بحث

الأربعاء، 16 أبريل 2014

قصة التغيير : الحلقة الثالثة

ثم يستمر المقال فى فقرة أراها الأخطر على الاطلاق وهي
بيت القصيد:

The White House has approved a classified new strategy, dubbed Muslim World Outreach, that for the first time states that the United States has a national security interest in influencing what happens within Islam. Because America is, as one official put it, "radioactive" in the Islamic world, the plan calls for working through third parties--moderate Muslim nations, foundations, and reform groups--to promote shared values of democracy, women's rights, and tolerance.

"
لقد أقر البيت الأبيض استراتيجية سرية جديدة أسماها (توعية العالم الإسلامىMuslim World Outreach) والتى تنص للمرة الأولى على الإطلاق أن الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة من باب أمنها القومي بأن تؤثر على ما يحدث داخل الإسلام نفسه.

لأن أمريكا - كما صرح أحد المسئولين - "مشعة فكرياً" فى العالم الإسلامي (يقصد للأسف أن معظمنا يتخذهم قدوة فكرية ومعيار يقاس عليه و يحتذى به و هم يعلمون هذا جيداً ويستغلونه) فإن الخطة (العدو يصرح بوجود خطة وبعض أبناء بلدي يؤمنون أنه لا توجد مؤامرات) تقضى بأن:


يتم العمل من خلال أطراف ثالثة .



)هذه ترجمة حرفية, ها هو ذا الطرف الثالث يذكر صراحة).

متمثلة فى دول إسلامية معتدلة (هل يقصد قطر مثلاً؟!!), مؤسسات , ومجموعات إصلاحية تتبنى قيم مشتركة (يقصد قيم مشتركة مع أمريكا) مثل الديموقراطية وحقوق المرأة وقبول الآخر."

(معذرة لكثرة التعليقات البينية. أعلم أنها مزعجة لكن أرى أنها قد توضح المعنى أكثر(.

وقطعاً لا نحتاج إلى ذكاء شديد بعد هذا التفصيل لنستنتج من هي هذه المجموعات والحركات التي تمثل الطرف الثالث في كل دولة.

ذلك الطرف الثالث الذي ينفذ الأجندة الأمريكية عن عمالة صريحة أوعن سذاجة.

ذلك الطرف الثالث الذى كثرت حوله التكهنات والتخرصات والاستنتاجات دون أى معيار أودليل.

يستطيع القاريء الكريم أياً كانت دولته أن يتوصل تلقائياً للحركات المقصودة فى دولته.

فمواصفات هذه المنظمات أو المجموعات أو الحركات إذا استخرجناها من التقرير فإنها تتلخص فى الآتى :

* أعضاؤها من نفس أهل البلد.

فلن تجد خواجة أمريكي أحمر الوجه يحاول أن يقنعك بلكنة مكسرة بأن تتبنى قيم كذا وكذا وأن هذا من الإسلام وأنك يجب أن تثور وأن "التغيير" حتمية إلخ.

بل سيكون أعضاؤها "من جلدتنا و يتكلمون بألسنتنا" بل وربما يتورط فيها - حتى عن سذاجة وجهل - بعض الشخصيات المرموقة المحترمة فى المجتمع.

وهذا هو معنى كلمة طرف ثالث Third Party المذكورة.

فهى تعنى أنهم ليسوا أمريكان وإنما طرف ثالث وسيط بين الأمريكان والمجتمع المسلم المراد تغييره.

فهم مسلمون من أهل البلد لكن يتبنون الفكر الأمريكي ويمزجونه بالإسلام (فيما يعرف بالليبرالية الإسلامية) أو لا يمزجونه (فيكونون علمانيين خالصين).

وسيأتى تفصيل كيفية توظيف كل مجموعة من هاتين المجموعتين لضرب ثوابت الإسلام فى تقرير أمريكي آخر سنعرج عليه بعد قليل.

*تتلقى تمويلاً أمريكياً .

وطبعاً لا نحتاج أن نقول أن التمويل المذكور فى المقال لن يتم إلا تحت ستار آخر.

لن يذهب الأمريكان للناس ويقولون لهم سنمولكم لنستخدمكم فى تغيير الإسلام ذاته.

لكن قد يتم الأمر تحت مسميات فضفاضة جذابة مثل : "دعم الديموقراطية", "دعم حقوق الإنسان", "دعم المرأة" , "دعم قيم التسامح و المساواة" .. إلخ.

كما أن مصدر التمويل سيكون من منظمات أمريكية أودولية وسيطة وليس من الحكومة الأمريكية مباشرة .

(وإن كنا سنتتبع مصدره كما سترى لاحقاً).

بالتالى فإن أنسب جهة للقيام بدور التمويل لمنظمات وحركات "الطرف الثالث" في كل دولة هي منظمات المجتمع المدني الأمريكية "الحقوقية" وجمعيات "حقوق الإنسان" و"دعم الحريات" ومنظمات "تعزيز دور المرأة".

فسيكون النموذج هو منظمة غربية تعمل بشكل رسمي على أرض البلد المستهدف تحت مسمى فضفاض .

كما سبق تمويل تحت الشعار نفسه حركات محلية معارضة من أهل البلد المستهدف تمثل الطرف الثالث الوسيط الذى ينفذ دوره فى خطة تغيير العقول والقلوب بشكل يبدو فى النهاية -لمن لا يعلم هذه الكواليس - أنه عفوي تلقائي نابع من الشعب نفسه.

(و سنأخذ أمثلة واقعية عملية تؤكد هذا النموذج النمطي المتكرر فى أكثر من دولة بحذافيره إن شاء الله لاحقاً(.

* تتبنى و ترفع - كما ينص المقال - قيما غربية تماماً فى معناها وأحياناً فى لفظها مثل الديموقراطيةDemocracy والمساواةEquality وحقوق المرأةWomen's Rights وقبول الآخر Toleranceوتروج بين الناس أن هذه القيم من صميم الإسلام ذاته وأن هذا هو الإسلام لكننا لم نكن نفهمه على مدى الأربعة عشر قرناً الماضية!!

وقطعاً ستلجأ هذه الجماعات -لإقناع الناس المحبة للإسلام وإحداث التأثير المطلوب فى نفوسهم- إلى لي عنق النصوص واجتزائها من سياقها وتفسيرها بحيث تتوافق توافقاً تاماً مع هذه القيم الغربية الجديدة دون النظر إلى تطبيق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نفسه وفهم الصحابة والتابعين لهذه النصوص وهم قطعاً الأكثر فهما لروح الإسلام على مر التاريخ لمعاشرتهم النبى - صلى الله عليه وآله وسلم - نفسه.

هذه الجماعات تعمل من خلالها الولايات المتحدة على تغيير الإسلام ذاته من خلال تطعيمه بالقيم الأمريكية مثل الديموقراطية اليونانية الأصل وحقوق المرأة (ونحن نعرف ماهية هذه الحقوق) وقبول الآخر( ونحن نعرف ماهية هذا الآخر) وتغليف هذا كله بغلاف إسلامي .

حتى يستطيع الشعب المتدين ابتلاع كبسولة القيم الأمريكية بسهولة ويسر على أنها هي الإسلام "المعتدل" لأنه قطعاً لن يقبلها في شكلها الفج الغربي الصريح أبداً.

إذن فالخطة الأمريكية الجديدة تقتضي الدخول من خلال بوابة الإسلام نفسه هذه المرة لتمرير الليبرالية في ثوب إسلامى محبب للنفس وتحت شعارات براقة تستميل قلوب العوام وهى لعمري خطة عبقرية.

إن الأمر يشبه أن تلبس عاهرة أمريكية الحجاب أوالنقاب فيجعلها هذا "إسلامية" و "مبلوعة" عند الجماهير الطيبة التى لن تقبلها في المعتاد وهى تلبس البيكيني.

هي فعلاً معركة -كما يقول عنوان التقرير نفسه - لتغيير العقول والقلوب المسلمة من خلال الدولارات (التمويل) ودون طلقة رصاص واحدة.

إنها إصلاح للفشل الأمريكي في العراق حيث ستظهر أمريكا فى المنطقة الآن في ثوب جديد.

ثوب البلد الداعم لحركات التحرر من الديكتاتورية الوطنية.

تخيل هذا معي :

المستعمرون الأمريكان سيحرروننا فكرياً من الديكتاتور المحلي!!.

كأن الأمر نقيض لما عرف بحركات الاستقلال التي حدثت القرن الماضي.

فنهرع هذه المرة لأحضان الهيمنة الغربية هرباً من ديكتاتور محلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق