لم يعد خافيا أن الماسونية التي تدعي عدم كونها ديانة، تتخذ من رموز التوراة والتاريخ اليهودي أساسا لعملها ودرجاتها وطقوسها.
فهي تدعي أن مؤسس الماسونية هو الملك النبي سليمان، وأن حيرام المذكور في طقوسها هو حيرام أبيف مهندس الهيكل الذي قتل غدرا.
ونجد أن الدرجات الثلاث الأولى من الماسونية مبنية على تلك الأساطير.
وفي الدرجات العليا في طقس يورك والطقس الاسكتلندي نجد أن الموضوع الرئيسي هو خراب الهيكل على يد البابليين وإعادة بنائه.
غير أن الحقيقة هي أن الماسونية قد أسست على يد هيرود أجريبا الأول حاكم فلسطين المعين من قبل الرومان.
والذي كان جده هيرود أجريبا المعروف بالكبير، أحد الأتباع المخلصين لأغسطس قيصر الرومان، وقام بمساعدته في هزيمة كليوباترا ملكة مصر.
وبهذا فإن هيرود أجريبا وعائلته لم يكونوا مخلصين للديانة اليهودية بل هم وثنيون رومانيون. وقد نال هيرود ولاية فلسطين مكافأة له على مساعدته للرومان.
وإذا تتبعنا تاريخ هيرود نجد أنه من عائلة إدومية وهي تلك العائلات الوثنية التي تحولت إلى اليهودية في عام 130 قبل الميلاد أي أنهم ليسوا من اليهود الخالصين.
وهيرود ذاته ولد لأب إدومي وأم هي أميرة عربية من البتراء.
وقد تولى والده حكم ولاية يهوذا في عام 47 قبل الميلاد وعين ابنه هيرود حاكما للجليل.
وبعد مقتل والده تولى هيرود حكم يهوذا في عام 43 قبل الميلاد.
ثم أعلنه مارك أنطونيو ملكا على يهوذا في عام 40 قبل الميلاد.
وفي عام 36 ق.م. عين أريستوبولوس أخو زوجته الأميرة مريمني كاهنا أعلى خوفا من أن ينافسه على حكم يهوذا.ثم اغرقه في العام التالي. وفي عام 31 ق.م.
انقلب ضد مارك أنطونيو وأعلن ولائه لأغسطس. وفي عام 29 ق.م. أعدم زوجته مريمني بتهمة الزنا. وتزوج لاحقا من امرأة بنفس الاسم.
وفي عام 7 ق.م. أعدم ولديه من مريمني بتهمة محاولة قتله، وعين ابنه أتيباتر وريثا وحيدا للعرش.
ثم عاد وأعدمه في عام 4 ق.م. بعد أن اتهمه بمحاولة اغتياله. وقسم مملكته بين أبنائه الثلاثة الذين كان منهم هيرود أنتيباس الذي قتل النبي يحيى (يوحنا المعمدان) بعد أن رفض الزواج المحرم الذي تم بين أنتيباس وزوجة أخيه هيروديا.
ثم شارك في محاولة صلب المسيح.
وكان الولاء الحقيقي لهيرود وعائلته هو للمال. فهم قد استمروا في الإخلاص للرومان لكي يمكنوهم من البقاء في الحكم.
وعندما كثر اتباع المسيح، بدأ هيرود أجريبا الأول ابن هيرود أنتيباس، ومن حوله في البحث عن وسائل للقضاء على انتشار أتباع المسيح وتعاليمه وذلك ليس خوفا على ديانتهم اليهودية بل خوفا على مصالحهم المالية التي سيقضي انتشار تلك التعاليم عليها.
فتلك التعاليم تحث على مساعدة الفقراء والمساواة والعدالة.
وهو ما لم يكن حاكم اليهود وحاشيته على استعداد لكي يسمحوا به. ومن هذا المنطلق تفتق ذهن مستشار الملك واسمه حيرام أبيود عن وسيلة تمكنهم من القضاء على أتباع المسيح.
واتبعوا في سبيل ذلك طريقين متوازيين.
الطريق الأول كان إنشاء جمعية سرية تتكون إدارتها من الملك ومستشاريه حيرام ابيود ومؤاب لافي وعدد من كبار التجار اليهود.
وهم جميعا يلتقون حول حماية مصالحهم المالية والسياسية.
وقد نجح هؤلاء في تجنيد عدد كبير من الأعضاء في فترة وجيزة بفضل نفوذ الملك السياسي والنفوذ المالي لباقي المؤسسين.
واستغلوا جمعيتهم في قتل واضطهاد أتباع المسيح رغبة منهم في كسر شوكتهم.
وقد أفلحت هذه الطريقة إلى حد ما غير أنها لم تكن ذات أثر عميق، فالناس التفت حول تعاليم المسيح لكونها تمنحهم العدل.
ونظرا لعدم الفاعلية المستمرة للحل الأول للقضاء على أتباع المسيح، فقد كان اليهود مستعدين بحل آخر بدأ العمل به قبل ذلك بأعوام، حيث قاموا بدس أحد أتباعهم وهو شاؤول الطرسوسي الذي عرف فيما بعد بالقديس بولس وجعلوه يدمر الديانة المسيحية من الداخل بتغيير تعاليمها ووضع منظوره الخاص لها.
وقد كان بولس من عائلة يهودية تحمل المواطنة الرومانية في طرسوس بسوريا.
ثم التحق بطائفة الفريسيين حيث تلقى تعليمه علي يد الحبر جماليل.
وتولى بعد ذلك محاكمة المسيحيين.
ثم ادعى أنه تلقى رؤيا من المسيح فغير ديانته وبدأ يدعوا للتعاليم المسيحية حتى أصبحت رؤيته هي الرؤية المسيحية السائدة الآن.
وقد فند تلك الرؤية الباحث فيكتور جارافا في بحثه المنشور باسم المؤامرة البولوسية Pauline Conspiracy.
وقد توالى ازدهار الجمعية اليهودية ومؤامراتها عبر القرون فعرفت في البداية باسم القوة الخفية ثم بأبناء الأرملة ثم بالبنائين الأحرار.
وأعيد تاسيسها في لندن في عام 1717م وتم تدليس تاريخها القديم حتى على أعضائها.
حتى نشر جزء منه في أواخر القرن التاسع عشر على يد اللبناني البرازيلي عوض الخوري بعد أن سمح له أحد أحفاد مؤسسي الماسونية بترجمة جزء من مخطوطة تضم تاريخ الجمعية عبر العصور.
وسوف نرجع لاحقا لجزء منها. وقد نشرها عوض الخوري تحت عنوان تبديد الظلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق