بحث

السبت، 12 أبريل 2014

هرمجدون : الحلقة الثانية .

ومن منطلق تلك المعتقدات أصبحت عودة المسيح الشغل الشاغل اليوم لدى الأمريكيين، رغم أنهم يرونها مشروطة
بقيام دولة صهيون الكبرى وبحرب هرمجدون النووية.

وبالتالي وجب على اليهود الهجرة من أنحاء أقطار العالم إلى فلسطين لاستيفاء شروط عودة المسيح.

وقد لعبت سياسة الاعتقاد بأن اليهود هم شعب الله المختار دوراً أساسياً في إعفاء إسرائيل من الامتثال إلى القوانين والمواثيق الدولية .

وعلى هذا الأساس أصبح منطق الصهيو ـ مسيحية يلتقي مع الصهيونية في الغايات والأهداف. 

تقول (غريس هالسل):

"يؤمن المسيحيون في مدينتي أيضاً بأن عمر الكون هو 6 آلاف سنة 
...
وأن اليهود هم شعب الله المختار، وأن الله أعطى الأرض المقدسة إلى شعبه المختار اليهود".

كتبت صحيفة واشنطن بوست الصادرة بتاريخ 3 فبراير 1986 مقالاً بينت حجم المخزون النووي الذي قيل أنه سوف يستخدم في الحرب القادمة، تقول الصحيفة :

"إن القدرة التدميرية الإجمالية للقوة النووية في العالم اليوم (كما قال وزير الدفاع السابق كلارك كليفورد أمام نادي الصحافة الوطني في واشنطن) هي مليون مرة أكبر من القنبلة التي أسقطت على هيروشيما.

ومع ذلك تساءل كليفورد عن ماذا يجب علينا أن نفعل؟
 
وأجاب: نحن نمضي قدما في صناعة المزيد"

ومن بين ما يذيعه قساوسة الحركات الإنجيلية والتوراتية يومياً عبر عدد من محطات تليفزيونية من خلال برامج مخصصة لعودة المسيح، تأكيدهم على أن حرب هرمجدون قادمة لا محالة، وأنه لا سلام على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط من دون عودة المسيح المنتظر.
 
وأن أي دعوة للسلام قبل مجيئه سفاهة، وكفر وضد كلمة الله والمسيح.

وهذا النوع الخطابي يلقى رواجاً وقبولاً واستحساناً مذهلاً من قبل قطاعات واسعة متتبعة للمحطات المروجة للحرب النووية القادمة في هرمجدون.

ولذا أصبحت غالبية المجتمع الأمريكي تؤمن بحرب هرمجدون وتعتبرها حقيقة وقدر، ويقدرون عدد قتلاها بما يفوق 3 مليار نسمة.

ولكن هذا العدد من الأموات ليس له قيمة كما يقولون في سبيل عودة المسيح المخلص من الشر والخطيئة.

نشاط الحركة الصهيومسيحية أنشأت أجيالاً متطرفة لا تؤمن إلا بالطغيان وسحق الآخرين ولها مواقف عدائية تجاه المسلمين، وهي تقف أمام كل مشروع سلام في منطقة الشرق الأوسط، ولها من السلطة والنفوذ في المؤسسات الرسمية ما يجعل أروقة القرار المختلفة واقعة تحت سيطرتها.

يقول الأب الروحي (إيرفين كريستول):

إن الولايات المتحدة الأمريكية دولة خلقت لتكون إمبراطورية.
 
وهو ما يعكس مواقفها في إفشال كل قرار ينص على إدانة إسرائيل، وتلزم الدول الضعيفة بتنفيذ القرارات الأممية، وهي لا تلتزم بأي قرار، بل هي من تقرر وتعاقب وتنفذ القرار.

فظهور فكرة الإرهاب في العقد الأخير على المسرح العالمي أوجدت مبررات كثيرة للولايات المتحدة لممارسة سياسة القمع والعدوان والتخلص من أي معاهدة تنقص من هيمنة أمريكا على العالم، وإلصاق التهم بأي دولة لا تمتثل للأمر الأمريكي.

ومنها معاهدة نشر الصواريخ الباليستية التي كان بموجبها تقليص هذه الأسلحة وعدم الشروع في صناعة أسلحة أكثر منها تطوراً.

ولكن الهجوم الذي وقع في 11 سبتمبر2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك عزز لدى الشعب الأمريكي من صدق نبوءات المنجمين ومنها نبوءة الكاهن "نوستراداموس" التي قيل أنه تنبأ بهذه الحادثة قبل قرون، ما دفع وزير الدفاع الأمريكي إلى البحث عن إيجاد صيغة جديدة للتحايل على معاهد (إيه بي أم) قائلاً:

لقد بدأنا متأخرين سباقا ضد الزمن…"، وأبدى رغبته في تسريع برنامجها للدرع المضاد للصواريخ لتكون في مستوى الحرب الكونية القادمة "هرمجدون."

وخلافاً لما تدعيه السياسة الأمريكية من كونها أبدت تخوفاً من هجومات صاروخية محتملة قد تقوم بها دول تكن عداءً لها مثل إيران وكوريا الشمالية، إلا أن مبرراتها تبدو في نظر بعض الأوروبيين واهية وغير مقتنعة حيال هذا الطرح.

وترى أن نوايا الولايات المتحدة قصدها التملص من المعاهدات الدولية التي تسعى لتخفيض حجم الأسلحة النووية.
 
والأغرب أن بعض ساسة الإدارة الأمريكية يثقون في الإله الذي يقال أنه يكلم (بات روبرتسن)، بما هو آت في المستقبل القريب والبعيد وبكل الحروب والنزاعات القادمة ومن سيكون الرابح والخاسر فيها.

وإذا سلمنا بصحة ما يدعون، فلِمَ لمْ يخبرهم هذا الإله الكاذب بالهجوم الذي شنته جماعة القاعدة قبل وقوعه على أراضي الولايات المتحدة؟

وإنه لمن دواعي السخرية أن تعلم آلهة أمريكا تفاصيل حروب مستقبلية لم تقع وتجهل هجوماً حضره أشخاص على مدى سنوات فوق أراضيها !!

أين كان هذا الإله الذي يعلم المستقبل ويجهل ما يحدث في الزمن المنظور !!

فلم لم يشعرهم مسبقاً بالصاعقة التي نزلت على رؤوسهم وأذلتهم في عقر ديارهم ؟

ثم أين يختبئ الأشخاص المطلوبين لديهم أمنياً ؟

طبعاً لا يعلم الإله الأمريكي الغيب.

لأن هذه التي يسمونها آلهة لا تعدو كونها قرناء هؤلاء ركبوا رؤوساً لخلق الدسائس والفتن في العالم.

أليست أمريكا اليوم تسعى لتحقيق أسفار الوصايا التوراتية حرفياً وتجعل من رعاع البشر خدما لبني صهيون.

يقول إله صهيون في سفر أشعيا:

"قد اجتمعوا كلّهم لأنّه تتحوّل إليك ثروة البحر. ويأتي إليكِ غِنى الأمم. وبنو الغريب يبنون أسوارك. وملوكهم يخدمونك. ليؤتى إليك بغنى الأمم، وتُقادُ ملوكهم. لأنّ الأمم والمملكة التي لا تخدمك.تبيد وخرابًا تخرب الأمم".

وكذلك أليس ما تقوم به أمريكا اليوم من فرض سياسة القهر والإبادة الإنسانية وصايا توراتية قديمة تطبقها في أرض الواقع على الشعوب التي تعادي إسرائيل، وتنفيذاً لمثل هذا السفر التوراتي :

"ويقف الأجانب ويرعون غنمكم. ويكون بنو الغريب حرّاثيكم و كرّاميكم. أمّا أنتم فتُدعَون كهنة الرّبّ. تُسمّوْن خدّام إلهنا. تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتآمرون".

ومن العين التوراتية تنظر أمريكا اليوم إلى شعوب العالم بوصفها عبيد خلقت لخدمة مشاريعها الطغيانية واستنزاف مواردها وثرواتها بالطريقة التي تريد وتتآمر عليها عسكرياً، وتعتبر ذلك تطبيقاً لتعاليم الرب، ومن خالف سياستها من دول العالم كمن خالف وصايا الرب:

"إيّاك يا إسرائيل قد اختارك الرب إلهُك لتكون له شعبًا خاصًّا من جميع الشّعوب الذين على وجه الأرض".

ويبدو أن منجمي البيت الأبيض أصبحوا يتقنون أساليب زرع الفتن وإشعال نار الحروب من أجل العودة المزعومة للمسيح على حساب أمن وسلامة البشرية.

وذلك تصديقاً لروايات توراتية منسوبة إلى أنبياء، فهذه الحروب التي يسمونها مقدسة بأمر إلهي ما هي إلا حروب روافدها تلمودية توراتية أو تلمو إنجيلية من وحي شيطاني.

لقد كان الشعب الأمريكي قبل نهاية القرن الأخير ما نسبته 51% يؤمن بوجود أطباق طائرة تأتيهم من الفضاء الخارجي،ثم تخلوا عن هذا الاعتقاد بعدما تبين أكذوبتها، وتحولت هذه النسبة في السنوات الأخيرة أو ما يفوق مجموعه 51% إلى الاعتقاد بحرب هرمجدون.

لأن القوى الشيطانية التي كانت تصنع أكاذيب الأطباق الطائرة، هي من تروج لفكرة الحرب القادمة في"هرمجدون".

وللإشارة فإن الحركة الصهيونية المسيحية تشهد نمواً وانتشاراً في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، مقابل تراجع الطائفة الكاثوليكية، والكنائس البروتستانتية التاريخية.

والأرقام تبين أنه من بين 560 مليون مسيحي كان يوجد 4 ملايين من هؤلاء سنة 1940م، وأصبح اليوم ما يربو عن 500 مليون من إجمالي 2 مليار مسيحي.

ويقدر عدد التحولات إلى تلك العقيدة بـ52000 شخص يوميا.
ويوجد حالياً 1400 طائفة إنجيلية، تشتمل على مليون كنيسة يقوم عليها مليون راعٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق