بحث

الأحد، 20 أبريل 2014

أجهزة المخابرات الامريكيية (NSA-FBI-CIA) نشأتها- أساليبها- أهدافها : الحلقة الأولى



أولت الولايات المتحدة الأمريكية اهتماما كبيرا بالوطن العربي وجعلته من أولويات إستراتيجيتهاً نظراً
لموروثه الحضاري والديني (مهد الإسلام والحضارات ومهبط الرسالات) ويحتوي على إمدادات الطاقة منابع النفط في العالم, ولموقعه الجيواستراتيجي والمتميز في العالم وتحكمه في أبرز واهم المضايق البحرية في العالم.


كان يجب على أمريكا أن تولي اهتماماً خاصاً للوطن العربي لذا فقد عملت جاهده منذ خروجها منتصرة في الحرب العالمية الثانية على أن تتوغل في كل دوله عربية, مولية اهتمامها الأكبر نحو الدول العربية المهمة في أقطاب الصراع والتوازن الإقليمي والدولي وسباق الانتشار والتواجد في منطقة الخليج والشرق الأوسط ضمن مراحل الحرب الباردة, وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيةCIA مكنت الولايات المتحدة الأمريكية من وصول أذرعها الأخطبوطية في دول الخليج العربي ومصر ولبنان وسوريا والأردن (كافة دول التماس مع الكيان الصهيوني) الحليف الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة.


واستطاعت تقسيم الوطن العربي إلى رقع إستراتيجية لأغراض بعيده المدى بين تفتيت وتقسيم للوطن العربي ضمن أبجديات الصراع العربي الصهيوني (بلاد الشام-بلاد الرافدين-الجزيرة العربية وما يسمى الآن الخليج العربي-كتف التماس الأفريقي (مصر)-المغرب العربي الغني بثرواته) وهذا التقسيم يخضع لاعتبارات جيواستراتيجية وعسكرية, وبهذا تمكنت جميع أذرع الإخطبوط من الوصول إلى جميع الدول العربية( إستراتيجية التواجد-الوصول) وخصوصاً بعد الغزو الانجلوأمريكي للعراق عام 2003بدعم صهيوني وتعاون عربي إقليمي لوجيستي, وكما قال رئيس وزراء بريطانيا “هارولد ماكميلان” في الستينيات “إن العراق هو الجائزة الحقيقة فيما يتعلق بالإستراتيجية البريطانية في الشرق الأوسط”.


سوف نستعرض نشأة “وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA” وفروعها ووسائل التجسس التي تستخدمها وتطور وولوجها إلى الأماكن التي من المستحيل دخولها, وطالما سمعنا عن رواياتها ولم نتعمق عن ماهية هذا الجهاز الذي يجوب دول العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً ويتواجد في كل مكان على شكل هيئات ومؤسسات وواجهات رسمية مختلفة, تارة سياسيين وأخرى دبلوماسيين هيئات من العلماء ومنظومة شركات ورجال أعمال ووفود رياضية وفنية, وخلايا نائمة وأشخاص وجواسيس مأجورين يملئون بقاع الأرض كجنود في رقعة الشطرنج العالمية.


ما هذا الجهاز الكبير الذي روي عنه الكثير ونسمع أن فلان عميل لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ألــ”سي آي إيه” أو عميل للمخابرات الإنكليزية وكالة المخابرات البريطانية (GCHQ) وفروعها والكي جي بي المخابرات السوفيتية سابقاً والمخابرات الروسية(FSB) لاحقاً والمخابرات الألمانية(BND) وغيرها, ونحن العرب نسمع بين الحين والأخر أسرار تؤكد بعد المواطن العربي عما ينسج في الأروقة المظلمة وخلف الكواليس وما يجري من اختراق فاضح لخصوصيتنا كدول وشعوب وإفراد والإباحية المطلقة التي تستخدمها هذه الأجهزة لتحقيق أغراضها الغير شرعيه وسط شلالات من الدماء الغزيرة التي تستنزف شعوبنا العربية وتنتهي بنا إلى مستقبل مجهول وأنفاق إستراتيجية مظلمة, ليجعل من الأجنبي متحكما بنا ومسيطراً على مواردنا ومصدر قرارنا ويستثمر أموالنا لتدميرنا في ظل زمان سادت به ثورة المعلومات التي اخترقت كل شيء وحجبت على الشعوب العربية والإسلامية مما تشكل عنصر تفوق واضح في القدرات الإلكترونية وتخل توازن ساحة الصراع وتحدد ملامح المراحل المقبلة على ضوء المعلومات التي تستقى من خلال المفاصل والواجهات والهيئات والمؤسسات والمواقع الدبلوماسية والآف الأفراد الذين يعملون في أجهزة المخابرات الأجنبية ومنهم عملاء منسوبين لأمتنا وبمستويات مختلفة.


تؤدي السفارات الأمريكية دوراً هاماً في تسهيل مهام الوكالات (وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(-NSA-FBI-CIA), وتناط بهذه السفارات والقنصليات والممثليات مهام استخباراتية ومهام المراقبة للحكومات وقادة الرأي وأنشطة المعارضة, ومد الجسور وإعداد التقارير ومراقبة الحركات الدينية بأنواعها, وتتابع تطورات التسليح واتجاهات كبار القادة والسعي للتواصل معهم من خلال الدورات العسكرية والتدريبية أو المناورات العسكرية (اختراق وتجنيد), لها أوكار وخلايا مخفية ونائمة تستخدم عند الحاجة لمرة واحدة مثل المناديل الورقية.


تستخدم المخابرات الأمريكية أساليب ووسائل تكنولوجية متطورة للتنصت والمراقبة والحصول على المعلومات, وتؤكد الإحصائيات العالمية الموثقة أن الولايات المتحدة الأمريكية تأتي على رأس الدول المنتجة للتقنيات المعلوماتية وبخاصة الأمنية يليها الكيان الصهيوني, ويعود التفوق الأمريــــكي في هذا المجال إلى استقطاب الكفاءات العلــــمية العربية والأجنبية وركائز الإبداع التقنـــي على مستوى العالم ومن مختلف الجنسيات ومنحهم التسهيلات الإدارية والأموال والجنسية والامتيازات المعنوية وغيرها من المغانم الحياتية التي فشلت دولهم في تأمينها, وتمكنت من أنشاء ترسانة تقنية عالية.


وساهمت وكالة المخابرات الأمريكية في دعم الكيان الصهيوني بشكل شامل في جميع حروبها وتظل أل “CIA”تعمل في المنطقة لتحقيق مسعى الولايات المتحدة في وضع إمكانياتها المهولة في حماية الصهيونية (إستراتيجية التعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل) وفرض وجودها في الجسد العربي وتسويق لاستراتيجيتها وحروبها ومجازرها ومحاكمها الكاذبة .


وللأسف أنها دجنت أشخاص محسوبين على أمتنا العربية والإسلامية للتعاون معها ويعبدون الطرق لها لتشع علينا بمؤامراتها الخسيسة التي وقودها دماء الأبرياء من أمتنا العربية والإسلامية وضحاياها عقود من الزمن ومآسي لاتعد ولا تحصى من فلسطين مرورا بلبنان والعراق والصومال والسودان والبقية تأتي .


لتجعل هذه الشعوب لا تجيد سوى علوم الدنيا البسيطة والزراعة وحلب الماشية والرعي في المراعي ومشاهدة فضائيات الدعارة وغسيل المخ وبث التفسخ والانحلال في صلب المجتمعات العربية والإسلامية (سياسة إلحاق المجتمعات) وتقديم فروض الولاء والطاعة والذل والخنوع بعد أن فقد الصراع أبرز مقوماته المناورات العسكرية لتحقيق الأهداف السياسية وتحقيق المكاسب.



*- نشاه إدارة المخابرات المركزية الأمريكية.


كان في حوزة الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية عدد من التشكيلات والدوائر الاستخباراتية أوكلت إليها مهام مختلفة, وأكثر هذه التشكيلات أهمية إدارة المصالح الإستراتيجية التي شغل مناصبها عدد من مدراء ووكلاء الاستخبارات المركزية مثل, دالاس, وهيلمس,وكيسي, وكبار موظفي “وكالة الاستخبارات الأمريكية “CIA.


وبعد تولي “هاري ترومان” سياسي أمريكي الرئاسة الثالثة والثلاثون للولايات المتحدة عام1945 ركز في بداية ولايته على تطوير الأعمال التجسسية ألاستراتيجية وتطوير دوائر استخبارات الجيش والأسطول البحري الحربي(البحرية الأمريكية) ووزارة الخارجية وكان ينطلق في تطلعاته في تطوير هذه الدوائر على خلفية تطور إمكانيات العاملين في هذه الدوائر على أعمال التجسس وقدرات التنسيق الكبيرة ما بين إدارات مخابرات الجيش وبقية الدوائر المرتبطة بوكالة المخابرات الامريكيه, والتطلع لإعادة التنظيم لكافة الهيئات الاستخبارية والمخابراتية وتطويرها بما يتلاءم مع طموحات الرئيس “ترومان” وضرورة امتلاك الولايات المتحدة جهاز مخابرات متطور وكبير بعيدا عن النفوذ البريطاني ويلائم هوس الهيمنة على العالم الذي يسيطر على عقول معظم رؤساء الولايات المتحدة.


ساهم الرئيس “ترومان” بشكل فعال في تطوير وتنظيم فعاليات هذه الأجهزة وقد ادخل إلى المخابرات (مركز التنسيق) الذي يخضع للبيت الأبيض مباشرة وقدم لموظفي وقادة دوائر المخابرات المركزية (القبعات السوداء) والدروع والخناجر ومنحهم لقب وشعار (فرسان الدرع والخنجر).

هذه ثقافة رئيس الولايات المتحدة منذ عام 1945م وحتى 1953م الدرع والخنجر وأسلحة قراصنة البحر حيث لم تكن هناك القاعدة والحرب على الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل وتهديد الجيران وغيرها من مبررات القتل واستنزاف القدرات العربية والإسلامية التي تجري الآن في مناطق مختلفة من العالم العربي والإسلامي.


وفي ظل البنية الاستخبارية الجديدة بدأ الحصول على المعلومات السيالة يومياً وبشكل منسق من الخارج, وأصبح أول من يلتقي به “ترومان” صباحاً في أول يوم عمله هو مدير المخابرات المركزية والتي كانت تسمى (مجموعة المخابرات المركزية) وبنفس الوقت يحضر معه رئيس لجنة رؤساء الأركان المتحدة, واستحدث ترومان منصب أو وظيفة جديدة المساعد الخاص لشئون المخابرات المركزية, كما واستطاعت دوائر المخابرات المركزية الاستفادة من الخبرات الألمانية في هذا المجال.


واستخدمت دوائر المخابرات وسائل كثير ومختلفة في تغطية عملهم المخابراتي, واستخدموا طاقم أجانب لهذا الغرض وكذلك دوائر دبلوماسية, وبطاقات صحفيين,ومنهم عملوا بصفة علماء وخبراء وأعضاء بعثات ورجال أعمال ونقابين ووفود رياضية وفنيه وغيرها من أساليب التغطية والتمويه والحصانة .

وعند صدور صحيفة “نيويورك تايمز” لأول مره في كانون الأول عام 1946م كتب الجنرال “واندربيرغ” رسالة إلى مؤسسها “سولتسبيرغ” تحدث فيها عن مجموعة المخابرات المركزية وعملها في تنسيق نشاط الحكومة المرتبط بجمع وتحليل المعلومات عن الدول الأجنبية التي تحتاجها الولايات المتحدة لضمان أمنها القومي وأعرب عن أمله في أن مؤسسي الصحيفة سيكونون جاهزين لتقديم المساعدة في تحقيق المهام والملقاة على عاتقهم واخبره انه سيرسل ممثله لشرح برنامج مجموعه المخابرات المركزية .
ولم يتأخر “سولستبيرغ” في الإجابة فكتب إلى الجنرال “واندربيرغ” (يمنكم الاعتماد دائماً على مساعدة كافة العاملين هنا في نيويورك تايمز) وطرح فكره مفادها إيجاد صيغه نظامية يمكن من خلالها إرسال كل الطلبات إليه مباشره وهنا طبعاً سخرت المخابرات الأمريكية الأعلام الموجه ومنه المقروء كوسيلة لجمع المعلومات وهيكلة العقل والترويج, وأولت دوائر المخابرات الأمريكية اهتماماً كبيراً للرسائل السرية لمراسلي صحيفة (نيويورك تايمز) والتي كانوا يرسلونها عن طريق السفارات الأمريكية إلى محرريها مع تأشيرة (للاطلاع) كلمه حصرية لضرورة الإطلاع على التقارير من وجهة نظر إستخبارتية لا إعلامية وفيها معلومات سرية هامة لم يكن ممكنا نشرها في الصحف عن الأزمات السياسية الوشيكة الوقوع والمرحلية والمستقبلية والقرارات السرية المرنة.

استمر هؤلاء المراسلين في إرسال وثائق تحليلية ذات طابع توجيهي, وهذه المعلومات وحسب تصنيفها لا تقدر بثمن ولم تقتصر مهام المراسلين على المعلومات السرية فحسب بل كلفوا بمهام الحصول على تقارير تحليلية ومعلوماتية مفصلة عن البلد أو البلدان التي تعتبر أهداف اهتمام للمخابرات ( الهدف) وتطور هذا التعاون والتوظيف للصحف والعاملين فيها إلى عمل مخابراتي منظم ودقيق شمل عدد كبير من مالكي الصحف والمحررين والقنوات الفضائية وجميع وسائل الإعلام المتنوعة وتغطيتها تحت اسم الصحافة الحرة, الصحافة المستقلة. 
ومن خلاله تم استثمار أصحاب المصانع والعلماء وغيرهم ممن يحتاج تجنيده لعمل الوكالة, ومن الأولويات والتي تستحق الاهتمام في أمريكا هو امتلاك مخابرات قوية لبسط نفوذها بقوة لتنفيذ مخططاتهم وتطلعاتهم وهوس الهيمنة على العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق