بحث

الثلاثاء، 21 أبريل 2015

الأزهر الشريف وابن تيمية نقيضان لا يجتمعان : حقائق تاريخية - الحلقة الأولى -

الأزهر الشريف بثوابته على مدى قرون والتي يمكن إجمالها في تمذهبه بمذاهب أهل السنة والجماعة الأربعة المشتهرة كمنهج لأهل الحق في
التعبدات ، وبعقيدته الأشعرية والسلفية الغير مشوهة كمنهج لأهل الحق في الاعتقاد ، وبتصوف الجنيد وأضرابه كمنهج لأهل الحق في السلوك والتربية ، الأزهر الشريف بكل ما سبق لا يلتقي مع منهج ابن تيمية في شيء.

الأزهر الشريف ومنهجيته الأصيلة براء من منهج ابن تيمية ومن لف لفه.

منهج الأزهر الشريف - قبل النخر والاختراق من قبل العالم الموحد بأجندات متعددة - والذي هو في مجموعه ممثل لمنهج أهل السنة والجماعة لا يتحمل وزر أخطاء وكوارث نتجت عن تطبيق منهج ابن تيمية.

فمن يحتج على الأزهر الشريف بابن تيمية وجب عليه الانتباه لما سبق والذي تؤكده حقائق ووثائق التاريخ ، أما وإن ظل على موقفه بعد ذلك فهذا لا يدل إلا على خبيئة في نفسه يريد أن يتوصل بها إلى إنفاذ أمر سوء ، نسأل الله العفو والعافية.

أما من التزم الدفاع عن الأزهر الشريف ومنهجيته الأصيلة قبل عمليات النخر والهدم كمثال وصورة تجسد وتوضح أهل السنة والجماعة ورموزهم وأئمتهم وتراثهم ، فما عليه من الدفاع عن ابن تيمية في شيء ، فلا رابط بين هذا وذاك ، ومال ابن تيمية ومال أهل السنة والجماعة وأئمتهم هم من تعقبوه وأظهروا قبائح أوهامه وعورات سقطاته.

بل إن موقف أهل السنة والجماعة من ابن تيمية وفكره ودعوته لهو خير دليل على اعتدال ووسطية نهجهم وتصديهم لأهل الباطل.

فمن ربط بين المنهج الأصيل للأزهر الشريف - قبل النخر والهدم - كتجسيد وصورة لمنهج أهل السنة والجماعة وبين ابن تيمية فقد أجرم.

ومن دافع عن ابن تيمية في معرض الدفاع عن الأزهر الشريف ومنهج أهل السنة والجماعة فقد أخطأ وحاول المزج بين نقيضين.

وهذا الكلام السابق ليس من عنديات الفقير بل حقائق التاريخ وثوابت الماضي هي ما قررت ما سبق وعبر عنه الفقير بكلمات قد تقصر عن تحرير الكلام بالدقة المطلوبة.

وما يلي من مختصر المنقول يظهر ذلك.

- يقول محمد خليل هراس - وهو من أعمدة الوهابية في مصر والعالم - في كتابه:[الحركة الوهابية صـ 39]:

[وكانت كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ورسائله مطمورة تحت ركام الإهمال والنّسيان، لا يسمح لها أهل البدع والإلحاد أن ترى النور.

فلما قامت هذه الحركة المباركة أخذت تنقب عن تلك الثروة الهائلة التي خلفها ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، وجدّ المسؤولين عن الدعوة في إبراز هذه الكنوز بالطبع والنشر .]اهـ

- جاء في رسالة [بيني وبين حامد الفقي]لأحمد شاكر - نشر دار المعارف بمصر-سنة1955م وهي مطبوعة أيضاً بين رسائله:

[وكيف يتوهم متوهم في حامد الفقي الذي وقف حياته على نشر علوم ابن تيمية وتخصص فيها من يوم أن كان اسم ابن تيمية لا يذكر إلا مقروناً باللعنة على ألسنة الوثنيين الجاهلين وما زلت بحمد الله أصبر على ما ينالني من أذى حتى أقبل الناس اليوم على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية يقدرونها قدرها وينتفعون بها ويحرصون عليها.]اهـ

قلت وبالله التوفيق:

وحامد الفقي هذا هو رأس من رءوس الوهابية في مصر والعالم وكذلك أحمد شاكر .

ولاحظ أخي القاريء أن ابن تيمية لم يكن اسمه يذكر حتى هذه الفترة إلا مقروناً باللعنة .

ثم انظر بعدها إلى وصفه لأهل مصر بالوثنيين الجاهلين ووصف محمد خليل هراس من قبله مخالفي ابن تيمية وهم جمهور الأمة بأهل البدع والإلحاد وهذه هي نظرتهم لكل من خالف دعوتهم الضالة ولا تسأل بعدها لماذا استحل أعضاء الجماعات الإرهابية دماء المصريين وغيرهم من المسلمين حال كون هذا الابن تيمية هو مرجيعتهم العظمى وبقرتهم المقدسة.

وفيما سبق أيضاً ما يكشف حقيقة هذا الإبن تيمية ويعريه من تلك الحلة القشيبة التي ألبسها إياه الوهابية الخوارج ومن لف لفهم على خلاف الحقيقة ، إذ أنهم يموهون على العوام والبسطاء ويوهمونهم بأن مكانة هذا الشخص وقيمته وكأنها من المعلوم من الدين بالضرورة.

مع أنه ومنذ ظهوره المشئوم في القرن الثامن الهجري وحتى اليوم وهو موضع اختلاف مابين من بدعه أو كفره أو من رماه بالزندقة ومن اتهمه بأن في عقله شيء ، ومن وصفه بأنه ضال مضل.

وحتى من مدحه في مواضع خالفه في معظم أو كل ما شذ به وخرق فيه الإجماع.

أما من قاتل على أقواله كابن القيم فلم تختلف نظرة أئمة الأمة له عن نظرتهم لابن تيمية.

ومما سيلي إن شاء الله سنتبين من هم الذين عناهم محمد خليل هراس بـ [أهل البدع والإلحاد] ، ورمز لهم حامد الفقي بـ [الوثنيين الجاهلين].

أتدري من هم عزيزي القاريء ؟!!!

إنهم باختصار : علماء مصر .. علماء الأزهر الشريف ، فيا من تتهم الأزهر الشريف بالباطل ، ويا من تدافع عن ابن تيمية وتلتمس له المعذرة وتلصقه إلصاقاً بأهل السنة والجماعة ومنهجية الأزهر الشريف أي حجة لكما بعد ما يلي؟!!!!!

- قال الإخواني الخوارجي يوسف القرضاوي في مذكراته:

[بداية الدراسة بالكلية.. والإفراج عن ابن تيمية]: بدأت الدراسة بالكلية مع بداية العام الدراسي، وانتظمت صفوف الدراسة من أول يوم، وأقبلت على الدراسة بشغف وحرص وعزم، بعد أن سلمونا عددًا من الكتب، واشترينا عددًا منها، وكانت سُنَّة حميدة من الكلية أن تسلم الطلاب معظم الكتب المقررة، وكتبًا أخرى للمطالعة والاستزادة.

وكان من هذه الكتب الإضافية كتاب (زاد المعاد) للإمام ابن القيم (طبعة صبيح) وهي طبعة غير محققة، ولكنها أفادتني كثيرًا.

وكان هذا من التطور الذي حدث في عهد الإمام المراغي: أن تُقبل كتب ابن تيمية وابن القيم وتوزع على طلاب الأزهر، فقد كان الأزهر قبل ذلك يقاوم فكر هؤلاء، ويحشرهم في زمرة (المجسِّمين).]اهـ

- قلت وبالله التوفيق :

كرر معي أخي القاريء الجملة التالية ففي الإعادة إفادة.

والإفراج عن ابن تيمية ... فقد كان الأزهر قبل ذلك يقاوم فكر هؤلاء، ويحشرهم في زمرة (المجسِّمين).

والإفراج عن ابن تيمية ... فقد كان الأزهر قبل ذلك يقاوم فكر هؤلاء، ويحشرهم في زمرة (المجسِّمين).

والإفراج عن ابن تيمية ... فقد كان الأزهر قبل ذلك يقاوم فكر هؤلاء، ويحشرهم في زمرة (المجسِّمين).


من العجب العجاب بعد ما سبق وتقدم أنك تجد من يكيل المديح لمحمد عبده ومدرسته بدعوى التجديد والعقلانية تجد من يخرج منهم ليجعل مهاجمة الأزهر الشريف ومنهجيته الأصيلة هي أولى أولوياته باعتبار أن الأزهر الشريف هو الذي يقف وراء نشر فكر ابن تيمية !!!!!!!!!!!!!

وغفل هؤلاء أو تغافلوا عن أن من مهد ونَشَر منهج ابن تيمية بين جنبات الأزهر الشريف باعتباره هو التجديد والعقلانية كانت مدرسة محمد عبده وتلامذته النجباء!!!!!!!!

ببساطة : الأزهر الشريف كمثال وصورة تجسد منهج أهل السنة والجماعة في نظر مدرسة محمد عبده يحتاج للتجديد بفكر ابن تيمية !!!

يعني هذا هو عين الإقرار بأن الأزهر الشريف ومنهجه الأصيل ومنهج ابن تيمية نقيضان وليسا بواحد.

طيب زيادة في التبيان : هذه صورة مختصرة لموقف علماء مصر وعلماء الأزهر الشريف - كممثل لمنهج أهل السنة والجماعة - من ابن تيمية ومنهجه.

- ما قاله سيدي الإمام الجليل أحمد الدردير الملقب بمالك الصغير عن ابن تيمية.

[فصل : في بيان أحكام الطلاق ، وأركانه ، وما يتعلق بذلك. ....... ونقل بعضهم عن بعض المبتدعة أنه يلزمه طلقة واحدة ، واشتهر ذلك عن ابن تيمية ، قال بعض أئمة الشافعية ابن تيمية ضال مضل ،أي لأنه خرق الإجماع : وسلك مسلك الابتداع.]اهـ

نقلاً عن كتاب الشرح الصغير (صـ 77) تأليف الإمام العلامة ولي الله تعالى سيدي أحمد الدردير الملقب بمالك الصغير رضي الله تعالى عنه على مختصره المسمى أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك - طبعة قطااع المعاهد الأزهرية - 1420هـ - 1421هـ / 2000 م - 2001م.

جدير بالذكر أن هذا الشرح كان مقرر على طلاب الثانوية الأزهرية أصحاب المذهب المالكي.

يعني هذا ما كان يعلمه ويؤصله الأزهر الشريف في أبنائه عن ابن تيمية.


- قال الإمام العلامة يوسف الدجوي عضو لجنة كبار العلماء وأحد أئمة الأزهر الشريف قال عن ابن تيمية:

[فقد كان – سامحه الله – مولعاً بنشر تلك الآراء الشاذة , والعقائد الضالة،كلما سنحت فرصة لقرير معتقده , الذي ملك عليه كل مشاعره حتى أصبح عنده هو الدين كله , على ما فيه من جمود وجحود وخلط وخبط ...!

وقد كنت يوما مع الأستاذ عبد الباقي سرور عليه رحمة الله , وكان مفتتناً بابن تيمية كثيراً , معجبا بآرائه , إلا أنه كان رجلاً عاقلاً , وقد لطفنا من افتتانه وقللنا من إعجابه , فقال : إن ابن تيمية إمام كبير ولا أدري لماذا لا يتبعه الناس , ولا يقول بقوله الجمهور ؟

فقلت له ببساطة : إني لا أتبع ابن تيمية مطلقاً , لأني إن كنت قد بلغت درجة الاجتهاد فلا أتبع غيري , وإن لم أبلغ درجة الاجتهاد كنت مع الجمهور , لا مع من شذ عنهم , فذلك أحوط في الدين , وأقرب إلى العقل والنقل . فاقتنع – رحمه الله – بتلك الكلمات البسيطة وأعجب بها .

ثم قلت له : إن ابن تيمية – في رأيي – لا يصح أن يكون إماماً لأن الإمامة الحقة لا ينالها من يقدس نفسه هذا التقديس , فإنه إذا قدس نفسه كان متبعا لآرائها , غير متهم لها فكان سائراً مع أهوائها , غير منحرف عنها , ومن اتبع هواه ضل عن سبيل الله , من حيث يدري , ولا يدري ومن قدس نفسه لم يتبع سبيل المؤمنين , شاء أم أبى.]اهـ مختصراً

وقد وردت هذه الفقرة ضمن رسالة بعث بها الإمام يوسف الدجوي إلى الإمام محمد زاهد الكوثري وهذه الرسالة طبعت لأول مرة في مطبعة الترقي عام 1348هـ أي منذ ما يقرب من 88 عاماً.

فانتبه أخي الفاضل فحتى هذه الفترة كان ابن تيمية لايتبعه الناس ولا يأخذ بقوله الجمهور – كما ورد في الفقرة السابقة –وحتى هذه المدة كانت هذه هي نظرة الأزهر الشريف وعلماؤه لابن تيمية.

- قال الإمام العلامة فضيلة الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية الأسبق - في ثلاثينيات القرن العشرين - في تقديمه لكتاب (شفاء السقام( : [ولما أن تظاهر قوم في هذا العصر بتقليد ابن تيمية في عقائده الكاسدة وتعضيد أقواله الفاسدة وبثها بين العامة والخاصة واستعانوا على ذلك بطبع كتابه المسمى بالواسطة ونشره وقد اشتمل هذا الكتاب على كثير مما ابتدعه ابن تيمية مخالفا في ذلك الكتاب والسنة وجماعة المسلمين فأيقظوا فتنة كانت نائمة فقياما بما يجب علينا كنا عزمنا على جمع مؤلف في الرد على ذلك الكتاب حتى لا يقع المسلمون بواسطة ابن تيمية ومن هم على شاكلته في مهواة الضلال والهلاك الأبدية , غير أنا وجدنا كتاب الإمام الجليل والمجتهد الكبير تقي الدين أبي الحسن السبكي المسمى (بشفاء السقام في زيارة خير الأنام) أو شن الغارة على من أنكر فضل الزيارة وافيا بالغرض المقصود , آتيا على ما قاله ابن تيمية في ذلك الكتاب وغيره مقوضا لبنيانه مزعزعا لأركانه ماحيا لآثاره ماحقا لأباطيله مظهرا لفساده مبينا لعناده فاكتفينا بطبعه ونشره بين المسلمين ليطلعوا عليه ويعلموا سوء المقاصد وباطل العقائد فيسلكوا سبيل الرشاد والسداد ويعرضوا عن طرق الغي والعناد , ويضربوا بما قاله ابن تيمية وأمثاله عرض الحائط , والله من ورائهم محيط.]اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق