بحث

الجمعة، 25 أبريل 2014

حكم قتل الخوارج في المذاهب الأربعة : الحلقة الخامسة

* من أهم صفات الخوارج قتلهم الله
:
 
1- التعالم وادعاء الفهم والاعتقاد بأن لا فهم ولا رأي إلا ما يرونه صواباً ومخالفة نظرة المجتمع العامة نحو القضايا المطروحة ، وعدم النظر بعين الاعتبار إلى أقوال أهل الاختصاص ولو أدى ذلك بهم إلى الطعن في مقام النبوة والعياذ بالله .
  
روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :[ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي.] اهـ

في الحديث الشريف نجد أن :

- سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام بقسمة شيئ من المال بين بعض الأشخاص من حديثي العهد بالإسلام وممن لم تكن لهم سابقة جهاد أو هجرة كغيرهم من السادة الصحابة رضوان الله عليهم .

- في ظل ما بذله المهاجرين والأنصار من أنفسهم وأموالهم في نصرة دين الله تمنوا لو نالهم نصيب من ذلك المال لما بهم من حاجة ملحة إليه ، وقارنوا حالهم وما بهم من فاقة ولما لهم من سابقة في الدين وبين هؤلاء النفر وهم من سادات قومهم وحاجتهم للمال ليست ضرورية وملحة ، كما أن إسهاماتهم لا مقارنة بينها وبين ما قدمه السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .

- فأعلمهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه أعطى هؤلاء النفر المال ليحبب إلى قلوبهم ذلك الدين ولعله يصل إليهم بأن في هذا الدين خير الدنيا كما فيه خير الآخرة ، وأوكل مولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صحابته لإيمانهم ولما في نفوسهم من عقيدة راسخة من بذل كل غالٍ ونفيس في سبيل نصرة هذا الدين ، فهم رضي الله عنهم وأرضاهم قد بذلوا أضعاف أضعاف ذلك المال في سبيل الله ، ومن قبله ما بَخَلوا بدمائهم وأرواحهم فداءً وتضحيةً في سبيل الله ، فما كانت نظرتهم على التحقيق لحفنة من المال ، وإنما تحركت قلوبهم – والله أعلى وأعلم – فرقاً وخوفاً على مكانهم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .فما كان منهم رضي الله عنهم وأرضاهم إلا التسليم لما قاله لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

- تلك كانت القضية المطروحة ، وقال من بيده النظر وإصدار الحكم فيها قوله – وهو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأقر وأذعن وارتضى المجتمع المسلم وقتها ذلك الحكم – وهم السادة الصحابة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم –

- ولكن لأن الخوارج منهجهم هو التعالم وادعاء الفهم والاعتقاد بأن لا فهم ولا رأي إلا ما يرونه صواباً ومخالفة نظرة المجتمع العامة نحو القضايا المطروحة ، وعدم النظر بعين الاعتبار إلى أقوال أهل الاختصاص ولو أدى ذلك بهم إلى الطعن في مقام النبوة والعياذ بالله ، فلا وزن عندهم ومعاذ الله من ذلك لتقرير النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا لفهم وتسليم الصحابة الإجلاء رضي الله عنهم وأرضاهم !!!!!

فها هو رأسهم ومعاذ الله من ذلك يستدرك على سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويخاطب جنابه الشريف قائلاً : [اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ]!!!!!!!

وكأنني به وهو من فرط الجهل ومما جبلت عليه نفسه من خبث يظن في نفسه بأنه قائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبأن وقوفه بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يمنعه من ذلك ، وبأن ما يرى أنه الحق فهو كذلك مهما كان المخالف له في وجهة نظره ، وهذا هو بيت القصيد .

فلم يردع ذلك الخارجي الضال ما قاله النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولم يقتدي حتى بالسادة الصحابة رضي الله عنهم ، وهم السابقين الأولين ، وهم الأعلم منه قطعاً بأحكام هذا الدين ومن قبل ذلك هم من أعلم الناس برسولهم الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

فيامن تعتقد بأن الخوارج قد ينفع معهم الحوار وعرض الحجج والأدلة والبراهين فأنت واهم .

فرأسهم ومن هم قد خرجوا من صلبه – كما سيأتي – وانتقلت لهم جيناته الوراثية لا يعتبر بقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويظن في نفسه بأنه أقدر منه على النظر والفهم واستنباط الأحكام الشرعية .

فهل تعتقد بأن يعتبر الخوارج لقولك أنت ؟!!!!!

أو يسلمون لك بأنك أفهم وأعلم منهم ويذعنون لقولك ولحجتك ؟!!!!!

هيهات هيهات .

لو كان بداخلك شيئ من هذا فأنت دون أن تدري تعتقد في قرارة نفسك بأنك ومعاذ الله من ذلك .... من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

رأس الخوارج ومن هم قد خرجوا من صلبه – كما سيأتي – وانتقلت لهم جيناته الوراثية لم يعتبر بإقرار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بل ولم يعطي لنفسه الفرصة بأن يقتدي بمن هم من المفترض أعلم منه بأمور هذا الدين ، فهو لا يرى إلا ما يعتقده صواباً ولا ينظر إلى أن أحد أفهم منه أو أعلم .

وهذه أخي في الله هي ذات الصفات التي يتناقلها الخوارج فيما بينهم جيلاً بعد جيل .

ولعل الكثيرين منا ممن قد ابتلاه الله ببعض من نقاش أحد هؤلاء الخوارج قد جرب هذا منهم ، ووجد بأن من أهم صفاتهم التعالم وادعاء الفهم والاعتقاد بأن لا فهم ولا رأي إلا ما يرونه صواباً ومخالفة نظرة المجتمع العامة نحو القضايا المطروحة ، وعدم النظر بعين الاعتبار إلى أقوال أهل الاختصاص ولو أدى ذلك بهم إلى الطعن في مقام النبوة والعياذ بالله .

فهذا هو نهج الخوارج الاستنفار والعداء واستحداث الخلاف مع القيادة والزعامة التي ارتضتها والتفت حولها الجماهير .

ثم حالة اختلاف وتنافر وتمايز تام مع بقية مكونات المجتمع وعناصره المختلفة حول ما يعرض من قضايا استقر فيها رأي مكونات المجتمع ، والخروج برأي شاذ ومحاولة فرضه مهما أدى ذلك لاختلاف مع ثوابت المجتمع وقيمه ورموزه .

وهذا أخي في الله هو دأب الخوارج وديدنهم دائماً وأبداً .

فترى المجتمع في وادٍ ، وهم في وادٍ آخر .

لا يهمهم ما يريده المجتمع وما هو توجهه ، ولا يعنيهم ما يقوله أهل العلم والاختصاص ، ولا يلتفتون إلى أي قول يخالف ما هم عليه .

وإن أدى بهم ذلك للصدام مع مجتمعهم وبيئتهم ومن حولهم ، فكل ذلك لا وزن له عند الخوارج ولا قيمة ، ولهم في سلفهم ورأسهم أسوة .     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق