بحث

الجمعة، 11 أبريل 2014

العمرة

أولاً : العمرة في اللغة :

الزيارة ، وطاعة الله عز وجل – تقول : عمر فلان ربه – إذا عبده ، وعمر فلان ركعتين إذا صلاهما ، وهو يعمر ربه - أي يصلي ويصوم فإذا قصد البيت بالزيارة قيل : اعتمر

ثانياً : الاعتمار في الشرع - 
هو زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة - التي ستأتي فيما بعد -

حكم العمرة:
مختلف فيه فيما بين الفقهاء فحكمها يدور بين : الوجوب وعدم الوجوب وكونها سنة.

وقت العمرة :
لا ميقات لها في الزمان ، ويجوز الإحرام بها في جميع السنة.

شروط وجوب العمرة :
1- الإسلام.
2- البلوغ.
3- العقل.
4-  الحرية : لا تجب على العبد وإن اعتمر قبلت منه ويشترط في صحتها إذن سيده له .
5-  الاستطاعة : وتتلخص في:
أ- صحة البدن ، وللعاجز لأي سبب أن يكلف غيره إن كان ذلك ممكناً.
ب- أن يكون الطريق آمناً .
ج- ملكية الزاد والراحلة . وهذا بالنسبة لمن هو بعيد عن مكة ، أما القريب منها ويمكنه المشي فلا يشترط ملكية الراحلة.

أركان العمرة:
1- الإحرام.
2- طواف العمرة.
3- سعي العمرة.
ومن ترك ركناً : فإن النسك لا يكون قد تم.

1- الإحرام :
وهو نية الدخول في الحج أو العمرة .

مواقيت الإحرام المكانية :
ومعنى الميقات في الشرع : المكان الذي يحرم منه الحاج أو المعتمر.وهو مختلف باختلاف الجهات ونذكرها فيما يلي:

1- ميقات أهل المدينة (ذو الحليفة).
2- ميقات أهل الشام (الجحفة).
3- ميقات أهل مصر (رابغ) ويحرم منها أيضا أهل المغرب والسودان والقادمين من أفريقيا.
4- ميقات أهل اليمن والهند (يلملم).
5- ميقات أهل العراق (ذات عرق)
6- ميقات أهل نجد (قرن المنازل)
أما ميقات المعتمر من أهل مكة ومن في الحرم فهو من الحل وأدنى ذلك (التنعيم) ومن أي الحل أحرم جاز.

والواجب على من مر على هذه المواقيت أن يحرم منها ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصداً مكة يريد حجاً أو عمرة , سواء كان مروره عن طريق البر , أو البحر , أو الجو . ومن لم يكن طريقه على ميقات من تلك المواقيت التي أشرنا إليها فإنه إذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم منه ، فإن لم يعلم حذو الميقات احتاط فأحرم قبله.

ما يطلب من المحرم قبل الشروع في الإحرام:
- النظافة وتتحقق بتقليم الأظافر وقص الشارب ، ونتف الإبط وحلق العانة ، والوضوء أو الاغتسال – وهو أفضل - وتسريح اللحية وشعر الرأس ، والتطيب ، ويسن له عل الصحيح أن يصلي ركعتين بعد الغسل والتطيب إذا كان الوقت لا تكره فيه الصلاة ، وإلا فلا يصلي.  

كيفية الإحرام:
يستحب أن يحرم عقيب صلاة- إما مكتوبة أو نافلة . وينوي الإحرام بقلبه ولا ينعقد بغير نية ، فإن لبى بغير نية لم يصر محرماً وإن نوى الإحرام من غير تلبية انعقد إحرامه .ويستحب أن ينطق بما أحرم به ويعينه بأن يقول : لبيك اللهم عمرة وإن خاف فله أن يشترط بأن يقول : فإن حبسني حابس فمَحِلّي حيث حبستني . ثم يلبي بعد ذلك بالصيغة الآتية: لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، ويصلي على النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بعد الفراغ من التلبية بصوت منخفض .

خطوات الإحرام :
التجرد من الثياب المخيطة بالنسبة للرجال ، وارتداء ثوبي الإحرام وهما : رداء يلف النصف الأعلى من البدن دون الرأس ، وإزار يلف به النصف الأسفل منه وينبغي أن يكونا أبيضين .ويلبس نعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، وللمرأة لبس المخيط ولكن لا تلبس البرقع أو النقاب أو القفازين ولا بأس على المحرم من أن يتختم – يلبس خاتماً – إذا شاء وأن يلبس الهميان يجعل فيه المالوالهميان هو الحزام الذي يشد على الوسط .

وقت التلبية :
وتبدأ من وقت الإحرام وحتى استلام الحجر في بدء الطواف أو تقطع عند دخول الحرم على قول طائفة من أهل العلم .ثم يكثر من التلبية ما وسعه ذلك ، وليكن ذلك عقب كل صلاة مكتوبة ، وكلما لقي ركباً ، وكلما ارتفع فوق مكان أو هبط وادياً ، ويكثر منها كذلك بالأسحار وحين يستيقظ من نومه ، وعند الركوب أو النزول ، ويستحب رفع الصوت بالتلبية دون أن يجهد نفسه في ذلك ، وتكون التلبية بحالة التوسط فلا يدأب حتى يمل ويضجر.

محظورات الإحرام:
- حلق الشعر وفديته شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين (للمسكين نصف صاع = كيلو ونصف)
- تقليم الأظافر وفديتهه شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين.
- لبس المخيط للذكر وفديته شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ، إلا إذا لم يجد إزاراً فيلبس سراويل ولا فدية عليه.
- تغطية الرأس للذكر وفديته شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين.
- الطيب في بدنه وثوبه وفديتها شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين.
- قتل الصيد ، وجزاء الصيد مثل ما قتل من بهيمة الأنعام إن كان له مثل ، فإن لم يكن له مثل أخرج قيمته .
- عقد النكاح : هو حرام ولا فدية فيه.
 المباشرة بشهوة دون الفرج ، وفديتها شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين – الوطء في الفرج يفسد العمرة وعليه شاة ويجب أن يقضيه.

2-  طواف العمرة :
على المحرم المبادرة إلى البيت ويدخل من باب بني شيبة - وهو المسمى الآن باب السلام - ثم يردد دعاء دخول المسجد وهو [أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم ، بسم الله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك] ثم يرفع يديه إذا وقع نظره على البيت ويقول : اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتعظيماً وبراً ، اللهم أنت السلام ومنك السلام ، فحينا ربنا بالسلام.الطواف يبدأ من عند الحجر الأسود فاضطبع بردائك أي اجعل وسطه تحت عاتقك الأيمن وطرفيه على عاتقك الأيسر بحيث يكون الكتف الأيمن عارياً- والإضطباع للرجال فقط دون النساء - ثم اقصد الحجر الأسود واستلمه وقبله فإن لم تتمكن من تقبيله واستلمته بيدك فقبل يدك فإن عجزت عن هذا وذاك أشر إليه بيدك وقل بسم الله والله أكبر ، وافعل ذلك في كل شوط عند وصولك للحجر الأسود .ثم طف بالبيت سبعة أشواط تبتدئ من الحجر الأسود وتنتهي إليه في كل شوط ، وتراعي أن ترمل حسب الاستطاعة في الأشواط الثلاث الأولالرمل هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطوات – وتمشي في الأشواط الباقية وكلما حاذيت الركن اليماني استلمه ان استطعت وقل بين الركنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وادعو في سائر الأشواط بما تحب من الدعاء .ثم صل ركعتين خلف مقام إبراهيم قريبا منه إن تيسر أو بعيداً تقرأ فيهما سورتي الكافرون والإخلاص .ثم اشرب من ماء زمزم وأكثر حتى تتضلع ثم عد إلى الحجر الأسود فاستلمه إن استطعت ثم ادعو عند الملتزم (بين الحجر الأسود والباب).

3- سعي العمرة :
ثم بعد ذلك اخرج إلى الصفا واصعد عليه وقل أبدأ بما بدأ الله به واقرأ قوله تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكرٌ عليم}ثم كبر الله وهلل واستقبل الكعبة وارفع يديك وادعو ثم انزل فامشي إلى العلم الأخضر ثم اسرع إلى العلم الآخر ثم إمشي حتى تأتي المروة فافعل كفعلك على الصفا من التكبير والتهليل واستقبال الكعبة والدعاء ثم انزل وكرر ما فعلت في الشوط الأول حتى تكمل سبعة أشواط وتحسب من الصفا إلى المروة شوط ومن المروة إلى الصفا شوط ، حيث ستبتدئ بالصفا وتختم بالمروة.فإذا أتممت السعي فقصر شعر رأسك أو احلقه والحلق أفضل .
وبذلك تمت العمرة ففك إحرامك والبس ثيابك .
  
واعلم أن واجبات العمرة اثنان :
الإحرام من الميقات والحلق أو التقصير ، ومن ترك واجبا جبر بدم .

الزيارة النبوية وما يفعل ويقال فيها.

- قال الإمام النووي في كتابه الأذكار (صـ 198- 200) [ فصل ] : " في زيارة قبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأذكارها ":

[ اعلم أنه ينبغي لكل من حجّ أن يتوجه إلى زيارة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن .
فإن زيارته صلى الله عليه وسلم من أهمّ القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات .
فإذا توجَّه للزيارة أكثرَ من الصلاة عليه صلى اللّه عليه وسلم في طريقه فإذا وقعَ بصرُه على أشجار المدينة وحَرمِها وما يُعرَفُ بها زاد من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم وسألَ اللّه تعالى أن يننفعَه بزيارته صلى الله عليه وسلم وأن يُسعدَه بها في الدارين وليقلْ : اللَّهُمَّ افْتَحْ عَليَّ أبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَارْزُقْنِي في زِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم ما رزقْتَهُ أوْلِياءَكَ وأهْلَ طَاعَتِكَ واغْفِرْ لي وارْحمنِي يا خَيْرَ مَسْؤُول .
وإذا أراد دخول المسجد استحبّ أن يقولَ ما يقوله عند دخول باقي المساجد وقد قدّمناه في أول الكتاب .فإذا صلّى تحية المسجد أتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة على نحو أربع أذرع من جدار القبر وسلَّم مقتصداً لا يرفع صوته فيقول : " السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّه السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللّه مِنْ خَلْقِهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ السَّلامُ عَلَيْكَ وَعلى آلِكَ وأصْحابِكَ وأهْلِ بَيْتِكَ وَعَلى النَّبيِّينَ وَسائِرِ الصَّالِحِينَ أشْهَدُ أنَّكَ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ وأدَّيْتَ الأمانَةَ وَنَصَحْتَ الأُمَّةَ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أفْضَلَ مَا جَزَى رَسُولاً عَنْ أُمَّتِهِ  , وإن كان قد أوصاه أحدٌ بالسَّلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : السَّلام عليك يا رسولَ اللّه من فلان بن فلان .
ثم يتأخرَ قدر ذراع إلى جهة يمينه فيُسلِّم على أبي بكر ثم يتأخرُ ذراعاً آخرَ للسلام على عُمر رضي اللّه عنهما ثم يرجعُ إلى موقفه الأوّل قُبالة وجهِ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيتوسلُ به في حقّ نفسه ويتشفعُ به إلى ربه سبحانه وتعالى ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومَن أحسنَ إليه وسائر المسلمين وأن يَجتهدَ في إكثار الدعاء ويغتنم هذا الموقف الشريف ويحمد اللّه تعالى ويُسبِّحه ويكبِّره ويُهلِّله ويُصلِّي على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ويُكثر من كل ذلك .
ثم يأتي الروضةَ بين القبر والمنبر فيُكثر من الدعاء فيها فقد روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه :عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : "ما بَيْنَ قبري وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ" .
وإذا أراد الخروج من المدينة والسفرَ استحبّ أن يُودِّع المسجد بركعتين ويدعو بما أحبّ ثم يأتي القبر فيُسلّم كما سلَّم أوّلاً ويُعيد الدعاء ويُودّع النبيّ  صلى الله عليه وسلم ويقول : " اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ هَذَا آخِرَ العَهْدِ بِحَرَمِ رَسُولِكَ وَيَسِّرْ لي العَوْدَ إِلى الحَرَمَيْنِ سَبِيلاً سَهْلَةً بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ وَارْزقْنِي العَفْوَ والعَافِيةَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ وَرُدَّنا سالِمِينَ غانِمِينَ إلى أوْطانِنا آمِنِينَ .
فهذا آخرُ ما وفّقني اللّه بجمعه من أذكار الحجّ . وهي وإن كان فيها بعض الطول بالنسبة إلى هذا الكتاب فهي مختصرة بالنسبة إلى ما نحفظه فيه واللّه الكريم نسأل أن يوفِّقنا لطاعته وأن يجمعَ بيننا وبين إخواننا في دار كرامته .وقد أوضحت في كتاب المناسك ما يتعلَّق بهذه الأذكار من التتمّات والفروع الزائدات واللّه أعلم بالصواب وله الحمد والنعمة والتوفيق والعصمة .
وعن العُتْبيّ  قال : كنتُ جالساً عند قبر النبيّ صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابيٌّ فقال : السلام عليك يا رسول اللّه سمعتُ اللّه تعالى يقول : {وَلَوْ أنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ جآءوك فاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً} [ النساء : 64 ] وقد جئتُك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ثم أنشأ يقول :
يا خيرَ مَنْ دُفنتْ بالقاع أعظُمُه فطابَ من طيبهنَّ القاع والأكمُ
نفسي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنُهُ فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرَمُ
قال : ثم انصرفَ فحملتني عيناي فرأيت النبيَّ  صلى الله عليه وسلم في
النوم فقال لي : يا عُتْبيّ الحقِ الأعرابيَّ فبشِّره بأن اللّه تعالى قد غفر له.]اهـ


وعمرة مقبولة مبرورة إن شاء الله ، والمرجو والمأمول ألا تنسوا أخيكم الفقير كاتب هذه السطور من صالح دعائكم .


المصادر :

- الفقه على المذاهب الأربعة – جمهورية مصر العربية – وزارة الأوقاف – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية .

- الفقه على المذاهب الأربعة – دكتور حمزة النشرتي ، دكتور عبد الحميد مصطفى , الشيخ عبد الحفيظ فرغلي - المكتبة القيمة – القاهرة – جمهورية مصر العربية .

- الأذكار – للإمام النووي -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق