بحث

الأربعاء، 16 أبريل 2014

قصة التغيير : الحلقة الأولى



منذ فجر الإنسانية, دأبت القوى العظمى فى العالم على محاولة السيطرة سياسياً واقتصادياً و حضارياً على الدول الأضعف
.

هذه السيطرة كانت تتم أحياناً من خلال الاحتلال العسكرى المباشر.

وأحياناً أخرى من خلال وسائل غير عسكرية ودون تدخل الجيوش و ذلك عن طريق إحداث "تغيير" إجتماعي وسياسي عنيف فى الدول الأضعف يتماشى مع مصلحة الدولة العظمى .

بحيث تضمن تفوق ثقافتها وهيمنة فكرها دائماً و بحيث تستطيع أن تطبق سياسة فرق تسد لضمان استمرارها فى صدارة الدول.

وقد صك الغرب لهذا الأسلوب مصطلحاً هو "الهيجيمونى" Hegemony .

وهذا الأسلوب قديم مارسه الرومان و غيرهم من الحضارات قروناً.

ولأن العصور تتغير و الأدوات تتقدم لكن يظل البشر و أطماعهم ونقاط ضعفهم وسعيهم للهيمنة هو هو, فقد استمر مبدأ الهيجيمونى موجوداً ولم يغب عن العالم لحظة من أيام الرومان إلى الحرب الباردة التى انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتى و حتى اليوم.

يقول زيبينيو بروديزينسكى (أحد أهم مستشارى الأمن القومى فى إدارة كارتر و أحد أخطر خبراء التخطيط الجيوستراتيجى) فى أهم كتبه "لوحة الشطرنج العظمى" The Grand Chess Board - كما يوحى العنوان فالكتاب يتحدث عن أن العالم بأكمله لوحة شطرنج عظمى يجب أن تلعب عليها أمريكا. وموضوع الكتاب أصلاً هو : كيفية ضمان استمرار الهيمنة الأمريكية على العالم 100 عام اخرى من خلال الاستراتيجيات و الخطط طويلة المدى) - المنشور عام 1998:

America is now the only global superpower, and Eurasia is the globe's central arena. Hence, what happens to the distribution of power on the Eurasian continent will be of decisive importance to America's global primacy and to America's historical legacy

ترجمته :

"
أمريكا الآن هى القوة العظمى الوحيدة . ويوراسيا (تشمل أوروبا وآسيا ومنطقة البحر المتوسط وقناة السويس بحسب تعريف ويكيبييديا لها) هى ساحة المواجهة الأساسية فى العالم.

وبالتالى, ما يحدث لتوزيع القوى فى قارة يوراسيا سيكون هو العامل الحاسم فى الهيمنة الأمريكية على العالم وفى التاريخ الأمريكى" .

وبالتالى فإن مصلحة أمريكا العليا تقتضى توزيع و تقسيم القوى فى هذه المنطقة بما يوافق مصالحها و أمنها القومى .
 
ويؤكد أيضاً برودزنسكى فى كتابه :الهيجيمونى قديم قدم الإنسان ذاته
“Hegemony is as old as Mankind…”

إذن اليوم نحن من يتم ممارسة "الهيجيمونى" عليه بشكل فج وشبه علنى.

لكن بعض أبناء قومي يجهلون هذا و يرفضونه, بل و يسخرون منه من باب الافتراض العجيب أن ما لا تعرفه هو قطعاً غير موجود!

ولأن الوعى بالمشكلة و أبعادها هو أول خطوة فى العلاج, و لأنك لا تستطيع أن تنتصر فى مباراة شطرنج وأنت أصلاً لا تعلم أن هناك مباراة شطرنج تدور .

فإنه لا سبيل لمواجهة ما يحدث إلا من خلال معرفة اللاعبين وقطعهم التى يحركونها و استراتيجية اللعب و الأهداف الحقيقية ...

لهذا كله , أنقل لكم هذا البحث .

وقد حرص واضعه على توثيق أى معلومة تذكر وإتاحة الرابط الأصلي لأى وثيقة أو مصدر يستعين به حتى يتسنى للقارئ الكريم التأكد من صحة المعلومة و دقتها بشكل مستقل تماماً.


عناصر البحث :

*الفكرة المجردة .
*التنفيذ الفعلى و أمثلة عليه .
*نتائج ظهرت فعلاً .
*خاتمة .

الجزء الأول: الفكرة المجردة .

منذ عام 2003 و ربما قبلها, بدأت تتبلور فى دهاليز السياسة الأمريكية فكرة برنامج ضخم موجه باتجاه الأمة الإسلامية.

البرنامج هو حرب فكرية شاملة على مستوى لم يسبق له مثيل من قبل.

كما أن هدف البرنامج -كما سترى بنفسك فى المصادر الأمريكية - طموح وجذرى لدرجة لا تصدق.

البرنامج الأمريكى يحمل -كالعادة - اسماً بريئاً لا يشي بخطورته ألا وهو برنامج (توعية العالم الاسلامى)
Muslim World Outreach.

هذا البرنامج اشتهر فى الصحافة الأمريكية باسم آخر ربما أكثر صراحة و هو (معركة تغيير العقول والقلوب)
Battle for Hearts and Minds.

لن نتكلم عن (معركة تغيير العقول والقلوب) من تلقاء أنفسنا حتى لا نتهم بالمبالغة.

وإنما سنترك المجال لمصادر أمريكية محترمة و موثقة لتبوح لنا بمغزى هذا البرنامج وأهدافه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق