بحث

الخميس، 24 أبريل 2014

مؤسسات الفكر والرأي في أمريكا - من أذرع الماسون في إدارة العالم - 6

حتى العام 1940 كانت هذه المراكز والمؤسسات تعمل تحت عنوان معهد / مؤسسة (Institution) وخلال فترة الحرب العالمية الثانية عرفت بأنها
صناديق الأدمغة (Brains Boxes) بعد أن شاع عنها في الشارع و بين الجماهير مصطلح الجماجم (Skulls). 

إن أول ظهور لمصطلح مخازن التفكير (Think Tanks) يرجع للشارع الأمريكي زمن الحرب حين كان يسمي الغرف التي تناقش فيها الخطط الاستراتيجية للحرب بهذا الاسم وأن أول تداول رسمي أكاديمي لهذا المصطلح يمكن ملاحظته خلال سنوات الخمسينات من القرن الماضي([1]).
لقد ظهر توجهان عند تعريب المصطلح (Think Tanks) من اللغة الانكليزية التي هي لغة بيئته الأصلية التي انطلق فيها (انكلترا والولايات المتحدة الأمريكية) و ذلك اعتمادا على طبيعة فهم مدلوله و مصدره في لغته الأصلية. لقد كان مصدر المصطلح في اللغة الانكليزية هو الحقل العسكري كون انطلاقة عمل هذه المؤسسات قد بدأت فيه حيث تمت استعارة المصطلح الذي يطلق على الغرفة المحصنة التي تعقد فيها اجتماعات قيادات هيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون /Pentagon) و تسمى (Tank) ([2]) باعتبارها موقعا" أمنا" محصنا" ضد الضربات كالدبابة (Tank) و معزولا" عن الخارج عزلا" الكترونيا" لحساسية المعلومات التي يتم تداولها فيه باعتباره منبعا" للأفكار و الخطط الإستراتيجية للقوات المسلحة و أوامر إدارة و متابعة العمليات العسكرية الرئيسية. فكان التوجه الأول عند تعريب المصطلح على إنها (دبابة الفكر) تعريبا لكلمة (Tank / دبابة) استنادا إلى ركن الوصف الصوري للمكان في أصل و مصدر المصطلح فيما نظر التوجه الأخر للجانب الوظيفي للكيان فعربه على انه كيان (مخزن / Tank) تجري فيه مناقشة و صياغة الأفكار الإستراتيجية و قد ملنا نحن في تعريبنا للمصطلح إلى هذا الاتجاه.
خلال سنوات الستينيات من القرن الماضي صار مصطلح مخازن التفكير يطلق على مؤسسة راند و بقية المؤسسات ذات النشاط المشابه التي تقدم مساعدات و استشارات للقوات المسلحة. لقد تطور مصطلح مخازن التفكير و عدد و طبيعة المؤسسات التي تعمل تحت عنوانه ليشمل في الوقت الحاضر طيفا" واسعا" جدا" يبقي مسألة تحديد طبيعته و نطاقه محل نقاش دائم و مستمر.
يرى السيد ريتشارد ن. هاس (Richard Nathan Haass) رئيس مجلس العلاقات الخارجية و الذي شغل منصب مدير دائرة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية للفترة من عام 2001 إلى عام 2003  أن المصطلح و نمط عمل المؤسسات التي عملت في إطاره شمل ثلاث مراحل من التطور شكلت موجته الأولى (التي مثلت النشأة و البدايات) فترة زمنية امتدت في الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر ثلاثين عام منذ مطلع القرن الماضي و حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. 

ثم جاءت الموجة الثانية (التي مثلت فترة النمو و النشاط المتخصص) لتغطي فترة الحرب الباردة. أعقب ذلك ظهور الموجة الثالثة (التي مثلت تطور تلك المؤسسات و تزايد عددها و تشابك عملها مع مؤسسات الإعلام و العلاقات العامة) حيث يمتد عصرها منذ ما بعد الحرب الباردة و حتى زمننا الحاضر([3]).


المبحث الثاني : أنواع مخازن التفكير (Think Tanks)

بحلول نهاية القرن العشرين أصبح هناك أكثر من 1200 مؤسسة ممن ينطبق عليها وصف (Think Tanks) مخازن التفكير تسيطر على الساحة السياسية الأمريكية و هي تشكل مجموعة غير متجانسة من حيث اتساع نطاق المواضيع و مصادر و طرق التمويل و المواقع التي تشغلها([4]) و يمكن أن نضع لها تقسيم أولي علي النحو التالي ([5]):

  
1. مؤسسات تابعة للجامعات مثل مؤسسة بحوث الشرق الوسط التابعة لجامعة كولومبيا. 

2. مؤسسات بحثية تميل لأحد الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة الأمريكية مثل معهد بروكنجز(Brookings Institution) الذي يميل إلي الحزب الديمقراطي و مؤسسة هيرتيج (Heritage Foundation)  التي تميل إلي الحزب الجمهوري. 

3. مؤسسات تابعة لهيئات حكومية مثل جامعة الدفاع الوطني (Nation Defense University ) ومركز بحوث الكونجرس ( congressional Research Service) 

4. مؤسسات بحثية تابعة لمؤسسات خاصة كبرى مثل مؤسسة كارينجي للسلام الدولي Carnegie Endowment For International Peace


5. المؤسسات التقليدية للسياسة الخارجية مثل مجلس العلاقات الخارجية Council Of Foreign Relation

6 مؤسسات متخصصة مثل الجمعية الوطنية للعلوم السياسية American Political Science 

Association

7. المؤسسات التابعة للوبي الصهيوني مثل اللجنة الوطنية اليهودية الأمريكية (American Jewish Committee) .و لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية "إيباك"(Israel-American Public Affairs Committee).
8. مؤسسات مرتبطة بهيئات معارضة للسيطرة الأمريكية و معظمها من اليسار مثل (Nation Pacifica) و اليمين المعارض مثل لاروش.

9. مؤسسات أخرى تدخل ضمن المؤسسات البحثية التابعة للكنائس و الهيئات الدينية و الأقليات القومية و العرقية و اللغوية و الناشطين السياسيين و الاجتماعيين.


إن بعض مراكز البحوث و الدراسات هذه تأخذ نهجا" ينحاز إما مع منهج التفكير المحافظ أو مع منهج التفكير التحرري (من الناحية الاقتصادية و ما يستتبع ذلك) فعلى سبيل المثال معهد كاتو Cato يعكس المنهج التحرري في حين أن آخرين ، مع التركيز على التقدم في الإصلاحات الاجتماعية و البيئية ، يعتبرون أكثر ليبرالية (معهد Tellus على سبيل المثال) الذي يعتبر في يسار الوسط.

ويبرز هناك اتجاه جديد ، ناجم عن العولمة ، هو التعاون بين مراكز الفكر عبر القارات. على سبيل المثال ، مؤسسة بروكينغز في واشنطن العاصمة ، تتعاون مع وزارة خارجية دولة قطر لمبادرة بشأن العلاقات بين الغرب و الإسلام. أيضا ، و في مجال العلاقات بين الغرب و الإسلام ، و الدراسات المستقبلية فان مركزا" فكريا" هو  مجموعة الاستشراف الاستراتيجي (Strategic Foresight Group) ومقره في الهند ، يعمل عن كثب مع تحالف الليبراليين والديموقراطيين في البرلمان الأوروبي.

المنتدى الاقتصادي العالمي قد أوجد مجلسا" من 100 مائة من قادة العلاقات بين الغرب و الإسلام ، حيث جمع بين رؤساء مراكز البحوث و مخازن التفكير الرئيسية العالمية التي تتراوح بين مركز اوكسفورد الإسلامي في جامعة اوكسفورد و فريق الاستشراف الإستراتيجي ، مؤسسة مراقبة البحوث ، CSDS ، مركز بحوث السياسة ، الخ ذلك من مؤسسات في دلهي - الهند ، وجامعة الأزهر في مصر.


([1])   راجع في هذا الشأن الموسوعة ويكيبيديا على شبكة الإنترنت

([2]) راجع في شأن هذا المصطلح عن هذا المكان في وزارة الدفاع الأمريكية الموقع التالي على شبكة الانترنت :
كذلك راجع الرابط التالي عن الموضوع في موقع موسوعة ويكيبديا على الانترنت :

[3]) ) لمزيد من التفصيل راجع مقال السيد ريتشارد هاس على موقع معلومات وزارة الخارجية الأمريكية

([4]) ريتشارد هاس، مؤسسات الفكر و الرأي و سياسة الولايات المتحدة الخارجية......، نفس المرجع اعلاه
([5]) د.محمد سجاد بور، المؤسسات البحثية و السياسة الخارجية الأمريكية، مختارات إيرانية، العدد (38)، نوفمبر 2003، ص 70 – 71.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق