بحث

الجمعة، 15 أبريل 2016

من الأصول التاريخية لهدم الأمم : الكواكبي أنموذجاً : الحلقة الثانية.

ما أورده الكواكبي تحت عنوان : الاستبداد والدين.

الحلقة الأولى:
تكلم الكواكبي بتهويمات باطلة ممزوجة بفكر الخوارج في ترسيخ اللامقدس عن ساداتنا الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم ، وتحديداً عن سادتنا عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والحسن بن عليّ وخليفة الله مهدي آخر الزمان رضي الله تعالى عنهم وعنا بهم.
لأنه إذ قد غرس بداخل الفرد لا سمح الله الطعن والغمز واللمز في هؤلاء فلا حد ولا سقف بعد ذلك لنقده بجهله وسخافة عقله لغيرهم.

- قال في صـ (26 ، 27) :[إن الحكومة من أي نوع كانت لا تخرج عن وصف الاستبداد ما لم تكن تحت تحت المراقبة الشديدة والاحتساب الذي لا تسامح فيه ، كما جرى في صدر الإسلام في ما نُقم على عثمان ثم على عليّ رضي الله عنهما.]اهـ

- قلت وبالله التوفيق :

جعل الكواكبي ما أسماه بما نُقم على عثمان ثم على عليّ رضي الله عنهما من نوع المراقبة الشديدة والاحتساب الذي لا تسامح فيه في مواجهة الاستبداد !!!!!!!

فبعد أن تحوقل أخي القاريء وتتعوذ من هكذا خلق وتوقح وفهم فاسد عمداً أو تعمداً لقلب الحقائق عن هؤلاء السادة تجد أن أحد ذوي الفهوم الفاسدة والعقول الموجهة لتدمير الأمة قد اعتبر سيدنا عثمان وسيدنا عليّ رضي الله عنهما من أهل الاستبداد وأن من قام في وجهيهما من أهل المراقبة والاحتساب ، قال ذلك بجسارة قلب وكأن هذا الهذيان حقيقة مسلم بها ، ولم يكتفي بذلك بل قد أردفه قائلاً :

في صـ 39 : [على أن هذا الطراز السامي من الرياسة هو الطراز النبوي المحمدي لم يخلفه فيه حقاً غير أبي بكر وعمر ثم أخذ بالتناقص وصارت الأمة تطلبه وتبكيه من عهد عثمان إلى الآن وسيدوم بكاؤها إلى يوم الدين إذا لم تنتبه لاستعواضه بطراز سياسي شوري.]اهـ

قلت وبالله التوفيق :

في كلامه السابق أمور أجملها وفق ما أر اه فيما يلي :

- أقيسة فاسدة في الحكم إذ كيف يقاس شأن سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أي أمر بمن سواه ؟!! فهل هو يزعم مساواة سيدنا أبي بكر الصديق وعمر الفاروق بسيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمور الحكم ؟!!! فيتوصل بذلك ولو من طرف خفي إلى أن يغرس في مرضى النفوس بأن النبي صلى الله عليه وسلم بشر مثله مثلك وهناك من ساواه في بعض شأنه.

أُثر عن سيدنا الفاروق عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه قد قال في حق سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيما أخرج الطَّبراني في مسنده عن الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما - قال: "رحمك الله يا أبا بكر، لقد أتعبت من جاء بعدك"اهـ

فعلى هذا كان فهمهم رضي الله عنهم وأرضاهم أن بعضهم يقصر عن بلوغ مقام بعض فما بال أمثال الكواكبي يفوهون بما سبق !!!!

- الرياسة على الطراز النبوي المحمدي - وفق اصطلاح الكواكبي – منذ عهد عثمان إلى قيام الساعة فُقدت وتبكيها الأمة ولن تجدها مالم تتبع ما خطه لها الكواكبي بما أسماه طراز سياسي شوري !!!!

- هل في ذلك إنكار ضمني للإمام المهدي المبشر به وبخلافته على منهاج النبوة قبل قيام الساعة ؟!!! لأن إطلاق الكواكبي لم يستثني ذلك.

- أم أنه قد وضع الإمام المهدي مع من سبقه من الخلفاء الراشدين بعد الفاروق رضي الله عنهم جميعاً في كون رياسته لن تكون وفق الطراز المحمدي ؟!!!!

- كلامه السابق لا يخلو من طعن وغمز بخبث وجسارة قلب في سيدنا عثمان وسيدنا عليّ وسيدنا الحسن رضي الله عنهم جميعاً وعنا بهم.

الكواكبي نسي أو تناسى أن ما حدث من أقضية وقتها في الأمة وبمقتضى راشديتهم ومقامهم كان ما فعلوه هو عين عين الصواب ظاهراً وباطناً ، وأن أفهام أمثال الكواكبي وإن قصرت عن إدراك ذلك وبلوغه جهلاً أو تجاهلاً وتعمداً لن تغير من الحق شيئاً.

وأعوذ بالله من كلام كهذا يقسي القلب ويزين للنفوس خوض غمار المهالك في ثياب الناصحين المصلحين ، وهو في هذه النقطة يتلاقى فكرياً روحاً ولفظاً مع أدبيات الخوارج التيمية في هدم الثوابت والمقدسات.

فياضيعة من كان خصمه يوم التناد سيدنا عثمان ذو النورين وسيدنا عليّ الكرار وسيدنا الحسن ريحانة مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وهكذا وعلى هذا المنوال تسير أفكار أمثال الكواكبي من دعاة القومية والإصلاح والتنوير جنباً إلى جنب مع الفكر الخوارجي التيمي من نفس المنطلقات وذات الغايات وإن اختلفت الأدوات وعوامل التنفيذ والمحصلة النهائية واحدة وهي ما نعيشه الآن ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق