ويضمن هذا النهج - وفقاً لهذا التيار - أشكالاً مغايرة من الحوارات العالمية ، يمكن أن نطلق عليها مسمى "الحوار الخدمي" ، والذي يهدف إلى خلق خدمات ملموسة للدبلوماسية ترفع من
معدلات التنمية ليحقق تعاطفاً عالمياً مشتركاً نحو المصير الإنساني المشترك ، من خلال قيم الحب والتسامح التي تدعو لها الأديان ، والعمل على حل النزاعات عبر دمج القادة الروحيين مع الدبلوماسيين والساسة في ساحات مشتركة للحوار تعرف بدبلوماسية المسار الثاني.ويشارك هؤلاء القادة الروحيون في حل النزاعات وفقاً للقيم المشتركة ، وإعادة تفسير النص وترجمته سياسياً على الخريطة العالمية ، والإقليمية ؛ لنشر السلام بعد حل الصراعات الممتدة ، خاصة ذات الأبعاد الدينية المتشابكة.وهذه الحلول سيتم التوصل لها بشكل مشترك مما يضمن قوتها لتكون مستقبلاً مركزاً ونواة للحكومة السياسية الرشيدة في العالم.
بمعنى آخر تقدم الدبلوماسية الروحية كمبادرة جديدة للتأثير على دوائر صنع القرار ، وتشكيل السياسة الخارجية لتحقيق سلام ديني عالمي مشترك يدعمه ويطرحه أنصار الأديان السماوية ومراكز صنع القرار عالمياً كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة محلياً ودولياً.
لكن ما تحاول الورقة إثباته هو التعرف على جدية ، وحقيقة هذا الطرح المقدم ، هل هو بالفعل مدخل جيد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ؟
هل سيتحقق من خلاله السلام الديني العالمي ؟
هل هذا الطرح جيد وسيؤدي إلى حل النزاعات ومسبباتها ؟
أم يكمن بداخله مخاطر أخرى ؟
ما هو دور صانع القرار المصري والسياسات التي يمكن طرحها على صانع القرار للمجابهة والتأهب ونشر الوعي ؟
وفي هذا الخصوص ، نود التأكيد على أن هذه الورقة لا تتناول المعتقدات الدينية أو محاولة تأويلها ، ولكنها ترصد لحركة ، وتوجهات ، وأطروحات ، يتنامى الاهتمام بها على الساحة الدولية ، بل وهناك محاولات لتطبيقها على أرض الواقع كما سيتضح لاحقاً.
من هذا المنطلق جاء اختيار الباحثة لمثل هذه القضية.
وتجدر الإشارة أنه في إطار القيام بعملية البحث وإجراء مقابلات الدراسة ، واجهت الباحثة العديد من مواقف الرفض والخوف من التعاطي مع هذا الطرح ،مما جعل القضية تعكس أهمية لتناولها وطرقها كي لا تظل مجهولاً للباحث والقارئ ، وصانع القرار.
وقد أجرت الباحثة عدداً من المقابلات الحرة مع علماء الاجتماع والدبلوماسيين ، ورجال الدين بهدف استيضاح أبعاد المفهوم والقضية.وطبقت الباحثة منهج تحليل السياسات القائم على رصد المشكلة في إطار تناول المفهوم والمفاهيم المتداخلة معه لتسليط الضوء على القضية ، والجهد المبذول دولياً في هذا السياق ، والوصول إلى عدد من السياسات الممكن طرحها أمام صانع القرار.
في ضوء ما سبق ، ينقسم البحث بدوره إلى ثلاث أقسام رئيسية :
القسم الأول يتناول الدبلوماسية الروحية بين الدبلوماسية العامة ، وأهداف التنمية المستدامة.
والقسم الثاني يتناول مفهوم الدبلوماسية الروحية ومقومات المفهوم ومأسسة المفهوم دولياً وعلى مستوى الحكومات والمستوى القاعدي (المنظمات والأكاديميات).
والقسم الثالث يتناول سياسات مقترحة أمام صانع القرار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق