بحث

الخميس، 2 أكتوبر 2014

الأحاديث الضعيفة التي عليها العمل عند الكثير من أهل العلم . رد على تخرصات الخوارج : الحلقة الثانية .



الشروط الواجب توافرها في الحديث الضعيف لكي يعمل به .
يجب أن  يتوافر فيه ما يلي :

- الشهرة : وهو أن يكون الحديث مشتهراً عند العلماء، اشتهاراً يغني عن الإسناد من غير إنكار منهم .

قال ابن عبد البر وهو يتكلم عن - كتاب عمرو بن حزم في الصدقات - :[وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة.]اهـ [4].

وقال ابن قدامة– وهو يتكلم عن حديث معاذ في القضاء: [وهو حديث يرويه عمرو بن الحارث بن أخي المغيرة بن شعبة عن رجال من أصحاب معاذ من أهل حمص وعمرو والرجال مجهولون إلا انه حديث مشهور في كتب أهل العلم رواه سعيد بن منصور والإمام أحمد وغيرهما وتلقاه العلماء بالقبول.] اهـ [5] .

وقال ابن نجيم الحنفي - وهو يتكلم عن القصاص في القتلى - فقال :[إلَّا أَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ الْعَمْدِ لِقَوْلِهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (الْعَمْدُ قَوَدٌ) [6] أَيْ مُوجِبُهُ يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يُوجِبُ الْقَوَدَ بِالْقِصَاصِ أَيْنَمَا يُوجَدُ الْقَتْلُ وَلَا يُفْصَلُ بين الْعَمْدِ والخطأ إلَّا أَنَّهُ تَقَيَّدَ بِوَصْفِ الْعَمْدِيَّةِ بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ الذي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وهو قَوْلُهُ الْعَمْدُ قَوَدٌ أَيْ مُوجِبُهُ قَوَدٌ.] اهـ [7] .

- العمل به : وهو أن تعمل به الأمة أو معظمها ، فقد يكون الحديث مشتهراً وغير معمول به ، وكذلك قد يكون صحيحاً أو حسناً ولم تعمل به الأمة ، لوجود معارض من ناسخ او مخصص ، أـما إذا عملت الأمة بحديث فإنه يرتقي الى درجة المتواتر حتى وان كان سنده ضعيفاً. 

إذ قد يضعف الحديث عند أصحابه  ويعمل به الفقهاء  لأن أصحاب الحديث قد يضعفون بما لا يوجب تضعيفه عند الفقهاء كالإرسال والتدليس والتفرد بزيادة في حديث.

قال مهنا السلمي : [سألت أحمد عن حديث معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة) فقال: ليس بصحيح والعمل عليه كان عبد الرزاق يقول عن معمر عن الزهري مرسلاً.] اهـ [8] .

وقال الخطيب البغدادي:[ولكن لما تلقتها – أي الاحاديث الضعيفة-  الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها.] اهـ  .

وقال الخطيب أيضاً [ أما الضرب الأول وهو ما يعلم صحته فالطريق الى معرفته إن لم يتواتر حتى يقع العلم الضروري به أن يكون مما تدل العقول على موجبه كالأخبار عن حدث الأجسام وإثبات الصانع وصحة الأعلام التي أظهرها الله عز وجل على أيدي الرسل ونظائر ذلك مما أدلة العقول تقتضي صحته وقد يستدل أيضاً على صحته بأن يكون خبراً عن أمر اقتضاه نص القرآن أو السنة المتواترة أو اجتمعت الأمة على تصديقه أو تلقته الكافة بالقبول وعملت بموجبه لأجله.]اهـ [9].

قال الزركشي : [إن الحديث الضعيف إذا تلقته الأمة بالقبول عمل به على الصحيح حتى إنه ينزل منزلة المتواتر في أنه ينسخ المقطوع ولهذا قال الشافعي في حديث" لا وصية لوارث" إنه لا يثبته أهل الحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به، حتى جعلوه ناسخاً لأية الوصية للوارث.] اهـ [10].

ونقل الإمام الجلال السيوطي عن أبي الحسن بن الحصار المالكي : [قد يعلم الفقيه صحة الحديث إذا لم يكن في سنده كذاب بموافقة أية من كتاب الله أو بعض أصول الشريعة فيحمله ذلك على قبوله والعمل به.]اهـ [11].

- أن يدخل تحت عموم حديث صحيح : كحديث عمرو بن حزم في الصدقات قال الحاكم : [قد بذلت ما أدى إليه الاجتهاد في إخراج هذه الأحاديث المفسرة الملخصة في الزكاة ولا يستغني هذا الكتاب عن شرحها واستدللت على صحتها بالأسانيد الصحيحة عن الخلفاء والتابعين بقبولها واستعمالها بما فيه غنية لمن أناطها.] اهـ [12].

- أن يخلو من المعارضة : وهو أن لا يقوم في وجه الحديث معارض شرعي معتبر[13] مما يؤدي الى ترك العمل به  كأن يخالف نصاً قرأنياً أو بعض أصول الشريعة الثابتة فإذا كان كذلك فلا يعمل به.

قال الغزالي في حديث معاذ في القضاء :[وهذا حديث تلقته الأمة بالقبول ولم يظهر أحد فيه طعناً وإنكاراً وما كان كذلك فلا يقدح فيه كونه مرسلاً بل لا يجب البحث عن إسناده وهذا كقوله (لا وصية لوارث) و(لا تنكح المرأة على عمتها) و(لا يتوارث أهل ملتين ) وغير ذلك مما علمت به الأمة كافة.] اهـ [14] .

ومما يجدر التنبيه عليه أنه لا يشترط في الحديث المتلقى بالقبول أن لا يوجد له مخالف.

قال الجصاص : [وليس معنى تلقي الناس أياه بالقبول أن لا يوجد له مخالف وإنما صفته أن يعرفه معظم السلف ويستعملونه من غير نكير من الباقين على قائله ثم إن خالف بعدهم فيه مخالف كان شاذاً لا يلتفت إليه.] اهـ [15] .

يتبع إن شاء الله بــ الأحاديث الضعيفة التي عليها العمل عند كثير من أهل العلم في أبواب العبادات.


هامش .

[1] لسان العرب: للامام محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري : 2 / 131 ، وينظر: القاموس المحيط : للامام محمد بن يعقوب الفيروزآبادي أبي الطاهر مجد الدين صـ 214 .

[2] ينظر: لسان العرب: 9 / 203  ، وتاج العروس من جواهر القاموس: للإمام محمد مرتضى الحسيني الزبيدي : 24 / 48 .

[3] علوم الحديث لابن الصلاح : 25 ،  وتدريب الراوي : 1 / 179 .

[4] المغني : 10 / 101 .

[5] البحر الرائق شرح كنز الدقائق : لزين الدين ابن نجيم الحنفي : 8 /330 .

[6] قال ابن حجر العسقلاني :[أخرجه الشافعي وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس في حديث طويل واختلف في وصله وإرساله وصحح الدارقطني في العلل الإرسال ورواه الطبراني من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده مرفوعاً (العمد قود والخطأ دية) وفي إسناده ضعف.]  التلخيص الحبير: 4 / 21 .

[7] النكت على مقدمة ابن الصلاح : للزركشي : 2 / 316 – 317 .

[8] التمهيد: لابن عبد البر: 17/ 339 .

[9] الكفاية في علم الرواية : لـلخطيب البغدادي : 1 / 17 .

[10] النكت على مقدمة ابن الصلاح: للزركشي : 1/ 390  .

[11] تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي : للإمام جلال الدين السيوطي : 1 / 68 .

[12] المستدرك على الصحيحين: للإمام الحاكم النيسابوري : 1 / 552 .

[13] الأجوبة الفاضلة : 233  .

[14] المستصفى : للإمام الغزالي : 1 / 293  .

[15] الفصول في الأصول : للجصاص : 1 / 184 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق