بحث

السبت، 12 أبريل 2014

هرمجدون : الحلقة الثالثة

ويتنبأ الباحثون في شأن الطوائف المسيحية بأن التيار الصهيوـ مسيحي ـ يسمى هكذا صواباً أو خطأ ـ سوف
يستقطب مع مطلع عام 2050 نصف المسيحيين.

ووفقاً لهذه الدراسات التي أجريت حديثاً فإنها ستصبح الديانة السائدة في القرن الحادي والعشرين.

أما بالنسبة للمسيحيين التقليديين فإنهم مجبرون بالتنصير من جديد والتصديق بفكرة اللقاء المباشر بينهم وبين المسيح ـ بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان والله ـ كما يزعمون!!

"قال جورج بوش الإبن قبل شنه الحرب على العراق مبينا نموذجه الفلسفي الأعلى:"إنه السيد المسيح، وإنه على تواصل دائم معه".
 
وبما أن المسيحيين يؤمنون بالحلول وإمكانية حلول المسيح في أجساد البشر صدقوا قول بوش على أن المسيح حل فيه وتجسد في شخصه، وأصبحت العناية الإلهية تتكلم على لسانه، وهي من أصدرت الأمر بالحرب على العراق وأفغانستان.

وقال في إحدى تصريحاته التي نقتلها وسائل الإعلام الأمريكية:

"أنه التقى يوماً بالمسيح حين كان عمره أربعين عاماً وذلك في الوقت الذي كان مفرطاً في شرب الخمر، فقام وقتها الأب الإنجيلي (بيلي غراهام) مترجم الرئيس الأمريكي، بدور السفير والوسيط بين المسيح وبوش، فامتثل هذا الأخير لنصيحة المسيح وأقلع عن الشراب ومن ثم بدأ حياة جديدة .

تقول القصة كما يرويها (بيلي جراهام):

لقد جاء على أثر ذلك ميلاده الجديد مع المسيح فجعل له أجنحة يطير بها، وبمساعدة المسيح الذي تجسد في صورته استطاع أن يصل إلى منصب حاكم ولاية تكساس، ثم أوصلته العناية الإلهية إلى الرئاسة الأمريكية، مما جعله يتحول كلياً من مدمن للخمر إلى إنجيلي يؤمن بإرساء أفكاره الإنجيلية للعالم .

وقد زعم بوش في مرات عديدة كونه مبعوثاً من قبل الله رحمةً للعالمين ومخلصاً للشعوب التي ما زالت ترزح تحت يد الطغاة والظالمين.

وأظهر نفسه كمرشح للإله في عيون الإنجيليين الأمريكيين، وبذلك استطاع أن يكسب تأييد الغالبية العظمى منهم.

وفي هذا الشأن ذكرت بعض المصادر الأمريكية أن الراعي (بات روبنسون) مؤسس التحالف المسيحي صاحب الغالبية من الأمريكيين، والراعي السابق للقناة الإنجيلية "قناة الأسرة" أعلن تأييده المطلق لبوش قائلاً:

"إنني أسمع الله يقول لي: إن الانتخابات في 2004 ستكون انفجارًا، وإن جورج دبليو بوش سوف يفوز فيها بسهولة، بغض النظر عما يفعله سواء كان طيباً أو سيئاً.

فالله يسانده لأنه رجل تقي، والله يباركه".

وقد أوضح هذا الراعي أن العالم لن ينعم بالاستقرار ولن يسوده السلام ما لم تحكم أمريكا وحليفتها إسرائيل العالم بأسره، وذلك حسب تصريحه:

"لن يكون هناك سلام عالمي قبل أن يقوم بيت الله وشعب الله بدورهم القيادي على رأس العالم".

فالترويج من قبل الحركات الإنجيلية لفكرة "المصير الواضح" ساعد في تنصير غالبية الشعب الأمريكي لصالح المذهب الإنجيلي المتطرف الذي يضم حالياً ربع السكان أي ما يفوق نسبته 70 مليون أمريكي بحيث امتد انتشاره بشكل قوي وسريع إلى كل أنحاء العالم وربط جذورهم بالعالم الإسلامي لتحويل المسلمين إلى إنجيليين يؤمنون بفكرة "هرمجدون" و " المصير الواضح".

ما يعني أنه بحلول سنة 2050 يكون أنصار المذهب الإنجيلي المتطرف قد انضم إلى صفوفهم غالبية الشعب الأمريكي والنصارى في العالم، ولا يبقى أمامهم إلا تنفيذ الفكرة التي تقوم عليها مبادئ هذا التيار، وهو الذهاب إلى حرب كونية تستخدم فيها جميع أسلحة الفناء والدمار الكلي.

والجدير بالملاحظة أن البيت الأبيض يولي اهتماماً كبيرا لهذه الحركة ويتابع نشاطها وبناء الكنائس الإنجيلية باستمرار ويحث على زيادة عددها وتقديم الدعم لها وحماية المبشرين للمذهب الإنجيلي، وأصدار قوانين تحمي هؤلاء باسم حرية الأديان في العالم.

ومعاقبة كل من يتجرأ على عرقلة عملها، حتى أنه أصبح يوجد في دولة خليجية عربية لا يتجاوز عدد سكانها 3 مليون نسمة 35 كنيسة.

ورغم أن أمريكا الجنوبية كان معظم شعوبها تدين بالمذهب الكاثوليكي وأرضاً محرمة على المذهب البروتستانتي إلى غاية سنة 1970، وكانت جميعها تؤمن بعقيدة التحرير المعادية للإمبريالية .

إلا أنها بدأت في السنوات الأخيرة تتحول إلى اعتناق المذهب الجديد الذي تقوم مبادئ عقيدته على الطائفية وتفضيل اليهود عن سائر الشعوب.

أما أمريكا الوسطى فلا حديث عنها إذ أصبحت أرضا خاصة بالمتطرفين الإنجيليين الجدد، بل أنه من المؤكد حسب الأخبار الواردة من هناك فإن رئيس إحدى هذه الدول الذي كان سابقاً راعياً لكنيسة إنجيلية لم يتورع في إبادة آلاف الهنود الذين لا يدينون بهذا المذهب.

ونظرا للدعم اللامحدود الذي تتلقاه من قبل مختلف المنظمات الغربية جعلها تستفيد من القوانين الجديدة لحماية حرية الأديان واستطاعت بفضل البعثات التبشيرية المدعمة من قبل البيت الأبيض من تحويل معظم المسيحيين التقليديين إلى الإيمان بعقيدة المصير المحتوم.

يقول المدير التنفيذي للتليفزيونات الدينية القومية الأمريكية (بين أرمسترونج) في شأن الاكتساح الكبير الذي حققه المبشرون: "

الأمر يتعلق بغزو أراضٍ محددة من أجل المسيح وهي أمريكا اللاتينية، والتليفزيون هو قوتنا الجوية، في حين أن المهتدين الذين يتنقلون من منزل إلى منزل هم قوات المشاة الخاصة بنا".

ويتمنى راعي التليفزيونات الدينية أن يرى العالم كله متحداً على الفكرة الدينية التي يروج لها عبر تليفزيوناته، يقول:

"أتمنى رؤية كل العالم متحداً بواسطة قمر صناعي."

وتعد البرازيل الدولة الإنجيلية الثانية بعد الولايات المتحدة باعتبارها أصبحت تؤيد بقوة هذا التيار على المذهب التقليدي وتوفر له كل أسباب الدعم المادي والمعنوي حتى يتمكن من احتواء المذاهب الأخرى، والتقليل من تأثيرها على الناس وتعطيل نشاطاتها التبشيرية.

بل أن الدولة هناك أصبحت تنافس الولايات المتحدة في نشر عقيدة الإنجيليين المتطرفين.

وتعمل الفرق التبشيرية الإنجيلية في قارة إفريقيا بنشر تلك العقيدة بشكل سريع وملفت وقد استطاعت إلى حد الآن أن تستقطب غالبية المسيحيين الذين كانوا على عقيدة المذهب الكاثوليكي المنتشر في هذه البلاد.

واستطاعت بناء العديد من الكنائس الكونية لمملكة الرب الإنجيلية.

ولم يكن المغرب الإسلامي بمنأى عن المد الإنجيلي إذ تحدثت التقارير عن وجود العديد من أفراد المبشرين في المغرب الكبير يعملون لإخراج المسلمين من دينهم.
 
وفي الجزائر وجدت هذه البعثات الإنجيلية أرضاً خصبة لغزوها وزرع بذورها، حيث استطاعت بناء عدة كنائس بروتستانتية إنجيلية في شمال البلاد.

وهي تعمل ليل نهار لاستقطاب الناس وتحويل تلك المناطق إلى قلاع إنجيلية، وهناك أجانب يرعون هذه العملية ويقومون بزيارات تفقدية وتحسيسية من جنسيات فرنسية ومصرية وأردنية يعملون لتوسيع بناء الكنائس ولجلب عدد أكبر من المتنصرين.

فضلاً عن أن المبشرين المحليين يقومون بزيارات مستمرة لكنائس إنجيلية خارجية تمنحهم تدريبات حول طرق التبشير وكيفية استقطاب الشباب العاطل والمهمش وشراء ذممهم بالمال ومنحهم تأشيرات الخروج للقيام برحلات إلى أوروبا.

ذكرت إحدى الجرائد الأمريكية أن جامعة كولومبيا بكارولينا الجنوبية تخرج منها العديد من المبشرين الذين تدربوا على أساليب مختلفة في التبشير، أهمها كيفية تصفية الإسلام من العالم وكيفية استغلال أوضاع الناس المزرية وشراء ذممهم والتشكيك في دينهم وغرس فكرة أن الإسلام دين إرهاب وتخلف في نفوسهم.

ولعل انتشار ظاهرة البرمجة اللغوية العصبية والتنويم المغناطيسي تصب في هذا الاتجاه، إذ من ضمن ما يعتبرونه سيئاً دين المسلم، وبالتالي وجب أن يمسحوا من عقله كل ما هو سيء واستبداله بعقيدة وحدة الأديان لخدمة مصلحة الإنجيليين وعبدة الشيطان.

وما قاله (بوش) يوم صرح بشن حرب صليبية على الإسلام لم يكن زلة لسان.

ويوم صرح أنه يجب على أمريكا أن تحكم العالم كذلك لم تكن زلة لسان، وإنما عبر عن رغبة حقيقة راسخة في عقيدة الإنجيليين.

وهم القائلون :


"إن الله جعل الأمريكيين سادة العالم، وهم من يحق لهم أن ينظموه، من أجل إقامة النظام عندما تسود الفوضى".
 
وإذا كان هذا هو اعتقادهم الصحيح فإن نواياهم تعمل في اتجاه تحويل العالم إلى قطب واحد يسوده دين واحد.
 
لكن لا شك أن المسلمين بدأوا يدركون خطورة المشاريع التي يقدمها هؤلاء لهم في صور زائفة. وقد يستطيع الإنجيليون الجدد أن يحولوا شعوب بلدانهم إلى إنجيليين يؤمنون بفكرة المصير المحتوم، ولكن من الصعب عليهم أن يخرجوا مسلماً واحداً يعرف دينه،
 
والذين اعتنقوا النصرانية الجديدة في بلاد الإسلام، هم أصلاً لم يكن لهم دين، ولا يعرفون عن الإسلام شيئاً.

وكل هذه الحملات العسكرية والدعايات تدخل في إطار مساعي يبذلها الغرب من أجل تعبئة الناس للحرب القادمة بين جيوش (الخير والشر) في (هرمجدون).

وقصارى القول فإن نهاية العالم حسب اعتقاد هذا التيار ليست مدعاة للقلق مقارنة بما سيكون بعد هذا الحدث الكبير، إنما يبدو الأمر صعباً في كيفية التعامل مع موجة الأحداث التي تسبقها، وعلامات الأزمنة التي تبشر بقدوم المسيح الثاني، منها:

عودة اليهود جميعاً إلى فلسطين، وإعادة بناء الهيكل وقيام دولة إسرائيل على هذه الأرض وظهور المسيح الدجال ومشروع استخدام السلاح النووي لتحقيق مقاصد الله في ملحمة هرمجدون.

تقول الكاتبة هيلينه كوبان:

"قرأنا جميعا التحليلات الإخبارية التي تشير إلى أن أقوى دعم سياسي حصل عليه الرئيس الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية لم يكن من الطائفة اليهودية الأميركية، ولكن من الجمعيات القوية لليمين المسيحي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق