المقالة الخامسة: منهاجنا رحمة للعالمين .
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} .
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعث بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده وجعل
الذل والصغار على من خالف
أمره وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} .
الحمد لله والصلاة والسلام على الرحمة المهداة خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعث بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده وجعل
فالمتأمل في هذا الدين الخاتم يجد أثر الرحمة في كل ما شرعه الله لعباده: العبادات - حتى التي فيها مشقة وتحتاج إلى صبر - لا يتذوقها عابد إلا وعلم مقدار ما فيها من رحمة تتدفق على جوانب مختلفة من حياة الفرد والمجتمع، أما المعاملات فقد شرع الله للبشرية منهاجاً للمعاملات والآداب بين البشر في المجتمع الواحد حتى أصغر وحدة فيه [الأسرة] وبين المجتمعات المتجاورة ما يشهد بربانية هذا الدين وكونه منزلاً من لدن رب عليم رحيم بعباده.
وقد يتعجب البعض عندما نقول إن عبادة الجهاد على الرغم مما يحف طريقها من الدماء والأشلاء والجماجم، وما تشمله شعائرها من قتل وقتال هي من أكثر الشرائع رحمة بالعباد، إن لم تكن أكثرها بالفعل، خاصة أن كثيراً من تفاصيل شعائرها في شرعنا قد اختص به نبينا عليه الصلاة والسلام وأتباعه مما يجعلها من أكثر ما يدخل في مفهوم الآية وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ .
أسئلة كثيرة نحتاج للتأمل في إجاباتها: لماذا جعل الشرع أهمية كبيرة لهذه العبادة ؟ حتى إنه جعلها ذروة سنام الإسلام، لماذا جعل تاركها حال الوجوب موسوماً بالنفاق ؟ بل من لم يحدث نفسه بها في الجملة على شعبة من النفاق، لماذا رغب الشارع فيـها بجعل الرزق الذي يأتي عن طريقها أشرف الأرزاق , حتى لا ينشغل عنها منشغل بتحصيل الضروري من الرزق ؟ لماذا هي رحمة للعالمين ؟
طرحنا هذه الأسئلة ليتأملها ويعقلها المؤمنون، وفي هذا المقال سنناقش السؤال الأخير، أقول وبالله التوفيق:
المعادون لهذه العبادة بتفاصيلها التي شرعها رب السماوات يتفاوتون ما بين غلاة وخبثاء وجهال، وإن كان الجهل يجمع بينهم جميعا، أما الغلاة فهم المتشددون والحمقى من الكفار الأصليين من يهود ونصارى وغيرهما الذين يتهمون الإسلام بكل شرائعه بالقسوة وعدم الرحمة وهؤلاء من حماقتهم يشتكي بنو قومهم، أما الخبثاء فهم من نفس الفئة السابقة والذين يقولون الإسلام دين الرحمة والسلام والجهاد تطرف وغلو!! وهو ليس من الإسلام في شيء، أما من يجمع بين الغلو والخبث والجهل والبلاهة - أو يحمل بعض ذلك - فهم بني جلدتنا ممن اتبع سنن من كانوا قبلنا ودخلوا معهم حتى جحر الضب، فمنهم من ارتد بالكلية كالأحزاب القومية والديمقراطية والبعثية، ومنهم غرق في الضلال من بعض الحركات الإسلامية السلمية، والمفارقة هنا أن الأحزاب المرتدة وإن أنكرت أن الجهاد الهجومي من شرعة الإسلام إلا أنها تقر وتدعو لجهاد الدفع على تفاوت بينها، بينما الحركات الإسلامية السلمية مع إقرارها النظري بالجهاد الهجومي والدفاعي فإنها تضع لهما من الشروط ما لم يتحقق منذ نزول الوحي، وغير ذلك عندهم منافٍ للرحمة يعين على الفساد!!
ما سنركز عليه هنا هو تبيين أن كل هذه الأصناف من كفار ومرتدين وضلال قد اتخذوا من المناهج ما جلب الشقاء على البشرية وأبعدها كل يوم عن الرحمة المهداة من رب العالمين، وأن المنهج الذي يصوره الشيطان في عقول البشرية أنه مليء بالقتل والدماء هو أكثر المناهج رحمة بالخلق، وأكثرها حقناً للدماء.
بداية: علينا أن نعلم أن خالق هذا الكون الهائل البديع لا يمكن إلا أن يكون له صفات الكمال وله الكمال في الصفات، فهو الخالق البارئ المصور وهو الرحمن الرحيم وهو المنتقم الجبار المتكبر، وأن جميع أقدار الله الشرعية والكونية هي مقتضيات أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى.
ومن تمام رحمته بعباده أن يعلم عباده فوائد ما فرض عليهم من شرائع على لسان نبيهم، من خلال تجربة من سبقه من أنبياء لتظهر لهم حكمة الله في التشريع، ليشعر النبي وأتباعه أن هذا الفارق له ما يبرره من حكمة الله تعالى، فسبحانه في علاه يدعوهم إلى الحق بكل الصور التي تدفعهم للقبول والرضا، إذ لا يشرع سبحانه لعباده من أمرٍ إلا ويقطع لهم من الحقائق الكونية التي تثبت لنفوس البشر التواقة للمعرفة أن ما قاله وشرعه موافق لما خلقه وأبدعه، {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق ُّ } .
لقد خلق الله الإنسان ومن عليه بالسمع والبصر وغير ذلك، وسخر له ما في الأرض ورزقه من الطيبات ثم بعد ذلك يكفر ويشرك به ويسفـك الدماء ويهلك الحرث والنسل وينتهك حرمات الله ويفسد في الأرض، ولأن رحمة الله - سبحانه وتعالى - سبقت غضبه فقد أرسل الرسل تنبه البشرية إلى ما فيه هدايتها وتحذرها من عاقبة الكفر والشرك بالله ومخالفة أمره وما فيها من فساد يعم الأرض ويضر بالبشر، وكل ذلك يؤدي إلى غضب الرب ونزول عقابه في الدنيا والآخرة لأنه رب حكيم منزه عن العبث فهو لم يخلق هذه الدنيا عبثاً، ولأنه رب حكم عدل منزه عن الظلم لن يترك الظالم يظلم ويفسد دون عقاب يرده عن فعله.
وعلى الرغم من رحمة الله بإرسال الأنبياء إلا أن أكثر الناس اتبعوا الشيطان وعاندوا الأنبياء، وقبل أن ينزل الله شرعة الجهاد أراد أن يُري البشر المصير دون جهاد حتى يروا تمام حكمة الشارع سبحانه وتعالى، فالمصير كان رهيباً: معاندة غبية من أغلب البشر واتباعٍ للشيطان حتى يضيق الأمر بالأنبياء عندما يرون أن الأمر يزداد سوءً يوما بعد يوم، وأن الكافر والمعاند لا يلد إلا ذرية يقوم بتربيتها على الكفر والمعاندة، فيلحق الجيل الجيل الذي بعده وهكذا الأجيال تفسد في الأرض وتنشر الكفر والفساد بين البشر، بل ويعمل هؤلاء على فتنة القلة المؤمنة سواء بضغط مباشر أو بفتنة علو الكفر وأهله في أعين القلة المستضعفة من المؤمنين، ويكون مصير الجميع أهل الكفر ومن فتن وانقلب من القلة المؤمنة الجحيم المؤبد في الآخرة، وهذا الضيـق من الأنبياء ليس عندهم في شرعهم ما يدفعه سوى أن يدعوا الله أن ينزل عذابه على الكافرين ولو كانوا بالملايين، فينزل الله عذاباً هائلاً يليق بجبروته وغضبه لانتهاك حرماته ومحاربة أوليائه، عذاب يحقق العدل الغائب ع1ن الأرض ولعذاب الآخرة أشد، مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا .
وكل هذا أيضا من تمام الرحمة بالبشرية في الدنيا وآخرة، أولاً: حتى لا يتسبب ترك الحبل لهؤلاء في إفساد الأرض وتدميرها بعد أن يعم الكفر والشرك والظلم البشرية، وثانياً: إنقاذاً من النار لأجيال قادمة ستأتي متأثرة بهذه الآية الربانية إلى أمد حتى يصيبها النسيان وينجح عدو الله وعدو بني آدم في إضلالهم مرة أخرى.
مع ملاحظة هامة أرجو التنبه لها: أن عذاب الله الدنيوي كان يعم أهل الشرك والكفر والظلم ومن لم ينههم من أهل الإيمان.
أما في هذه الرسالة الخاتمة فرسولنا عليه الصلاة والسلام أرسل رحمة للعالمين والشرائع التي نزلت عليه كلها أرحم بالبشر ومنها الجهاد في سبيل الله، فهو أرحم بالبشرية من أن ينزل عليها عذاب الله الهائل مباشرة، فشرع الله لهذه الأمة القيام بعذاب من يستحق العذاب بأيدي المؤمنين، مع نزول عذاب الله أحياناً لو تأخر أهل الإيمان أو تقاعسوا عن النهي والجهاد أو ينزل عذاب الله بصورة جزئية إعانة للمجاهدين خاصة في ظل ضعفهم كسنة من سنن الدعوات , قال تعالى قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وقال سبحانه: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ .
فجعل الله في السيف وقفاً للكافرين عند حدهم ومنعاً لتماديهم وهداية لبعضهم، بينما عذاب الله الذي كان ينزل في السابق كان لا يبقي إلا المؤمنين.
من أسياف المسلمين التي نزلت على من يستحقها رحمة بالبشرية:
سيفٌ على المشركين من العرب حتى يسلموا، قال تعالى فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .
وسيف على اليهود والنصارى والمشركين من غير العرب حتى يسلموا أو يسترقوا أو يقادوا بهم وهم من سبوا ربهم بنسبة الولد له أو أشركوا به، قال تعالى قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ .
فرحمة بمن خلفهم نزل السيف عليهم وحتى يعود منهم من قدر الله له الهداية..
وسيف نزل على الممتنعين ممن ينتسب للقبلة، وهؤلاء إذا عمت فتنتهم ألحقوا بالبشرية العذاب، فلنأخذ الربا كمثال: وهو كما يقول شيخ الإسلام آخر المحرمات ومعصية ترتكب برضا الطرفين، فما بالنا بالامتناع عن شرائع قد يرضاها طرف دون طرف، في هذا المثال عذاب شديد حتى قال أهل التفسير: إن أخوف آية نزلت في القرآن نزلت فيه، لأنها تهدد المؤمنين بالعذاب الذي أعد للكافرين قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين َ لذلك نزل السيف على أهل البلد من المسلمين رحمة بهم إذا فعلوا هذه الكبيرة، وقد اتفق علماء الأمة على ذلك السيف، قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ قال أهل العلم تعليقاً على هذه الآية أن ذلك ليس فقط في من يستحل الربا بل وفي من فعله فقد اتفقت الأمة أن من يفعل المعصية يحارب كما لو اتفق أهل بلد على التعامل بالربا.
ومن الأسياف أيضا التي تلحق بالسيف السابق السيف على كل مرتد حاكم أو محكوم، علم هذا الدين ثم خرج منه يفتن المؤمنين وينشر الفساد والظلم في الأرض.
و مما يجلي - أكثر - المفاهيم والمعاني التي نريد أن نخرج بها من هذا المقال أن جميع أصناف المنكرين على أهل الإيمان العمل بالجهاد قد جروا على البشرية من القتل والدمار والفساد أكثر مما ينسبونه زوراً إلى أهل الجهاد أنه من نتائج الجهاد في حين أن حقيقته أنه من نتائج فسادهم وإفسادهم، تعالى شرع الله على أن يكون فيه شيء من الفساد، أقصد بأصناف المنكرين جميعهم من يهود ونصارى ومرتدين [القوميين والبعثيين والديمقراطيين] وكذلك من ضلال الحركات الإسلامية السلمية، وبيان ذلك كالتالي:
- أما اليهود والنصارى فقد ارتكبوا في القرن العشرين وحده من المذابح فيما بينهم، وعلى رقاب المسلمين ما لم يتم ارتكابه في تأريخ البشرية كلها، حتى أن أقسى الناس سيرة كالتتار لم يسفكوا من الدماء مثلهم، وقد أهدروا من أموال المسلمين وأموالهم - التي هي مال الله في الحقيقة - على ترويج الكفر والفسق والفجور بينما ملايين البشر تموت جوعاً ما لو تم تعداده في كتاب لما صدقته بعض العقول.
- أما القوميون والبعثيون والديمقراطيون فقد جروا على الأمة من إفساد الدين وهلاك النفوس ما تقشعر له الأبدان، فما قام به صدام والأسد ومبارك وفهد والحزب الاشتراكي باليمن وغيرهم في جانب هلاك النفوس فقط يفوق من قتل في جميع حروب المجاهدين في هذا القرن، مع الفارق أنهم أهلكوا الناس في سبيل الشيطان، وما دفعوا عذاب الله عن الأمة سواءً بتسليطنا بعضنا على بعض أو بغير ذلك، بينما المجاهدون قاموا بذلك في سبيل الحق والعدل ونصرة دين الله، ودفعاً لعذاب الله أن ينزل على الأمة - فيجب أن نتنبه لذلك - أنه لو لم يقم الجهاد في بلد لأنزل الله من العذاب عليه أو من تمكن الكفر ما يتضاءل بجواره أي مفاسد متوهمة من الجهاد والتي هي في حقيقتها من أفعال المجرمين ولا تُلام عليها فريضة الجهاد بحال.
- أما الحركات السلمية فإن تركهم للجهاد وحثهم للأمة على ترك الجهاد أهم أسباب نزول عذاب الله على الأمة، سواء بتسليط بعضنا على بعض - في غير نصرة الدين - أو بتسليط أعداء الله وتجرؤهم علينا أو بغير ذلك من الكوارث التي ينزلها الله كالزلازل ونحو ذلك.
والغريب أن هذه الحركات الإسلامية السلمية تأنف أن تضع أيديها في أيدي أهل التوحيد الجهاد، بل وتسوغ حربهم واستئصالهم بحجة أنهم يسببون القتل للأمة - زعموا - في حين أنه لا مانع لديهم من وضع أيديهم في أيدي طوائف وفرق وأحزاب سياسية ونصارى ممن ارتكبوا أكثر المذابح فظاعة ودناءة، وهم يعلمون أن هؤلاء يعدون مرتكبي المذابح أبطال قوميين في تأريخهم [المجيد]!، سواء كانوا حزبا أو دولة، وتجد هذه الحركات الإسلامية لا مانع عندها من الاتحاد أو التعايش أو المحاورة واللقاءات والابتسامات مع كل سفاح سفك دماء المسلمين ، في حين يفعلون نقيض كل ذلك مع المجاهدين!! وسبحان من هدى قوما وأضل آخرين.
البشرية تنتقل من كفر إلى كفر أشد، ومن يتابع أحوال الغرب في العقود الأخيرة يرى بوضوح دركات الكفر والفسق التي تنزل فيها جيلا بعد جيل، بل وتظن أنها تزداد رقياً، فكفرها يتجذر يوماً بعد يوم، أما أمتنا فهي تنتقل من ضلال إلى الأكثر ضلالاً ما بين كفر وفسق، فالناس تموت على التعامل بالربا والخنا وعلى التحاكم للقوانين، وكل ذلك عاقبته العذاب في الدنيا والآخرة، ومن عذاب الدنيا تسلط من يكلف البشرية أضعاف أضعاف القتلى في الجهاد وفي سبيل رفعة دين الله، وكل ذلك من السنة القدرية التي قدرها الله على العباد ولهذا شرع القتال لهذه الأمة ليكف به بأس الكافرين ويعذب من يشاء ويتوب على من يشاء برحمته ممن يعرف بعلمه أنه يستحق الهداية، لذلك فالحل وعلاج ذلك كله بأن يقاتل الدعاة بكل ما تعنيه كلمة قتال من معنى، وفي ذلك كما قلنا تمام الرحمة بالعباد، حتى أنه يأتي أناس يوم القيامة يُجرون إلى الجنة بالسلاسل كما في الحديث، فإن كان هناك عجزٌ شرعي حقيقي وجب رفع العجز، قد يقول قائل أين الدعوة وأين الأمر بالمعروف ودرجاته أقول: الدعوة لها دور لم يفقهه القاعدون حتى الآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له دور لم يفقهه ولم يقم به القاعدون حتى الآن، وقد تناولنا ذلك فيما مضى من مقالات وفي الدراسة التفصيلية.
أسأل الله أن يبصرنا بديننا وعظمة شرائعه وتوافقها مع سنن الكون , والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق