بحث

الجمعة، 25 أبريل 2014

حكم قتل الخوارج في المذاهب الأربعة : الحلقة الأولى



في حياة الأمم لحظات فارقة وأوقات حاسمة تحتاج لعزم الرجال ذوي الهمم العالية ، وإلا
ذابت هذه الأمم ذاتياً ، وأضحت أثراً بعد عين ، وذكرى بعد مشاهدة لا لشيئ إلا لأنها نُكبت في بنيها فاختلطت عليهم الأمور وغرقوا في ضحضاح من نار التردد وتراخت أياديهم عن أن يضربوا بها بقوة وحسم .

فنسوا بأن النصر صبر ساعة وإن طالت فهي آتية لا محالة لو كانوا من أهل الصبر والجلد وكانوا من الصابرين .

فتقاعسوا وتدافعوا عن أن يعيروا أوطانهم وأهليهم سواعدهم هذه الساعة ، ووقفوا حائرين ذاهلين ما بين هذا وذلك .

وفي وقفتهم تلك والتي لاتعدوا في عمر الزمن إلا لحظات وسويعات ، وفي توقفهم وترددهم هذا كانت عجلة الزمن دارت كعادتها لا يوقفها شيئ .

فما انتبهوا وإلا وقد تبدلت الأوضاع وانحسرت عنهم أسباب النصر ، وفارقتهم أسبابه الظاهرة والباطنة ، لا لشيئ إلا لأن نفوسهم وأرواحهم ما تشربت ولا وعت بأن : وضع الشيئ في غير موضعه مفسدة .

ألست معي أخي القاريء بأن هؤلاء لو كانوا من الرجال ذوي البصيرة التي تجعلهم يرون الحد الفاصل بين الأمور ،فلا خلط ولا تداخل بل لديهم من ثوابت الفكر وخلفية المعرفة وثبات اليقين ما يجعلهم من أهل الحسم والحزم لاختلفت الأمور وتبدل الواقع ؟!!

وهل أشد وأنكى على الأمم من أن يخرج عليها من بنيها من يشق الصف ويمزق نسيجها ويُشيع الفرقة والانقسام والبغضاء بين أهل الوطن الواحد ؟

وهل أشد وأنكى على الأمم ممن يخرج من بنيها يوغر الصدور ويهدم الثوابت ويجعل من طاقات أبناء الوطن وقوداً لتسلقه ونفعيته وهو أولى بقول الشاعر :

إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر .

فلا يروي ظمأ أمثال هؤلاء إلا أن يتجرعوا آثار ما جنوه على أوطانهم وأهليهم من ويلات وبلاء بفهمهم المعوج وعمالتهم لأعداء أمتهم .

فهل أنكى على الوطن من هؤلاء ؟!

بالطبع نعم هناك من هم أشد بلاءً ووبالاً على أوطانهم من هذا الصنف من شوارد البشر .

أتدري من هم أخي القاريء ؟

هم كل من ترك وساهم وساعد وعمل على ترك فتنة هؤلاء تزحف إلى قلوب وعقول أبناء الوطن .

هم كل من وقف مع نفسه متردداً ولو لحظات معدودات ولم يأخذ على يد هؤلاء الخوارج الظلمة ، وما دري بأن لحظات تردده وإن قلت في نظره فهي المساحة التي يطلبها ويرجوها كل متربصٍ باغٍ أثيم ليغرس في قلب الوطن خنجر أبو لؤلؤة ، ويعلو هامته بسيف ابن ملجم .

هم كل من خالف الهدي النبوي وسيرة الخلفاء الراشدين المهديين ، هم كل من خالف ما اصطلحت عليه جماهير أئمة المسلمين في كل عصر ومَصر من بذل الدواء الناجع لفتنة الخوارج وخض شوكتهم ووأد فتنتهم .

في المراحل المفصلية الفارقة في تاريخ الأمم وحيوات الشعوب :

عندما تشتد الظُلمة ، وتطل الفتنة ، وتتعالى أصوات أهل البغي والضلال :

فلا دواء إلا في قوله تعالى :{قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة :193] .

وفي قوله تعالى :{فَقَاتِلُوا التي تَبْغِي حتى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات 9].

وفي قوله تعالى : {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النور :10] .

ودع عنك يامن قدر لك أن تواجه هذا الأمر بحكم موقعك ما دون ذلك من لغط وشقشقات ألسنة أقوام .

فما لفتنة الخوارج إلا أن نُسمِعُها :

لا فتاً إلاعليّ ، ولا سيف إلا ذو الفقار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق