الحاكم في العراق لم يتم اتخاذه حينها .

بل على العكس ربما يكون ما يسمى بقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت قد سمحت في نهاية تلك الحرب للنظام العراقي الحاكم بالتقاط أنفاسه واستخدام طائراته العمودية في بسط سلطته وإعادة النظام من جديد. 

وجاءت إدارة كلينتون الديمقراطية لترسي سياسة الاحتواء المزدوج لكل من العراق وإيران حيث استمرت هذه السياسة تطبق حتى نهاية عهد كلنتون ومجيء جورج بوش الابن.
يقول أحمد الجلبي نائب رئيس الوزراء العراقي السابق (في وزارة الدكتور ابراهيم الجعفري) والمعارض السياسي العراقي سابقا" ورئيس منظمة المؤتمر الوطني ورئيس هيئة اجتثاث البعث في مقابلة له مع جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 26 آذار 2009م([3])


((إن الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون كان مهتماً بإيجاد حل مع صدام حسين ... وكان هناك اتجاه في إدارته يدعو إلى إغلاق ملف العراق والتفاهم مع صدام ... جاء اتصال من الـ (سي آي إيه / CIA) إلى مكتبي نهاية عام 1996، يطلبون مني أن لا أذهب إلى كردستان، ويحذرونني من أنني إذا ذهبت فإن ذلك سيكون على مسئوليتي وليس على مسئولية الأميركيين. 

لكني لم أجبهم وذهبت. 

وعندما عدت إلى لندن طلبوا الاجتماع بي وقالوا: 

خلص، علينا أن ننهي علاقتنا ، فقلت : مع السلامة وأشكركم. 

انتهت العلاقة معهم في بداية عام 1997. 

وبدأنا نعمل وحدنا في أميركا ... تفاقم الوضع في الشهر 12 من عام 1997، وبمبادرة من كوفي أنان بالتنسيق مع مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في ذلك الحين والأخضر الإبراهيمي ، ذهب الأخضر الإبراهيمي إلى بغداد وكذلك كوفي أنان ، ونحن كنا في نيويورك في شهر شباط 98. 

ذهبنا إلى نيويورك، فقالوا لنا إن أنان ذهب إلى بغداد. 

وأعلن من بغداد أنه دخن 6 سيكارات مع صدام وأن صدام شخص يستطيعون العمل معه. 

وتوصل معه إلى اتفاق. 

وبينما كان في الطائرة وقبل أن يصل (أنان) إلى أميركا، أعلن كلينتون أنه يؤيد أي اتفاق يحصل بين أنان وصدام. 

إذاً صدام اتفق مع الأميركيين. 

صديقي بوب دويتش في وزارة الخارجية كان دعاني إلى الفطور في واشنطن، رحت واجتمعت به وقال لي : 

الموضوع انتهى، اهتم بعائلتك. 

قلت له : شكرا. 

هو كان يقول لي ذلك من منطلق الصداقة ... 

كنا في حيرة من أمرنا، ماذا نفعل. 

رحت إلى أصدقائنا في واشنطن، واتصلت بمعهد المقاربات الأميركية الذي كان (think tank) للمحافظين الجدد ... أنا اعرفهم هناك. وأخبرتهم بما حصل، فعقدوا لنا اجتماعا واحضروا الـ (سي أن أن / CNN) وقلت في الاجتماع إن صدام سيرفض برنامج التفتيش inspection regime ويعود لتهديد الشعب العراقي. 

مباشرة بعد الاجتماع دعوني إلى الكونغرس. 

اجتمعت بقادة الحزب الجمهوري الذي كان يمثل الأكثرية في الكونغرس ومع رؤساء اللجان في مجلس النواب. 

كان رئيس مجلس النواب نيوت غينغرتش. 

ولم يحضر الاجتماع رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الذي صار لاحقا مدير الـ (سي أي إيه / CIA) .

بورتر غوس لم يحضر وكذلك غينغرتش الذي كان يريد أن يراقب الموضوع من خارج الغرفة، وكان مدير مكتبه شخصاً على علاقة بالـ (سي أي إيه / CIA). 

لم يكونوا مرتاحين. حكيت القصة أمام اللجنة ... سألني ليفينغستون : ماذا تريدون؟ 

قلت أريد إذاعة تمولها الإدارة الأميركية علنا على نمط إذاعة أوروبا الحرة. 

قال : يصير. اتخذوا القرار في لجنة السياسة بأنهم يؤيدون تخصيص 5 ملايين دولار لتأسيس إذاعة العراق الحرة. 

هم وقتها أخذوا القرار (وتأسست لاحقا في براغ)، وأعلنا القرار. 

خرجنا من الاجتماع ، وحصل اجتماع آخر في مجلس الشيوخ.

الجمهوريون كانوا بأكثريتهم معنا والديموقراطيون ضدنا. 

نشرنا إعلانا عن تأسيس إذاعة (صوت العراق الحر) بتمويل من الكونغرس. 

من جهة كان الأميركيون يريدون أن يتفاهموا مع صدام ومن جهة يؤسسون هذه الإذاعة. 

زاروني وطلبوا مني أن التقي رئيس مكتب السيناتور ترنت لوت زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ، وأهم شخص في الحزب الجمهوري في عهد كلينتون. 

مدير مكتب لوت كان صديقنا اسمه راندي شونمن ، وكان أيضا مستشار الأمن القومي لديه وصار لاحقا مستشار ماكين، وتعرفنا على سيدة اسمها داني (دانييل) بليتكا التي كانت مسئولة الشرق الأوسط في مكتب السيناتور جيسي هلمز رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. 

زوجها اسمه ستيف رادامايكر وهو محام، وكان المستشار القانوني للجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب. 

ذهبت إلى راندي شونمن، وصار يسألني أسئلة ، وأجيبه. قال لي: 

مسئوليتي أن أحمي السيناتور لوت ، لا أريد أن أسمح له بلقائك إذا كان هذا الأمر سيسبب له الإحراج في المستقبل. 

قلت حسنا. قال أنا سأسأل عنك. 

قلت: اسأل تفضل. 

اتصل بي بعد يومين ، فذهبت للقائه. قال لي : «انا أنصفتك»، قلت: «لماذا»؟ قال: طلبت تقريرا عنك من الـ «سي آي إيه، أحضروا لي واحدا يصف شخصا آخر غيرك. 

هكذا التقيت السيناتور لوت الذي رحب بي، وقال: عندك مانع أن تتحدث في مجلس الشيوخ في شكل رسمي. 

قلت : لا. 

داني رتبت مع السيناتور هلمز أن أحضر أمام اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط المتفرعة من لجنة الشئون الخارجية والتي يرأسها السيناتور سام براونباغ والعضو الديموقراطي فيها هو السيناتور تشارلز روب (زوج ابنة الرئيس ليندون جونسون) من فيرجينيا. 

الجمهوريون رتبوها، وقلت حسنا. 

كان ذلك في 2 آذار 1998، ذهبت إلى الكونغرس وطلبت مساعدة أميركا علناً لإسقاط نظام صدام وقلت إن الشعب العراقي ضد صدام ونحن نطالب بإسقاطه، لكن أميركا ساعدته)).


([1]) سلسلة قرارات مجلس الأمن 660 – 678 المتخذة في الفترة الممتدة بين 3 أب 1990 و حتى 29 تشرين الثاني 1990 و التي يمكن الاطلاع على نصوصها على موقع الأمم المتحدة على شبكة الانترنت على الرابط التالي :
([2]) التفويض المشار إليه هو قرار مجلس الأمن المرقم 678 في 29 تشرين الثاني 1990 و الذي يمكن الاطلاع على نصه على الرابط التالي على شبكة الانترنت :
([3]) للاطلاع على نص اللقاء راجع موقع جريدة الحياة اللندنية على شبكة الانترنت على الرابط التالي :
كذلك يمكن الاطلاع على نص اللقاء من خلال موقع المؤتمر الوطني العراقي على شبكة الانترنت على الرابط التالي :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق