[وكما أزاغ الله – جلت حكمته – أقواماً ببغضهم في
الصحابة الكرام ، أزاغ آخرين ببغضهم في أوليائه الصالحين .
فما خلا زمان ولا مكان من أولئك الذين احترفوا سوء الظن
بأولياء الله ، وخاضوا في أنواع القبيح من الكلام عنهم ولولا أنه – سبحانه وتعالى –
يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته لما تركهم يمشون على الأرض لحظة .
سمعت والدي – رحمه الله – وهو يحكي – أكثر من مرة – قصة
ذلك الشيخ الأزهري الذي كان يتباهى في كل مجلس يجلس فيه بالتطاول على أولياء الله
تعالى ، ويتسلى بسبهم ، خصوصاً سيدي " عبد الوهاب الشعراني " ، الذي هو
أرق من النسيم الساري .
فكان لا يسميه إلا " البعراني " .
وغفر الله لي أن تخط يدي حروف ما خاض فيه وأجرم .
قال أبي – وقد أبى أن يذكر اسم ذلك الشيخ في كل مرة
سمعته يحكي هذه القصة – قال : إنه – أي الوالد – كان في نفر من أصدقائه وبينهم ذلك
الشيخ " المتعوس " الذي استأذنهم في ذلك اليوم أن يذهب إلى دورة المياه
، وتأخر عليهم ، حتى ذهب واحد منهم ليطمئن عليه ، فدق عليه الباب فلم يُجب بشيء ،
فكسروا عليه الباب فإذا هو ميت ورأسه في فتحة المرحاض .
قال الوالد وهو يضحك : إن أحد الشيوخ عندما رأى هذا
المشهد راح يقول " شيء لله يا سيدي عبد الوهاب يا شعراني " !
رضي الله عن الإمام الشعراني ، لكم تحمل من الأذى في
حياته وبعد موته ، ولو خُيّر لاختار العفو عن المُسيء إليه ، ولكن الله الذي توعد
وحذّر وأنذر :
" من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب " .
من كتاب : [قصتي مع التصوف] وهو جزء من مذكرات خالد محمد
خالد – الطبعة الثالثة : دار المقطم للنشر والتوزيع – القاهرة – مصر – ذو الحجة
1426هـ - يناير 2006م .
إعداد وتقديم : محمد خالد ثابت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق