بحث

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

التنزيه والتأويل في تفاسير الحنابلة . [2]



* - عن قَوْلُهُ تَعَالَى: "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ"

قال ابن أبي حاتم في تفسيره : [عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ:" " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ " ، قَالَ
: إِذَا خَفَى عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَابْتَغُوهُ فِي الشِّعْرِ فَإِنَّهُ دِيوَانُ الْعَرَبِ، أَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
اصْبِرْ عَنَاقُ إِنَّهُ شَرٌّ بَاقٍ قَدْ سَنَّ لِي قَوْمُكَ ضَرْبُ الْأَعْنَاقِ وَقَامَتِ الْحَرْبُ بِنَا عَلَى سَاقٍ"
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:"هَذَا يَوْمُ كَرْبٍ وَشِدَّةٍ "
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ " ، قَالَ: هُوَ الْأَمْرُ الشَّدِيدُ الْمُفْظِعُ مِنَ الْهَوْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".]اهـ

- قال ابن الجوزي في زاد المسير: [{ يوم يُكْشَفُ } المعنى : فليأتوا بها يوم يكشف عن ساق . قرأ الجمهور : «يُكْشَفُ» بضم الياء ، وفتح الشين . وقرأ ابن أبي عبلة ، وعاصم الجحدري ، وأبو الجوزاء ، بفتح الياء ، وبكسر الشين . وقرأ أبي بن كعب ، وابن عباس : «تَكْشِف» بتاءٍ مفتوحة ، وكسر الشين . وقرأ ابن مسعود ، وأبو مجلز ، وابن يعمر ، والضحاك : «نَكشف» بنون مفتوحة مع كسر الشين . وهذا اليوم هو يوم القيامة . وقد روى عكرمة عن ابن عباس «
يوم يُكْشَفُ عن ساق» قال : يُكْشَفُ عن شِدَّةٍ ، وأنشد:
وَقَامَتْ الحَرْبُ بِنَا عَلَى سَاقْ ... وهذا قول مجاهد ، وقتادة .
قال ابن قتيبة : وأصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إِلى معاناته والجدّ فيه ، شمّر عن ساقه ، فاستعيرت الساق في موضع الشدة ، هذا قول الفراء ، وأبي عبيدة ، واللغويين . وقد أضيف هذا الأمر إِلى الله تعالى . فروي في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " يكشف عن ساقه " ، وهذا إضافة إليه ، لأن الكل له وفعله . وقال أبو عمر الزاهد (غلام ثعلب النحوي الحنبلي) : يراد بها النفس ، ومنه قول علي رضي الله عنه : أقاتلهم ولو تلفت ساقي ، أي : نفسي . فعلى هذا يكون المعنى : يتجلّى لهم.]اهـ

- قال ابن عادل الحنبلي في اللباب: [فصل في "الساق" قال ابن عباس في قوله تعالى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } ، قال : كرب وشدة .
وعن مجاهد : شدة الأمر وحده .
وروى مجاهد عن ابن عباس قال : أشد ساعةٍ في القيامة .
وقال أبو عبيدة : إذا اشتد الأمر ، أو الحرب قيل كشف الأمر عن ساقه .
والأصل فيه : أن من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد ، شمر عن ساقه ، فاستعير الساق والكشف عنها في موضع الشدة.
وقيل : ساق الشيء : أصله الذي به قوامه كساق الشجرة ، وساق الإنسان ، أي : يوم يكشفُ عن أصل الأمر ، فتظهر حقائق الأمور ، وأصلها.
وقيل : يكشف عن ساق جهنم .
وقيل : عن ساق العرش .
وقيل : يريد وقت اقتراب الأجل وضعف البدن ، أي : يكشف المريض عن ساقه ليبصر ضعفه ، ويدعوه المؤذنون إلى الصلاة ، فلا يمكنه أن يقوم ، ويخرج.]اهـ

- قال عز الدين عبد الرازق بن رزق الله الرَّسْعَني الحنبلي في كتابه ( رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز ) (8/239) :قوله تعالى : {يوم يكشف عن ساق} قال عكرمة : سئل ابن عباس عن قوله : {يوم يكشف عن ساق} فقال : إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر ؛ فإنه ديوان العرب ، أما سمعتم قول الشاعر:
وقامت الحربُ بنا على ساق
هو يوم كرب وشدّة .
وهذا قول كثير من المفسرين واللغويين . وقال مجاهد عن ابن عباس : هي أشد ساعة في القيامة .
وقال عكرمة : إذا اشتد الأمر في الحرب ، قيل : كشفت الحرب عن ساق . أخبرهم الله تعالى بشدة ذلك اليوم .
قال ابن قتيبة : أصل هذا : أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجدّ فيه ، قيل : شمَّر عن ساقه ، فاستعير الكشف عن الساق في موضع الشدة .فتأويل الآية : يوم يشتد الأمر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى أن يُكشف عن ساق .
فصل : اعلم أنني سلكت في تفسير هذا الحرف سبيل كثير من علماء السنة ، وسوَّغ ذلك : أن ابن عباس والحسن في جماعة من التابعين فسَّروه بهذا التفسير ، ونقله الإمام أحمد ورواه.
قال الزجاج في معانيه : أخبرنا عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال : حدثنا أبي ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : قال ابن عباس في قوله:{يوم يكشف عن ساق} : الأمر الشديد وقاعدة مذهب إمامنا في هذا الباب : اتباع السلف الصالح ، فما تأولوه تأولناه ، وما سكتوا عنه سكتنا عنه ، مفوضين علمه إلى قائله ، منزهين الله عما لا يليق بجلاله .وذهب جماعة من علماء السنة إلى إلحاق هذا بنظائره من آيات الصفات وأخبار الصفات. ورووا عن عبدالله بن مسعود في قوله : {يوم يكشف عن ساق} قال : عن ساقه جلّ ذكره.
ثم ذكر استدلالهم بحديث الشيخين : " يكشف ربنا عن ساقه" ...، وذكر أثر مقاتل بن سليمان عن ابن مسعود في الآية السابقة - وتعقبه فقال : وهذا إن ثبت عن ابن مسعود من طريق يوثق به غير طريق مقاتل فمقبول ، وإلا فمقاتل لا يثبت حديثه عند أهل العلم بالحديث.
وقد أشرنا إلى مذهب أهل السنة في هذه الآية تأويلا وسكوتاً.
ومذهب الورعين عن الخوض في تأويلها أسلمُ المذهبين ، وأشبه بأصول صاحب المذهب ، الإمام أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، رضي الله عنه ، ورزقنا الاهتداء بأنواره ، والاقتداء بآثاره. ]اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق