- في قوله تعالى {يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}
:
-
قال ابن الجوزي: [{ يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ }فيه أربعة أقوال :
أحدها
: يد الله في الوفاء فوق أيديهم.
والثاني
: يد الله في الثواب فوق أيديهم .
والثالث
: يد الله عليهم في المنّة بالهداية فوق أيديهم بالطاعة ، ذكر
هذه الأقوال الزجاج
والرابع : قُوَّة
الله ونُصرته فوق قُوَّتهم ونُصرتهم ، ذكره ابن جرير وابن كيسان.]اهـ
-
قال ابن عادل: [اعلم أنه قد وَرَدَ في القرآن آياتٌ كثيرة ناطِقَةٌ بإثْبَات
اليد ، فتارَةً ذكر اليد من غير بيان عددٍ كقوله تعالى : { يَدُ الله
فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [ الفتح : 10 ] ، وتارةً ذكر اليدين كما في هذه الآية ، وفي قوله تعالى لإبليس
عليه اللعنة { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ
}[ ص : 75 ] ، وتارة أثْبَت الأيْدي قال تعالى : {
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ
أَيْدِينَآ أَنْعاماً } [ يس : 71 ] ، وإذا عرف هذا
فَنَقُولُ :
اختلفت
الأمَّةُ في تَفْسِير يد اللَّه تعالى .
فقالت
المُجَسِّمَةُ : إنَّها عُضْو جُسْمَانِيٌّ كما في
حقِّ كُلِّ أحدٍ ، واحتَجُّوا بقوله تعالى : { أَلَهُمْ
أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ
بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ
أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } [ الأعراف : 195 ] ذكر
ذلك قد جاء في إلاهيَّةِ الأصنامِ ، لأجل أنَّهُ ليْسَ
لَهَا شيءٌ من هذه الأعْضَاء ، فلو لم يَحْصُل لِلَّهِ هذه
لزمَ القَدْحُ في كونه إلهاً ، فلما بَطُل ذلك ، وَجَبَ
إثْبَات هذه الأعْضَاء له ، قالوا : واسمُ اليد موضوع
لِهَذا العُضْو ، فَحَمْلُه على شيء آخر ترك للُّغَة ، وإنَّه
لا يجُوزُ .
والجوابُ
عنه : أنَّه تعالى ليس بِجِسْمٍ؛
لأنَّ الجسم لا ينفَكُّ عن الحَرَكَةِ والسُّكُون وهما
مُحْدَثَانِ ، وما لا يَنْفَكُّ عن المُحْدَثِ فَهُو
مُحْدَثٌ ، ولأنَّ كُلَّ جسم فهو مُتَنَاهٍ في
المِقْدَار ، وكلّ ما كان متناهياً في المقدار فهو محدثٌ ،
ولأنَّ كلَّ جسم فهو مؤلَّفٌ من الأجزاء ، وكلّ ما
كان كذلك افتقر إلى ما يؤلِّفُهُ ويُركِّبُهُ ، وكلّ
ما كان كذلك فهو مُحْدَثٌ ، فَثَبت بهذه الوجوه أنَّه
يمتنع كونه تعالى جِسْماً ، فيمتَنِعُ أنْ يكون عُضْواً
جُسْمَانِياً.
وأما
جمهور المُوَحِّدين فلهُمْ
في لَفْظِ اليَدِ قولان :
أحدهما : قول
من يقول : إنَّ القرآن لمَّا دلَّ على إثْبَات اليد للَّه آمنَّا باللَّه
، والعقْل دلَّ على أنَّه يمتنع أن يكون يدُ الله عبارة
عن جِسْم مخْصُوصٍ وعضو مُرَكَّب من الأجزاء والأبْعَاض
آمنَّا به ، فأمَّا أنَّ اليد ما هي وما حَقِيقَتُهَا ،
فقد فَوَّضْنَا مَعْرِفَتَها إلى الله تعالى ، وهذه
طَرِيقَةُ السَّلَفِ .
وثانيهما : قَوْلٌ
المُتكَلِّمِين فقالوا : اليدُ تذكر في اللُّغَة على وُجُوهٍ :
أحدُها
: الجَارِحَة
وثانيها : النِّعْمَةُ
: نقول : لفلان يد أشكُرُه عليها .
وثالثها : القُوَّةُ
: قال تعالى : {أُوْلِي الأيدي والأبصار} } ص : 45} فسَّرُوهُ بِذِي القُوَّةِ والعُقُول.
وحكى سيَبَويْه
أنَّهُم قالوا : "لا يَدَ لَكَ بِهَذا" والمعنى : سلب كمال
القُدْرَة
رابعها
: المِلْك فقال في هذه الصِّفَة : في
يَدِ فُلان ، أي : في مِلْكِه قال تعالى : { الذي
بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح } [ البقرة : 237 ] أي : يملِكُ ذلك .
وخامسها
: شِدَّةُ العِنَايَة والاخْتِصَاص ، قال :
{ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] ، والمراد : تخصيص آدم – عليه الصلاة والسلام - بهذا التَّشْرِيف
، فإنَّه تعالى الخالق لجميع المخلوقات ، ويُقَال : « يدي
رَهْنٌ لك بالوَفَاء » إذا ضمنت له شَيْئاً .وإذا عُرِفَ
هذا فَنَقُول : اليد في حقِّ اللَّه تعالى مُمْتَنِعٌ أن
تكون الجارِحَة ، وأما سائر المعاني فكُلُّهَا حَاصِلَة .]اهـ
-
وقال الرسعني ( 6/361) في قوله تعالى : {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا
أنعاما فهم لها مالكون} [أي : عملناه بغير واسطة ولا شِركة . وهذا
معنى قول السدي .
قال
الحسن : الأيدي : القوة ، كما قال
تعالى : {والسماء بنيناها بأيد}.]اهـ
- وقال في ( 6/517) : [قوله تعالى : {لما خلقت
بيدي} أي : توليت خلقه بنفسي.]اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق