بحث

الخميس، 24 أبريل 2014

مؤسسات الفكر والرأي في أمريكا - من أذرع الماسون في إدارة العالم - 5

الفصل الأول: مصطلح مخازن التفكير ومؤسساته
.

المبحث الأول : المصطلح وطبيعته ونظرة على تاريخ نشوئه.

مخازن التفكير (Think Tanks) والتي تدعى أحيانا بمعاهد السياسة (Policy Institute) هي عبارة عن : كيان ، مجموعة ، مؤسسة ، معهد ، هيئة (حكومية أو غير حكومية) وظيفتها القيام بإجراء الدراسات و البحوث العلمية المركزة و المعمقة و محاولة إيجاد الحلول للمعضلات المتعلقة بمواضيع ذات طابع اجتماعي سياسي أو قضايا الاستراتيجية السياسية أو القضايا المتأثرة بالتطورات العلمية و التكنولوجية و القضايا العسكرية(1).

لقد جاء في الموسوعة البريطانية حول المصطلح : إنها معهد أو شركة أو مجموعة منظمة لغرض البحث في مجالات الدراسة المختلفة ذات الصلة عادة بالقضايا الحكومية و التجارية. فهي فيما يخص القضايا التابعة للحكومة تتدخل أحيانا" في تخطيط السياسات الاجتماعية و الدفاع الوطني. 

وفيما يخص القضايا التابعة للمواضيع التجارية تتدخل في التطويرات والتجارب التكنولوجية والبضائع والمنتوجات الجديدة. 

تعتمد مصادر تمويلها على المنح والهبات النمطية والمشاريع الخيرية و كذلك العقود بالإضافة إلى التبرعات الفردية الشخصية و العوائد من إنجازها للتقارير و البحوث لصالح جهات محددة مقابل مبالغ مالية (2).

إن كثير من هذه المؤسسات هي كيانات غير ربحية (و إن لم يكن ذلك صفة أساسية ملازمة لها بشكل تام) يتم تمويلها كما في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا عبر برامج الإعفاء الضريبي، فيما هناك الكثير الأخر من هذه المراكز و المؤسسات يتم تمويلها عبر الدعم و التخصيص الذي تحصل عليه من الحكومة أو من مجموعات المصالح و هيئات المال و الأعمال كذلك فان هذه المراكز و المؤسسات تتحصل على قسم من مدخولاتها من العائدات التي تتقاضاها جراء الاستشارات و البحوث التي تشرف عليها و تنجزها.

المعهد الياباني المسمى المعهد الوطني لبحوث التقدم (The National Institute for Research Advancement - NIRA)(3) يعتبر هذه المؤسسات (مخازن التفكير / Think Tanks)، كأحد اللاعبين السياسيين الرئيسيين في المجتمعات الديمقراطية التي تؤكد على التعددية و الشفافية و البحوث و التقييم و صناعة القرار(4).

منذ أن انتشر تداول مصطلح مؤسسات مخازن التفكير (Think Tank) مطلع الخمسينات من القرن الماضي و حتى الآن لا يزال هناك نقاش حول البدايات التي شكلت نقطة الانطلاق لهذه المؤسسات و مسار تطورها الأولي ، فتذهب بعض الترشيحات إلى اعتبار المعهد الملكي للخدمات الاتحادية لدراسات الدفاع و الأمن (RUSI) البريطاني و الذي تأسس عام 1831 بمبادرة من دوق ويلنغتون كأول كيان في هذا الإطار(5)، فيما تعتبر ترشيحات أخرى مؤسسة منحة كارنيغي للسلام الدولي التي تأسست في تشرين ثاني / نوفمبر من العام 1910م بجهود شخصية للثري العصامي الأمريكي ذو الأصل الاسكتلندي أندرو كارنيغي هي الكيان الأحق بهذه الصفة و إن كان الهدف الابتدائي الأولي من إنشائه ذو بعد فكري أخلاقي عولمي (Globalization) يتمحور حول الدعوة لمكافحة الصراعات و الحروب عبر تقوية ثقافة القانون الدولي و المنظمات الدولية إلا أن التطور اللاحق لنشاطه في المجال السياسي وثق علاقته بوزارة الخارجية الأمريكية و جعله منغمسا" من ناحية الأعضاء و النشاط في صلب عمل مخازن التفكير (Think Tank)(6)

كذلك فان معهد بروكنغز (BROOKINGS) الأمريكي الذي تأسس عام 1916م يعد من اللبنات الأولى التي انطلقت في هذا الميدان (7) و ذلك عبر الجهد الشخصي لروبرت بروكنغز الذي أسس في البداية ثلاثة مؤسسات تهتم إحداها بالدراسات الحكومية و الأخرى بالدراسات الاقتصادية فيما تهتم الثالثة بالتعليم و التدريب و تخريج الطلبة. 

إن هذه الآراء المتعددة في هذا الشأن إن هي إلا انعكاس بشكل أو بأخر لموضوع النقاش حول دلالات و معاني المصطلح الذي تركز في أصله و نشأته حول تقديم الاستشارة و النصيحة في المجال العسكري  و هنا يبرز تاريخ نشوء مؤسسة راند (RAND) الأمريكية في عام 1946 باعتباره يؤشر منعطفا" مفصليا" هاما" في تاريخ ظهور و تطور هذه الكيانات و في إطار هذا النشاط ، حيث بدأت هذه المؤسسة عملها لخدمة شركة دوغلاس للطائرات ثم أصبحت مؤسسة مستقلة عام 1948م اهتمت بطيف واسع من المواضيع و القضايا الإستراتيجية العسكرية و السياسية و الدبلوماسية بالغة الحساسية و البحث في أسسها و قواعدها.

إن الفترة الزمنية الطويلة التي امتدت منذ العام 1831م الذي مثل أول تاريخ لظهور هذا النمط من المؤسسات في صورتها الأولية البدائية عبر ولادة المعهد الملكي البريطاني (RUSI) و حتى العام 1948م  الذي مثل ظهور النمط المتكامل بالغ النمو لها عبر مؤسسة راند (RAND) الأمريكية قد شهدت نمو و تطور هذا النمط من المؤسسات في مختلف الجوانب و المستويات و ازدياد عددها و قد مثل ظهور مؤسسة مجلس العلاقات الخارجية (CFR) في العام 1921م على يد الرئيس الأمريكي الثامن و العشرون الأكاديمي و المثقف ويدرو ويلسون (Woodrow Wilson)(8) حدثا" مهما" في تاريخ نشوء و انطلاق هذا النمط من المؤسسات لأنه مثل رعاية رئيس الدولة في النظام الديمقراطي للنخبة المثقفة و ذات الخبرة.

حتى العام 1970 لم يكن هناك في كل الولايات المتحدة الأمريكية غير عدة عشرات من هذه المراكز و المؤسسات و التي غالبا ما تركز نشاطها على توفير المشورة السياسية و العسكرية غير الحزبية. و قد كانت تلك المراكز تضم عدد كبير من الموظفين و تستهلك ميزانية كبيرة. 

ولكن بعد العام 1970 حدث ما يشبه الانفجار و الطفرة في عدد و حجم و طريقة عمل هذه المؤسسات في أمريكا حيث ظهر العديد من هذه المؤسسات و لكن بحجم اصغر و أصبح عملها يطبعه الطابع الحزبي و المواقف ذات الأسس و الجذور الفكرية و الأيديولوجية.


([i]) يمكن الإطلاع في هذا الشأن على صيغ عديدة لتعريف هذه الكيانات تختلف تعبيراتها و زوايا نظرها للموضوع مع التقائها جميعا" على ذات المعاني و المدلولات التي أوردناها. راجع في هذا الشأن :
موقع الجواب (answers) على شبكة الانترنت و يتضمن تعريفات من مصادر متنوعة
كذلك موقع موسوعة الويكيبديا (wikipedia) على شبكة الانترنت

([2]) راجع في هذا الشأن موقع الموسوعة على شبكة الإنترنت :

[(3)] مؤسسة يابانية مستقلة خاصة ذات طابع شعبي أنشئت عام 1974 بمبادرة من شخصيات قيادية من الصناعيين و الأكاديميين و قيادات عمالية يابانية و هي تهتم بإجراء بحوث شاملة من أجل المساهمة في حل مجموعة متنوعة من التعقيدات الاجتماعية المعاصرة ، والقضايا الاقتصادية و أسلوب الحياة. و قد شملت بحوثه أثار التغيرات الحاصله في عصرنا الحالي ، وتركزت على قضايا السياسات العامة في طائفة واسعة من المجالات ، بما فيها الاقتصاد ، والسياسة والمجتمع و الإدارة ، وتنمية الاراضى الوطنية ، و الرعاية الاجتماعية ، والتعليم ، والقضايا الدولية. راجع في هذا الشأن الرابط التالي :

[(4)] راجع في هذا الشأن الرابط التالي :

[(5)] موقع المعهد على شبكة الإنترنت

[(6)] للاطلاع على تاريخ نشوء و تطور نشاطات هذه المؤسسة يمكن مراجعة موقع موسوعة ويكيبيديا على الانترنت :

كذلك يمكن زيارة موقع المؤسسة على شبكة الانترنت للإطلاع على تفاصيل نشاطاتها :

[(7)] موقع المعهد على شبكة الإنترنت

[(8)] كان رئيسا" لجامعة برنستون و يمكن الاطلاع على تفاصيل حياته من خلال مراجعة مادة حياته في موقع موسوعة الويكيبيديا على شبكة الانترنت على الرابط التالي :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق