بحث

الأربعاء، 15 أبريل 2015

إدارة التوحش : دستور ومنهجية الخوارج في تدمير الدول : 7.

المبحث الثالث أهم القواعد والسياسات التي تتيسر باتباعها خطة العمل وتتحقق أهداف مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك] بصفة عامة وأهداف مرحلة
[إدارة التوحش] بصفة خاصة - بإذن الله -

الفصل الأول إتقان فن الإدارة

بفضل الله أصبح العمل الإسلامي المنظم يُدار على أعلى مستوى إداري في عالمنا الإسلامي خاصة التنظيمات الجهادية إلا أنه مازال يحتاج إلى مزيد من الإتقان وتعميم التدريب والارتقاء ليشمل أكبر قدر من شرائح الحركة الإسلامية خاصة أننا مُقبلون - بإذن الله - على مرحلة ستتوسع فيها احتياجاتنا الإدارية فيما أطلقنا عليه مرحلة إدارة التوحش، حيث سنختلط بمئات الألوف من الناس ومطلوب منا إدارة مناطق كحكومات مُصغرة، وإذا لم نكن مستعدين للتعامل مع ذلك فسنواجه مشاكل خطيرة، هذا فضلاً عن أضرار العشوائية أو أضرار التنظيم الإداري النمطي الذي يعطل الأعمال بجموده وتوقفه عن التطوير والارتقاء، لذلك فعلى المجموعات الجهادية الصغيرة والمتوسطة العدد التي تمخضت عنها الأحداث وأصبحت بفضل الله في كل أقطار العالم الإسلامي أن تبدأ من الآن بنبذ العشوائية، ونبذ النمطية الإدارية كذلك.

أهم ما يجب أن نستفيده من إتقان فن الإدارة هو تعلم كيفية إنشاء اللجان والتخصصات وتوزيع الأعمال بحيث لا تتجمع الأعمال كلها على كاهل شخص واحد أو كاهل قلة من الأفراد، مع تدريب جميع الأفراد ونقل الخبرات حتى إذا غاب مدير قام آخر، ويجب أن يُدرب كل فرد على كل أو أكبر قدر من الفروع بحيث يمكن نقل الكفاءات عند الحاجة من مكان إلى مكان آخر، هذا طبعاً بدون أن يعرف الأفراد أسرار الفروع التي لا يعملون فيها وإنما قصدت أن يتم التدريب ونقل الخبرات كالمهارات والتقنيات لا أكثر.

إن إتقان فن الإدارة يحفظ الكثير من الوقت ويبارك في المجهود المبذول، خاصة أننا في سباق مع الزمن ونحتاج لتفعيل أي جهد مبذول لنحصل منه على أفضل النتائج.

من الممكن داخل كل مجموعة اكتشاف أفراد يتقنون فن الإدارة بالفطرة ( توجد مراجع وأبحاث إدارية تتحدث عن القائد بالفطرة والمدير بالفطرة وكيفية اكتشافه وتفجير مواهبه ) إلا أن الحاجة تبقى ملحة لصقل هذه المواهب بالدراسة المكتسبة والممارسة العملية.

بالطبع في البداية سيتم تقديم ذوي الخبرة السابقة، وعليهم القيام بإعداد الجيل الثاني، وأبرز من يتم ترشيحه من الجيل الثاني هم طلاب العلم الأذكياء الأتقياء أصحاب استقبال الأهوال والخطوب برباطة جأش وهدوء وتفكير عميق، وهذه الصفات الأخيرة تختص أكثر بمن سيتولى بجانب عمله الإداري عملاً قيادياً في الحركة.

علينا بكتب الإدارة، خاصة آخر ما صدر من أبحاث ونظريات إدارية فيما يتناسب مع طبيعة المجتمعات المعاصرة، وهناك أكثر من موقع على شبكة المعلومات يمكن الحصول منه على كتب إدارية، وأعتقد أن المختصرات التي يتم إنزالها في موقع مفكرة الإسلام جيدة جداً خاصة أنها تشمل مختصرات لأبحاث عالمية حديثة وتعليقات جيدة من المشرفين فيها وبيان أن الأساليب الحديثة لها أصول في السنة وسيرة قادة السلف كما أن في التعليقات تحذير من الأخطاء الشرعية بقدر جيد، ويمكن الحصول على المزيد من الكتب والمراجع الإدارية من مواقع أخرى على الشبكة أو من المكتبات ودور النشر، مع التنبيه أنه علينا أن نقوم بتطبيق عملي لما يتم دراسته لنرى مردود الأساليب الإدارية على العمل ومن ثم نعمم الأصلح منها على قطاعاتنا والأكثر مناسبة لطبيعة أعمالنا.

الفصل الثاني من يقود ومن يدير ومن يعتمد القرارات الإدارية الأساسية ؟

هناك قاعدة معتمدة في العمل الإسلامي ألا وهي [ليس كل قائد مدير وليس كل مدير قائد].

وإن كنا تبعاً لما ذكرناه في النقطة السابقة نريد أن نحولها إلى [كل قائد مدير وليس كل مدير قائد].

المدير أو الإداري هو أي فرد داخل الحركة أو المجموعة - يتقن فن الإدارة - يُمكن تعيينه في إدارة قطاع مالي أو غذائي ونحو ذلك دون أن يعرف أسراراً تضر العمل بقدر الإمكان، أما القائد فيجب أن يكون محل ثقة تامة داخل الحركة مؤتمناً على حركتها وأسرارها فالقادة لا شك تعرف كثيراً من أسرار العمل بقدر ما، بعض القادة يصدر منهم القرارات الإدارية الأساسية والفرعية، بعض القادة يصدر منهم قرارات تتضمن جوانب شرعيـة، لذلك في خطتنا نفتح باب الإدارة على مصراعيه لمن يتقنه، أما باب القيادة فهو للثقات فقط، مع وجود جهاز أمني يقف على البابين يتابع باحتراف أعمال القادة والمديرين لمنع الاختراق.

جانب هام من القرارات الإدارية والسياسية العليا:

تبعاً لما سبق تبرز لنا نقطة هامة ألا وهي:

ما أهم ما ينبغي توفره في القادة الذين يصدرون القرارات الإدارية العليا التي منها استهداف فئات والكف عن آخرين، وذلك من الجانب الشرعي والواقعي ؟

القرارات الإدارية والسياسية العليا وإن كانت تصدر في الجملة من القيادة العليا أو القادة الميدانيين للعمل والذين يتميزون في العادة بالخبرة والحنكة السياسية إلا أنه ينبغي التنبيه على أن القرارات الإدارية الخاصة باستهداف فئات والكف عن آخرين وبالطبع تتطلب بشكل أساسي تأصيلاً وحكماً شرعياً دقيقاً أو خفياً يجب أن تمر قبل أن تصدر على الراسخين في العلم في حركة الجهاد الرئيسية، أو عالماً راسخاً في العلم مشهوداً له بذلك تبعاً لمعايير شرعية صحيحة إذا تعذر الرجوع إلى علماء حركة الجهاد الرئيسية.

بالطبع هناك فئات أصبح مستقراً بين الحركات السلفية المجاهدة - عن طريق علمائها الراسخين - جواز ووجوب استهدافها وأعتقد أنها تكفي في مرحلتنا الحالية وكل ما في الأمر أنه ينبغي أن يمر القرار هذه المرة على القيادة العليا والقيادة السياسية لاتخاذ ما فيه المصلحة باستهدافها الآن أو تأجيلها وينبغي أن يتم ذلك بالمشاورة مع الكوادر العلمية المتوسطة على الأقل.

ولكن حديثنا وتحذيرنا هنا هو فيما سيأتي من مراحل وفيما سيجد من فئات في المستقبل أو في المراحل القادمة، فهذه يجب أن يمر قرار استهدافها أو الكف عنها ليس على كوادر علمية فقط ولكن على راسخين في العلم من البداية كما ذكرنا.

ولخطورة هذه المسألة سنضرب لها عدة أمثلة سابقة فيما يخص استهداف فئات أو الكف عن فئات:

المثال الأول : إحدى المجموعات الجهادية الصغيرة بمصر والتي لم تكن تتبع تنظيمياً جماعة الجهاد بمصر، أسسها أحد الشباب وكان قد طلب العلم بقدر ما ودرس كتاب [العمدة في إعداد العدة] ولكن للأسف أخذ يطبق قواعد علمية مأخوذة من كتب فقه الجهاد وينزلها على فئات دون الرجوع لأهل العلم الراسخين، وقد انفرط عقد مجموعته خلال مواجهات التسعينات وقتل ذلك الشاب رحمه الله وتقبله في الشهداء، ولا أدري لو قدر الله له الاستمرار هل كان سيتدارك ذلك الخطأ أم كان سيفتح على الحركات الجهادية في مصر باباً يدخل منه تشويه إعلامي يصعب مواجهته لما كان سيحمله من بعض المصداقية وهو باب إراقة دماء معصومة.

من القواعد الصحيحة التي تبناها هذا الأخ بتطبيق خاطئ وبلغني من الأفراد الذين كانوا معه أنهم كادوا أن يطبقوها عملياً بالفعل أو طبقوها مرة على الأقل قاعدة تقول [مجهول الحال بدار الكفر يجوز قتله تقصداً للمصلحة]، وهي قاعدة صحيحة ولكن إذا طبقت على دار الكفر التي أكثر أهلها كفار أما دار الكفر التي أكثر أهلها مسلمون فلا تُطبق عليها تلك القاعدة، والتطبيق العملي لكثير من القواعد الجهادية التي تحفل بها كتب فقه الجهاد يجب أن يكون مر أولاً على راسخ في العلم وأقره قبل أن تطبقه القيادات الميدانية، نعم قد لا يجب أن يرجعوا كل مرة للراسخين في العلم خاصة إذا تعذر ذلك ولكن أصل الفئة المستهدفة أو نوع العمل القائم يجب أن يمر قبل اعتماده وتكراره على الراسخين في العلم في المرة الأولى على الأقل.

ملاحظة: مجهول الحال المقصود هنا هو من لم يظهر منه ما يدل على إسلام أو كفر، فهو ليس عليه علامات الإسلام الظاهرة وكذلك ليس عليه علامة كفر ظاهرة ولا يُعرف عنه ناقض من نواقض الإسلام.

المثال الثاني : في المثال السابق مر معنا كيف أن عدم ضبط مسألة داخل قضية [مجهول الحال] كاد أن يؤدي إلى كوارث، هنا في هذا المثال نبع الخطأ من عدم ضبط أو تجاهل مسألة أخرى ألا وهي: [المسلم مستور الحال]، وكان أفدح من السابق، وله آثار نعاني منها حتى الآن، وحدث بعدما تولى قيادة حركة الجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر مجموعة من الجهلة والأغمار بعد مقتل قائد تلو آخر من قياداتها والذين كانوا على قدر جيد من الانضباط، فقامت القيادة الجديدة باعتماد قاعدة جائرة استندت فيها على بعض الأدلة المتشابهة تقول القاعدة [كل من ليس معنا فهو ضدنا] وقسمت هؤلاء الضد إلى خارجين عن الطاعة بغاة ومبتدعة وهم أي مجموعة جهادية لا تعمل تحت رايتهم - وإن كانوا على صواب في تبديع من يقاتل من أجل الانتخابات -، أما الشعب المسلم فقد اعتبروه في فئة الكفار أولياء الطاغوت وذلك لكونه لا يُظهر البراءة من الطاغوت، نعم كان يمكن أن تكون قاعدتهم صحيحة لو قصدوا بها أن من ليس معهم ويناصـر عدوهم عليهم بأي نوع من النصرة فهو ضدهم، أما ما طبقوه فهو تطبيق لا يصدر إلا من جاهل عقلاً وشرعاً وهذا ما جناه تقديم الجهلة وأنصاف العلماء في مثل هذه الأمور، بل عند تطبيق هذه القاعدة تطبيقاً صحيحاً ليس معنى ذلك أن نبادر فوراً بقتل كل الفئات من أنصار العدو، فقد نؤجل فئات من المناصرين للعدو - كعلماء السوء مثلاً - تبعاً للأوضاع.

ملاحظة: المسلم مستور الحال هو من ظهرت منه علامة من علامات الإسلام ولم يُعرف عنه ناقض من نواقضه.

أمثلة على الجانب الآخر : ما سبق كان عن استهداف فئات معينة أما عن أمثلة الكف عن بعض فئات فحدث ولا حرج فتأريخ الحركات الإسلامية التي خاضت يوماً ما قتالاً في مواجهة اليهود أو النصارى أو المرتدين ملئ بمهازل نُزع فيها ممن يستهدف فئات من الطواغيت أو جندهم أو مناصروهم صفة الإسلام وما عبارة حسن البنا - غفر الله لنا وله - عن من قاموا بعمليات ضد عملاء الاحتلال وأعوان الطواغيت - والذين سلم بعض منهم فلسطين لليهود - عنا ببعيد، حيث قام باستنكار ذلك حتى أنه قال عنهم في إحدى بياناته: ( ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين )، وتم القضاء على حركات كادت أن تؤتي ثمارها بمثل هذه الآراء التي صدرت عن ضعف علمي بالشرع أو بالواقع.
ومن الأمثلة في ذلك الجانب أيضاً في تسعينات القرن الفائت عندما خرج بعض القيادات من أنصاف العلماء في الجماعة الإسلامية في مصر - قبل بداية الفتنة في مواقف وصفوف الجماعة - بتبني أحكام شرعية بتحريم استهداف فئات في حين أن الجناح العسكري تجنب استهدافهم لغرض تكتيكي سياسي، وكانت إصدارات الجماعة السابقة وفتاوى أميرها الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله أسره بجواز وشرعية استهداف مثل تلك الفئات، ومن ثم بدأت بعد ذلك البلبلة في صفوف الشباب المجاهد، ثم لما بدأت الفتنة توسعت بعض القيادات في ذلك الأمر فجرّمت استهداف فئات استهدفها مجاهدو الجماعة من قبل تبعاً لفتاوى وأدلة مؤصلة وصحيحة تجيز وتوجب استهداف تلك الفئات، فباعت بذلك دماء شهدائها، وبدأ الانهيار في صفوف المجاهدين خاصة في وجود عوامل أخرى.

لذا فكما حذرناك أخي المجاهد من استهداف فئات تبعاً لفتاوى أنصاف العلماء، فنحذرك أيضا من الكف والتورع عمن يجب استئصالهم رحمةً بالمؤمنين ورفعةً وانتصاراً للدين تبعاً لفتاوى أنصاف العلماء أو أقاويل أهل الإرجاف والجهل، أما تأجيل استهداف فئات منهم تبعاً لنظرة القيادة العليا أو القيادات الميدانية في المناطق فذلك يدخل في نطاق صلاحياتهم تبعاً لاجتهادهم فيما فيه مصلحة العمل الجهادي، لكن الحذر كل الحذر من أن يأتي متحذلق فيؤصل أن ذلك التأجيل بسبب أن هذه الفئات لا يجوز استهدافها.

الفصل الثالث اعتماد القواعد العسكرية المجربة

الحكمة ضالة المؤمن ونحن وإن كنا في الجملة نقتفي أثر وخطى الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم في تحركاتنا العسكرية بل ولا نقبل أن تكون سياساتنا في أي تحرك جهادي إلا كما كانت السياسة الشرعية إلا أن الشرع أباح لنا الاستفادة من الخطط والقواعد العسكرية لغير المسلمين ما لم يكن فيها إثم.

وللأسف تجاهل بعض المجموعات الصغيرة في المراحل الجهادية السابقة لهذه القواعد العسكرية لم يكن خوفاً من مخالفة الشرع وإنما استسهالاً للعشوائية والنمطية مع رغبة الشباب المحمودة في الوصول إلى منزلة الشهادة في أقرب فرصة والتي ينبغي توجيهها لمصلحة العمل باتباع قواعد علمية تجعل من أي عمل عسكري كبير أو صغير خطوة كبيرة في اتجاه تحقيق الأهداف.

إن اتباع القواعد العسكرية المجربة سيختصر علينا سنين طويلة قد نعاني فيها مفاسد النمطية والعشوائية، إن ترك العشوائية واعتماد الأساليب العلمية المدروسة والقواعد العسكرية المجربة وتنزيلها على الواقع وتطبيق العلم العسكري سيؤدي بنا إلى تحقيق الأهداف بدون تعقيد ويمكننا من التطور وتحسين الأداء بإذن الله.

وتعليم هذه القواعد للأفراد يفتح أمام أعينهم مجالاً واسعاً للابتكار، وقد يخرج منهم قادةً أفذاذاً تسطر في كتب التأريخ الحديث نظرياتهم، خاصة أن كتب هذا الفن في عصرنا تتجاهل أن أصوله مأخوذة أغلبها من طرائق أجدادنا.

وسأذكر هنا بعض الأمثلة خاصة ببعض القواعد لشحذ الذهن ولبيان أهمية اتباع هذه القواعد لتسهيل أعمالنا العسكرية:

- هناك قاعدة هامة تقول [الجيوش النظامية إذا تمركزت فقدت السيطرة، وعلى العكس إذا انتشرت فقدت الفعالية].

هذه القاعدة في شطرها الأول تُوجهنا إلى أن عمليتنا العسكرية يجب أن تستهدف إحداث إخلال في الموازنة بين تكتل قوات العدو وانتشارها، فالمقصود من شطرها الأول أننا عندما نستهدف موقعاً أو هدفاً من المستحيل أن يضع العدو قوات ضخمة في هذا الموضع وإلا عند أول طلقة نار سيفقد السيطرة وتضرب قواته بعضها البعض، لذلك سيضع العدو قوات تتناسب مع طبيعة وحجم الموقع وهنا علينا أن نعرف ما هي طبيعة وأنواع المواقع التي حجم قواته فيها يمكننا إعداد قوة لمهاجمتها لأن العدو يستحيل عليه زيادة قواته فيها، كذلك يُستفاد من الشطر الأول أهمية تعلم فن اختيار موقع الاشتباك مع العدو في أي ظرف أو لحظة يُفرض علينا فيها اشتباك، أما الشطر الثاني من القاعدة وهو الأهم وله تأثير كذلك على الشطر الأول منها وهو أنه كلما انتشرت قوات العدو على أكبر رقعة من الأرض كلما فقدت فعاليتها وسهلت مواجهتها، ولعل هذا الشطر هو أكثر القواعد التي يسير عليها أهل الوعي من شباب الجهاد في عصرنا هذا، فنجد أنهم يضربون أكبر قدر من الأهداف كمّاً ونوعاً وعلى أكبر رقعة من الأرض مما يشتت قوات العدو، ونجد كذلك أن أغلب من تجاهل هذه الجزئية كان نصيبه الفشل وهذا ما حدث مع الجماعة الإسلامية بمصر - كما ذكرنا في موضوع سابق - عندما كان في إمكانها أن تنشر قوات العدو وتُشتت جهوده على كامل الأراضي المصرية، وبسبب قيام بعض القيادات بالمحافظات بتعطيل العمل بذلك تحت دواعٍ شتى تمكن النظام من حشد قواته في أماكن محدودة ومن ثم التحكم في الأوضاع.

- قواعد معدل العمليات: فهي إما تصاعدية أو بمعدل ثابت أو في صورة أمواج وأحياناً تكون مراحلنا فيها كل هذه المعدلات.

زيادة البيان: معدل العمليات يكون تصاعدياً ليبث رسالة عملية حية للناس والشعوب وصغار جند العدو أن قوة المجاهدين في تصاعد، فكل هؤلاء لا يعرفون هذه القواعد وما ينطبع في أذهانهم من تصاعد العمليات - إما من حيث العدد أو النوعية أو الانتشار أو كل ذلك - أقول ما ينطبع في أذهانهم ويرسـخ أن المجاهدين في تقدم مستمر والعدو في تراجع وأن مصير العدو الهزيمة، مما يُجرئ الشعوب ويُحيي الأمل في نفوسهم ويسهل مدداً دائماً للحركة وتصاعداً ذاتياً للحركة، لذلك ينبغي أن نخطط عملياتنا بأن نبدأ بعمليات صغيرة ثم الأكبر وهكذا حتى لو كان في إمكاننا القيام بالكبيرة من البداية، كما رتبت منظمة القاعدة عمليات إشعال المواجهة، هذا فضلاً عن فوائد أخرى كثيرة من تصاعدية الأعمال منها الارتقاء بالشباب وتعويدهم على المواجهة وغير ذلك.

ويجدر هنا التنبيه على أن الشطر الخاص بالانتشار الذي ذكرناه في القاعدة السابقة لا يُعارض قاعدة تصاعدية العمليات فيمكننا أن نبدأ بعمليات صغيرة على أكبر رقعة من الأرض في أماكن متباعدة ثم بعد فترة نقوم بعمليات أكبر من حيث النوع ونقوم بعد ذلك بتصغير المسافات بين الأماكن المتباعدة، والتصاعدية قد تكون لمرحلة معينة ثم تتغير لمعدل ثابت أو صورة أمواج تبعاً للتطورات.

أما أن تكون العمليات في صورة أمواج فذلك يناسب المجموعات التي قواعدها العسكرية ومواقعها الدفاعية حصينة إلا أنها بعيدة عن موقع العمليات، وكذلك المجموعات التي تريد أن توصل رسالة للعدو أن أمواج الرعب ودفع ثمن أفعاله لن تنتهي وليس معنى توقف العمليات فترة هي استقراره ليفعل ما يريد بالشعوب المسلمة وإنما كل ما في الأمر أننا نُعدّ لموجة أخرى من العمليات التي ستملأ قلوبهم رعباً، وأن هذا الرعب ليس له نهاية , وأجدر به أن يكف شره عن المسلمين أو يقلله حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وأعتقد أن طريقة الأمواج هذه تناسب أكثر مجموعة البلدان غير الرئيسية التي ذكرناها في المبحث السابق.

- ومن القواعد الهامة أيضا قاعدة تصلح كاستراتيجية عامة وتصلح كذلك للتخطيط للعمليات الصغيرة.. تقول:

[اضرب بقوتك الضاربة وأقصى قوة لديك في أكثر نقاط العدو ضعفاً] ومما يجدر الإشارة إليه هنا: كيف أن القيادة العليا كانت تعتبر شباب جزيرة العرب هم قوتها الضاربة إلا أنها لم تكن تُرشح الجزيرة للتغيير لعوامل ذُكرت في الدراسات السابقة لأحداث سبتمبر، إلا أنه بعد الأحداث حدث انقلاب في هذه العوامل وأصبحت الجزيرة من الدول المرشحة بل إننا نلاحظ أن القيادة وضعت لها أولوية وذلك لكون العدو فيها - وهو نظام آل سعود - يمثل أكثر الأنظمة المُعادية للمجاهدين ضعفاً، فكانت جزيرة العرب تطبيقاً مثالياً لهذه القاعدة.

أما تطبيق هذه القاعدة على التخطيط لعمليات صغيرة فمثلاً إذا كانت مجموعة منفذة من عشرة أفراد تواجه عملية سهلة جداً - وليست استشهادية بالطبع - ولا تحتاج هذه العملية إلا لفرد أو اثنين بل إنها أحيانا تُرسل مجاهداً واحداً أو اثنين لعملية أكبر ولكن إذا أرسلت كامل عددها إلى هذه العملية المضمونة - بإذن الله - بغرض الاستعراض وإرهاب العدو عندما يتحدث الناس والصحف عما حدث، ويظن الناس والعدو أن العمليات القادمة سيتم لها حشد وتفوق عددي مناسب مما يعلي من أسهم المجاهدين إعلامياً ويرجف القلوب من مواجهتهم، إلا أن هذا لا يُطبـق إلا بعد دراسة جيدة للاحتمالات ومصالح ذلك ومفاسده، والاقتصار على العدد المحدود الذي يكفي أولى في الجملة.

كذلك لهذه القاعدة مجالات أخرى في ظروف ومتطلبات أخرى كما هو حال أغلب القواعد، منها: إذا كان هناك هدف سهل الوصول إليه، مثل مبنى للعدو يعقد فيه اجتماعات - مثلاً - ونحو ذلك وهدمه يتم بشرك مفخخ صغير الحجم، إلا أن لدينا مخزوناً جيداً من المتفجرات قد يتم التخلص منها أثناء تحركنا بدون استخدام، فيمكن في هذه الحالة استخدام كمية من المتفجرات لا لتهدم المبنى فقط أو حتى تسويه بالأرض ولكن لتجعل الأرض تبتلعه ابتلاعاً وفي ذلك تتضاعف كمية الرعب لدى العدو، وتتحقق أيضا أهداف إعلامية جيدة من أبرزها عدم استطاعة العدو إخفاء خسائره، ومثل ذلك تكرر كثيراً وتحقق من ورائه نتائج جيدة عديدة.

- ومن القواعد الهامة أيضا والتي كانت عماد الحروب في السابق والحاضر، ومازال علماء الاستراتيجيات والمؤرخون يتحدثون أن تركيز جماعات الجهاد عليها سيعجل بانهيار الأعداء كل الأعداء، هي أن أقرب وسيلة لهزيمة العدو الأقوى عسكرياً هي استنزافه عسكرياً واقتصادياً - بالطبع اقتصادياً عن طريق عمليات عسكرية في الأساس بجانب الأساليب الأخرى -، حتى أن رامسفيلد يقول للصحفيين مبرراً نكساته: ( ما المطلوب من أن نفعل أكثر من ذلك ؟! لا تنسوا أننا ننفق المليارات في مواجهة عدو ينفق الملايين ) وصدق - بقدر ما - وهو كذوب، حتى إن أحد الباحثين الأجانب يقول إن ما أسقط الاتحاد السوفييتي السابق هو استنزاف قدراته الاقتصادية والعسكرية في الحروب الصغيرة وغير ذلك خاصة حرب أفغانستان وما تمخض عنها، وأن مصير أمريكا في حروبها الحالية نفس المصير تقريباً، ثم ختم دراسته مازحاً ( إنه ليس هناك داعٍ لقيام أعداء أمريكا إلى ترويج الاستنزاف للتعجيل بانهيارها لأن بوش يقوم بذلك بنفسه بشكل جيد!! )، وسيأتي في بعض النقاط القادمة من هذا المبحث بيان افتراضي عن بعض من أساليب الاستنزاف الاقتصادي مع مراعاة الجوانب الشرعية والخططية والإعلامية.

كل ما ذكرته أمثلة فقط، وكانت كلها في القواعد والخطط العامة إلا أنه لا يخفى على المتابع أن أصغر وحدة في العمليات العسكرية ولو كانت كيفية تجهيز وتخزين السلاح وتنظيفه - مثلاً - كلها تخضع لقواعد وضوابط يجب أن يتعلمها كل عضو في تخصصه وفيما يلزمه على الأقل، وأذكر هنا بمناسبة هذا المثال أن محاولة اغتيال طاغوت من أخبث الطواغيت في مصر وهو وزير الإعلام صفوت الشريف فشلت بسبب أن المنفذ الذي كانت مهمته قتله قد خزن السلاح ليلة العملية في مكان به رطوبة وعندما قام زميله الذي واجه السيارة أولاً بإصابة الحارس وجاء عليه الدور لإصابة الوزير انحشرت الطلقات ونجا الوزير.

من أهم المراجع التي نرشحها لدراسة جيدة للقواعد والنظريات العسكرية وفنون الحرب:

- موسوعات الجهاد المتنوعة التي أعدها المجاهدون بأفغانستان.

- مجلة البتار الصادرة عن معسكرات الجهاد بجزيرة العرب.

- كتابات أبي عبيد القرشي حفظه الله في مجلة الأنصار، كذلك له ولغيره كتابات أخرى قديمة بموقع الأسوة الحسنة.

- الكتب العامة في فن الحرب خاصة حروب العصابات ما دام في استطاعة الدارس تلافي ما بها من أخطاء شرعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق