أنحت مجلة فورين بوليسي الأمريكية في تقرير نشرته أمس باللائمة على الرئيس المعزول محمد مرسي وما انتهجه من سياسات خاطئة هو وجماعة الإخوان المسلمين فيما آلت إليه الأوضاع في مصر وأكدت في مقال لها
نشر الاثنين تحت عنوان "لوموا مرسي .. كيف يدمر بلداً في 369 يوم” أن شخص واحد فقط يتحمل المسؤولية الكاملة عن أزمة القيادة في مصر وهو محمد مرسي.وقالت المجلة أنه على الرغم من التركة الثقيلة والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية العديدة التي ورثها مرسي بمجرد توليه السلطة في 30 يونيو 2012، فقد كانت لديه العديد من الخيارات ولكنه اختار المكاسب الفئوية ولجأ إلى خطاب ديماجوجي شعبوي أدي إلى زيادة في حدة الاستقطاب السياسي وغياب الثقة وخلق دولة عاجزة عن الحركة. جاءت هذه الخيارات كنتيجة للعداء الذي يكنه المعزول لكل من ينتقده وكذا ميله وجماعته إلى تشويه أي دور يمكن أن تلعبه المعارضة في المجتمع. وخلال الفترة التي سبقت المظاهرات العارمة التي خرجت في الثلاثين من يونيو، عندما كان التوافق ممكناً وعندما وجد التفاهم طريقه إلى مصر، جاءت وعود الرئيس متعالية ومبادراته جوفاء.
وأضافت المجلة أن قرارات مرسي المشؤومة والخاطئة قبل وأثناء وبعد تظاهرات الثلاثين من يونيو وضعت مصر على حفة الإحتراب الأهلي والصراع العنيف بين الاطراف المختلفة حيث اختار الرئيس العنيد والمعزول عن العالم أن يتجاهل الحقيقة وأن يضع البلاد على طريق ينتهي بها إلى تدخل العكسريين الغير مرغوب به في الحياة السياسية المدنية.
وتوقعت المجلة أن يقوم مرسي والإخوان المسلمين دور الضحية الذي اعتادوا عليه مدعومين في ذلك بوحشية وغباء الجهاز الأمني المصري، إلا أن المسؤولية الرئيسية عن خلع مرسي وعن الوضع الخطير الذي وصلت له الدولة المصرية يقع في الأساس على الرئيس المعزول نفسه وعلى إخوانه.
وأكدت المجلة أن ما سبق لا يعني بالضرورة نبذ الجماعة أو اضطهادها فجماعة الإخوان المسلمين، حركة دينية واجتماعية وسياسية ضاربة الجذور ولها قواعد نشطة ويجب أن تكون جزءاً من أي تصور مستقبلي لمصر ولكن دورها في الماضي القريب لمصر كان كارثياً بكل المقاييس.
ومضت المجلة تقول أن القرارات الخاطئة لمرسي أكدت بما يدع مجال لشك عزلته ورؤيته الفئوية للعالم والتي تقدم مصالح جماعة الإخوان على مصالح الوطن، فببساطة عجز مرسي على فهم أن جماعته السرية ليس لها حق احتكار مصر وأن نجاحاتها الانتخابية ليست تفويضاً مطلقا.
وخلال 369 يوماً قضاهما مرسي في قصر الرئاسة، كان هناك قصور في عمليات الإصلاح وإبعاد للنشطاء والإصلاحيين وتجاهل لدعاوى المصالحة مما ساهم في قطع الطريق نحو أي تواصل مع أعضاء النظام القديم وجعل السلطة حكراً على مجموعة محددة وعزل كافة القوى السياسية الأخرى بما في ذلك حلفائه الإسلاميين وعلى رأسهم حزب النور الذي تخلي عن الرئيس المعزول في الساعات الأخيرة.
وأشارت المجلة إلى أن الخيارات غير الموفقة التي تبنتها جماعة الإخوان المسلمين تعود إلى فترة ما بعد سقوط حسني مبارك إذ فرضت الجماعة فترة انتقالية شكلية ورأت أن الانتخابات وحدها هي الديمقراطية متجاهلةً أي إصلاحات جوهرية في النظام الفاشل. وفي وقت كان فيه التوافق بين القوى المختلفة التي شاركت في الثورة هو السبيل الوحيد لاستغلال الفرصة المتاحة لمواجهة دولة مبارك البوليسية، فضلت جماعة الإخوان المسلمين إعادة هيكلة مؤسسات مبارك الاستبدادية بما يتماشى مع سياساتها.
ولم تشارك فقط جماعة الإخوان المسلمين في رسم ودعم خارطة الطريق الانتقالية التي وضعها المجلس العسكري والتي شابها الكثير من أوجه القصور ولكن علمت أيضاً على إسكات تشويه معارضيها على أسس دينية وطائفية وتم التعامل مع كل القوى الإصلاحية التي حاولت مواجهة النظام السياسي الوليد على أنها عقبات أمام تحقيق جماعة الإخوان المسلمين لمكاسبها الفئوية.
وعلى الرغم من عدم ثقتهم به، اختار العديد من الإصلاحين مساندة مرسي في حملته الانتخابية ضد أحمد شفيق، أحد رجال النظام السابق وحاز مرسي على دعم هؤلاء من خلال سلسلة من الوعود تشمل المشاركة في الحكم وتشكيل فريق متنوع من المستشارين واختبار جمعية تأسيسية متوازنة لصياغة الدستور ولكن سرعان ما أثبت مرسي أنه كان يخدعهم من أجل الفوز في الانتخابات.
عن الجانب التشريعي، قالت المجلة أن حكومة مرسي قدمت حزمة من التشريعات المحافظة منها التشريعات التي تعيق حرية إنشاء نقابات العمال المستقلة والمنظمات غير الحكومية، كما وقفت حكومته عاجزة أمام كم الدعاوى التي تستهدف حرية التعبير كقضايا ازدراء الأديان أو قضايا إهانة الرئاسة. من جهة أخرى، أصبح النظام القضائي فاسداً وتم استخدامه كأداة سياسية وخاصة بعد تعييين النائب العام الموالي لجماعة الإخوان المسلمين. وجاء تعيين ذلك النائب العام من خلال الإعلان الدستوري الإستبدادي الذي أصدره مرسي في نوفمبر من عام 2012 والذي حصن بموجب أي قرارات يتخذها من الطعن عليها قضائياً. وبعدها لم تعد المعارضة للرئيس المعزول مرتبطة بمناطق محددة أو بطبقة معينة، وتوسعت دائرة المعارضة لتشمل مناطق وطبقات أوسع من المجتمع المصري بما في ذلك سكان المناطق الحضرية الفقيرة والمناطق الريفية.
وفي نهاية المطاف، وجد هذا الكم الهائل من الغضب طريقه إلى الشوارع على هيئة مظاهرات تخطى عدد المشاركين بها، عدد من شاركوا في المظاهرات التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك في فبراير 2011.
المصدر :
http://almogaz.com/news/politics/2015/07/26/2056801
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق