بحث

السبت، 12 أبريل 2014

هرمجدون : الحلقة الأولى

تتزايد أعداد تيار الصهيو ـ مسيحية اليوم في أوروبا عامة وفي أمريكا خاصة بشكل كبير، وأمتد تأثيره إلى أعلى الشخصيات النافذة في الدولة
.

وأصبح معظم رؤساء الولايات المتحدة يعتنقون مذهب هذا التيار ويؤمنون بمعركة المصير الأخيرة (هرمجدون) كما يسمونها، وأصبح مصير العالم على كف عفريت.
 
نظراً لأن معظم رؤساء الولايات المتحدة يؤمنون بحرب هرمجدون النووية، فقد حررت ملاحظات كثيرة في السبعينات عن الرئيس ريغان تؤكد أنه كان من أشد المؤمنين بهذاه الحرب وبأيديولوجيتها.

ففي عام 1984 عقد معهد الأبحاث المسيحي مؤتمراً صحفياً خصصه لموضوع ريغان، وما مدى إيمانه (بهرمجدون.( 
وكانت الصحف الأمريكية يومها قد تناولته على نطاق واسع.

وتساءلت :
 
إن إيمان رئيس الولايات المتحدة بنشوب حرب نووية يرسم علامات استفهام محيرة ومثيرة، وهل بإمكان رئيس يعتنق هذا الفكر الديني يعمل بجدية من أجل الحد من التسلح؟

وهل يكون مثل هذا الرئيس في حالة نشوب أزمة نووية متروياً وعاقلاً؟

أو ربما تدفعه حماقته إلى الضغط على الزر النووي، إذا كان يشعر في قرارة نفسه أنه بهذا العمل سيساعد الله في مخططاته التوراتية ـ الإنجيلية المقررة مسبقا لنهاية العالم؟

وعلى هذا النهج سار رئيس الولايات المتحدة (ريغان) و (بوش)، وقد كان الأول يتطلع للصهيونية كطموح جوهري حسب قوله: " إنني دائما أتطلع إلى الصهيونية كطموح جوهري لليهود، وبإقامة دولة إسرائيل تمكن اليهود من إعادة حكم أنفسهم بأنفسهم في وطنهم التاريخي ليحققوا بذلك حلما عمره ألفا عام".

وفي هذا الصدد قام (أندرو لانغ) مدير الأبحاث في المعهد المسيحي بإجراء دراسة معمقة عن ريغان وعن نظرية هرمجدون، وتوصل إلى نتيجة مفادها أن الأصولي المؤمن بنظرية هرمجدون يقرأ الكتاب المقدس كما يقرأ قاموسا ليتنبأ بالمستقبل.

ويقول " أن هؤلاء أمثال (فالويل) و (هول ليندسي) و (وبات روبتسون)، وغيرهم من قادة اليمين المسيحي الجديد، يعتقدون أن الكتاب المقدس يتنبأ بالعودة الحتمية الثانية للمسيح بعد مرحلة من الحرب النووية العالمية أو الكوارث الطبيعية والانهيار الاقتصادي والفوضى الاجتماعية...". ويقول:

"إنهم يعتقدون أن هذه الأحداث يجب أن تقع قبل العودة الثانية، كما يعتقدون أنها مسجلة بوضوح في الكتاب المقدس،وقبل السنوات الأخيرة من التاريخ، فإن المسيحيين المخلصين سوف يرفعون ماديا من كل وجه الأرض ويجتمعون بالمسيح في الهواء، ومن هذه النقطة سيراقبون بسلام الحروب النووية والمشاكل الاقتصادية، وفي نهاية المحنة سيعود هؤلاء المسيحيون المولودون ثانية مع المسيح كقائد عسكري لخوض معركة هرمجدون، ولتدمير أعداء الله، ومن ثم يحكموا الأرض لمدة ألف سنة... ويقول:

"أن ريغان سأل غراهام (هل تعتقد أن يسوع المسيح سيأتي في سرعة؟ وما هي مؤشرات قدومه إذا كان الأمر كذلك؟

رد غراهام (إن المؤشر هو أن المسيح يقف خلف الباب وسيأتي في أي لحظة"!!!

في مقابلة صحفية أجراها الصحفي (روبرت شير) في مارس 1981 مع جيري فولويل، كشف أن الرئيس ريغان قال له:
"
 إن تدمير العالم قد يحدث سريعاً جداً، وإن التاريخ سيصل إلى ذروته...

وأنه لا يعتقد أنه بقي أمامنا خمسون سنة أخرى...
 
وأن معظم المؤمنين (بالتدبيرية) ينظرون إلى روسيا على أنها شيطانية، وأنها تمثل إمبراطورية الشيطان ".
 
وكتب ميلز مقالة، قال فيها:

"يبدو لي أن معظم قرارات ريغان السياسية متأثرة بنظرية الحرب النووية في هرمجدون...

وأن سياسات الرئيس ريغان الداخلية والمالية كانت منسجمة مع التفسير اللفظي للنبوءات التوراتية. الإنجيلية، فلا يوجد سبب للغضب حول مسألة الدين الوطني إذا كان الله سيطوي العالم كله قريبا؟!

فلماذا الاهتمام وإضاعة المال والوقت من أجل المحافظة على أشياء لمصلحة أجيال المستقبل طالما أن كل شيء سيذهب في النهاية طعماً للنار...؟!
 
إن جميع البرامج المحلية وخاصة تلك التي تتطلب إنفاقاً رئيساً، يجب أن تعلق من أجل توفير المال لتمويل تطوير الأسلحة النووية من أجل إطلاق الحمم المدمرة على الشياطين أعداء الله وأعداء شعبه.
 
وأضاف ميلز:

" لقد كان ريغان على حق عندما أعتقد أن أمامه فرصة لينفق المليارات من الدولارات استعداداً لحرب نووية مع يأجوج ومأجوج".

ويقول الرئيس الأمريكي السابق (جيمي كارتر):

"
لقد آمن سبعة رؤساء أمريكيين، وجسدوا هذا الإيمان في أن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل هي أكثر من علاقة خاصة، بل هي علاقة فريدة لأنها متجذرة في ضمير وأخلاق ودين ومعتقدات الشعب الأمريكي نفسه.

وقد شكل إسرائيل والولايات المتحدة مهاجرون رواد، ثم إننا نتقاسم معهم تراث التوراة ".

فقد كان الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان يؤكد في معظم تصريحاته على إيمانه بالنبوءات التوراتية وبحتمية وقوع حرب نووية في هرمجدون.

بل كان باله منشغلاً بها على الدوام، وفي هذا السياق يقول:
"
إن جميع النبوءات التي يجب أن تتحقق قبل هرمجدون قد تحققت، ففي الفصل 38 من حزقيال ذكر أن الله سيأخذ أولاد إسرائيل من الوثنيين حيث سيكونون مشتتين ويعودون جميعهم مرة ثانية إلى الأرض الموعودة.

لقد تحقق ذلك أخيراً بعد ألفي سنة، ولأول مرة يبدو أن كل شيء في مكانه بانتظار معركة هرمجدون والعودة الثانية للمسيح...

وكان يسمي الاتحاد السوفييتي سابقاً بيأجوج ومأجوج ".

يقول الباحثان (لآرى جونز) و (أندرو لانغ) في المعهد المسيحي الإنجيلي في مدينة واشنطن:
"
 إن دراساتهما تقنعهما بأن ريغان قبِلَ في الماضي تفسيراً توراتياً لنبوءة تقول:
"
 بأن هرمجدون نووية هي أمر لا يمكن تجنبه".
 
وتقول غريس هالسل 
:
"كان (رونالد ريغان) واحداً من الذين قرأوا كتاب (آخر أعظم كرة أرضية)، فهل هو مثل (هول لندسي) يؤمن بأن الله قد قضى على هذا الجيل بالتحديد، الذي يعيش في الوقت الحاضر، أن يدمر الكرة الأرضية؟

وهل بدأنا عملية العد العكسي للقضاء على أنفسنا؟".

والمعلوم أن هذا الرجل قبل أن يصل إلى رئاسة الولايات المتحدة كان قد تولى منصب حاكم ولاية كاليفورنيا، وهي ولاية توجد فيها حركات دينية متطرفة من أمثال حركة "بوابة السماء" التي ادعى اتباعها سنة 1997أن ساعة نهاية العالم قد دقت، فقاموا وقتها بانتحار جماعي.

ومنها "الكنيسة العلمية" التي تعد أكبر كنيسة في أمريكا، وكنيسة " المسيح الدولية".

وفي إحصاءات أمريكية تم تسجيل نحو ألفي حركة دينية، حيث بلغ عددها في بريطانيا وحدها 1600 حركة. وفي ظل تنامي هذه الحركات الدينية المتطرفة بدأت حماية أمن المجتمعات في هذه البلدان تضيق، وأصبحت الولايات المتحدة التي تتهم المسلمين بالإرهاب ينبوعاً للحركات الأصولية الداعية إلى حرب تستخدم فيها الأسلحة النووية.

ولا شك أن هذه الحركات تتمتع بنفوذ قوي ولها تأثير مباشر في صناعة القرار السياسي الأمريكي، وبالأخص تجاه سياسة الشرق الأوسط .

ويبدو أن عملها إلى جانب السلطة لا يقتصر على مجرد تقديم تفسيرات دينية معينة، ولكنها تريد أن تسيطر على صياغة القرارات من الصراع العربي الإسرائيلي، وتصنعه بنفسها.

ولذك فإن الكثير من القرارات الأمريكية بشأن الشرق الأوسط على عهد بعض الرؤساء أملتها المعتقدات الدينية الأصولية لهذه الحركات.
ونظراً لتأثيرها على أصحاب القرارات بات من الضروري أن تتجاوب السياسة الأمريكية مع تلك المعتقدات وتلتزم بها كمعطى إلهي مقدس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق