بحث

الأحد، 12 أكتوبر 2014

مخططات تفكيك وتدمير الأمم في عصرنا الحديث منهجية واحدة . [3] .


1:- الطابور الخامس .

تجسدت الخطوة الرئيسية الاولى على صعيد النشاط الماسوني العالمي في
الاتحاد السوفييتي في البحث عن مرتكزات وعملاء يتميزون بفعالية وتأثير هامين .

فعضو الطابور الخامس حسب مصطلحات قاموس الجاسوسية هو مواطن احدى الدول الذي يسخّر نشاطه لخدمة مصالح واهداف دولة اخرى مستخدما لتحقيق ذلك وضعه الوظيفي ومكانته الرسمية المؤثرة التي يحتلها في مراكز السلطة المختلفة وفي اجهزة صنع الرأي العام من اعلام وعلم وفن وثقافة .

وخلال الفترة الممتدة بين 1953- 1962 صاغ دالاس,بوصفه رئيسا لوكالة المخابرات المركزية الامريكية جملة من المخططات والتوجيهات السرية ,التي اعتمدها مجلس الامن القومي الامريكي والتي تمثل من بينها مسألة اعداد مرتكزات ومساعدين للوكالة المذكورة في الاتحاد السوفييتي , احدى النقاط الهامة.

2:- الماسونية .. و((منظري البيرسترويكا)) .

كانت اولى التجارب في اعداد هذه المرتكزات كما يبدو ,محاولة تجنيد بعض اعضاء البعثات الدراسية السوفييتية الذين قدموا الى الولايات المتحدة الامريكية في نهــــاية الخمسينات وبداية الستينات لاجراء دورات دراسية في جامعة كولومبيا والذين كان من بينهم بعض ((منظري)) (البيريسترويكا )المستقبليين مثل الكسندر ياكوفليف *

(والذي شغل مسؤولا للجنة العلاقات الخارجية مع الاحزاب ,ثم عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي ومسؤول العمل الايديولوجي في الحزب) .

وفي مطلع السبعينات عين الكسندر ياكوفليف سفيرا للاتحاد السوفييتي في كندا ,حيث اقام علاقات وثيقة مع مجموعة واسعة من الشخصيات الرسمية الكندية وفي مقدمتهم رئيس وزراء كندا انذاك الماسوني ترودو.

وتشير كافة الدلائل الى ان علاقة ياكوفليف التنظيمية بالحركة الماسونية العالمية قد ترسخت في تلك الفترة .

جاء تصعيد نشاط الطابور الخامس في الاتحاد السوفييتي مرتبطا بمخططات الحركة الماسونية العالمية وبتوجيه مباشر من المركزين التنظيميين الماسونيين : بيلدربيرغ واللجنة الثلاثية التنظيمية .

ويلاحظ في الوثائق السرية لهذين المركزين في تلك المرحلة ابداء مخاوفهما بصدد تعاظم النفوذ السوفييتي ودوره وثأثيره على الصعيد العالمي,الذي تنامى اثر الانتصار الرائع الذي حققه الشعب والجيش السوفييتيان على الفاشية الالمانية في الحرب العالمية الثانية , وما خلفه من تأجيج للمشاعر الوطنية والانسانية والاممية .

ومما اثار مخاوف الحركة الماسونية العالمية الامكانات النظرية والايديولوجية الهائلة التي ترتبت على تعاظم المشاعر الوطنية في الاتحاد السوفييتي وتعاطفها مع مطامح واماني دول العالم الثالث وبروز نوع من التضامن بين الاتحاد السوفييتي من جهه والبلدان النامية من جهه اخرى .

الامر الذي اثار مخاوف الدول الغربية وقلقها ,لان من شأن قيام مثل هذا التحالف عرقلة وتقليص استلاب الغرب واستنزافه لثروات شعوب البلدان النامية .

وفي عام 1973 صاغت المنظومة الماسونية المعروفة بأسم ((نادي روما))وثيقة بعنوان ((حدود النمو)) جاء فيها ان الثروات تتناقص بسرعة مأساوية مذهلة وان الدول الغربية تواجه خطرا حقيقيا يتجسد في انخفاض مستوى الاستهلاك .

وفي الاجتماعات السرية لقادة المحافل الماسونية اعيد من جديد احياء الفرضية الماسونية القائلة بخلق نظام عالمي جديد تتركز فيه السلطة العالمية كلها بأيدي زعماء المحافل الماسونية وتصبح من خلاله كل الثروات العالمية مسخرة لخدمة مصالح الدول الغربية .

وكانت العقبة الرئيسية التي تقف في وجه تنفيذ هذا المخطط تتمثل في وجود الاتحاد السوفييتي ,الذي يستحوذ على ثروات هائلة تشكل نسبة عالية من الثروات العالمية .

في السبعينات والثمانينات اكتسبت الخطة الامريكية لاعددا وتجنيد عملاء لها في الاتحاد السوفييتي طابعها النهائي المدروس .

وكانت المخابرات السوفييتية على علم ودراية بمخططات وكالة المخابرات المركزية الامريكية الهدامة ومراميها التخريبية ازاء الاتحاد السوفييتي .

وقد ركزت المخابرات الامريكية نشاطها في تدريب اعضاء الطابور الخامس في الاتحاد السوفييتي على خطط التخريب الاقتصادي وتشويه تنفيذ التعليمات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن المؤسسات السوفييتية المعنية .

وقد اولت المخابرات المركزية الامريكية جل اهتمامها ونشاطها ,موظفة في سبيل ذلك الاموال الطائلة لتجنيد عملاء لها في قيادة السلطتين التنفيذية والتشريعية لتشويه الخطط الاقتصادية , أي لممارسة التخريب الاقتصادي والاجتماعي في الاتحاد السوفييتي.

ومما يؤسف له ان نقول ان المخططات التخريبية هذه قد لاقت النجاح المطلوب الذي رسمته المحافل الماسونية العالمية .

مع مطلع الثمانينات تمكنت المخابرات المركزية الامريكية من تجنيد عشرات العملاء في اعلى مراتب السلطة في الاتحاد السوفييتي ,وطبقا للمعلومات التي ادلى بها وزير خارجية لاتفيا,فقد بلغت المخصصات المالية التي وظفتها الدول الرأسمالية الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية لتنفيذ ما يسمى بــ ((دمقرطة الاتحاد السوفييتي))أي تدميره وتفكيكه وتحطيمه مبلغ تسعين مليار دولار خلال الفترة الممتدة من 1985-1992 ,وقد خصصت هذه المبالغ الفلكية لشراء ذمم بعض المسؤولين النافذين في السلطتين التشريعية والتنفيذية , وفي المفاصل الاساسية لاجهزة الاعلام والفن والثقافة.

3 : شخصيات كريهة .. ودور مأساوي.

وفي اواسط الثمانينات , وبتوجيه وارشاد من القيادة الماسونية العالمية وبمبادرة من غيورغي ارباتوف مدير معهد امريكا وكندا في الاتحاد السوفييتي انذاك الذي تربطه علاقة وثيقة وحميمة بالدوائر الغربية , وبدعم مباشر من ميخائيل غورباتشوف يعود الى موسكو الكسندر ياكوفليف الذي شغل على الفور موقعا قياديا هاما في تنفيذ المخطط الرامي لتهديم وتحطيم الاتحاد السوفييتي.

وقد التفت حوله شخصيات كريهة ومقيتة لعبت دورا مأساويا وخطيرا في : تأريخ الاتحاد السوفييتي ,نذكر منهم على وجه الخصوص :ف0 كورتيتش ,يوري افاناسييف , ايغور ياكوفليف ,غافريل بوبوف , يفغيني بريماكوف , وغيورغي ارباتوف 0 وكان تأثير هذه المجموعة في البداية محدودا ,بيد ان دعم غورباتشوف لها قد عزز من فاعلية نشاطها وتأثيرها .

في هذه الفترة توسع المخابرات المركزية الامريكية من نشاطاتها التخريبية في الاتحاد السوفييتي , ومما ساعدها على تحقيق ذلك هو ان عملاءها المزروعين في قمة هرم السلطة وفي اجهزة الاعلام والفن والثقافة كانو يشعرون انهم في منجى من العقاب لانهم كانو مدعومين من رأس السلطة السوفييتية , وصار خونة الشعب يروجون نشاطاتهم الهدامة على انها نضال من اجل ((الديمقراطية والحرية ))!!0

لقد دفعت مليارات كثيرة من الدولارات لتمويل نشاطات خونة الشعب والدولة السوفييتيعبر مؤسسات وسيطة نذكر منها :اللجنة الاجتماعية ((للاصلاحات )) الروسية , الرابطة الامريكية ((لدعم الديمقراطية )) , معهد كريبل وغيرها من المنظمات الاخرى التي اشتد نشاطها في الاتحاد السوفييتي .

فمعهد كريبل , على سبيل المثال , قرر ان يوظف ((كل نشاطه وطاقته لتدمير الامبراطورية السوفييتية ))- هذا ما صرح به مديره على الملأ , وقد اسس لهذا الغرض شبكة كاملة من الممثليات في كافة جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا , عقدت خلال الفترة الممتدة من تشرين الثاني 1989 ولغاية اذار 1992 حوالي (150) اجتماعا تعليميا وحلقة بحث في عموم مدن الاتحاد السوفييتي : في موسكو، لينينغراد, سفيردلوفسك, فارونيج,تالين,فيلنوس,ريغا,كييف,مينسك,لفوف,اوديسا, ييريفان,نينجي نوفغورود,تبليسي,ياركوتسك وتومسك. ففي روسيا وحدها عقدت ستة مؤتمرات (ارشادية) وعن طبيعة اعمال ونشاطات هذه الاجتماعات الهدامة التي كان يعقدها معهد كريبل يتحدث رئيس مؤسسة الدعاية الحزبية واستاذ مادة الشيوعية العلمية سابقا غينادي باربوليس , الذي ظل يؤكد حتى عام 1988 على الدور القيادي للحزب الشيوعي السوفييتي ويركز على دوره الايجابي والبناء في عملية (البيرويسترويكا) .

لكننا نرى باربوليس هذا يتنكر تماما لافكاره وطروحاته السابقة بعد ان اجتاز دورة تدريبية (ارشادية) نظمها معهد كريبل المذكور, حيث صار يؤكد بعدها على ضرورة تحطيم ((الامبريالية السوفييتية)).

تعتبر منظمة (المساهمة القومية من اجل الديمقراطية) التي يرأسها فاين غشتاين احدى تفريعات وكالة المخابرات المركزية الامريكية .وقد مارست هذه المنظمة نشاطا تخريبيا هداما , حيث وظفت في خدمته نشاط مجموعة من المؤسسات نذكر منها (معهد زاخاروف) الذي كان يعني كما يدعى ب (حقوق الانسان ) لكن نشاطه كان مكرسا في حقيقة الامر منذ تأسيسه في عام 1984 لتقويض المجتمع السوفييتي وتحطيمه. وفي عام 1986 عمل المعهد المذكور على تأسيس (جامعة حرة ) في موسكو مخصصة للطلبة الذين يرفضون نظام التعليم السوفييتي .

وفي عام 1990 (مجموعة نواب الاقاليم في مجلس السوفييت الاعلى ) للاتحاد السوفييتي .

4: تدريب العملاء ..

وخلال شبكة ممثليات معهد كريبل والمؤسسات الشبيهة به تم تدريب واعداد مئات عملاء الطابور الخامس , الذين نفذوا لاحقا العمليات التخريبية الهدامة التي ادت لتقويض الاتحاد السوفييتي وقيام سلطة يلتسين نذكر منهم :

غافريل بوبوف ,ستاروفويتوفا , ميخائيل بولتارانين , ايغور غايدار , موروشوف , ستانكييفيتش , بوتشاروف , يافلينسكي (زعيم حركة يابلاكا والمرشح للرئاسة الروسية في حزيران 1996 ), بولديريف , لوكين , تشوبايس , نويكين , شاباد , بوكسر . وكثيرون غيرهم من بطانة يلتسين مثل رئيس حملته الانتخابية في عام 1991 في مدينة كاترين بورغ ا.رمانوف , وكذلك فيريوشين ,ريزنيكوف , اندرييفسكايا ,نازاروف والعديد من الصحفيين والاعلاميين البارزين .

وهكذا تم تأسيس الطابور الخامس في الاتحاد السوفييتي تحت يافطة (روسيا الديمقراطية ) و ( مجموعة نواب الاقاليم ).

مما لاشك فيه ان ميخائيل غورباتشوف قد احيط علما بوجود المنظمات الخاصة باعداد وتكوين عملاء الطابور الخامس في الاتحاد السوفييتي – هذا ما اكدته مصادر المخابرات السوفييتية ذاتها – كما اطلع ايضا على قوائم بأسماء هؤلاء العملاء , لكنه لم يحرك ساكنا ولم يفعل شيئا لايقاف نشاط خونة الشعب ومعاقبتهم .

وقد تسلم غورباتشوف ايضا من قيادة المخابرات السوفييتية ملفات تتضمن وثائق تفصيلية كاملة عن الشبكة التنظيمية الكاملة لخونة الشعب ونشاطاتهم ضد الدولة السوفييتية , لكن غورباتشوف منع المخابرات السوفييتية من اتخاذ أي اجراء ضد تطاولاتهم واعمالهم التخريبية
.

والأنكى من ذلك انه استخدم كل نفوذه للتستر عليهم .

وبذلك يكون قد لعب دور الراعي والاب الروحي والحامي لعملاء (الطابور الخامس)في الاتحاد السوفييتي .

يبقى ان نشير ايضا الى ان كافة الوثائق التي قدمت له والتي ادانت نشاط الكسندر ياكوفليف الهدام كانت تقابل من جانبه برفض اتخاذ أي اجراء ضده على الرغم من وثوقية المعلومات المتعلقة بنشاطه التخريبي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق