بحث

الأربعاء، 15 أبريل 2015

إدارة التوحش : دستور ومنهجية الخوارج في تدمير الدول : 10.

الفصل السابع الاستقطاب .

معركة ملتهبة.. الإعلام.. إتقان الإدارة.. رفع الحالة الإيمانية.. المخاطبة المباشرة.. العفو.. التأليف بالمال..
أروع الأهداف التي تحققت من سياسة حركة التجديد في المرحلة الحالية - والتي بدأت في منتصف التسعينات - هي جعلنا لا نخشى من عواقب أن يبلغ الاستقطاب في الأمة أقصى مدى له، لا شك أن في كل المعارك السابقة على هذه المرحلة كان ينبغي علينا أن نسعى إلى الاستقطاب لتتطور المعركة التطور المأمول، وقد حدث ذلك بالفعـل في بعض البلاد وظهرت نتائجه المشجعة، إلا أن التحركات في كثير من البلدان تخوفت من إحداث الاستقطاب خوفاً من فقدان السيطرة عليه خاصة في ظل الجهل المتفشي في الأمة والإعلام الموجه وشبهات الأحبار والرهبان ودعاة الجماعات الإسلامية الذين باتوا وقتها دعاة للوحدة الوطنية مثلهم مثل النصارى ومثل دعاة الوطنية من الأحزاب العلمانية المرتدة والأمثلة كثيرة، حتى وصل الأمر بالبعض بعقد الاجتماعات مع نصارى العرب والأحزاب العلمانية للتنديد بأعمال جماعات الجهاد التي ستفرق الوطن.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

نقصد بالاستقطاب هنا هو جر الشعوب إلى المعركة بحيث يحدث بين الناس - كل الناس - استقطاب، فيذهب فريق منهم إلى جانب أهل الحق وفريق إلى جانب أهل الباطل ويتبقى فريق ثالث محايد ينتظر نتيجة المعركة لينضم للمنتصر، وعلينا جذب تعاطف هذا الفريق وجعله يتمنى انتصار أهل الإيمان، خاصة أنه قد يكون لهذا الفريق دور حاسم في المراحل الأخيرة من المعركة الحالية.

جر الشعوب إلى المعركة يتطلب مزيداً من الأعمال التي تشعل المواجهة والتي تجعل الناس تدخل المعركة شاءت أم أبت، بحيث يؤوب كل فرد إلى الجانب الذي يستحق، وعلينا أن نجعل هذه المعركة شديدة بحيث يكون الموت أقرب شيء إلى النفوس بحيث يدرك الفريقان أن خوض هذه المعركة يؤدي في الغالب إلى الموت فيكون ذلك دافعاً قوياً لأن يختار الفرد القتال في صف أهل الحق ليموت على خير أفضل له من أن يموت على باطل ويخسر الدنيا والآخرة، وهذه كانت سياسة القتال عند الأوائل، أن تتحول المجتمعات إلى فريقين يختصمان، يتم إشعال معركة شديدة بينهما نهايتها النصر أو الشهادة شعارها الحرب المجلية أو السلم المخزية، فريقين يختصمان فريق في الجنة وفريق في السعير " قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار " وهذه المعركة وحدها بهذه الحدة وهذه المفاصلة هي التي نستطيع فيها استقطاب أكبر قدر من الأفراد لصفنا بحيث لا نأسى بعدهـا على من يهلك في الصف الآخر، ونفرح لمن يصطفيه الله في صفوف أهل الإيمان بالشهادة، هذه المعركة بهذه الحدة وهذه المفاصلة هي التي ستؤتي أكلها - بإذن الله - أما لو أصغينا لترّهات أصحاب الوطنية والتراب فلنجلس في بيوتنا أفضل من فشل تأتي من بعده الأهوال.

لا شك أنه كلما زاد وهج ولهيب المعركة واشتدت وطأتها على الناس والمجتمع في جانب العدو والناس والمجتمع في جانبنا يحرك ذلك القلوب والعقول وتبلغ الحجة على الناس أقصى مدى لها، ومن ثم يبلغ الاستقطاب مداه، إلا أنه في مقابل هذه الشدة من لهيب معركة حامية الوطيس نجد أن كل مرحلة من مراحل معركتنا تحتاج إلى أساليب من اللين ونحو ذلك تعادل ذلك ليستقيم الأمر، خاصة أنه في كل مرحلة من مراحل المعركة ستختلف الفئات التي ينبغي أن نركز الاستقطاب عليها - مع عدم إهمال باقي الفئات -.

في مرحلة شوكة النكاية والإنهاك نحتاج لاستقطاب الأخيار من شباب الأمة وأفضل وسيلة لذلك هي العمليات المبررة شرعاً وعقلاً، أعلى درجات التبرير أن تبرر العملية نفسها بنفسها، ولكن لوجود الإعلام المضاد يصعب إيجاد العملية التي تبرر نفسها بنفسها، وإن كان من الممكن أن نقوم بذلك عندما نصل لمرحلة شل هذا الإعلام، وذلك يحدث عندما ترتقي المجموعات وتتصاعد وتُكثف العمليات، وعندها يعجز الإعلام عن متابعتها وتشويهها أو تشويه أهدافها، أما في المرحلة التي ينشط فيها الإعلام المضاد فلا سبيل لتبرير العمليات إلا بإصدار بيانات مطبوعة، وبيانات من خلال الإعلام المسموع أو المرئي تمهد لكل للعمليات قبل القيام بها - دون تحديد طبعاً - وتبرر لها بعد القيام بها تبريراً شرعياً وعقلياً قوياً، يراعى فيها الفئة المخاطبة، وينبغي أن تصل هذه البيانات لكل الناس ولا تقتصر على النخبة، ينبغي أن تشمل أغلب البيانات أهدافنا العامة المقبولة عند الناس حتى بدون عبارات صريحة: أننا نقاتل لإخراج أعداء الأمة ووكلائهم الذين دمروا البلاد عقائدياً ونهبوا ثرواتها وأحالونا لعبيد لهم، وأنهم كما يرى كل أحد يدمرون كل شيء عياناً بياناً، بل ويقبضون تكلفة قتلهم وتدميرهم لنا.

أما في مرحلة [إدارة التوحش] فهنا يبدأ الاستقطاب بأخذ أهمية من نوع آخر:

عند حدوث التوحش في مناطق عدة - سواءً التي سنعمل على إدارتها أو ما يجاورها من مناطق أو ما يبعد عنها - أقول عندما يحدث التوحش يبدأ يحدث نوع تلقائي من الاستقطاب بين الناس الذين يعيشون في منطقة الفوضى بأن يلتف الناس - طلباً للأمن - حول كبراء البلد أو تنظيم حزبي أو جهادي أو تنظيم عسكري من بقايا الجيوش أو الشرطة بأنظمة الردة، وفي هذه الحالة تبدأ أول وسائل استقطاب هذه التجمعات لتدخل في موالاة أهل الحق بقيام مجموعات الإدارة التابعة لنا بإحسان إدارة المناطق التي تحت سيطرتهم، مع القيام بدعاية إعلامية جيدة بما وصلت إليها حالة مناطقنا من أمان وعدالة بتحكيم الشرع وتكافل وإعداد وتدريب وارتقاء، سنجد - بإذن الله - مع هذه الخطوة الأولى هجرة مطردة من شباب المناطق الأخرى إلى مناطقنا لنصرتها والعيش فيها على الرغم مما يمكن أن يغلب عليها من نقص في الأنفس والثمرات أو تركيز الضغط عليها من قبل الأعداء.

القصد: أول وسيلة من وسائل الاستقطاب في مرحلة [إدارة التوحش] هي إحسان إدارة المناطق التي تحت سيطرتنا، أما باقي وسائل الاستقطاب في هذه المرحلة فنلخص أهمها في التالي:

- رفع الحالة الإيمانية: رفع الحالة الإيمانية هو أقصر طريق لاستقطاب الناس الذين يعيشون في المنطقة التي نديرها، فهناك فرق بين كون الناس يقبلون إدارتنا لهم لنحقق لهم الأمن ونحو ذلك وبين أن ينخرطوا في صفوفنا والعمل لأهدافنا والتدريب والقتال معنا ونحو ذلك، ورفع حالة المجتمع الإيمانية في هذه الحالة يسهل استقطاب هؤلاء الناس إلى صفوفنا العاملة.

- المخاطبة المباشرة: بالنسبة لاستقطاب مناطق مجاورة تديرها تنظيمات أخرى علينا أن نوجه رسولاً للإدارة المسئولة عن المناطق المجاورة لدعوتها للدخول في ولاء أهل التوحيد والجهاد، قد نجد منهم تخوفاً من الدخول في اتحاد تام خوفاً من أن يُعامِل العدو مناطقهم كما يُعامِل مناطقنا، فنركز دعوتنا في هذه الحالة على الدرجة الأقل وهي الدخول في تحالف على بعض المقاصد الشرعية، وقد نجد منهم مثل التخوف السابق، فننتقل معهم إلى المرحلة الأخيرة وهي أننا إن تفهمنا رفضهم للعرضين الأولين إلا أننا لن نقبل بحال أن نسمع يوماً أن منطقتهم يُحكم فيها غير الشرع وإلا أصبحت إدارتهم في هذه الحالة مثل إدارات الأعداء سواءً بسواء، وإذا استقر الأمر على الحد الأدنى سيكون الزمن كفيلاً - بتوفيق الله عز وجل - بتقريب العلاقة مع هذه المنطقة.

مما يدخل تحت هذه النقطة أننا سنجد مناطق تقع تحت إدارة قبائل , تستمد قوتها على مواجهة القوى المختلفة من حولها كبقايا قوات أنظمة الردة والعصابات المنظمة وغارات أهل الصليب من قوة عصبيتها، ونحن عندما نخاطب هذه العصبيات لا ينبغي علينا دعوتهم لنبذ عصبيتهم، بل علينا استقطاب هذه العصبيات وتحويلها إلى عصبيات محمودة، فهم لديهم قوة وطاقة فلا ينبغي أن يبدد خطابنا هذه القوة - ففضلاً عن صعوبة ذلك - فإن الأفضل هو تحويل مسار هذه العصبية لتكون في سبيل الله خاصة أن عندهم استعدادًا للتضحية من أجل المبادئ والشرف الذي يعتقدونه، وممكن أن يبدأ الأمر بتأليف المُطاعين فيهم بالمال ونحو ذلك ثم بعد فترة عندما يختلط أتباعهم بأتباعنا وتخالط قلوبهم بشاشـة الإيمان سنجد أن أتباعهم لا يقبلون منهم أي أوامر تخالف الشرع، نعم تبقى العصبية ولكن تتحول إلى عصبية ممدوحة بدلاً عن العصبية المذمومة التي كانوا عليها.

- العفو: إذا وقع في أيدينا أحد المُطاعين أو مجموعة من الأفراد من أهل الكفر الأصلي أو أهل الردة، ووجدنا أنه لا خطورة كبيرة من العفو عنهم، وترجح لنا أن يؤدي ذلك إلى تأليف قلوبهم ومن ثم انضمامهم واتباعهم لأهل الإيمان أو على الأقل كف شر أتباعهم عنا - مع ملاحظة أنه لا عفو عن المرتد إلا إذا أسلم، ونحن حال إسلامه مخيرون بين العفو أو القتل لأنه تاب بعد القدرة - أقول إذا ترجح لنا ذلك ولم يكن هناك مصالح من قتلهم تفوق مصالح العفو، فإن ذلك يكون من الوسائل الناجعة للاستقطاب.

- التأليف بالمال: عندما نبدأ في إدارة بعض المناطق - بإذن الله - ستتدفق علينا الموارد المالية من أموال الصدقات التي يمكن تأمين وصولها في هذه الحالة بصور مختلفة أفضل من الوضع الحالي، كذلك الأموال المتحصلة من المؤسسات المالية التي سنغنمها مما تركته سلطات أنظمة الردة عند مغادرتها تلك المناطق، بالطبع ستكون تلك المؤسسات من الفئة الصغرى أو المتوسطة أما الشركات والمصانع والمؤسسات الكبرى والعملاقة كالبترول ونحو ذلك فكما ذكرنا من قبل ستحشد أنظمة الردة ما معها من قوات حولها لحمايتها.

بالطبع ستكون هناك نفقات وحقوق للناس ومظالم ينبغي تأدية هذه الحقوق قبل كل شيء، إلا أننا بحسن التدبير والتعامل مع تلك الموارد يمكن أن ندَّخر منها لما يجد من حاجات العمل الإسلامي، من هنا آن الأوان ليقوم الراسخون في العلم من أهل التوحيد والجهاد لتأصيل وبيان تفاصيل كيفية صرف بعض الأموال لبعض المطاعين من الناس ونحو ذلك لتأليف قلوبهم حتى يعطوا الولاء لإداراتنا، وتكون تفاصيل وقواعد هذا الأمر معلنة وواضحة بحيث لا يقع شيئاً في النفوس.

بداية نؤكد على أن معركتنا هي معركة توحيد ضد كفر وإيمان ضد شرك وليست معركة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، لكن علينا ألا ننسى أن من السياسة الشرعية عند مخاطبة ضعاف النفوس من طبقات الناس المختلفة بالوعد باستعادة أموالنا وحقوقنا بل غنم مال الله الذي يتسلط عليه شرار الخلق، ونحن لا نظن أن مثل هذه الوعد حرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان تسلية لهم وتحريكاً لضعاف النفوس من الناس ليقبلوا على الإسلام، ولا يلبس الحال بهم بعد ذلك من خلال الحياة بين أهل الإيمان وأتون المعركة إلى انصلاح حالهم وتحركهم من أجل التوحيد قبل كل شيء.

لذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى يوجه الرسول صلى الله عليه وسلم لأن يخاطب أسرى العدو بقوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .

والسياسة الشرعية في العهد النبوي فيها وقائع كثيرة تم فيها استخدام المال لتأليف القلوب بضوابط محددة، ويدخل في تأليف القلوب بالمال التأليف بالمناصب الشكلية الغير مؤثرة على العمل التي تعطي المطاع أو المعظم في قومه أو عشيرته نوعاً من الجاه مقابل أن يدخل أتباعه ومن حوله في حركة الجهاد تحت إمرة قادة الجهاد لتحقيق أهداف الجهاد، وقلنا أن هؤلاء بعد اختلاطهم بشباب الجهاد ستخالط بشاشة الإيمان قلوبهم - بإذن الله - ومن ثم سينفضون عن المطاع السابق - وإن بقوا معه شكلياً - إذا لم يهتد باطناً مثلهم، ولنتذكر كيف أن عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله عنه كان على استعداد أن يقتل أباه لو طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.

يتبقى أن تعرف عصابة الحق من قواعدنا الصلبة ومن الشباب المجاهد تفاصيل أحكام تأليف القلوب بالمال ومنها: أن من قاتل من أجل المال لا أجر أخروي له، ومن كانت نية المال أو الغنيمة تابعة وليست أصلية ونيته الأصلية أن تكون كلمة الله هي العليا نقص أجره وأن من سلم وغنم عُجل له ثلثا أجره، ومن أريق دمه وتلف ماله أخذ أجره كاملاً، وأن الأنصار تركوا ما حضروا له أنفسهم من المال في غزوة حنين من أجل تأليف قلوب الطلقاء، وليعلموا أنه ممكن لهم أن ينالوا المال في النهاية كما ناله الصحابة وأبناء الصحابة والتابعون إلا أن فتنته أشد من فتنة الفقر ونحن لا نملك ثبات الصحابة رضوان الله عليهم , فكما جاء في الحـديث ".. ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تُفتح عليكم فتهلككم كما أهلكتهم.. ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق