بحث

الاثنين، 21 أبريل 2014

السيطرة على العقول بواسطة الأقمار الصناعية : الحلقة الثانية

من الصعوبة بمكان تقدير عدد الأمريكيين الذين يتم مراقبتهم حالياً بواسطة الأقمار الصناعية، ولكن
على افتراض وجود 200 قمر صناعي تجسسي (وهو العدد المتعارف عليه في الأبحاث المنشورة)، فإذا كان بمقدور كل قمر صناعي منها مراقبة 20 هدفاً بشرياً، فهذا يعني أن حوالي 4000 مواطناً أمريكياً يخضعون لمراقبة الأقمار الصناعية.

غير أن التكهن بعدد الأهداف التي يمكن للقمر الصناعي مراقبتها في نفس الوقت أكثر صعوبة من تخمين عدد الأقمار الصناعية التجسسية الموجودة حالياً.

قد يكون ذلك مرتبطاً بعدد المرسلات-المستقبلات أو ما يسمى الترانسبوندرات (Transponders) التي يحملها كل قمر صناعي حيث وهذه الأجزاء هي التي تستخدم بشكل رئيسي في استقبال وإرسال المعلومات.

ولأن مجتمعنا يقع في قبضة "دولة الأمن القومي" لذلك فإنه من الضروري بمكان أن تظل المعلومات حول هذه الجوانب سرية وغير متاحة للجمهور.

مع ذلك يتضح لنا بأنه إذا كان بمقدور قمر صناعي واحد مراقبة 40 أو 80 هدفاً بشرياً، فإن عدد الضحايا المحتملين الخاضعين للمراقبة بالأقمار الصناعية سيرتفع ليكون ضعفي أو أربعة أضعاف العدد.

بالإطلاع على عينة من الأبحاث المنشورة، يمكننا أخذ لمحة عن تكنولوجيا عصر الفضاء الشيطانية هذه.

ذكرت إحدى شركات الأقمار الصناعية أن "أحد المفاهيم الرئيسية لمنظومة أقمار المراقبة التي تحمل إسم العيون البراقة (Brilliant Eyes) تضمّـن مستوى بؤري لمتعقب أشعة تحت الحمراء طويلة الموجة والذي يتطلب تشغيلاً دورياً بمقدار 10 كيلفن."

تستغل الأقمار الصناعية التجسسية حقيقة أن الجسم البشري تنبعث منه أشعة تحت حمراء أو مايسمى بالحرارة الإشعاعية.

بناءً على ما ذكره ويليام إي باروز، مؤلف كتاب "الأسود العميق: التجسس الفضائي والأمن القومي" (Deep Black: Space Espionage and National Security)  فإن "ما يتم تصويره بواسطة الأشعة تحت الحمراء يمر من خلال مرشحات ضوئية ويتم تسجيله على مصفوفة عناصر مزدوجة الشحنة (CCD) لتكوين صورة أشعة تحت حمراء، والتي يتم بعد ذلك تكبيرها ورقمنتها وتشفيرها وترحيلها إلى قمر صناعي (تابع لمنظومة بيانات قمرية)".

لكن هناك اختلاف في الرأي حول إمكانية إلتقاط الأشعة تحت الحمراء في الأجواء الغائمة. طبقاً لإحدى الباحثات، هناك حل لهذه المشكلة المحتملة حيث قالت:

"خلافاً للمستشعرات التي تلتقط الضوء المرئي والأشعة تحت الحمراء بشكل سلبي، والتي قد تحجبها السحب وقد لا تتوفر بشكل كبير في الليل، فإن المستشعرات الرادارية تقوم بشكل فعال بإصدار نبضات المايكروويف التي يمكنها اختراق السحب والعمل في أي ساعة من النهار أو الليل".

ذكرت هذه الباحثة نفسها في عام 1988م بأن "الحد العملي للدقة القابلة للتحقيق لمستشعر مركب على قمر صناعي يخضع لبعض الجدل، ولكنه قد يكون بين 10-30 سنتيميتر تقريباً.

بعد تلك النقطة، تصبح العوائق الجوية مشكلة." لكن حتى في وقت كتابتها لتلك العبارة، فإن التصوير بالأقمار الصناعية، إلى الجزء من البيكسل، كان أكثر دقة بكثير مما ذكرته الباحثة، ويصل إلى مستوى المليمترات، وهذه حقيقة يمكن تفهمها عند تأمل التطور المذهل للأقمار الصناعية قياساً بالتطور الملحوظ في الأدوات والأجهزة مثل الماسحات الضوئية متعددة المرشحات الطيفية (Multi-Spectral Scanners)، وأجهزة قياس التداخل (Interferometers)، وأجهزة قياس الإشعاع بالمسح المغزلي للأشعة تحت الحمراء المرئية (Visible Infrared Spin Scan Radiometers)، و أجهزة تبريدالقطع الإلكترونية (Cryocoolers) وطبقات إشتراب الهيدريد (Hydride Sorption Beds).

ربما أكثر الجوانب سوءاً التي تتعلق بالرقابة عبر الأقمار الصناعية، والتي تعتبر بالتأكيد أكثر القدرات التي تدعو للدهشة والإستغراب، هي قدرتها على قراءة أفكار البشر عن بعد.

قبل سنوات ليست بالقليلة، تحديداً في عام 1981، ذكر هاري ستاين (في كتابه بعنوان "مواجهة في الفضاء" (Confrontation in Space)) بأن الكمبيوترات قد تمكنت من "قراءة" العقل البشري من خلال ترجمة مخرجات التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG).

كما أشارت وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة (DARPA)، وهي إحدى وكالات وزارة الدفاع الأمريكية، إلى الأعمال المبكرة في هذا المجال في عام 1978م.

حالياً، يعتبر التخطيط الكهربائي للدماغ – والذي يعتمد على التيارات الكهربائية المحفزة في الجلد – مؤشرا غير دقيقاً للنشاط العصبي في الدماغ البشري.

منذ ذلك الحين تم تطوير التخطيط المغناطيسي للدماغ (MEG) باستخدام مجسات كهرومغناطيسية حساسة للغاية والتي يمكنها رسم خارطة النشاط العصبي للدماغ مباشرة حتى من خلف العظام والجمجمة.

لقد تم رسم خارطة لإستجابات مناطق الرؤية في الدماغ بواسطة كوفمان وآخرون في جامعة فاندربيلت (Vanderbilt University)..

قد يكون العمل جارٍ في الوقت الحالي لرسم خارطة النشاط العصبي لأجزاء أخرى من الدماغ البشري باستخدام التخطيط المغناطيسي للدماغ.

لا يحتاج الأمر لقدر كبير من التخمين للتنبؤ بأنه سيتم الإنتهاء بشكل تام من رسم خارطة النشاط العصبي الكهرومغناطيسي للدماغ البشري خلال عقد أو نحو ذلك وأنه سيكون بالإمكان برمجة كمبيوترات الكريستال لفك شفرة الإشارات العصبية الكهرومغناطيسية.

ذكرت مجلة نيوزويك (Newsweek) في عام 1992م ما يلي:

"باستخدام الأجهزة الجديدة والقوية التي يمكنها رؤية ما في داخل الجمجمة ومشاهدة العقل أثناء عمله، يقوم علماء الأعصاب باستكشاف منابع الأفكار والمشاعر، ومنشأ الذكاء واللغة. باختصار، إنهم يتطلعون إلى قراءة أفكارك."

في عام 1994م، أشار أحد العلماء قائلاً "أن أساليب التصوير .... الحالية يمكنها إلتقاط الأحداث الفيزيولوجية في الدماغ والتي ترافق الإدراك الحسي والنشاط الحركي وكذلك اكتساب المعرفة والكلام."

ولإضفاء القدرة على قراءة الأفكار لقمر صناعي معين، لا يتطلب الأمر سوى تركيب جهاز مماثل لجهاز تخطيط الدماغ كهربائياً (EEG) وربطه بكمبيوتر يتضمن قاعدة بيانات لأبحاث خرائط الدماغ.

أعتقد بأن الأقمار الصناعية التجسسية بدأت قراءة الأفكار – أو فلنقل بدأت في التمكين من قراءة عقول الأشخاص المستهدفين – في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي.

الحقيقة المؤكدة هو أنّ بعض الأقمار الصناعية تستطيع قراءة أفكار الشخص عن بعد من الفضاء!

جانب آخر من تكنولوجيا الأقمار الصناعية هي التقنية سيئة الذكر التي تسمى "النيوروفون" (Neurophone)، والذي يفوق الوصف من حيث قدرته على التلاعب بالسلوك.

في رواية "إنقاذ العالم الجديد" (Brave New World)، تنبأ "هكسلي" باختراع الـ "نيوروفون." في تلك الرواية، يمسك الناس بمقبض معدني للحصول على "شعور بالإثارة الحسية."

لقد تم تبني استخدام الـ "نيوروفون" – أو أداة مماثلة للنيوروفون – وتركيبه على الأقمار الصناعية والذي يمكن بواسطته تغيير السلوك بطريقة "البث" الصوتي الخفي (Subliminal Audio Broadcasting)، ولكن باعتماد مبدأ مختلف.

بعد تحويل الصوت إلى نبضات كهربائية، يقوم النيوروفون بإرسال موجات لاسلكية إلى الجلد ومن هناك تنتقل إلى الدماغ مباشرة، متجاوزة الأذنين والعصب السمعي، ونتيجة لذلك يستقبل الدماغ الإشارة العصبية كما لو أنها اتصال سمعي، وأحياناً يحدث ذلك على مستوى العقل الباطن.

عند تحفيز الشخص بهذا الجهاز فإنه "يسمع" ولكن بطريقة مختلفة تماماً.

يمكن للصم أن "يسمعوا" مجدداً بواسطة الـ "نيوروفون." المقلق في الأمر هو أنه عندما تقـدّم مخترع هذا الجهاز بطلب براءة اختراع ثانية لجهاز "نيوروفون" مطور، حاولت وكالة الأمن القومي (NSA) الأمريكية الاستحواذ عليه واحتكاره لكن دون جدوى.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للقمر الصناعي التجسسي تعقب الكلام البشري.

ذكر باروز بأن الأقمار الصناعية يمكنها "حتى التنصت على المحادثات التي تدور في أعماق مبنى الكرملين."

لا تمثل الجدران والسقوف والطوابق أي عائق أمام مراقبة المحادثات من الفضاء. حتى وإن كنت في مبنىً عالٍ وكان فوقك عشرة طوابق وتحتك عشرة طوابق فإن القمر الصناعي يمكنه التجسس على صوتك دون عائق.

سواءً كنت في داخل مبنى أو خارجه، وفي أي طقس، وفي أي مكان في العالم، وفي أي وقت من اليوم، فإن القمر الصناعي الذي يدور بسرعة دوران الأرض (Geosynchronous) (بحيث يبدو وكأنه واقف فوق نقطة معينة) يمكنه التقاط كلام الهدف البشري.

يبدو بأنه لا يوجد مهرب من تنصت الأقمار الصناعية على الكلام إلا بالدخول في أعماق مبنى محصن بدرع سميك من مادة الرصاص.

هناك قدرات أخرى متنوعة للأقمار الصناعية مثل التلاعب بالأدوات والأجهزة الإلكترونية كأجهزة الإنذار، وساعات اليد وساعات الحائط الإلكترونية، وأجهزة التلفاز والراديو، وأجهزة كشف الدخان، وكذلك الأنظمة الكهربائية للسيارات.

على سبيل المثال، يمكن إطلاق صوت منبه ساعة اليد بالرغم من صغرها بواسطة قمر صناعي يحلق على ارتفاع مئات الأميال في الفضاء.

كما يمكن إتلاف مصباح كهربائي بواسطة شعاع ليزر من قمر صناعي.

علاوة على ذلك، يمكن إطفاء وتشغيل إنارات الشوارع بسهولة من قبل شخص يتحكم بقمر صناعي ويحدث هذا بواسطة شعاع كهرومغناطيسي يتم بواسطته عكس قطبية الضوء.

كما يمكن جعل المصباح الكهربائي يحترق مع وميض من الضوء الأزرق عند الضغط على زر الإضاءة.

وكما هو الحال مع القدرات الأخرى للقمر الصناعي، لا يهم ما إذا كان المصباح أو مصدر الإنارة تحت سقف واحد أو تحت طن من الخرسانة. تظل هناك إمكانية للتلاعب به بواسطة شعاع ليزر من قمر صناعي.

تطلق الأقمار الصناعية التجسسية أنواعاً مختلفة من أشعة الليزر منها ما يلي:

ليزر الإلكترون الحر(Free-Electron Laser) ، ليزر أشعة إكس(X-Ray Laser)، ليزر شعاع الجزيء المحايد (Neutral-Particle-Beam Laser)،ليزر الأكسجين واليود الكيميائي (Chemical-Oxygen-Iodine Laser)، وليزر الأشعة الحمراء المتوسطة الكيميائي المتقدم(Mid-Infra-Red Advanced Chemical Laser).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق