بحث

الجمعة، 21 فبراير 2014

من الأصول التاريخية لمسألة الطابور الخامس


نفيسة البيضاء (نفيسة المرادية) أم المماليك .


عرض في رمضان قبل الماضي مسلسل نابليون والمحروسة عن قصة السيدة نفيسة البيضاء وجسدت دور نفيسة البيضاء الفنانة ليلى علوي .


ولأن معظم هذه الفترة قد دونها الجبرتي فقطعاً وبدون أي شك دور ليلى علوي في المسلسل هو دور ثناء وإجلال وتعظيم لنفيسة البيضاء .



فالمشكلة الحقيقية أن تاريخ الجبرتي كان ينظر للدولة العثمانية التي حكمت مصر خلال هذه الفترة بأنها الدولة الغازية الظالمة الغاشمة التي سعت إلى احتلال الدول ومد نفوذها كي تخضع جميع الدول تحت سيطرتها لاستغلالها ونهب ثرواتها.


وذلك – إن أحسنا به الظن - دون أي إدراك حقيقي للمخطط التآمري الذي كان يحاك للدولة العثمانية بتمزيقها من أجل إقامة دولة إسرائيل فيما بعد – تمهيداً لتنفيذ أجندة العالم الموحد وحكومته الخفية بخروج مسيحهم المنتظر الأعور الدجال - 
ومن منطلق محاولة بحثنا عن الحقيقة ومن منطلق فهمنا لمخطط مسار الأفعى الصهيوماسونية الذي يتم تسييره رويداً رويداً عبر القرون والعصور عبر أحداث منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مفتعل .


فثمة شكوك قطعاً ستدور حول نفيسة البيضاء من جهتنا ومع ذلك نحن لا نتهم أحد.


فالخيانة ليس شرطاً أن تكون بالوعي والإدراك ولكن كثيراً تكون بالسيطرة الذهنية .


وكما يظهر للمتابع فليس كل ما هو مكتوب في الكتب هو ما يحدث في الواقع .


فتاريخ الجبرتي من منطلق وجهة نظره المعادية للعثمانيين يصور قطعاً عليّ بك الكبير أول من سعي للانفصال بمصر عن الدولة العثمانية وتعاون مع الغرب على ذلك بأنه بطل همام عظيم يسعي إلى أن يخلص مصر من الاحتلال العثماني الغاشم .


ويصور مملوكه محمد بك أبو الذهب الموالي للدولة العثمانية والذي سعى دائماً إلى نصح عليّ بك الكبير بعدم الجواز شرعاً التحالف مع الغرب وانتهاك حرمة الحرمين ومحاربة الخليفة بأنه خائناً خان سيده لأنه لا يسعى إلى أن تتحرر مصر من هذا الاحتلال العثماني .


وهذا قطعا يعتبر خلللاً تاريخياً وقطعاً بالنسبة لنا فالعكس هو الصحيح .


فمن يتحالف مع الغرب لكي يفصل دولته عن إمبراطورية كانت عائقاً لمخططات الماسون - ولذلك سعوا دائماً إلى تفتيتها - فهذا قطعاً ليس بطولة بل يعتبر نوعاً من الخيانة سواء بعلم أو بدون علم .


فحين نعلم أن عليّ بك الكبير قبل أن يصبح حاكماً لمصر كان قد تم بيعه  وهو صبي في سن الخامسة عشر لاثنين من اليهود العاملين بالجمارك .


وحين نعلم أن نفيسة البيضاء كانت جارية مجهولة النسب تم إحضارها إلى مصر واشتراها عليّ بك الكبير ثم أعتقها وتزوجها ، وحين نعلم أنها كانت تجيد الفرنسية ولم تكن تجيد العربية أو التركية إلا بعدما أحضر لها عليّ بك الكبير معلماً للغة العربية ومعلماً للغة التركية .


وحين نعلم أن عليّ بك الكبير قد أشترى نفيسة في وقت كان يريد فيه الاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية .


وحين نعرف أن نفيسة تزوجت مراد بك فيما بعد .


وحين نعرف أن مراد بك كان سبباً ظاهرياً من أسباب الحملة الفرنسية على مصرحيث كان يصادر أموال التجار الأوروبيين فكانت هذه التصرفات هي ذريعة الحملة الفرنسية لدخول مصر.


وحين نعرف أن نفيسة كانت على علاقة جيدة بنابليون والحكومة الفرنسية وأن نابليون كان يكن لها كل الاحترام.


خاصة بعدما قامت باستضافة الجرحى من الجنود الفرنسيين في قصرها وقامت بمساعدتهم في العلاج.


وحين نعرف أن نفيسة كانت الوسيط حين تدخلت في إنهاء الصراع بين زوجها مراد بك ونابليون مقابل أن يكون مراد بك حاكماً للوجه القبلي وكافأها نابليون علي ذلك بأن أعطاها ١٠٠ ألف فضة كانت تصرفها شهرياً.


بعد كل هذا لابد ان نسأل :


هل كانت نفيسة البيضاء الملقبة بأم المماليك جارية عادية أم جارية مدفوعة ؟


من جهة المعلومات لا توجد مصادر وافية عن أصل نفيسة البيضاء أو المرادية ولا عن ديانتها الأصلية وإن كان يرجح أنها شركسية الأصل ولا عن سيرتها قبل أن تظهر في حريم عليّ بك الكبير .

من جهة التحليل يوجد في سيرتها وسلوكها أمران غريبان يستلفتان النظر :

الأول : تعاطفها مع التجار الأوربيين الوافدين إلى مصر وتوسطها وأحياناً ضغطها على زوجها مراد بك لإزالة الغرامات عنهم وتقليل الضرائب عليهم وأغلب هؤلاء التجار كانوا من اليهود وكثير منهم كانوا من الجواسيس والتجارة غطاء جمعهم للمعلومات وهذه المعلومات والتقارير كانت تمهيداً لغزو نابليون لمصر بكشف حالتها وأوضاعها أمامه .


الأمر الثاني المريب هو: علاقتها الوثيقة والودية بقادة الحملة الفرنسية وبنابليون نفسه وهُم بِعرف ذلك الزمان كفار ومحتلون .


فانتقالها من عصمة عليّ بك الكبير إلى عصمة مراد بك الذي خانه مفهوم ومقبول بمقياس هذا الزمان.


لكن سلوكها مع قادة الحملة ليس له تفسير منطقي إلا أن يكون لها وجه آخر مجهول يصبح سلوكها هذا معه مفهوماً .


رغم أن هذه مسألة لا يصح القطع فيها بالتحليل وحده دون معلومات إلا أن أن نفيسة البيضاء تشبه في موقعها الذي وصلت إليه وسلوكها فيه نموذج أستير في السفر المسمى باسمها .


وهي الفاتنة اليهودية التي تخفي هويتها إلى أن تصل إلى مخدع صاحب الأمر والسلطان وتستوطن عقله لتعين بني قومها وملتها وتكون حامية لهم .


هذا النموذج شائع بين اليهود في كل الأمم وله نماذج عديدة غرباً وشرقاً وهو إحدى استراتيجياتهم وهي استراتيجية مقدسة خصصوا عيداً دينياً للاحتفال بها وبذكرى مثالها الأعلى أستير ,وهو عيد الفوريم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق