ترجمة المؤلف .
اسمه ونسبه:
هو المحدث المسند أبو المحاسن شمس الدين محمد بن خليل بن إبراهيم الطرابلسي المعروف بالقاوقجي، الحسني نسبًا الحنفي مذهبًا.
ولادته:
ولد ليلة الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة 1224 من الهجرة النبوية.
نشأته:
تلقى العلم رحمه الله أول نشأته في طرابلس الشام، ثم رحل إلى مصر سنة 1239هـ فتفقه في الأزهر وأقام سبعًا وعشرين سنة يحضر الدروس ويقرأ الفنون ويتلقى العلوم، ثم عاد بعد تلك المدة إلى بلده طرابلس الشام فدرّس وأفاد.
تصانيفه:
خلف رحمه الله مصنفات كثيرة جدًا منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط ومنها:
1- ربيع الجنان في تفسير القرأن.
2- اللؤلؤ المرصوع في الحديث الموضوع.
3- لطائف الراغبين في أصول الحديث والكلام والدين.
4- غُنية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين على المذاهب الأربعة.
5- الاعتماد في الاعتقاد.
6- تحفة الملوك في السير والسلوك.
7- كفاية الصبيان فيما يجب من عقائد الإيمان وعمل الأركان وهو هذا الكتيب الذي بين أيدينا.
وفاته:
بعدما قصد مصر ثم الحجاز طاف بالكعبة المشرفة وسعى ثم أصابته حُمى بعدما تحلل من إحرامه، فتوفي رحمه الله تجاه البيت الحرام وذلك ليلة الأربعاء لثمان خلت من ذي الحجة سنة 1305هـ ودفن بين مقامي السيدة خديجة وآمنة.
اسمه ونسبه:
هو المحدث المسند أبو المحاسن شمس الدين محمد بن خليل بن إبراهيم الطرابلسي المعروف بالقاوقجي، الحسني نسبًا الحنفي مذهبًا.
ولادته:
ولد ليلة الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة 1224 من الهجرة النبوية.
نشأته:
تلقى العلم رحمه الله أول نشأته في طرابلس الشام، ثم رحل إلى مصر سنة 1239هـ فتفقه في الأزهر وأقام سبعًا وعشرين سنة يحضر الدروس ويقرأ الفنون ويتلقى العلوم، ثم عاد بعد تلك المدة إلى بلده طرابلس الشام فدرّس وأفاد.
تصانيفه:
خلف رحمه الله مصنفات كثيرة جدًا منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط ومنها:
1- ربيع الجنان في تفسير القرأن.
2- اللؤلؤ المرصوع في الحديث الموضوع.
3- لطائف الراغبين في أصول الحديث والكلام والدين.
4- غُنية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين على المذاهب الأربعة.
5- الاعتماد في الاعتقاد.
6- تحفة الملوك في السير والسلوك.
7- كفاية الصبيان فيما يجب من عقائد الإيمان وعمل الأركان وهو هذا الكتيب الذي بين أيدينا.
وفاته:
بعدما قصد مصر ثم الحجاز طاف بالكعبة المشرفة وسعى ثم أصابته حُمى بعدما تحلل من إحرامه، فتوفي رحمه الله تجاه البيت الحرام وذلك ليلة الأربعاء لثمان خلت من ذي الحجة سنة 1305هـ ودفن بين مقامي السيدة خديجة وآمنة.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ومولانـا محمد وعلى ءالـه وصحبـه أجمعيـنَ.
أمـا بعد فيقولُ أفقرُ الوَرى محمد أبـو النصر ابن السيـد محمد القاوقجي لطفَ بهِ مولاهُ ورحمه على الدوام:
هـذه " كفـايةُ الصبيـان في مـا يجبُ من عقائـدِ الإيمـانِ " للأستاذ الفاضلِ سيِّدي ووالدي السيد محمد ابن السيد خليل القاوقجيّ أبي المحاسن، سقانا اللهُ وإياهُ منَ المحبةِ شرابًا غيرَ ءاسنٍ.
قال حفظهُ اللهُ ونفعَ بهِ عبادهُ:
اعلَمْ أنَّهُ يجبُ للهِ تعالى الوجودُ [1]، والقِدَمُ [2]، والبقاءُ [3]، ومُخالفتُهُ تعالى لخلقهِ [4]، وقيامهُ بنفسِهِ [5]، والوحدانيةُ [6] في ذاتِهِ وصِفاتِهِ وأفعالهِ، والقُدرةُ [7]، والإرادةُ [8]، والعلمُ [9]، والحياةُ [10]، والسمعُ، والبصرُ [11]، والكلامُ [12]، وكونُهُ تعالى قادرًا، ومُريدًا، وعالِمًا، وحيًّا، وسَميعًا، وبَصيرًا، ومُتكلِّمًا.
ويستحيلُ عليه تعالى العدمُ، والحدوثُ، وحُصولُ الفناءِ، والمُماثلةُ لخلقهِ، والافتقارُ، والتركيبُ، والنظيرُ، والعجزُ، وأن يكونَ مغلوبًا، والجهلُ، والموتُ، والصَّممُ، والعَمى، والبكمُ، وكلُّ ما خَطَرَ ببالِكَ فاللهُ بخلافِ ذلكَ.
أما الدليلُ على وجودِهِ تعالى فهذهِ المخلوقاتُ لأنَّها موجودةٌ بعدَ عدمٍ، وكلُّ موجودٍ بعدَ عدمٍ لا بُدَّ لهُ من موجدٍ، فهذهِ المخلوقاتُ لا بدَّ لها من موجِدٍ يُوجدُها وهُوَ اللهُ سبحانه وتعالى.
ولوْ لمْ يكن قديمًا لكانَ حادِثًا، ولو لم يكُنْ باقيًا لم يكُنْ قديمًا، ولو لم يكن مُخالفًا لخلقهِ لكان مثلهم، ولو لم يكن قائمًا بنفسِهِ لاحتاجَ إلى غيرهِ، ولو لم يكًن واحدًا [13] لكانَ مقهورًا، ولو لم يتَّصِفْ بالقدرةِ والإرادةِ والعلمِ والحياةِ لما وُجِدَ شيءٌ منَ المخلوقاتِ وهوَ باطلٌ، ولوْ لم يتَّصِفْ بالسمعِ والبصرِ والكلامِ لكانَ ناقصًا تعالى اللهُ عن ذلكَ علوًّا كبيرًا.
وأمَّا صفاتُ الأفعالِ فهيَ قديمةٌ عندَ الحنفيةِ، يُقالُ لها: التَّكوينُ [14] كثيرةُ التعلُّقاتِ، إن تعلَّقتْ بالخلقِ سُمِّيَتْ خلقًا، وإن تعلَّقتْ بالرزقِ سُمِّيَتْ رزقًا، وإن تعلَّقتْ بالإحياءِ سُمِّيَتْ إحياءً، وبالإماتةِ سُميتْ إماتةً، ونحو ذلك.
والدليلُ على قِدَمِها وجودُ هذا الكونِ الحادِثِ، لأنَّهُ لوْ حدثَ بنفسهِ لَزِمَ أن يَسْتَغنيَ الكونُ عنِ المُكَوِّنِ وهوَ باطلٌ، ولو لم يتَّصِفْ بها مولانا أزلاً لَزِمَ التَّغَيُّرُ عمَّا كانَ عليهِ فيُفْضي إلى فسادٍ كبيرٍ تعالى اللهُ عن ذلكَ عُلُوًّا كبيرًا.
ويجوزُ في حقِّهِ تعالى فِعلُ كلِّ ممكنٍ أو تركهُ [15] وإلا لانقلبَتِ الحقائقُ وهُوَ مُستحيلٌ.
ويجبُ في حقّ الرُّسُلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ الصدقُ والأمانةُ والتَّبليغُ [16] والفطانةُ، ويستحيلُ عليهم الكذبُ والخيانةُ والكِتمانُ والبلادةُ.
ودليلُ صدقِهِم المُعجزاتُ، ولو لم يكونوا أمناءَ لكانوا خائِنينَ، ولو لم يبلغوا لكانوا كاتِمينَ، ولو لمْ يكونوا فُطنًا لكانوا بُلدًا، وذلك محالٌ [في حقهم].
والعِصمةُ من الذنوبِ –أي الكبيرة والصغيرة التي فيها خسة ودناءة- واجبةٌ لهُم، ويجوزُ في حقِّهِم ما هُوَ مِنَ الأعْراضِ البَشريَّةِ كالنِّكاحِ والأمراضِ التي لا يَنْفُرُ الطَّبعُ منها [17].
ويجبُ الإيمانُ بالملائكةِ بأنَّهُم أجسامٌ نُورانيَّةٌ ليسوا ذُكورًا ولا إناثًا [18]، لا يَعْصونَ الله قطُّ [19]، ولا يأكلونَ ولا يَشربونَ ولا يمرضونَ ولا يتناكحونَ، ويجوزُ عليهمُ الموتُ.
ونُؤمِنُ بالتَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ والقُرءانِ بأنَّها كلامُ اللهِ [20] أنزلَها على رُسلهِ.
وما أخبرَنا اللهُ مِن أمر القيامةِ [21] والجنَّةِ [22] والنارِ [23] ونحوِ ذلكَ نؤمنُ بهِ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.
تم بحمد الله .
هامش :
[1] قال تعالى: {أفي اللهِ شكٌّ} [سورة ابراهيم].
[2] قال تعالى: {هُوَ الأول} [سورة الحديد].
[3] قال تعالى: {ويبقى وجهُ ربكَ ذو الجلالِ والإكرامِ} [سورة الرحمن].
[4] أي أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات بوجه من الوجوه، ليس بجوهر ولا عرض، وليس حالاً في مكان أو في جميع الأمكنة قال تعالى: {ليس كمثله شيءٌ} [سورة الشورى]، ونقل الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات [2/21] عن الحافظ أبي سليمان الخطابي أنه قال: "إن الذي يجب علينا وعلى كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس بذي صورة ولا هيئة فإن الصورة تقتضي الكيفية وهي عن الله وعن صفاته منفية".
[5] قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود لأن الاحتياج إلى الغير ينافي قدمه.
[6] قال تعالى: {وهوَ الواحدُ القهار} [سورة الرعد].
[7] قال تعالى: {وهو على كل شيءٍ قدير} [سورة المائدة].
[8] قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاءَ الله رب العالمين} [سورة التكوير].
[9] قال تعالى: {وهو بكل شيء عليم} [سورة البقرة].
[10] قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة]، فهو تعالى حي لا كالأحياء إذ ذاته أزلية أبدية ليست بدم وروح وعظم وجسد.
[11] قال تعالى: {وهوَ السميعُ البصير} [سورة الشورى] وهو تعالى يسمع الأصوات بسمع أزلي أبدي لا كسمعنا ليس بأذن وصماخ، ويرى برؤية أزلية أبدية المرئيات جميعها.
[12] قال تعالى: {وكلَّم الله موسى تكليمًا} [سورة النساء]، ومعنى الكلام أن له صفة هو بها متكلم لا يشبه كلامه كلام الخلق، ليس بحرف وصوت.
[13] قال الإمام أبو حنيفة في "الفقه الأكبر": "والله تعال واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له" ا.هـ.
[14] وهي صفة أزلية واجبة لله، والمكوَّن حادث.
[15] وذلك كخلق شيء وتركه.
[16] التبليغ واجب للنبي غير الرسول وللرسول، وقد غلط بعضهم فقال: النبي غير مأمور بالتبليغ والرسول مأمور بالتبليغ وهذا غلط شنيع والصواب أن النبي والرسول كل منهما مأمور بالتبليغ.
[17] يستحيل على الأنبياء الأمراض المنفرة التي تنفر الناس عنهم وهذا من العصمة الواجبة لهم. وما يروى من أن سيدنا أيوب ابتلي في جسمه بأمراض منفرة لا أساس له من الصحة، ومن هذه الأخبار الكاذبة أن أيوب عليه السلام صار يخرج الدود من بدنه ونسبته لنبي من الأنبياء كفر. ويقول لها: كلي من رزقك يا مباركة، فهذا وما أشبهه ما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام.
[18] قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا أشهدوا خلقهم ستكتب شهاداتهم ويُسئلون} [سورة الزخرف].
[19] قال تعالى: {لا يعصونَ اللهَ ما أمرهُم ويفعلونَ ما يُؤمرونَ} [سورة التحريم].
[20] كلام الله الذي هو صفة ذاته أزلي لا ابتداء له وما كان كذلك فلا يكون حرفًا وصوتًا ولغةً ولا يُبتدأ ولا يُختتم، وألفاظ القرءان وألفاظ التوراة وألفاظ الإنجيل وألفاظ الزبور المنزلة مخلوقة لله لكنها ليست من تصنيف ملك ولا بشر فهي عبارات عن الكلام الذاتي الذي لا يوصف بأنه عربي ولا بأنه عبراني ولا بأنه سرياني، وهذا اللفظ المنزل الذي هو عبارة عن كلام الله يقال له كلام الله على معنى أنه ليس من تصنيف بشر ولا تأليف مَلَك.
[21] قال تعالى: {ثمَّ يُنَبِّئُهُم بما عملوا يومَ القيامةِ} [سورة المجادلة].
[22] قال تعالى: {واللهُ يدعواْ إلى الجنَّةِ والمغفرة بإذنهِ} [سورة البقرة].
[23] قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنمَ كثيرًا مِنَ الجنِّ والإنسِ} [سورة الأعراف].
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ومولانـا محمد وعلى ءالـه وصحبـه أجمعيـنَ.
أمـا بعد فيقولُ أفقرُ الوَرى محمد أبـو النصر ابن السيـد محمد القاوقجي لطفَ بهِ مولاهُ ورحمه على الدوام:
هـذه " كفـايةُ الصبيـان في مـا يجبُ من عقائـدِ الإيمـانِ " للأستاذ الفاضلِ سيِّدي ووالدي السيد محمد ابن السيد خليل القاوقجيّ أبي المحاسن، سقانا اللهُ وإياهُ منَ المحبةِ شرابًا غيرَ ءاسنٍ.
قال حفظهُ اللهُ ونفعَ بهِ عبادهُ:
اعلَمْ أنَّهُ يجبُ للهِ تعالى الوجودُ [1]، والقِدَمُ [2]، والبقاءُ [3]، ومُخالفتُهُ تعالى لخلقهِ [4]، وقيامهُ بنفسِهِ [5]، والوحدانيةُ [6] في ذاتِهِ وصِفاتِهِ وأفعالهِ، والقُدرةُ [7]، والإرادةُ [8]، والعلمُ [9]، والحياةُ [10]، والسمعُ، والبصرُ [11]، والكلامُ [12]، وكونُهُ تعالى قادرًا، ومُريدًا، وعالِمًا، وحيًّا، وسَميعًا، وبَصيرًا، ومُتكلِّمًا.
ويستحيلُ عليه تعالى العدمُ، والحدوثُ، وحُصولُ الفناءِ، والمُماثلةُ لخلقهِ، والافتقارُ، والتركيبُ، والنظيرُ، والعجزُ، وأن يكونَ مغلوبًا، والجهلُ، والموتُ، والصَّممُ، والعَمى، والبكمُ، وكلُّ ما خَطَرَ ببالِكَ فاللهُ بخلافِ ذلكَ.
أما الدليلُ على وجودِهِ تعالى فهذهِ المخلوقاتُ لأنَّها موجودةٌ بعدَ عدمٍ، وكلُّ موجودٍ بعدَ عدمٍ لا بُدَّ لهُ من موجدٍ، فهذهِ المخلوقاتُ لا بدَّ لها من موجِدٍ يُوجدُها وهُوَ اللهُ سبحانه وتعالى.
ولوْ لمْ يكن قديمًا لكانَ حادِثًا، ولو لم يكُنْ باقيًا لم يكُنْ قديمًا، ولو لم يكن مُخالفًا لخلقهِ لكان مثلهم، ولو لم يكن قائمًا بنفسِهِ لاحتاجَ إلى غيرهِ، ولو لم يكًن واحدًا [13] لكانَ مقهورًا، ولو لم يتَّصِفْ بالقدرةِ والإرادةِ والعلمِ والحياةِ لما وُجِدَ شيءٌ منَ المخلوقاتِ وهوَ باطلٌ، ولوْ لم يتَّصِفْ بالسمعِ والبصرِ والكلامِ لكانَ ناقصًا تعالى اللهُ عن ذلكَ علوًّا كبيرًا.
وأمَّا صفاتُ الأفعالِ فهيَ قديمةٌ عندَ الحنفيةِ، يُقالُ لها: التَّكوينُ [14] كثيرةُ التعلُّقاتِ، إن تعلَّقتْ بالخلقِ سُمِّيَتْ خلقًا، وإن تعلَّقتْ بالرزقِ سُمِّيَتْ رزقًا، وإن تعلَّقتْ بالإحياءِ سُمِّيَتْ إحياءً، وبالإماتةِ سُميتْ إماتةً، ونحو ذلك.
والدليلُ على قِدَمِها وجودُ هذا الكونِ الحادِثِ، لأنَّهُ لوْ حدثَ بنفسهِ لَزِمَ أن يَسْتَغنيَ الكونُ عنِ المُكَوِّنِ وهوَ باطلٌ، ولو لم يتَّصِفْ بها مولانا أزلاً لَزِمَ التَّغَيُّرُ عمَّا كانَ عليهِ فيُفْضي إلى فسادٍ كبيرٍ تعالى اللهُ عن ذلكَ عُلُوًّا كبيرًا.
ويجوزُ في حقِّهِ تعالى فِعلُ كلِّ ممكنٍ أو تركهُ [15] وإلا لانقلبَتِ الحقائقُ وهُوَ مُستحيلٌ.
ويجبُ في حقّ الرُّسُلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ الصدقُ والأمانةُ والتَّبليغُ [16] والفطانةُ، ويستحيلُ عليهم الكذبُ والخيانةُ والكِتمانُ والبلادةُ.
ودليلُ صدقِهِم المُعجزاتُ، ولو لم يكونوا أمناءَ لكانوا خائِنينَ، ولو لم يبلغوا لكانوا كاتِمينَ، ولو لمْ يكونوا فُطنًا لكانوا بُلدًا، وذلك محالٌ [في حقهم].
والعِصمةُ من الذنوبِ –أي الكبيرة والصغيرة التي فيها خسة ودناءة- واجبةٌ لهُم، ويجوزُ في حقِّهِم ما هُوَ مِنَ الأعْراضِ البَشريَّةِ كالنِّكاحِ والأمراضِ التي لا يَنْفُرُ الطَّبعُ منها [17].
ويجبُ الإيمانُ بالملائكةِ بأنَّهُم أجسامٌ نُورانيَّةٌ ليسوا ذُكورًا ولا إناثًا [18]، لا يَعْصونَ الله قطُّ [19]، ولا يأكلونَ ولا يَشربونَ ولا يمرضونَ ولا يتناكحونَ، ويجوزُ عليهمُ الموتُ.
ونُؤمِنُ بالتَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ والقُرءانِ بأنَّها كلامُ اللهِ [20] أنزلَها على رُسلهِ.
وما أخبرَنا اللهُ مِن أمر القيامةِ [21] والجنَّةِ [22] والنارِ [23] ونحوِ ذلكَ نؤمنُ بهِ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.
تم بحمد الله .
هامش :
[1] قال تعالى: {أفي اللهِ شكٌّ} [سورة ابراهيم].
[2] قال تعالى: {هُوَ الأول} [سورة الحديد].
[3] قال تعالى: {ويبقى وجهُ ربكَ ذو الجلالِ والإكرامِ} [سورة الرحمن].
[4] أي أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات بوجه من الوجوه، ليس بجوهر ولا عرض، وليس حالاً في مكان أو في جميع الأمكنة قال تعالى: {ليس كمثله شيءٌ} [سورة الشورى]، ونقل الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات [2/21] عن الحافظ أبي سليمان الخطابي أنه قال: "إن الذي يجب علينا وعلى كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس بذي صورة ولا هيئة فإن الصورة تقتضي الكيفية وهي عن الله وعن صفاته منفية".
[5] قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود لأن الاحتياج إلى الغير ينافي قدمه.
[6] قال تعالى: {وهوَ الواحدُ القهار} [سورة الرعد].
[7] قال تعالى: {وهو على كل شيءٍ قدير} [سورة المائدة].
[8] قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاءَ الله رب العالمين} [سورة التكوير].
[9] قال تعالى: {وهو بكل شيء عليم} [سورة البقرة].
[10] قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة]، فهو تعالى حي لا كالأحياء إذ ذاته أزلية أبدية ليست بدم وروح وعظم وجسد.
[11] قال تعالى: {وهوَ السميعُ البصير} [سورة الشورى] وهو تعالى يسمع الأصوات بسمع أزلي أبدي لا كسمعنا ليس بأذن وصماخ، ويرى برؤية أزلية أبدية المرئيات جميعها.
[12] قال تعالى: {وكلَّم الله موسى تكليمًا} [سورة النساء]، ومعنى الكلام أن له صفة هو بها متكلم لا يشبه كلامه كلام الخلق، ليس بحرف وصوت.
[13] قال الإمام أبو حنيفة في "الفقه الأكبر": "والله تعال واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له" ا.هـ.
[14] وهي صفة أزلية واجبة لله، والمكوَّن حادث.
[15] وذلك كخلق شيء وتركه.
[16] التبليغ واجب للنبي غير الرسول وللرسول، وقد غلط بعضهم فقال: النبي غير مأمور بالتبليغ والرسول مأمور بالتبليغ وهذا غلط شنيع والصواب أن النبي والرسول كل منهما مأمور بالتبليغ.
[17] يستحيل على الأنبياء الأمراض المنفرة التي تنفر الناس عنهم وهذا من العصمة الواجبة لهم. وما يروى من أن سيدنا أيوب ابتلي في جسمه بأمراض منفرة لا أساس له من الصحة، ومن هذه الأخبار الكاذبة أن أيوب عليه السلام صار يخرج الدود من بدنه ونسبته لنبي من الأنبياء كفر. ويقول لها: كلي من رزقك يا مباركة، فهذا وما أشبهه ما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام.
[18] قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا أشهدوا خلقهم ستكتب شهاداتهم ويُسئلون} [سورة الزخرف].
[19] قال تعالى: {لا يعصونَ اللهَ ما أمرهُم ويفعلونَ ما يُؤمرونَ} [سورة التحريم].
[20] كلام الله الذي هو صفة ذاته أزلي لا ابتداء له وما كان كذلك فلا يكون حرفًا وصوتًا ولغةً ولا يُبتدأ ولا يُختتم، وألفاظ القرءان وألفاظ التوراة وألفاظ الإنجيل وألفاظ الزبور المنزلة مخلوقة لله لكنها ليست من تصنيف ملك ولا بشر فهي عبارات عن الكلام الذاتي الذي لا يوصف بأنه عربي ولا بأنه عبراني ولا بأنه سرياني، وهذا اللفظ المنزل الذي هو عبارة عن كلام الله يقال له كلام الله على معنى أنه ليس من تصنيف بشر ولا تأليف مَلَك.
[21] قال تعالى: {ثمَّ يُنَبِّئُهُم بما عملوا يومَ القيامةِ} [سورة المجادلة].
[22] قال تعالى: {واللهُ يدعواْ إلى الجنَّةِ والمغفرة بإذنهِ} [سورة البقرة].
[23] قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنمَ كثيرًا مِنَ الجنِّ والإنسِ} [سورة الأعراف].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق