روسيا تعلن مسؤوليتها عن مصير المسيحية
رأت صحيفة "فزغلياد" أن روسيا تبذل نشاطا حثيثا في سبيل انتشار النشاط الروحي-الثقافي في مختلف أرجاء العالم.
جاء في مقال الصحيفة: يبدي الكرملين اهتماما كبيرا بالأماكن المقدسة التي يؤمها الحجاج المسيحيون. وذلك
ما يثير الشك والارتياب المرضي لدى الغرب.رأت صحيفة "فزغلياد" أن روسيا تبذل نشاطا حثيثا في سبيل انتشار النشاط الروحي-الثقافي في مختلف أرجاء العالم.
جاء في مقال الصحيفة: يبدي الكرملين اهتماما كبيرا بالأماكن المقدسة التي يؤمها الحجاج المسيحيون. وذلك
ولكن، ماذا يخفي في حقيقة الأمر النشاط الروسي في الأرض المقدسة، وعلى جبل آثوس؟
أصبح معلوما من مقال رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، الذي نشرته وسائل الإعلام الفلسطينية أثناء زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، أن روسيا ستمول إعادة تأهيل شارع النجمة الذي ينتهي عند كنيسة المهد في بيت لحم.
وإضافة إلى ذلك، تعتزم روسيا إهداء فلسطين المركز الثقافي والتجاري متعدد الوظائف، الذي بني بأموال الشركات الروسية الخاصة في بيت لحم على شارع بوتين، حيث يعمل أيضا المركز الروسي للعلوم والثقافة، الذي شارك الرئيس الروسي في افتتاحه عام 2012.
وتعمل روسيا بفعالية كبرى في الأرض المقدسة منذ ما يقارب عشر سنوات. بيد أن الناشط الأكبر هناك ليس الحكومة الروسية فقط، بل والجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية، التي يترأسها رئيس الوزراء الأسبق سيرغي ستيباشين.
وفي واقع الأمر، تعمل روسيا بنشاط لاستعادة نفوذها وأملاكها التاريخية في فلسطين (الآن اسرائيل وفلسطين)، والتي فقدتها بسبب بيعها إلى إسرائيل من قبل الاتحاد السوفياتي في عام 1964، بنتيجة ما يسمى "صفقة البرتقال".
وفضلا عن الأرض المقدسة، هناك أيضا مكان آخر مقدس، يحظى باهتمام روسيا الفائق، وهو جبل آثوس المقدس الذي يؤمه الحجاج الروس. وقد زار فلاديمير بوتين هذا الجبل مرة في عام 2005، وأخرى في عام 2016.
وإن الاهتمام الروسي بجبل آثوس كبير، بحيث أصبح موضع اهتمام كبير من الغرب. وقد وصل الأمر إلى خيارات نظرية المؤامرة، بأن روسيا تستخدم جبل آثوس موقعا للتنصت ومركز لجمع المعلومات الاستخبارية عن الناتو. وعلى الرغم من سخافة هذه الأفكار، فلا يمكن إنكار حقيقة المشاركة الروسية الفعالة، بما فيها المالية، في حياة الدولة الرهبانية على جبل آثوس.
وبالإضافة الى الأماكن المقدسة، تساهم روسيا بفعالية عالية في الانتشار الروحي-الثقافي في أماكن أخرى. وبشكل خاص في أماكن تشعر بلادنا تاريخي "بولع خاص" نحوها. ومثالا ساطعا على ذلك، يمكن إيراد الافتتاح الضخم للمركز الروحي-الثقافي في باريس مؤخرا، والذي كاد أن يتحول إلى "فضيحة"، حيث رأى الغرب فيه أحد مظاهر زحف العدوان الروسي.
ومن الممكن الضحك على جنون الارتياب لدى بعض ممثلي الأوساط الغربية، ولكن يجب في الوقت نفسه الاعتراف أيضا بأن النشاط الروسي في هذا المجال يبدو منهجيا، متماسكا وواقعيا. وهنا يبرز سؤال: لِمَ كل هذا؟ ما هي أهداف القيادة الروسية من هذه السياسة المتبعة؟
إذ إن حجم الجهد الذي يصرف في هذا المجال جدا ضخم فيما لو ارتبط الأمر بعمليات التجسس المقلقة للغرب.
فلماذا كل ذلك؟
السياسة الروسية مهمة؛ لأنها تقول أشياء كثيرة مباشرة وعلانية. فمثلا، أوضح رئيس الوزراء الروسي مدفيديف، لا أقل أو أكثر، أن إعادة تأهيل الشارع في بيت لحم يعد تعبيرا عن "مسؤولية روسيا عن مصير المقدسات المسيحية في فلسطين".
جملة بسيطة، ولكن لو فكرنا ببساطة في مغزاها الكبير، فهو يعني: روسيا تعلن أنها تأخذ على عاتقها المسؤولية عن سلامة وأمان الأماكن المقدسة لجميع المسيحيين.
لقد نجحت روسيا في السنوات الاخيرة في تأكيد نفسها حارسا وحصنا منيعا للقيم والأخلاق التقليدية، وذلك على خلفية موجة التخلي عن الجذور التي اكتسحت العالم. والآن تعزز روسيا مآخذها بخطوات وإجراءات ملموسة، وهذا كل ما في الأمر.
وبالمناسبة، مدينة القسطنطينية، التي تسمى الآن اسطنبول، تعدُّ أحد الأماكن المقدسة التي تشكل أهمية بالغة للأرثوذكسية الروسية وحتى لعموم المسيحية. ولا شك في أن كل ما يرتبط بهذه المدينة معقد للغاية.
لكن الأشهر الأخيرة تميزت بدفء غير طبيعي في العلاقات بين موسكو وأنقرة، بل ويمكن الافتراض بعدد من الدلائل غير المباشرة أن أردوغان مدين للكرملين ويحتاج إلى مساعدته.
ومن الطبيعي طرح سؤال منطقي - ألا يستطيع الكرملين في هذه الحالة زحزحة سياسة أنقرة المتصلبة بالنسبة إلى الإرث البيزنطي، والحصول على حقوق خاصة من الحكومة التركية لروسيا والكنيسة الروسية للعمل في هذا الاتجاه؟
المصدر :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق