بحث

الأربعاء، 23 أبريل 2014

من وسائل تكوين الرأي الجمعي للشعوب والمجتمعات - الرسائل الخفية -3


 وبعدها بأيام ، اختفى هذا الرجل دون أن يترك
أثر !.. اختفت أمواله المودعة في البنوك ! اختفت ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة ! حتى أن منزله لم يحتوي على أي أثر يخصّه ، وكأنه لم يسكن فيه أبداً ! ..أين ذهب "فيساري" ؟ .. هل هو محتال فعلاً ، كما راحوا يشيعون عنه من خلال حملة إعلامية كبيرة تؤكّد ذلك ؟.

لكن أتضح فيما بعد أن الكثير من الجهات الإعلانية والتجارية وغيرها ، لم تتأثّر بحملات التكذيب والتعتيم على هذه التقنية الخطيرة التي لها فعالية كبيرة في التأثير على الجماهير ، لا شعورياً !.

وراحت تظهر من حين لآخر أحداث و فضائح (حتى بين السياسيين خلال حملاتهم الانتخابية ) تتناول هذا الموضوع ، خاصة في السبعينات من القرن الماضي ! .

وتبيّن أن الرسائل الخفية هي ليست موجودة في الأفلام السينمائية فقط ، بل في الصور أيضاً والإعلانات المطبوعة على الورق ، بالإضافة إلى الإعلانات والموسيقى المسموعة عبر الكاسيتات وإرسال الراديو !.







في العام 1979م مثلاً ، ابتكر البروفيسور " هال.س.بيكر " جهاز خاص ساعد الكثير من المتاجر الضخمة (السوبر ماركت) في كندا و الولايات المتحدة على علاج مشكلة مستعصية طالما سببت لهم خسائر كبيرة .

فكانت تعاني من الكثير من عمليات السرقة والنشل التي تحصل من رفوفها المتعددة .

وقد زوّدت هذه المتاجر بأجهزة البروفيسور "بيكر" التي هي عبارة عن آلات صوتية خاصة تصدر موسيقى هادئة (سيمفونيات كلاسيكية) ، لكنها تطلق بنفس الوقت رسائل مبطّنة تحثّ الزبائن على عدم السرقة ! ،

وهذه الرسائل هي عبارة عن عبارات مثل : " أنا نزيه ... أنا لا أسرق .... إذا قمت بالسرقة سوف أدخل السجن ..." ، وتطلق هذه العبارات بسرعة كبيرة تجعله من الصعب تمييزها !

لكن العقل الباطن يلتقطها و يتجاوب معها ! .

وقد نشرت مجلة " تايمز" في 10/ أيلول /1979م مقالة بعنوان "أصوات سرّية" ، أجرت تحقيق صحفي لخمسين من هذه المتاجر الضخمة التي قامت باستخدام أجهزة البروفيسور .

وبعد إجراء إحصاء عام ، تبيّن أن السرقات انخفضت بنسبة كبيرة ! وإحدى هذه المتاجر اعترفت بأنها قامت بتوفير مبلغ نصف مليون دولار خلال عشرة أشهر فقط !.

رغم ظهور الكثير من الدراسات التي تثبت فاعلية هذه الأجهزة المختلفة التي تتواصل مع العقل الباطن مباشرة عن طريق إطلاق رسائل خفية متنوعة ، إلا أن الجماهير واجهت صعوبة في استيعاب هذا المفهوم الجديد و المعقّد نوعاً ما .

لكن هذا لم يمنع الباحثين عن إجراء دراسات سايكولوجية (نفسية) مختلفة حول هذه الوسيلة الجديدة وتأثيرها على تركيبة الإنسان النفسية ومدى التغييرات الجوهرية التي يمكن إحداثها في سلوكه وعاداته المختلفة وتفكيره .

فالعلماء النفسيين يعرفون مسبقاً حقيقة أن الإيحاءات التي يتلقاها العقل الباطن هي أكثر تأثيراً في تغيير تصرفات الشخص وتفكيره وسلوكه ، بينما الإيحاءات التي يتلقاها عقله الواعي هي أقل فاعلية في حدوث هذا التغيير الجوهري .

وقد توصلوا إلى هذه الحقيقة أثناء اللجوء إلى علاج التنويم المغناطيسي الذي هو إحدى الوسائل الكثيرة التي يتمكنون من خلالها التواصل مباشرة مع العقل الباطن والقيام ببعض التغييرات الجوهرية في تركيبة الإنسان النفسية و السلوكية .

وقد نجح علاج التنويم المغناطيسي في مساعدة الأفراد على التخلص من الكثير من العادات السيّئة كالتدخين مثلاً .

توصل الباحثون إلى نتيجة فحواها أن عملية إطلاق الرسائل الخفية من أجهزة خاصة مثل التاتشيستوسكوب وغيره ، لها تأثير كبير على الأفراد !

وفاعليتها هي كما فاعلية التنويم المغناطيسي ! لأنها تخاطب العقل الباطن بشكل مباشر ، لكن بطريقة مختلفة ، ويمكن أن تكون أكثر فاعلية وتأثيرا !.

فعند استخدام التنويم المغناطيسي ، يجب على الطبيب القيام ببعض الإجراءات التي تمكنه من إلهاء العقل الواعي كي يتسنى له الدخول إلى العقل الباطن والتواصل معه .

أما عملية إطلاق الرسائل الخفية (بصرية ، صوتية ، أو غيرها) ، فتستطيع الدخول مباشرةً إلى العقل الباطن دون إضاعة أي وقت في عملية إلهاء العقل الواعي ! لأنه بكل بساطة لا يستطيع إدراك تلك الرسائل أساساً !

فتمر الرسائل من خلاله مباشرة إلى العقل الباطن دون أي عقبة أوممانعة منه !.

نجح الخبراء في إثبات فاعلية الرسائل الخفية في سبيل استبدال الكثير من العادات السيئة عند الأشخاص بعادات حسنة !.

ولعبت دوراً كبيراً في القضاء على الجوانب السلبية في تركيبة النفسية للإنسان !.

هذه النزعات السلبية كالشعور بالغضب أو الحقد أو اليأس أو الخوف أو النفور من المجتمع أو عدم الثقة بالذات أو غيرها من حالات نفسية يمكن أن تصيب الشخص خلال مرحلة مبكرة من حياته .

وبما أن الرسائل الخفية هي موجهة للعقل الباطن بشكل مباشر ، فيمكن لها أن تعمل على إعادة برمجته من جديد وإزالة جميع السلبيات النفسية المتراكمة عبر السنين .

أليس هذا ما يفعله الأطباء النفسيين في علاجهم للمرضى خلال جلسات متعددة وطويلة الأمد ، معتمدين على الأساليب التقليدية ، هذا إذا استثنينا الأجور العالية جداً ؟!.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق