بحث

الجمعة، 25 أبريل 2014

حكم قتل الخوارج في المذاهب الأربعة : الحلقة الثالثة



مع الخلفاء الراشدين : روى ابن ماجة في سننه وأحمد في مسنده واللفظ له أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال
:[قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ.]اهـ

في هذا التوجيه النبوي الشريف الحث والأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين .

فماذا فعل رابعهم سيدنا الإمام عليّ بن أبي طالب - كرم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه - عندما أطلت في عصره فتنة الخوارج برأسها من جديد ؟

روى ابن أبي شيبة في مصنفه :[لَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّهْرَوَانِ لَقِيَ - أي الإمام عَلِيٍّ -الْخَوَارِجَ فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى شَجَرُوا بِالرِّمَاحِ فَقُتِلُوا جَمِيعًا.] اهـ

هكذا كان تصرف الخليفة الراشد الرابع مع الخوارج : [فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى شَجَرُوا بِالرِّمَاحِ فَقُتِلُوا جَمِيعًا].

فالطبيب الماهر الحاذق هو من يكون الدواء الصحيح هو المنصرف من خزانته .

 بل كان هذا الفعل - قتل الخوارج - مما بشر به النبي الكريم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الإمام عليّ - رضي الله عنه وكرم الله وجهه -،وأعلمه بأن قتلهم من كرائم الأعمال وجلائل القربات وأرجاها عند الله ، لما في قتلهم من دفع عظيم مفاسدهم.

روى ابن أبي شيبة في مصنفه [قَالَ : خَطَبَنَا عَلِيٌّ بِالْمَدَائِنِ بِقَنْطَرَةِ الدّيزجَان ، فَقَالَ : قَدْ ذُكِرَ لِي ، أَنَّ خَارِجَةً تَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فِيهِمْ ذُو الثُّدَيَّةِ ، وَإِنِّي لاَ أَدْرِي أَهُمْ هَؤُلاَءِ أَمْ غَيْرُهُمْ ، قَالَ : فَانْطَلَقُوا يُلْقِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَقَالَتِ الْحَرُورِيَّةُ : لاَ تُكَلِّمُوهُمْ كَمَا كَلَّمْتُمُوهُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ ، فَكَلَّمُوهُم ، فَرَجَعْتُمْ ، قَالَ : فَشَجَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالرِّمَاحِ ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ عَلِيٍّ : قَطِّعُوا الْعَوَالِيَ ، قَالَ : فَاسْتَدَارُوا فَقَتَلُوهُمْ وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ اثْنَا عَشَرَ ، أَوْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ، فَقَالَ : الْتَمِسُوهُ ، فَالْتَمَسُوهُ فَوَجَدُوهُ ، فَقَالَ : وَاللهِ مَا كَذَبْت وَلاَ كُذِّبْت ، اعْمَلُوا وَاتَّكِلُوا ، فَلَوْلاَ أَنْ تَتَّكِلُوا لأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَضَى اللَّهُ لَكُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ .]اهـ 

وكان هذا الفعل من الإمام عليّ بقتله للخوارج من فتوح الإسلام بل من أجل الفتوح .

قال ابن حزم الظاهري في رسائله [2 / 125] :[وأصحابُ الفتوح من الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم عليّ بن أبي طالب في قتل الخوارج، وكفى به فتحاً، ولقد لقي الناسُ مِمَّن نحا ما نحوه من المخاوف والقتل والنهب ما لا يُجْهَل، وكيف هو فتحٌ قد أنذره به، رضي الله عنه، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلم له أن منهم ذا الثُّدَيَّة.]اهـ

وقال أيضاً في رسائله [2/ 126] :[ثم فتح عليّ رضي الله عنه قَتْلَ الخوارج، وهو كما تقدم من أجلّ الفتوح، لأنهم كانوا لا يرون طاعةَ خليفة، ولا يرونها في قُرَشيّ، وكان ضررهم معلوماً.] اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق