بحث

الجمعة، 17 أبريل 2015

اللوبي "الإسرائيلي"والسياسة الخارجية الأمريكية : 7.

الحرب على العراق كانت من أجل “اسرائيل”

في هذه الأثناء كان الكونجرس يتحرك أيضاً لدعم شارون. وفي الثاني من مايو/ أيار تجاهل الكونجرس اعتراضات الإدارة وتجاوزها ومرر قرارين يشددان على
دعم “اسرائيل” (صوت مجلس الشيوخ بنسبة 94 إلى ،2 في حين كانت نسبة مجلس النواب 352 إلى 21).

وأكد القراران كلاهما على أن الولايات المتحدة “تقف متضامنة مع “اسرائيل””، وأن البلدين، ونحن نقتبس هنا من قرار مجلس النواب “منهمكان اليوم في صراع مشترك ضد الإرهاب”. كما شجب قرار مجلس النواب أيضاً “دعم ياسر عرفات للإرهاب الذي يجري حالياً”.

ولطالما صور اللوبي والإعلام الذي يلوذ بكنفه عرفات على أنه قطب الرحى في مشكلة الإرهاب. وبعدها ببضعة أيام أعلن وفد من الكونجرس، تشكل من أعضاء من الحزبين، وكان يقوم بمهمة تقصي حقائق في “اسرائيل”، أن على شارون أن يقاوم ضغط الولايات المتحدة الذي يسعى لحشره في زاوية التفاوض مع عرفات.

وفي التاسع من مايو اجتمعت لجنة المخصصات المالية المتفرعة عن مجلس النواب لبحث منح “اسرائيل” مبلغاً إضافياً يقدر بأكثر من 200 مليون دولار لمحاربة الإرهاب.

وعارض وزير الخارجية كولن باول الصفقة، لكن اللوبي دعمها، تماماً كما كان الحال في تمرير قراري الكونجرس وخسر باول المعركة.

وباختصار، تحدى شارون واللوبي رئيس الولايات المتحدة، وتشامخا وانتصرا عليه. وأورد الصحافي جيمي شاليف الذي يكتب لجريدة “معاريف” في تقرير له أن مساعدي شارون “لم يسعهم إخفاء ابتهاجهم للاخفاق الذي مني به باول.

ورأى شارون الهزيمة تطل من أعين الرئيس بوش. لقد تفاخرا، وعض كل منهما أصابع الآخر فكان بوش هو أول من طرفت عينه وصرخ”.

لكن الذي لعب الدور الرئيسي في دحر بوش لم يكن في الحقيقة شارون، ولا حتى “اسرائيل” بل القوي الموالية والمناصرة ل “اسرائيل” في الولايات المتحدة.

ومن يومها لم يتغير الحال إلا بشكل طفيف. وقد رفضت إدارة بوش استئناف أي تعامل مع عرفات الذي قضى في نهاية المطاف في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2004. وتبنت إدارة بوش من بعدها الزعيم الفلسطيني الجديد محمود عباس، إلا أنها لم تفعل سوى أقل القليل لمساعدته في الفوز بدولة قابلة للحياة بمقوماتها الدنيا.

وواصل شارون تطوير خططه للقيام ب “فك ارتباط” أحادي الجانب عن الفلسطينيين استناداً إلى انسحاب من غزة مصحوب بتوسع متواصل في الضفة الغربية، وهي الخطة التي تمخض عنها بناء ما يدعى ب “السياج الأمني” الذي يصادر الأراضي الفلسطينية ويوسع المجمعات الاستيطانية الضخمة وما يخدمها من شبكات طرق.

وأسهمت استراتيجية شارون، برفضها التفاوض مع عباس (الذي يحبذ تسوية تفاوضية) وجعلها من المستحيل بالنسبة له أن يرجع إلى الفلسطينيين بمنافع ملموسة يعتد بها، بشكل مباشر، في إحراز حماس مؤخراً لنصرها الانتخابي.

وبصعود حماس إلى سدة السلطة، على أية حال صار لدى “اسرائيل” ذريعة أخرى للتمنع عن المفاوضات.

ودعمت الإدارة تصرفات شارون (وأفعال خلفه ايهود أولمرت)، بل بارك بوش ضم “اسرائيل” الأحادي لأراض في المناطق المحتلة ووافق على ذلك مناقضاً بذلك السياسة الأمريكية المعلنة التي كان دأب على تأكيدها الرؤساء الأمريكيون كلهم منذ عهد ليندون جونسون.

وكل ما جاء به المسؤولون الأمريكيون هو انتقادات لطيفة طفيفة لبعض من أفعال “اسرائيل”، لكنهم لم يصنعوا شيئاً يذكر للمساعدة في قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

بل أعلن مستشار الأمن القومي السابق برنت سكاو كروفت في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2004 أن شارون استحوذ على الرئيس بوش وطوعه حتى صار “كالخاتم في اصبعه”.

فإذا ما سعى بوش لينأى بالولايات المتحدة قليلاً عن “اسرائيل” ويترك مسافة ضئيلة بينهما، أو حاول حتى انتقاد الأعمال “الاسرائيلية” في المناطق المحتلة، فمن المؤكد أن يجابه سخط اللوبي وداعميه في الكونجرس.

ويدرك مرشحو الحزب الديمقراطي للرئاسة حقائق الحياة هذه أيضاً ويعونها جيداً، ولعل هذا هو السر الكامن في إيغال جون كيري في إظهار تعاطفه ودعمه غير المحدود ل “اسرائيل” في عام ،2004 وهذا هو أيضاً سبب سلوك هيلاري كلينتون الدرب ذاته والمغالاة في إبداء دعمها الكامل ل “اسرائيل” اليوم.

وفي غضون ذلك، يتصدر دعم الولايات المتحدة لسياسات “اسرائيل” ضد الفلسطينيين قائمة أهداف اللوبي، لكن مطامح اللوبي ومطامعه لا تتوقف هنا. فاللوبي يبتغي أيضاً من أمريكا أن تساعد “اسرائيل” على أن تظل هي القوة الإقليمية المهيمنة.

فلا عجب إذن أن تتضافر جهود الحكومة “الاسرائيلية” مع مساعي الجماعات الموالية والمناصرة ل “اسرائيل” في الولايات المتحدة، وأن يعمل الطرفان معاً بجد ومثابرة لصياغة سياسة إدارة بوش تجاه العراق وسوريا وإيران، إضافة إلى خطتها الكبرى الرامية إلى إعادة صياغة نظام الشرق الأوسط.
“اسرائيل” والحرب على العراق

لم يكن الضغط الذي مارسته “اسرائيل” واللوبي هو العامل الأوحد وراء قرار الولايات المتحدة بمهاجمة العراق في مارس/ آذار من عام ،2003 لكنه كان أحد العناصر الحاسمة في اتخاذ قرار الغزو.

ويعتقد بعض الأمريكيين أن هذه كانت “حرباً من أجل النفط” لكن في الحقيقة لا يكاد يوجد أي دليل مباشر يدعم مثل هذا الزعم، والقرائن كلها توحي بعكس هذا.

وعوضاً عن ذلك، فإن الحرب إنما كان الدافع الأكبر وراء شنها الرغبة الجامحة في جعل “اسرائيل” أكثر أمناً.

ووفقاً لفيليب زيليكاو، وهو عضو في المجلس الاستشاري للاستخبارات الخارجية الرئاسية (2001 2003)، والمدير التنفيذي للجنة تقصي حقائق الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، ويشغل حالياً منصب مستشار وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، فإن “التهديد الحقيقي” الذي كان يمثله العراق لم يكن خطراً يحدق بالولايات المتحدة أو يهددها بأي صورة من الصور.

ف “التهديد غير المعلن” كان “خطراً يتهدد “اسرائيل”” وتحدث زيليكاو إلى جمهور احتشد في جامعة فيرجينيا في سبتمبر من عام ،2002 فأكد ما سبق له ملاحظته وشدد على أن الحكومة الأمريكية لا تريد أن تتكئ على هذه النقطة من الناحية الخطابية والإعلامية، لأن هذه الحقيقة “لا تحظى برواج شعبي”.

وفي السادس عشر من أغسطس/ آب من عام ،2002 أي قبل 11 يوماً من إطلاق نائب الرئيس ديك تشيني صافرة الشروع في حملته لتسويق الحرب وذلك بإلقاء خطاب متشدد أمام رابطة قدامى المحاربين أوردت صحيفة “واشنطن بوست” في تقاريرها أن ““اسرائيل” تحث المسؤولين الأمريكيين على ألا يؤخروا الضربة العسكرية ضد عراق صدام حسين”.

وبحلول هذه المرحلة، وحسب شارون، فإن التعاون والتنسيق الاستراتيجي بين “اسرائيل” والولايات المتحدة بلغا “أبعاداً غير مسبوقة”، وكان مسؤولو الاستخبارات “الاسرائيليون” قد قدموا إلى واشنطن حشداً كبيراً من التقارير المفزعة بل المثيرة للهلع بشأن برامج العراق لحيازة أسلحة الدمار الشامل.

وكما صاغ المسألة ووصفها جنرال “اسرائيلي” متقاعد فإن “الاستخبارات “الاسرائيلية” كانت شريكاً كاملاً في تكوين الصورة التي قدمتها الاستخبارات الأمريكية والبريطانية بشأن قدرات العراق وتسلحه بغير الأسلحة التقليدية”.

اللوبي والحرب على العراق

كانت القوة الدافعة الكبرى داخل الولايات المتحدة وراء إيقاد الحرب على العراق زمرة ضئيلة من المحافظين الجدد، وأكثرهم تربطه صلات حميمة بحزب الليكود “الاسرائيلي”. وإضافة إلى ذلك فإن كبار قادة المنظمات الرئيسية التابعة للوبي “الاسرائيلي” صوتوا لمصلحة شن الحرب.

وحسب مجلة “فوروارد”: “فحين سعى الرئيس بوش لتسويق الحرب على العراق والترويج لها هبت لنصرته أهم المنظمات اليهودية الأمريكية واصطفوا جميعاً كالبنيان المرصوص للدفاع عنه.

وفي بيان إثر بيان أكد زعماء اليهود في أمريكا ضرورة تخليص العالم من صدام حسين ومن أسلحته للتدمير الشامل”.

وتمضي الافتتاحية لتقول إن “هاجس سلامة “اسرائيل” والحفاظ على أمنها كان بحق العامل الفاعل الأكبر الذي طغى على مداولات ومشاورات الجماعات اليهودية الرئيسية، وكان جديراً بأن يستحوذ على اهتمامها”.

كان المحافظون الجدد قد حزموا أمرهم وصمموا بصورة نهائية على الإطاحة بصدام حسين قبل أن يتولى بوش الرئاسة. وأحدث هؤلاء حراكاً تحريضياً نشطاً في بداية عام 1998 وذلك بنشر رسالتين مفتوحتين إلى الرئيس كلينتون ينادون فيهما بإزاحة صدام حسين عن السلطة.

والموقعون عليهما، ولكثير منهم صلات وثيقة بالجماعات الموالية ل “اسرائيل” مثل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، ومن بين كبار رجالاتها إليوت أبرامز، وجون بولتون، ودوجلاس فيث، ووليم كريستول وبيرنارد لويس، ودونالد رامسفيلد، وريتشارد بيرل، وبول وولفويتز، لم يواجهوا صعوبة كبيرة أبداً في إقناع إدارة كلينتون بتبني الغاية الكبرى العامة ألا وهي الإطاحة بصدام حسين.

لكن المحافظين الجدد لم يكونوا قادرين على تسويق حرب لتحقيق هذا. فاقتضى الأمر التريث ريثما تختمر الظروف. كما أنه لم يكن في وسعهم إثارة المزيد من الحماس لغزو العراق في الشهور الأولى من إدارة بوش، وعلى عظم أهمية المحافظين الجدد وضخامة دورهم في إشعال الحرب في العراق وكبر نفوذهم لتحقيق هذه الغاية، ما كان لهذه الحرب أن تقع من دون مساعدة، إذ كانوا يرقبون ذريعة ما توصلهم إلى مبتغاهم.

لذا كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر فرصة المحافظين الجدد الذهبية لاختراع قضية تشن على أساس ذرائعها الحرب على العراق.

ففي لقاء حاسم بالغ الأهمية مع بوش في كامب ديفيد يوم الخامس عشر من سبتمبر زين وولفويتز لبوش فكرة مهاجمة العراق قبل أفغانستان، وحرضه على ذلك مع انه لم تكن هناك إشارة من دليل على أن صدام حسين كان ضالعاً في الهجمات على الولايات المتحدة، كما كان من المعروف للقاصي والداني أن ابن لادن كان في أفغانستان.

ورفض بوش هذه النصيحة واختار عوضاً عن ذلك التوجه لشن الحرب على أفغانستان، لكن الحرب على العراق صار ينظر إليها الآن على أنها احتمال جدي لا يمكن استبعاده، ولم يلبث بوش أن كلف المخططين العسكريين الأمريكيين بتاريخ 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2001 بمهمة تطوير وإعداد خطط محكمة للقيام بالغزو.

وفي غضون ذلك شمر المحافظون الجدد الآخرون عن ساعد الجد، وعملوا حثيثاً في أروقة السلطة والقوة والنفوذ.

ولم تجتمع لدينا بعد عناصر القصة الكاملة لما دار وما تم تدبيره في الدهاليز والكواليس، غير أن علماء باحثين من أمثال لويس وفؤاد عجمي من جامعة جون هوبكنز أوردت التقارير أنهم لعبوا أدواراً رئيسية في إقناع نائب الرئيس ديك تشيني ليستقر رأيه على خيار الحرب على العراق.

وكانت آراء تشيني أيضاً متأثرة بصورة مهولة بالمحافظين الجدد ضمن أطقم العاملين تحت إمرته، لا سيما إيرك أيدلمان، وجون حنا، ورئيس هيئة مساعديه ليبي، وهو أحد أقوى الشخصيات في الإدارة. وساعد نفوذ نائب الرئيس وتأثيره في إقناع الرئيس بوش في بداية عام 2002. وهكذا وبعد أن امتطى بوش وتشيني العربة سمع دوي طبول الحرب فقد سبق السيف العذل.

وخارج أوساط الإدارة لم يأل جهابذة المحافظين الجدد جهداً، ولم يهدروا لحظة من الوقت، بل بذلوا قصارى جهدهم لاختراع قضية تقوم ذريعتها الجوهرية على الزعم بأن غزو العراق خطوة أساسية لا يمكن كسب الحرب على الإرهاب دون الإقدام عليها.

واستهدفت مساعيهم في جزء منها إبقاء الضغط على الرئيس، وفي جزئها الآخر التغلب على المعارضة للحرب داخل وخارج الحكومة ويوم 20 سبتمبر نشرت جماعة من كبار شخصيات المحافظين الجدد رسالة أخرى مفتوحة تخبر الرئيس فيها بأنه “حتى لو لم يربط أي دليل بين العراق وبين أحداث 11 سبتمبر مباشرة، فإن أي استراتيجية تستهدف استئصال شأفة الإرهاب واجتثاثه يجب أن تشتمل على جهد يصمم على الإطاحة بصدام حسين وإزاحته عن السلطة في العراق، كما ذكرت الرسالة أيضاً الرئيس بوش بأن ““اسرائيل” كانت وستظل أخلص وأقوى حليف لأمريكا في حربها على الإرهاب الدولي”.

وفي عددها بتاريخ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول دعت “ويكلي ستاندرد” عبر مقال روبرت كاجان ووليم كريستول الى تغيير النظام في العراق مباشرة بعد هزيمة طالبان. وذلك اليوم ذاته انبرى شارلز كراوثامر للجدل على صفحة جريدة “واشنطن بوست” محاججاً بأننا وبعد أن أنجزنا المهمة في أفغانستان وتخلصنا من طالبان ينبغي أن تكون سوريا هي الهدف التالي تتبعها إيران والعراق. وجادل قائلاً: “إن الحرب على الإرهاب سوف تختتم في بغداد عندما نجهز على أخطر نظام إرهابي في العالم”.

وصليات القذائف الإعلامية والصحافية هذه كانت مجرد استهلالة ممهدة لحملة علاقات عامة تمضي بلا هوادة فلا تبقي ولا تذر في سبيل حشد الدعم لغزو العراق.

وكان من بين الأركان الرئيسية في هذه الحملة تسخير المعلومات الاستخباراتية وتحويرها بحيث تظهر صدام وكأنه تهديد وخطر وشيك.

وعلى سبيل المثال زار ليبي “السي آي إيه” مرات عدة للضغط على المحللين كي يعثروا على دليل يؤسس لقضية توفر ذرائع للحرب، وساعد في تحضير دراسة تفصيلية حول التهديد الذي يمثله العراق في بدايات عام ،2003 وتم دفع التقرير إلى كولن باول ومن ثم عكف باول على التحضير لتقريره الموجز السيء الذكر الذي ألقاه في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن حول التهديد العراقي.

وحسب بوب وود وورد فإن باول “كان مذعوراً مما اعتبره غلواً وتجنياً وتجاوزاً لكل الحدود.

لقد كان ليبي يستخلص أسوأ الاستنتاجات من شذرة معلومات هنا، ونبذة هناك، ومن خيوط واهية يراد أن يحاك منها قميص من الزور”.

ورغم أن باول نحى جانباً معظم ما حشى به ليبي التقرير من مزاعم ملفقة صارخة في زورها وبهتانها، فإن العرض الذي قدمه أمام مجلس الأمن ظل مليئاً بالأخطاء، حسب اعتراف باول نفسه فيما بعد.

انخرطت أيضاً في مساعي حملة تسخير الاستخبارات لهذه المآرب منظمتان كانتا قد انشئتا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكانت التقارير ترفع مباشرة إلى مساعد وزير الدفاع دوجلاس فيث.

وكلفت مجموعة تقييم سياسة مكافحة الإرهاب بمهمة العثور على صلات تربط العراق بتنظيم القاعدة، وهي الصلات التي افترضت الأوساط الاستخباراتية أنها مفقودة. كان ويرمر، وهو من زمرة المتشددين من المحافظين الجدد، ومايكل معلوف، وهو لبناني أمريكي تربطه ببيرل صلات وثيقة، من أبرز أعضاء هذه المجموعة.

وكلف مكتب الخطط الخاصة بمهمة العثور على أدلة يمكن أن تستخدم لتسويق شن الحرب على العراق.

وترأس هذا المكتب أبرام شولسكي، وهو أحد المحافظين الجدد الذين تربطهم بوولفويتز صلات مودة قديمة، ومن بين أعضائه أفراد مجندون اختيروا من صفوف مراكز الأبحاث الموالية ل “اسرائيل”.

ومثلما جميع المحافظين الجدد في واقع الأمر، يكن فيث إخلاصاً عميقاً ل “اسرائيل”، كما تربطه علاقات قديمة مع حزب الليكود، وقد كتب مقالات في تسعينات القرن الماضي تؤيد المستوطنات وتحاول البرهنة على أنه ينبغي على “اسرائيل” أن تحتفظ بالمناطق المحتلة. وأهم من ذلك، أنه كتب مع بيرل ووورمسر تقرير “الانقطاع التام” في شهر يونيو/ حزيران لرئيس الوزراء “الاسرائيلي” القادم بنيامين نتنياهو. ويوصي هذا التقرير نتنياهو، ضمن أمور أخرى، بأن “يركز على إزاحة صدام حسين عن السلطة في العراق.

وهو الهدف الاستراتيجي “الاسرائيلي” المهم بحد ذاته”. كما دعا “اسرائيل” إلى اتخاذ خطوات من أجل إعادة ترتيب الشرق الأوسط برمته.

ولم يطبق نتنياهو وصيتهم، ولكن فيث وبيرل ووورمسر، سرعان ما راحوا يحثون إدارة بوش على السعي لتحقيق تلك الأهداف ذاتها. وأثار هذا الوضع كاتب الزاوية في صحيفة “هآرتس” “الاسرائيلية” عكيفا إلدار ليحذر من أن فيث وبيرل يسيران على خط رفيع بين ولائهما للحكومات الأمريكية والمصالح “الاسرائيلية”.

وولفويتز مخلص ل “اسرائيل” بالقدر ذاته. وقد وصفته مجلة “فوروارد” ذات مرة بأنه “أشد الأصوات الموالية ل “اسرائيل” تطرفاً في الإدارة الأمريكية” واختارته سنة ،2002 الأول من بين خمسين شخصية بارزة “تمارس النشاط اليهودي بوعي”.

وفي الوقت ذاته تقريباً منح (المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي) وولفويتز جائزة هنري جاكسون للخدمة المتميزة، عن دعمه الشراكة بين “اسرائيل” والولايات المتحدة، وأطلقت عليه صحيفة “جيروزاليم بوست” لقب “رجل العام، سنة 2003”، ووصفته بأنه “موال ل “اسرائيل” بورع”.

وأخيراً، نجد من المناسب إضافة كلمة مختصرة عن دعم المحافظين الجدد قبل الحرب لأحمد الجلبي، المنفي العراقي الذي كان يترأس المؤتمر الوطني العراقي.

فقد احتضنوا الجلبي لأنه كان يعمل على إقامة علاقات متينة مع الجماعات اليهودية الأمريكية، ويتعهد برعاية علاقات طيبة مع “اسرائيل” حالما يتسلم السلطة. وهذا بالتحديد ما كان مؤيدو تغيير النظام الموالون ل “اسرائيل” يريدون سماعه، ولذلك ساندوا الجلبي في المقابل.

وقد عرض الصحافي ماتيو بيرجر جوهر الصفقة في مجلة “جويش جورنال”، حيث قال: “إن المؤتمر الوطني العراقي يرى في تحسين العلاقات وسيلة للإفادة من النفوذ اليهودي في واشنطن والقدس، وحشد المزيد من الدعم لقضيته”.

أما الجماعات اليهودية، فقد رأت في ذلك فرصة لتمهيد السبيل لقيام علاقات أفضل بين “اسرائيل” والعراق، إذا انخرط المؤتمر الوطني العراقي في استبدال نظام صدام حسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق