بحث

الاثنين، 14 أبريل 2014

مراحل المؤامرة : الحلقة الثامنة - الأخيرة -

مات الملك هنري عام 1272، وخلفه علي عرش إنكلترا الملك إدوار الأول، الذي أصدر أمرا حرم بموجبه علي اليهود
ممارسة الربا.. 

ثم استصدر من البرلمان عام 1275 قوانين خاصة سميت "الأنظمة الخاصة باليهود".. 

وكان الهدف منها تقليص سيطرة المرابين اليهود علي كافة مدينيهم، ليس فقط من المسيحيين بل حتى من الفقراء اليهود أنفسهم.. 

ولا يمكن وصمم هذه الأنظمة بأنها معادية للسامية لأنها حمت فيمن حمت اليهود المتقيدين بالقوانين.

وقد ظن المرابون اليهود أنهم في هذه المرة أيضا، سيتمكنون من تحدي أوامر الملك.. 

وكان خطؤهم كبيرا، إذ أن الملك عمد إلي إصدار قانون بطرد جميع اليهود من إنكلترا.. 

وكان ذلك بدء المرحلة التي يسميها المؤرخون "الإجلاء الأكبر".

بعد أن خطا الملك إدوار الخطوة الأولى، سارع ملوك ورؤساء أوروبا إلي الإقتداء به.

عام 1306 طردت فرنسا اليهود، وتبعتها سكسونيا عام 1348، وهنغاريا عام 1360، وبلجيكا عام 1370، وسلوفاكيا عام 1380، والنمسا عام 1430، والأراضي المنخفضة (هولندا) عام 1444، وأخيرا أسبانيا عام 1492.

ويتخذ طرد اليهود من أسبانيا أهمية خاصة.. 

ففي القرن الرابع عشر تمكن المرابون اليهود للمرة الأولي من جعل الحكومة الإسبانية تمنحهم حقّ جباية الضرائب من الشعب مباشرة، كضمان للقروض التي كانوا يقدّمونها للحكومة.. 

واستغل المرابون اليهود هذا الوضع أبشع استغلال، وأبدوا من القسوة والوحشية في طلب "أقّة اللحم" من الأهالي ما ملأ أفئدتهم بالحقد والغضب، بحيث أضحت شرارة واحدة كافية لتفجير النقمة.. 

فكانت هذه الشرارة في الخطابات اللاهية التي ألقاها فرناندو مارتسنسز، والتي هبّ علي أثرها الشعب لارتكاب واحدة من أكثر المجازر المعروفة دموية.. 

وهذا أحد الأمثلة التي دفع فيها اليهود الأبرياء جزاء سياسة زعمائهم المجرمة بحق الإنسانية.

وقد طرد اليهود من ليتوانيا عام 1495، ومن البرتغال عام 1498، ومن إيطاليا عام 1540، ومن بافاريا عام 1551.

وتجدر الإشارة هنا إلي أنه خلال هذه الإجراءات، كان بعض المتمولين والمتنفذين من اليهود، يتدبرون أمر الحصول علي ملاجئ وسكن لهم في بوردو وأفينيون، وبعض الممتلكات البابوية، وفي مرسيليا وشمالي الألزاس وقسم من إيطاليا الشمالية.. 

وكان الأمر كما تقول الموسوعة البريطانية: "ووجدت جماهير اليهود نفسها تصب ثانية في طريق الشرق، وعلي الأخص في الإمبراطوريتين البولونية والتركية..أما الجاليات الضئيلة التي فضّلت معاناة البقاء في الغرب، فقد كانت خاضعة لكافة القيود التي كانت مفروضة عليها في المرحلة السابقة".

وهكذا يمكن القول بأن العصور المظلمة لدي اليهود بدأت مع بشائر عصر النهضة في أوروبا.. 

وهذه الحقيقة تدعم صحة النظرية التي يقول بها بعض المؤرخين والتي فحواها أن أمم أوروبا لم تستطيع البدء بعصر النهضة والازدهار، إلا بعد أن تمكنت من تحرير نفسها من براثن السيطرة الاقتصادية اليهودية.

حُصرت الجاليات اليهودية في أوروبا بعد حركات التهجير الكبرى، داخل أحيائها التي سميت بالجيتو، والتي يسميها اليهود الكاحل، حيث فرض علي اليهود أن يعيشوا معزولين عن جماهير الشعوب، يحكمهم حاخاماتهم أو حكماؤهم، الذين كانوا بدورهم خاضعين لتوجيهات النورانيين وكبار المرابين اليهود، الذين لبثوا في مراكزهم التي تمكنوا من الحصول عليها في بعض المدن الأوروبية.. 

وكان عملاء النورانيين منبثين في أحياء الجيتو، ينفثون سموم الحقد والكراهية وروح الانتقام في قلوب الجماهير اليهودية، من أولئك الذين هجروهم وعزلوهم.. 

كما كان الحاخامين بدورهم يلقنوهم أنهم "شعب الله المختار"، وأن يوم الانتقام آت دون ريب، وسيرثون الأرض ومن عليها.

وتجدر هنا الإشارة إلي أن معظم اليهود الذين انتقلوا إلي أوروبا الشرقية، فرض عليهم بدورهم العيش في "مناطق الإقامة" التي سمح لهم بها، والواقعة بصورة عامة علي الحدود الغربية لروسيا، من سواحل البحر البلطيقي في الشمال حتى سواحل البحر الأسود في الجنوب.. 

وكان معظمهم من اليهود الخرز في الأصل.. 

ويشتهر الخرز من اليهود بثقافتهم المعروفة بـ "اليديش" (وهو اسم لغتهم التي يتكاملون بها)، كما يعرفون بخبثهم وبخلهم الشديد، وأساليبهم المنحطة في الأمور المالية، وأخلاقهم الدنيئة.. 

ويجب أن نميز هنا بينهم وبين العبرانيين القدماء الذين ذكرتهم التوراة، فهؤلاء كانوا من الرعاة المهذبين في الغالب.

كان عملاء النورانيين داخل أحياء الجيتو يذكون نار الحقد ورغبة الانتقام.. 

وأخذوا بتنظيم واستغلال هذه الظروف، حتى تحولت إلي حركة ثورية عالمية، هدفها الرعب والتخريب.

نشوء السوق السوداء في أوروبا.

طور سادة المال هذه الحركة الثورية، حتى حولوها إلي الشيوعية العالمية التي نعرفها اليوم.. 

كانوا ينظمون أعمال العنف الفردية حتى أصبحت حركة ثورية منظمة ووضعوا فيما بعد خطة منظمة لعودة اليهود للبلاد التي طردوا منها عن طريق التسلل، حيث إنهم كانوا ممنوعين قانونيا من الرجوع إلي تلك البلاد.. 

وحيث إنهم كانوا ممنوعين من الإقامة والحصول علي وظيفة، فقد زودوا بمبالغ وأرصدة لإنشاء نظام السوق السوداء، ومارسوا في هذه الأسواق كل أنواع التجارات والمبادلات المحرمة.. 

وكانوا يعملون حسب منهج الشركة الاحتكارية الخفية، مما أتاح لبارونات المال الذين يمولون هذه الشبكات أن يبقوا في الخفاء.

وقد اتجهت شكوك عدد من المؤلفين والمؤرخين ـ أمثال الكونت دي بونسين والسيدة نيستا وبستر والسير والترسكوت ـ إلى أن النورانيين كانوا هم القوة الخفية وراء حركة الثورة العالمية.. 

يقول الكاتبان وليم فوس وسيسيل غيراهتي في كتابهما "الحلبة الإسبانية": 

"إن مسألة معرفة من هم الزعماء الحقيقيون للشركة الاحتكارية الخفية التي تسيطر علي العالم وكيف يصل هؤلاء إلي أهدافهم، هي مسألة خارج مجال هذا الكتاب.. ولكنها ستبقي واحدة من أهم المسائل التي يجب أن تحل.. والذي سيتمكن من كشف هذا اللغز يوما ونشره علي الناس، سيكون رجلا من الشجاعة في القمة، وسيعتبر أن حياته لا قيمة لها إذا ما قيست بالواجب الذي ينتظره، وهو تنبيه العالم ألي ما تبنته جماعة الشيطان الذين نصبوا أنفسهم كهنة لدين خفي يريدون فرضه علي العالم". 

إننا نستطيع الحكم علي نجاح مخطط تسلل اليهود إلي البلاد التي طردوا منها، بدراستنا للوقائع التالية: 

فقد عاد اليهود إلي إنكلترا عام 1600م، وإلى هنغافوريا سنة 1500 ولكنهم طردوا منها ثانية عام 1582.. 

وعادوا إلى سلوفاكيا سنة 1562 ليطردوا منها عام 1744..

وعادوا إلي ليتوانيا عام 1700.. 

وبصرف النظر عن عدد المرات التي طردوا فيها، فإنهم في كل مرة كانوا يتركون وراءهم الشبكات الخفية التي كانت تدير وتخطط النشاطات الثورية والاضطرابات للقوي الخفية.

المصدر :

كتاب : أحجار على رقعة الشطرنج لــ ويليام جي كار - مع إضافات قليلة من مصادر أخرى - 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق