إنها
الفتنة التي كانت كل الفتن، وكل الشبهات، وكل العقائد الضالة على مَرِّ التاريخ
بمثابة إعداد وإمداد لها.
إنها
الفتنة المتعدية للزمان والمكان .
إنها
الفتنة الضاربة بجذورها في أعماق تاريخ هذا الكوكب قاطبة .
إنها
الفتنة المتسللة في كل مكان ، تلك الفتنة التي تتربص ببني آدم الدوائر .
فتنة
مخططاتها في السر والعلن .
ليست فتنة الأعور الدجال عليه لعنة الله في واقعنا المعاصر وعالمنا
المشهود: حديث خرافة، ونسج خيال، وتتبع أوهام.
بل للدجال أنصار يستعجلون قدومه، ومنظمات سرية تهيئ العقول لاستقباله،
ودول كبرى تمهد لـ(نظامه العالمي الجديد)، ومملكته الكبرى .
قال
سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :[ما
صُنِعَت فِتْنَةٌ -منذ كانت الدُّنيا- صَغْيِرة ولا كَبْيرة إلا لِفْتنةِ
الدَّجال!!] اهـ
(أخرجه أحمد (5/389) من حديث حذيفة رضي الله عنه بإسناد
صحيح.)اهـ
سبحان
الله !!!!!
كل
الفتن صغيرها وكبيرها منذ كانت الدنيا – كما قرر سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله
عليه وعلى آله وسلم - تقود إلى وجهة واحدة وما صتعت إلا لها ، ألا وهي فتنة الأعور
الدجال عليه لعنة الله .
فالعجب
كل العجب بعد ذلك التقرير النبوي الكريم من أن نجد من يعتقد بأنه لا وجود للمؤامرة
على بني البشر ، وبأن الكلام عن مخططات الدجال وحكومته الخفية هو محض خيال !!!!!
فمما
يفهم من الحديث الشريف المتقدم أنه هناك خطة وليست بالخطة العادية لمؤامرة متشابكة
ومعقدة ومتداخلة تحمل بين طياتها فتن الأرض قاطبة لتجملها في الفتنة الكبرى ، فتنة
الأعور الدجال عليه لعنة الله .
تلك
الفتنة المتعدية للزمان وللمكان .
أولاً
: فتنة الأعور الدجال عليه لعنة الله يعد لها من آلاف السنين وفق خطط ومنهج مرسوم
.
-
أورد ابن أبي شيبة في مصنفه :
كِتَابُ الْفِتَنِ
: مَا ذُكِرَ فِي فِتْنَةِ الدَّجَّالِ رقم الحديث: 36786 قال : [حَدَّثَنَا
يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مَيْسَرَةَ ،
عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ ،
قَالَ : " لَقَدْ صُنِعَ بَعْضُ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ، وَإِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحَيٌّ " .] اهـ
ثانياً
: أتباع الدجال من أكابر أحبار اليهود ينتظرون خروجه ويعولون على ما سينالهم من
ملك جراء ذلك .
- أورد الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في تفسيره
(10/3268) ما يلي:[عن
أبي العالية رضي الله ، عنه قال : أن اليهود أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا
: إن الدجال يكون منا في آخر الزمان ، ويكون من أمره فعظموا أمره ، وقالوا : يصنع كذا . . فأنزل الله :
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى ءَايَاتِ
اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم
بِبَالِغِيهِ}قال
: لا يبلغ الذي يقول{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} فأمر نبيه (صلى الله عليه
وسلم) أن يتعوذ من فتنة الدجال لخلق السموات والأرض اكبر من خلق الناس الدجال
.
18441عن
كعب الأحبار في قوله :{ إِنَّ
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى ءَايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ}: هم اليهود نزلت فيهم فيما
ينتظرونه من أمر الدجال.]اهـ
أورد
أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي في تفسيره المعروف بـ الكشاف عن حقائق
التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل(4/178)ما يلي:[{إِنَّ
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى ءَايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن
فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}غافر : (56) {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ
فِى ءَايَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ
كِبْرٌ}إلا تكبر وتعظم ، وهو إرادة التقدّم والرياسة ، وأن لا يكون أحد فوقهم ،
ولذلك عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدّمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك ، لأن النبوة
تحتها كل ملك ورياسة . أو إرادة أن تكون لهم النبوّة دونك حسداً وبغياً . ويدلّ
عليه قوله تعالى:{لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} (الأحقاف : 11) أو
إرادة دفع الآيات بالجدال {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} أي : ببالغي موجب الكبر ومقتضيه
، وهو متعلق إرادتهم من الرياسة أو النبوّة أو دفع الآيات . وقيل
: المجادلون هم اليهود ، وكانوا يقولون : يخرج صاحبنا المسيح بن داود ، يريدون
الدّجال ، ويبلغ سلطانه البر والبحر ، وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات
الله فيرجع إلينا الملك ، فسمى الله تمنيهم ذلك كبراً ، ونفى أن يبلغوا
متمناهم.]اهـ
- أورد
الإمام محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي في تفسيره المعروف بـ البحر المحيط
(7/451) ما يلي :[( مَّا هُم بِبَالِغِيهِ): أي ببالغي موجب الكبر ومقتضيه من
رياستهم وتقدمهم،وفي ذلك إشارة إلى أنهم لا يرأسون ، ولا يحصل لهم ما يؤملونه.وقال
الزجاج :المعنى على تكذيبك إلا ما في صدورهم من الكبر عليك،وما هم ببالغي مقتضى
ذلك الكبر،لأن الله أذلهم وقال ابن عطية : تقديره مبالغي إرادتهم فيه.وقال
مقاتل : هي في اليهود.قال مقاتل : عظمت اليهود الدجال وقالوا : إن صاحبنا يبعث في
آخر الزمان وله سلطان،فقال تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِىءايَاتِ
اللَّهِ)،لأن الدجال من آياته،(بِغَيْرِ سُلْطَانٍ): أي حجة ، ( فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ)
من فتنة الدجال . والمراد بخلق الناس الدجال، وإلى هذا ذهب أبو العالية ، وهذا
القول أصح . وقال الزمخشري :وقيل المجادلون هم اليهود ، وكانوا يقولون:يخرج
صاحبنا المسيح بن داود ، يريدون الدجال ،ويبلغ سلطانه البر والبحر ، وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات
الله ، فيرجع إلينا الملك ، فسمى الله تمنيتهم ذلك كبراً ، ونفى أن يبلغوا
متمناهم.انتهى.]اهـ
- وأورد
الإمام السيوطي في تفسير الدر المنثور(13/49 ،50) ما يلي :[أخرج عبد بن حميد
وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية رضي الله عنه قال :
إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الدجال
يكون منا في آخر الزمان ويكون من أمره فعظموا أمره وقالوا : يصنع كذا
فأنزل الله {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر
ما هم ببالغيه قال : لا يبلغ الذي يقول {فاستعذ بالله} فأمر نبيه صلى الله عليه
وسلم أن يتعوذ من فتنة الدجال {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس} الدجال.وأخرج
ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله
{إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان} قال : هم اليهود
نزلت فيهم فيما ينتظرونه من أمر الدجال .وأخرج ابن
المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق
الناس}قال : زعموا أن اليهود قالوا : يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى ركبتيه
والسحاب دون رأسه يأخذ الطير بين السماء والأرض معه جبل خبز ونهر فنزلت {لخلق
السماوات والأرض أكبر من خلق الناس}.]اهـ
- قال محمود الألوسي في تفسيره
المعروف بـ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني(24/78)ما يلي:[وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عنه قال : إن اليهود أتوا
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : إن الدجال
يكون منا في آخر الزمان ويكون من آمره ما
يكون فعظموا أمره وقالوا : يصنع كذا وكذا فأنزل الله تعالى إن الذين يجادلون الخ
وهذا كالنص في أن أمر اليهود كان السبب في نزولها وعليه تكون الآية مدنية وقد مر
الكلام في ذلك فتذكر وفي رواية أن اليهود كانوا يقولون : يخرج صاحبنا المسيح بن
داود يريدون الدجال ويبلغ سلطانه البر والبحر وتسير معه الأنهار وهو آية من آيات
الله فيرجع إلينا الملك حكاها في الكشاف ثم قال : فسمي الله تعالى تمنيهم ذلك كبرا
ونفى سبحانه أن يبلغوا متمناهم.ويخطر لي على هذا القول أن اليهود لم يريدوا من
تعظيم أمر الدجال سوى نفي أن يكون نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم النبي المبعوث
في آخر الزمان الذي بشر به أنبياؤهم وزعم أن المبشر به هو ذلك اللعين ففي بعض
الروايات أنهم قالوا للنبي عليه الصلاة و السلام :لست صاحبنا يعنون النبي المبشر
به أنبياؤهم فالإضافة لأدنى ملابسة بل هو المسيح بن داود يبلغ سلطانه البر والبحر
ويسير معه الأنهار.]اهـ
- وقال
محمد بن علي الشوكاني في تفسيره المعروف بـ فتح القدير الجامع بين فني الرواية
والدراية من علم التفسير (4/711) ما يلي:[وقد أخرج عبد بن حميد
وابن أبي حاتم قال السيوطي بسند صحيح عن أبي العالية
قال : إن اليهود أتوا النبي صلى
الله عليه و سلم فقالوا : إن الدجال
يكون منا في آخر الزمان ويكون في أمره فعظموا
أمره وقالوا : نصنع كذا ونصنع كذا فأنزل الله{إن الذين يجادلون في آيات الله بغير
سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه }قال:لا يبلغ الذي يقول {فاستعذ
بالله} فأمر نبيه أن يتعوذ من فتنة الدجال لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الدجال
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب
الأحبار في الآية قال : هم اليهود نزلت فيهم فيما ينتظرونه من أمر الدجال.]اهـ
- قال محمد بن محمد العمادي أبو
السعود في تفسيره المعروف بـ إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم (7/281)
ما يلي:[وقالوا
لو كان خيراً ما سبقونا إليه ولذلك يجادلون فيها لا أن فيها موقع جدال ما وأن لهم
شيئا يتوهم أن يصلح مداراً لمجادلتهم في الجملة وقوله تعالى ما هم ببالغيه صفة
لكبر قال مجاهد ما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر وهو ما أرادوه من الرياسة أو النبوة
وقيل المجادلون هم اليهود وكانوا يقولون لست صاحبنا المذكور في التوراة بل
هو المسيح بن داود يريدون الدجال يخرج في آخر الزمان ويبلغ سلطانه البر و البحر و تسير معه الأنهار
وهو آية من آيات الله تعالى فيرجع إلينا الملك فسمى الله تعالى تمنيهم ذلك كبرا
ونفى أن يبلغوا متمناهم.]اهـ
روى أبو يعلى من طريق علي بن زيد بن جدعان عن عبد الله بن مغفل رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: [إن الدجال قد أكل ومشى
في الاسواق.]اهـ
وروى أبو يعلى من طريق مجالد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: [ألا إن الدجال قد أكل الطعام ومشى في
الاسواق.]اهـ
قول مولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو القول القاطع
الفصل الذي وصف فتنة ذلك الملعون بأنها أعظم فتنة في تاريخ البشرية .
فحضرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو من أخبرنا بأنه ما من فتنة
أعظم منذ خلق آدم إلى قيام الساعة من فتنة الدجال .
روى الإمام مسلم في صحيحه
: [5239 - حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ
الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ حَدَّثَنَا
أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ رَهْطٍ مِنْهُمْ أَبُو الدَّهْمَاءِ
وَأَبُو قَتَادَةَ قَالُوا كُنَّا نَمُرُّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ نَأْتِي
عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ إِنَّكُمْ لَتُجَاوِزُونِي إِلَى
رِجَالٍ مَا كَانُوا بِأَحْضَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنِّي وَلَا أَعْلَمَ بِحَدِيثِهِ مِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَقُولُ: مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ
خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ .] اهـ
وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَيُّوبَ
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ ثَلَاثَةِ رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ فِيهِمْ أَبُو
قَتَادَةَ قَالُوا كُنَّا نَمُرُّ عَلَى هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ إِلَى عِمْرَانَ
بْنِ حُصَيْنٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُخْتَارٍ غَيْرَ أَنَّهُ
قَالَ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنْ الدَّجَّالِ.]اهـ
وللإمام أحمد في مسنده بسند صحيح [أَمْرٌ
أَعْظَمُ مِنْ الدَّجَّالِ،]اهـ
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم وكذا قال غيره من الشراح:[الْمُرَاد أَكْبَر فِتْنَة وَأَعْظَم شَوْكَة.]اهـ
ويؤيده ما جاء في رواية
الطبراني والحاكم[فِتْنَةٌ أَعْظَمُ مِنَ الدَّجَّالِ.] اهـ
[حدثنا نعيم ثنا ضمرة بن ربيعة حدثني يحيى بن أبي عمرو والشيباني عن
عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبي أمامة الباهلي رضى الله عنه قال خطبنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته ما يحدثنا عن الدجال يحذرناه وكان من قوله (يا
أيها الناس إنها لم تكن فتنة في الأرض أعظم من فتنة الدجال وإن الله
تعالى لم يبعث نبياً إلا حذر أمته وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج
فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيج كل مسلم وإن يخرج بعدي فكل امرئ حجيج
نفسه والله خليفتي على كل مسلم فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ بفواتيح سورة
الكهف)اهـ [الفتن لنعيم بن حماد صـ 355.]اهـ
وحضرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو من علمنا إذا تشهد أحدنا في
صلاته أن يستعذ بالله من الأعور الدجال الملعون .
فقد روى الإمام مسلم في
صحيحه : 924 عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :[إِذَا
تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ
إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ
فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ
الدَّجَّالِ].اهـ
وقد ورد عن بعض السلف أنه أمر ابنه بإعادة الصلاة بعدما علم منه أنه
لم يستعذ من الدجال بعد التشهد .
قال
الإمام مسلم بن الحجّاج :
بلغني
أنّ طاووسًا وهو راوي هذا الحديث عن ابن عباس قال لابنه: " أدَعَوتَ بها في
صلاتك ؟
قال:
لا، قال: أعِدْ صلاتك ".
فكيف يستقيم بأن تكون فتنته أعظم فتنة في تاريخ البشرية وتكون 40 يوم
فقط !!!!
فلو كانت كذلك لكانت قاصرة على من حضرها فقط .
ولما وصفها الرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الوصف .
ولما حذر منها كل نبي مرسل من عهد نوح عليه السلام .
ولو اعتقد البعض بأن فتنة الدجال
تكون في ادعائه الألوهية فقط وقصرها على ذلك فقد أخطأ ، فلم ينفرد الدجال بذلك ،
فقد ادعاها عبر التاريخ الكثير والكثير .
ولكن في معنى تخصيص فتنة
الدجال بأنها أعظم فتنة في تاريخ البشرية معنى أعمق وأدق من ذلك ولا يتوقف على
مجرد ادعائه الألوهية .
فمولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرنا أن نستعيذ من
فتنته خمس مرات على الأقل في اليوم في دبر الصلاة المكتوبة ؟!!
فهل لو كانت فتنة الدجال ستقتصر على خروجه الأخير كان مولانا رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حضنا وحثنا بتكثيف التعوذ منه لهذه الدرجة وكل تلك القرون ؟!!!
وهل تعتقد أخي الكريم بأن أعظم فتنة في تاريخ البشرية كما قال عنها
سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ستكون قاصرة فقط على 40
يوم وهي مدة الخروج الأخير للدجال ؟!!!!
قد أعلمنا حضرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن للدجال فتنة وخروجات
، وأن فتنته غير قاصرة على خروجه الأخير .
روى الطبراني عن عبد الله
بن مطعم رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الدجال ليس
فيه خفاء، إنه يجئ من قبل المشرق، فيدعو إلى حق فيتبع، وينتصب للناس فيقاتلهم
ويقاتلونه فيظهر عليهم، فلا يزال كذلك حتى يقدم الكوفة فيظهر دين الله ويعمل به
فيتبع على ذلك ويحث عليه، ثم يقول بعد ذلك إنه نبي فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه،
ويمكث بعد ذلك حيناً ثم يقول: أنا الله . مُعمىً عينه اليمنى، وتقطع أذنيه، ويكتب
بين عينيه كافر، فلا يخفى على كل مسلم فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة
من خردل من إيمان.] اهـ
هذا وإن كان في سند الحديث مقال إلا أن مجموع ما ورد في هذا الباب من
شواهد نقلية وعقلية تؤيده .
فخروج الدجال سيتدرج في
فتنته :
مرة يدعي الصلاح .
وأخرى يدعي النبوة .
والأخيرة يدعي الألوهية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق