بحث

الأربعاء، 15 أبريل 2015

إدارة التوحش : دستور ومنهجية الخوارج في تدمير الدول : 21.

المقالة السادسة: فتنة المصطلحات.. المصلحة والمفسدة نموذجاً .

{وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:

لا نبالغُ إذا قلنا أنّ فتنة الشعاراتِ والمصطلحاتِ في هذا العصرِ هي أعظمُ الفتن التي عصفت
بالناس بصفةٍ عامةٍ والشبابِ المسلم بصفةٍ خاصة، بل حتى في العصورِ والأممِ السابقةِ ما انحرفَ الناسُ عن طريقِ الهدى إلا خلْف الشعاراتِ البرَّاقةِ التي تؤمِّنُ لهم شهواتهم، وترسِّخُ من الشبهاتِ والوساوس التي تملأ عقولهم، أمّا في أمةِ محمّدٍ عليه الصلاة والسلام فكلّما ابتعدنا عن القرنِ الأولِ كان وقعُ هذه الفتنة أشدّ، فإذا أراد الله بعبده خيرًا عصمه منها ووفّقه لصحبةِ أئمة الهدى، الذين هم قائمون إلى قيام الساعة يذبّون عن الملّةِ تأويلَ المبطلين وتحريفَ الغالين، ثابتون تحت رايةِ الكتابِ والسنّةِ بفهم الصحابة الكرامِ ومن تبعهم بإحسان.

الألفاظُ التي جاءت في الكتاب والسنّةِ تتعلق بها أحكامٌ شرعيةٌ وقدريةٌ، فإذا قام أحدهم بإفسادِ هذه الألفاظِ العظيمة وقعت الأحكامُ الشرعيةُ - بالتالي - على غير وجهها، ومن هنا تحدث الفتنةُ التي خافها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة أكثرَ من فتنةِ الدجّال.

سأتكلم في هذا المقالِ عن ضربين من أهمِّ الضروبِ التي تقع عليها هذه الفتنة , وقد أشار إليهما الشيخ عمـر محمود أبو عمر - فك الله أسره - في دروسه المنشورة على الشبكة، ثم سأتوسّعُ بذكر مثالٍ هامٍّ على الضرب الثاني من هذين الضربين.

الضرب الأول: رفضُ بعضِ المتصدرين للشبابِ التعاملَ مع الواقع بالحكم الشرعي والألفاظِ الشرعيّة المحددة، واللجوءُ إلى إطلاق العباراتِ والألفاظِ الفضفاضةِ وتوسيعها كالعباءةِ التي إذا لبسها السمين أو النحيف كانت جيدةً لأيٍّ منهما، فعندما تحدث مشكلةٌ أو مصيبةٌ أو وضعٌ يتطلب جهادًا أو حركةً يأتي البعض إلى أحد هؤلاء المشايخ فيبادرُ بإطلاقِ هذه العباراتِ المطّاطةِ لسترِ جهله أو جُبنه، أو من أجلِ ألاّ يحاسبَ أو يُراجعَ لو ظهر الأمرُ بخلافِ ما ذهب إليه، من أجلِ أن يبقى هو الرجلُ الذي لا يخطئ، صاحبُ الفكرِ والتنظير وأحقّيةِ الرجوعِ إليه بالفتوى والاستشارة، فيهرب من الألفاظِ الشرعيّةِ المحددةِ التي تنشئ موقفًا وحركةً وإرادةً، والتي تُلزمه وتُلزمُ السائلَ بالفروضِ الشرعيّة، ويترقب من بعيدٍ إلى أين تسيرُ الأمور، أهو الجهادُ قد آتى أُكُلَه ؟ فحينئذٍ هو مسعّرُ حربِه وصاحبُ الرأيِ الذي أفرزه، وإذا حدثت هزيمةٌ قدَّرها الله لأيّ سبب، أخرجَ عصاه من تحتِ عباءَتِه يمارسُ الجلدَ على المسلمين، فهم في هذه الحالة السَّببُ في كلِّ المصائب، بينما هو عاصمُ الأمة من الضلال!!، مع أنه لا يشكّ متأملٌ أنَّ أحدَ أهمِّ أسبابِ الهزيمةِ وقتَها - بل لعلّه يكون أهمها - كان تلاعبُ هؤلاءِ بالأمّةِ والشبابِ، وتركِهم في حيرةٍ مع تمييعِ الأحكام الشرعيّةِ الخاصّةِ بالحالةِ الجهاديّةِ التي تمرُّ بهم، خاصّةً عند من وثق فيهم من الشباب، والحالُ في كلِّ مرّةٍ يغني عن السؤال، فلا الشبابُ يعرف هل الجهادُ فـرضٌ من الفروض، أو هو وسيلةٌ من الوسائلِ يمكن الاختيارُ بينها وبين غيرها!! ولا الشبابُ يعرف الأحكامَ التفصيليةَ لقتالِ طوائفِ الأعداء، فتجدُ أحدَهم عندما يُسأل عنهم يجيب أنهم مجرمون، فإن قيل له نريد حكمًا محددًا مفصَّلاً تُبنى عليه حركةٌ وإرادةٌ وأحكامٌ شرعيةٌ محددةٌ يهربُ ويصرُّ على ألا يزيد عن قوله إنهم مجرمون!! - ليتنبه القارئ أن المقال لا يتحدث عن علماءِ السلاطين-.

القصد: [الهروب إلى العمومات] هو فَنُّ المشايخ الذي يتقنونه بعد إتقانهم فنَّ الشِّعارات، وإلا فأين هي أبحاثُ المشايخ التي تبينُ حكمَ الله في الأممِ المتحدةِ وميثاقها والشرعيّةِ الدوليّةِ ؟ وحكمَ الله في نظامِ الجنسيّةِ وترسيمِ الحدودِ والوطنية ؟ ما حكمُ الله المفصّل في كلِّ هذه الأمورِ وغيرها مما تهرّبَ من الحديث عنها المشايخ ؟ وكذلك ماذا قال الله في علاجِ ما ينتجُ عن هذه الأمور من أحكام ؟

الضرب الثاني من الضروبِ التي تقعُ عليها فتنةُ المصطلحاتِ كذلك هو: تحديدُ المصطلحاتِ تحديدًا خاطئًا منحرفًا، فيتخرجُ عن ذلك تحريفُ المعاني والأحكامِ التي تتخرجُ على هذه الألفاظ والمصطلحات، ومن هنا تنشأُ فتنٌ وفسادٌ عريضٌ بين الناس، وتدورُ الأمةُ في قضايا زائفةٍ مفتعلةٍ لا تخدم دينَ الله.

حيث يتمُّ إفساد معاني الألفاظِ العظيمةِ التي تكلمَ بها الله - سبحانه وتعالى - وتكلم بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي تعليق الأحكامِ الشرعيّةِ على غيرِ وجهها، فإذا نظرنا مثلاً إلى مصطلحِ [الإيمان] تسبَّبَ الخطأُ والخلطُ في تحديده إلى فسادِ الفهمِ والعملِ في أحكامٍ شرعيةٍ كثيرةٍ تتعلق به، كذلك أحكامٌ قدريةٌ لا تقعُ ولا تتحققُ إلا بتحققه، كذلك ليتأمل القارئُ لفظَ [الكفر] أليس عارًا أن تقودَ جماعةٌ الشبابَ سنينَ طويلةً فإذا وقعت فتنةٌ فإذا هم لا يعرفون مدلولَ كلمةَ [الكفر] ؟!

مصطلحَ [الجهاد]: كيف تقاتل الأمةُ بعضَها بعضاً في سبيلِ الطاغوتِ ويسمّون ذلك [جهاداً] ؟ والناس يسيرون خلف هذه الكلمةِ العظيمةِ الشريفةِ ولكنهم يموتون في غيرِ سبيلِ الله.

وللأسف مصطلحاتٌ كثيرةٌ في واقعنا المعاصرِ كان الخطأُ - عن قصدٍ أو عدمِ قصدٍ - في تحريرها وتحديدِ المعاني التي يتنزلُ عليها لفظُها السبب في فسادٍ عظيمٍ وفتنٍ لا تنقطع، سواءً في جانبِ الإفراطِ أو التفريط وعلى سبيل المثال لا الحصر: [الحربي / المدني / الجاهلية / الطاغوت / المرحلية / المصلحة والمفسدة] بل إنّ مصطلحَ [فتنة] نفسَه تَسبَّب عدمُ تحريرِه في الوقوعِ في الفتنة!! فما هي الفتنةُ التي يجبُ على المرءِ أن يعتزلها ؟ وما هي الفتنةُ التي يجب على المرءِ أن يكونَ وسطَها وفي معمعتها فإذا ماتَ ماتَ شهيدًا ؟ والتي تكون فيها الفتنةُ هي اعتزالُ الفتنة ؟.

ولنتوقف هنا قليلاً عند مصطلحٍ يتداخلُ مع كل حركةٍ من تحركاتنا في مسيرةِ تغييرِ واقعِ الأمة، والخروجُ بها من النفقِ المظلمِ التي دخلت فيه، ألا وهو مصطلح [المصلحةِ والمفسدةِ]، وسنختارُ لبيانِ التحريفِ الذي حدث في تنزيل ذلك المصطلحِ على الواقعِ قضيةً واحدةً وهي قضيةُ [المصلحةِ والمفسدةِ في الخروجِ على الحاكمِ المرتدّ] وهي مثالٌ عمليٌ جيدٌ لقضايا الجهادِ المماثلةِ في قتالِ الكفّارِ الأصليّين الذين يصولون على ديارِنا في القرنين الأخيرين والتي حدث الانحرافُ في التعاملِ معها بسببِ عدمِ فهم مصطلحِ المصلحةِ والمفسدةِ وتحريره تحريرًا صحيحًا.

يبدأ أهلُ التحريفِ بمقدمةٍ صحيحةٍ أنّ أوامرَ الشرعِ جاءت لتحصيلِ المصالحِ وتكميلها ودرءِ المفاسدِ وتقليلها، ويدخل في ذلك الأمرُ بالخروجِ على الحاكمِ المرتدّ، والأمرُ حتى هنا صحيحٌ، لكن ذهبوا بعد ذلك إلى قياسِ جهادِ الحاكمِ إذا ارتدَّ على أحكامِ دفعِ ظُلمِ الحاكمِ المسلمِ الظالمِ، فجاءوا بأقوالٍ ننتظرُ منهم إلى يوم القيامة أن يأتوا لنا بسلفٍ لهم فيها وهيهات، ونتج عن ذلك الخطأِ خلافاتٌ في الساحةِ الإسلاميةِ كنّا في غنىً عنها لو كان موقفهم من هذه القضيّةِ سلفيًّا، وتم رفعُ شعارِ المصلحةِ والمفسدةِ بالباطلِ في وجه أهلِ التوحيدِ والجهاد ليصرفوا الناس عن الجهاد، وبيانُ خطأهم باختصارٍ كالتالي:

إن الخروجَ على الحاكمِ المرتدِّ جهادُ دفعٍ مأمورٌ به، وهو فرضُ عينٍ على الأمّةِ مالم تتحقق الكفاية، وقد نقل ابنُ حجرٍ الإجماعَ على ذلك بقوله: ( ينعزلُ الإمامُ بالكفرِ إجماعاً فيجبُ على كلِّ مسلمٍ القيامُ في ذلك، فمن استطاع فله الثوابُ ومن عجزَ فعليه الهجرةُ ومن داهنَ فعليه الإثم ) بل الأمرُ بجهادِ الحاكمِ المرتدِّ يدخلُ تحتَ كلِّ الآياتِ والأحاديث الآمرةِ بجهادِ الكفارِ والمرتدين، بينما الخروجُ على الحاكمِ الظالمِ غيرُ مأمورٍ به أصلاً، وإنما دفعُ ظلمه يدخلُ تحت بعضِ النصوص العامة، بل إنّ الأصلَ هو الأمرُ بالصبر وعدمُ دفعِ ظلمِ الحاكم المسلم إذا كان دفعه سيؤدي لظلمٍ أكبر، بل إنَّ دفعَ الظلمِ بصفةٍ عامةٍ لا يستلزمُ نزعَ اليد من الطاعة، فبأيّ أصلٍ يمكنُ قياسَ الضوابطِ التي وضعها العلماءُ حولَ دفعِ ظلمِ الحاكمِ المسلمِ الظالمِ على جهادِ الحاكمِ الكافرِ أو المرتدّ ؟! فإذا علمنا أن أصغرَ طالب علمٍ مبتدئٍ يعلم أن قتلَ النفوس في الجهاد واحتمالَ وقوعِ هزيمةٍ لم يكن أبدًا مفسدةً معتبرةً لتعطيلِ الجهاد، علمنا مقدارَ الدجلِ الذي مارسه القومُ لإدخال مفاسد لم يعتبرها الشارعُ في هذه القضية قياسًا على قضيةٍ أخرى يعتبر فيها الشارعُ هذه المفاسد، فيجب أن نعلم أن المفسدةَ التي ثبتَ الحكمُ مع وجودها بالدليل الشرعيِّ تكون مفسدةً غير معتبرة.

يدندن القومُ حولَ الأمن والأمان والطمأنينةِ ورغدِ العيش - في ظلّ حكمِ القوانين الوضعية!! -
للمجتمعات الإسلامية التي يحكمها المرتدون، وهؤلاء تناسوا أننا في هذه الأوضاع - على الحقيقةِ إذا تم توصيفُ الواقعِ بطريقةٍ سلفيةٍ منضبطةٍ - أقول إنَّ الواجبَ علينا في أوضاع الأمن أشدُّ من الوضع الذي يفرض علينا جهادَ دفعِ العدو الصائل أثناء صياله بكل ما يعنيه ذلك الوضع من عدمِ الرضوخ بحالٍ ومقاومةِ ذلك العدو حتى نهلك دونَ ذلك، وبيانُ ذلك كالتالي:

يتصور البعضُ - بعقليتهم الفذة - أن جهادَ العدوّ الصائل فقط عند بدايةِ قدوم هذا العدو بقواته بينما إذا استقرّ هذا العدوُّ وتحقق له غرضه فإن من المفاسدِ إفساد ذلك الاستقرار والأمن الذي يعيش فيه الناس!! بينما في الحقيقة أنّ المصلحةَ - كلَّ المصلحة - في إفسادِ ذلك الاستقرار لأنّ الكافرَ أو المرتدَّ إذا استقرَّ واستتبَّ له حكمُ بلدٍ ما سيبدأ في العمل على إخراج الناس من دينها، ولينظر القارئُ إلى الشيشان الآن والشيشان قبل ربعِ قرنٍ عندما كان هناك شعبٌ يعيش في أمان وقد سلخه الحاكم الكافر عن دينه، بينما من أراد أن يقرأَ في المصحف فعليه أن يذهب إلى غرفةٍ خفيةٍ أسفلَ المنزل يقرأُ فيها كتاب الله ويخشى أن يعلم بذلك أحد، وليتأمل القارئ جهادَ المجاهدين في الجزائرِ على مدارِ نصفِ قرنٍ بدون انقطاعٍ تقريبًا وليغمض عينيه وليتخيل الجزائرَ بدون جهادٍ، ولينظر لمثال تونس بجوارها فإن فيه الكثير من العبر لمن يفهم عن الله ورسوله ويعلم طبيعةَ الكفر وأهله.
إن ما يبين خذلانَ الله للقوم وعقابه لهم بعدمِ الفهم جراءَ قعودهم، أنهم يجعلون المفاسد التي تقع على المخلّفين تمنع من القيامِ بالجهاد، ولسانُ حالهم يقول إذا قعد قاعدٌ عن الجهاد وتسبب قعوده في تأخير النصر وطول المعركة ووقوع المفسدة عليه وعلى القاعدين أن يتوقف المجاهدون عن الجهاد ويجلسوا بجوار المخلفين الذين هم السبب في ذلك!! فإن هؤلاء المخلفين واجبٌ عليهم قتال المرتد كما نص ابن حجر ونقل الإجماع على ذلك، وبهم - وهم بالملايين - يغلب الظنُّ بالظفر وذلك حريٌّ أن لا يسقط الوجوب إلى الاستحباب بحال، فهل يقول عاقلٌ أنّ بقعودهم وبما يتسبب عنه يُلزِمون المجاهدين بترك الجهاد ؟، هؤلاء في أحسن أحوالهم أن يكونوا مستضعفين - مع كون ذلك لا يثبت في حقهم بالمقياس الشرعي - فإذا كانوا من المستضعفين ففي التقيةِ والهجرةِ مندوحةٌ لهم في تجنب أضرار الجهاد التي لا ينفك عنها جهاد - فإذا عجزوا عن الهجرةِ ولم تنقذهم التقيةُ من تلك الأضرار فهم شهداء إذا قتلوا ومأجورون إذا وقع عليهم أيُّ إيذاءٍ، ولا يتحمل وزرَ هذا الإيذاء الجهادُ والمجاهدون بحالٍ وإنما يتحمل وزره الكافرون المرتدون الظالمون أولاً، وثانيًا يشارك في الوزرِ من وقع عليه الإيذاءُ ممن يأثم بقعوده لقدرته على اللحاق بالمجاهدين، حتى إنّ شيخ الإسلام أشارَ أن القتل والإيذاء يكثر في الفارّين من القتال أكثرَ مما يلحق بالمجاهدين.

ونريد أن نؤكِّد كذلك على أن من طبيعةِ الجهاد منذ البعثةِ النبويّة أن يخرج من بين الصفوف غلاةٌ يسفكون الدماءَ المعصومةَ ويسببون من الفتنِ ما الله به عليم، ولا تكون هذه مفسدةٌ ينبغي وقفُ الجهاد من أجلها، ومن طبيعته كذلك خروجُ من ينقلب على عقبيه من بين الصفوف ولا تعتبر تلك مفسدةٌ نوقِفُ الجهادَ من أجلها، وهذا الصديقُ رضي الله عنه يأتيه الفجاءةُ فيطلب منه مالاً ورجالاً لقتال المرتدين فيعطيه المالَ ويؤمِّره على مجموعةٍ من الرجال فيصبح بهم قاطعَ طريقٍ يقتل المسلمين والمرتدين ويأخذ مالهم، حتى أنه قتل أناساً جاءوا يبايعون أبا بكر وقد حرقّه الصديق رضي الله عنه بعد ذلك، وما دعا ذلك الصديق رضي الله عنه ليوقف الجهاد، بل إذا انقلب البعض تحججًا بمثل ذلك يجب قتالهم أيضًا، فقد ارتدَّ بعضُ النصارى على عهد عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قائلين إن دينَهم الذي كانوا عليه أفضلُ من هذا الدين الذي لا يمنع أصحابَه من سفكِ الدماءِ وإخافةِ السبيلِ، وقاتلهم علي بن أبي طالب على الردة، ومازال الله يَزيغُ قلوبَ أقوامٍ ليرزق منهم المؤمنين إلى قيامِ الساعة، وهذه هي طبيعة الحياة لو نفقه هذا الدين، ويجب أن نعلم أنه لو توقف الجهادُ والدفع لفسدت الأرض، هكذا نصَّ كتابُ الله وهكذا فهم الصحابةُ السننَ والدنيا من حولهم، فهم يعلمون أنهم لو تركوا الكافر ليستقرّ فسيحدث من الفساد الكبير الذي تتضاءل بجواره أيُّ مفاسد أخرى، وسيحق من عذاب الله في الدنيا والآخرة ما يتمنى الناس إذا عرفوه أن ترفع راية الجهاد مهما جاء من وراء رفعها.

أسأل الله أن يمكن لأهل التوحيد الجهاد ويقمع أهل الشرك والإفساد، والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق