- قال الإمام بدر الدين العيني في كتابه عمدة القاري شرح صحيح البخاري [ جزء 9 - صفحة 241 ] : [ ذكر ما يستفاد منه فيه أن تقبيل الحجر الأسود سنة . وقال الترمذي : العمل على هذا عند أهل العلم يستحبون
تقبيل الحجر فإن لم يمكنه ولم يصل إليه استلم بيده وقيل يده وإن كان لم يصل إليه استقبله إذا حاذى به وكبر وهو قول الشافعي انتهى
وخالف مالك في تقبيل اليد فقال يستلمه ولا يقبل يده وهو أحد القولين عنه والجمهور على أنه يستلمه ثم يقبل يده وهو قول ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وجابر وعطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد وسعيد بن جبير ومجاهد وعمرو بن دينار وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي والشافعي وأحمد .
وروى الحاكم من حديث جابر بدأ بالحجر الأسود فاستلمه وفاضت عيناه بالبكاء وقبله ووضع يده عليه ومسح بهما وجهه .
وروى النسائي من حديث ابن عباس عنه أنه قبله ثلاثا وعند الحاكم وسجد عليه وصحح إسناده .
وفيه كراهة تقبيل ما لم يرد الشرع بتقبيله من الأحجار وغيرها وقال شيخنا زين الدين وأما قول الشافعي ومهما قبل من البيت فحسن فإنه لم يرد بالحسن مشروعية ذلك بل أراد إباحة ذلك والمباح من جملة الحسن كما ذكره الأصوليون قلت فيه نظر لا يخفى .
وقال أيضا : وأما تقبيل الأماكن الشريفة على قصد التبرك وكذلك تقبيل أيدي الصالحين وأرجلهم فهو حسن محمود باعتبار القصد والنية وقد سأل أبو هريرة الحسن رضي الله تعالى عنه أن يكشف له المكان الذي قبله رسول الله وهو سرته فقبله تبركا بآثاره وذريته .
وقد كان ثابت البناني لا يدع يد أنس رضي الله تعالى عنه حتى يقبلها ويقول يد مست يد رسول الله وقال أيضا .
وأخبرني الحافظ أبو سعيد ابن العلائي قال :
رأيت في كلام أحمد بن حنبل في جزء قديم عليه خط ابن ناصر وغيره من الحفاظ أن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي وتقبيل منبره فقال لا بأس بذلك قال فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول عجبت أحمد عندي جليل يقوله هذا كلامه أو معنى كلامه .
وقال : وأي عجب في ذلك وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به وإذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم فكيف بمقادير الصحابة وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولقد أحسن مجنون ليلى حيث يقول :
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدار
وما حب الدار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
وقال المحب الطبري : ويمكن أن يستنبط من تقبيل الحجر واستلام الأركان جواز تقبيل ما في تقبيله تعظيم الله تعالى فإنه إن لم يرد فيه خبر بالندب لم يرد بالكراهة .
قال : وقد رأيت في بعض تعاليق جدي محمد بن أبي بكر عن الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي الصيف أن بعضهم كان إذا رأى المصاحف قبلها وإذا رأى أجزاء الحديث قبلها وإذا رأى قبور الصالحين قبلها قال ولا يبعد هذا والله أعلم في كل ما فيه تعظيم لله تعالى .] اهـ
- صحيح ابن حبان ج2/ص317 : [ذكر ما يستحب للمرء التبرك بالصالحين وأشباههم
558 أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعرابي فقال ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر فقال له الأعرابي لقد أكثرت علي من البشرى قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال إن هذا قد رد البشرى فاقبلا أنتما فقالا قبلنا يا رسول الله قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء ثم قال لهما اشربا منه وأفرغا على وجوهكما أو نحوركما فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادتنا أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما في إنائكما فأفضلا لها منه طائفة.]اهـ
- صحيح ابن حبان ج2/ص319 :ذكر استحباب التبرك للمرء بعشرة مشايخ أهل الدين والعقل
559 أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن المبارك بدرب الروم عن خالد الحذاء عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البركة مع أكابركم قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يحدث بن المبارك هذا الحديث بخراسان إنما حدث به بدرب الروم فسمع منه أهل الشام وليس هذا الحديث في كتب بن المبارك مرفوعا.]اهـ
- صحيح ابن حبان ج4/ص82 : [ذكر إباحة التبرك بوضوء الصالحين من أهل العلم إذا كانوا متبعين لسنن المصطفى صلى الله عليه وسلم دون أهل البدع منهم
1268 أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا أبو عامر العقدي قال حدثنا عمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء ورأيت بلالا أخرج وضوءه فرأيت الناس يبتدرون وضوءه يتمسحون قال ثم أخرج بلال عنزة فركزها ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء سيراء فصلى إليها والناس والدواب يمرون بين يديه.]اهـ
- شرح النووي على صحيح مسلم ج5/ص161: [باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر: وفي حديث عتبان هذا فوائد كثيرة تقدمت في كتاب الإيمان منها أنه يستحب لمن قال سأفعل كذا أن يقول أن شاء الله للآية والحديث ومنها التبرك بالصالحين وآثارهم والصلاة في المواضع التي صلوا بها وطلب التبريك منهم ومنها.]اهـ
- شرح النووي على صحيح مسلم ج3/ص 194- 193:[باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله ما لم : يفطم أما أحكام الباب ففيه استحباب تحنيك المولود وفيه التبرك بأهل الصلاح والفضل وفيه استحباب حمل الأطفال إلى أهل الفضل للتبرك بهم.]اهـ
- فتح الباري ج1/ص569 :[وقد تقدم حديث عتبان وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ليتخذه مصلى وأجابة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فهو حجة في التبرك بآثار الصالحين.]اهـ
- فتح الباري ج3/ص253 : [قوله باب موت يوم الإثنين قال الزين بن المنير تعين وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار لكن في التسبب في حصوله مدخل كالرغبة إلى الله لقصد التبرك.]اهـ
- - - فتح الباري ج10/ص197: [باب الرقى بفاتحة الكتاب : رواية الكشميهني بيد نفسه وهو يؤيد الاحتمال الثاني قال عياض فائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر وقد يكون على سبيل التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض كانفصال ذلك عن الراقي انتهى.]اهـ
- الاستذكار ج4/ص406 :[- مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال عدل إلي عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة فقال ما أنزلك تحت هذه السرحة فقلت أردت ظلها فقال هل غير ذلك فقلت لا ما أنزلني إلا ذلك فقال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنت بين الأخشبين من منى ونفخ بيده نحو المشرق فإن هناك واديا يقال له السرر به شجرة سر تحتها سبعون نبيا قد مضى القول في محمد بن عمران وفي أبيه التمهيد والسرحة الشجرة
قال الخليل السرح الشجر الطوال الذي له شعب وظل واحدته سرحة ونفح بيده أشار والسرر والأخشاب الجبلان وكذلك الأخاشب الجبال وقال بن وهب أراد بقوله الأخشبين من منى الجبلين اللذين تحت العقبة بمنى فوق المسجد وقال إسماعيل يقال إن الأخشبين اسم لجبال مكة ومنى خاصة قال أبو عمر أنشد بن هشام لأبي قيس بن الأسلت
فقوموا وصلوا ربكم وتمسحوا
بأركان هذا البيت بين الأخاشب
وقال العامري في بيعة بن الزبير
ويبايع بين الأخشبين وإنما
يد الله بين الأخشبين تبايع
هذا الحديث دليل على التبرك بمواضع الأنبياء والصالحين ومساكنهم وآثارهم وإلى هذا قصد بن عمر بحديثه هذا والله أعلم.]اهـ
الأدب المفرد ج1/ص315 : [باب التبرك بالاسم الحسن : 915 حدثنا إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى قال حدثني عبد الله بن مؤمل عن أبيه عن عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين ذكر عثمان بن عفان أن سهيلا قد أرسله إليه قومه صالحوه على أن يرجع عنهم هذا العام ويخلوها لهم قابل ثلاثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى فقيل أتى سهيل سهل الله أمركم وكان عبد الله بن السائب أدرك النبي صلى الله عليه وسلم.]اهـ
- نظم المتناثر ج1/ص122: [وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن عائشة أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن إولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تيك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة
قلت وهذا أخص مما تقدم والنهي فيه أشد ومحله إذا فعل ذلك تعظيما لشأنها أو للتوجه في الصلاة إليها أو خيف من اعتقاد ما لا يجوز في المقبور فيها فأما من اتخذا مسجدا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا للتعظيم له ولا للتوجه إليه فلا يدخل في الوعيد المذكور كما قاله البيضاوي وغيره.]اهـ
- قال الإمام ابن فرحون المالكي في كتابه [ الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب ] والمعروف أيضا باسم طبقات المالكية في ترجمة الإمام تاج الدين الفاكهاني ( 184 ) :
[ عمر بن أبي اليمن علي بن سالم بن صدقة اللخمي المالكي الشهير بتاج الدين الفاكهاني يكنى أبا حفص الإسكندري قرأ القرآن بالقراءات على أبي عبد الله: محمد بن عبد الله بن عبد العزيز المازوني وسمع منه وسمع من أبي عبد الله: محمد بن طرخان وأبي الحسن: علي بن أحمد القرافي وسمع من غيرهما.
وكان فقيهاً فاضلاً متفنناً في الحديث والفقه والأصول والعربية والأدب وكان على حظ وافر من الدين المتين والصلاح العظيم واتباع السلف الصالح حسن الأخلاق.
صحب جماعة من الأولياء وتخلق بأخلاقهم وتأدب بآدابهم وحج غير مرة وحدث ببعض مصنفاته.
وله شرح العمدة في الحديث لم يسبق إلى مثله لكثرة فائدته وشرح الأربعين للنووي وسماه المنهج المبين في شرح الأربعين وله الإشارات في العربية وشرحها والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة وكتاب الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير.
ضمت مكارم تأتي منك ظاهرة إلى مكارم أبقاها أبوك لـكــا
فإن تقدم أبناء الكـرام بـهـم فقد تقدم آباء الكـرام بـكـا
وأخبرني جمال الدين: عبد الله بن محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري المحدث: أحد الصوفية بخانقاه سعيد السعيداء في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة قال: رحلنا مع شيخنا تاج الدين الفاكهاني إلى دمشق فقصد زيارة نعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بدار الحديث الأشرفية بدمشق وكنت معه فلما رأى النعل المكرمة حسر عن رأسه وجعل يقبله ويمرغ وجهه عليه ودموعه تسيل وأنشد:
فلو قيل للمجنون: ليلى ووصلها تريد أم الدنيا وما في طواياها؟
لقال: غبار من تراب نعالـهـا أحب إلى نفسي وأشفى لبلواها؟ ] اهـ
- وفي المغني لابن قدامة (2 / 124) : [مسألة : قال وإذا غدا من طريق رجع من غيره ، وجملته أن الرجوع في غير الطريق التي غذا منها سنة ، وبهذا قال مالك والشافعي ، والأصل فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله . قال أبو هريرة (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج يوم العيد في طريق رجع في غيره) .قال الترمذي : هذا حديث حسن . وقال بعض أهل العلم : كان يحب المساواة بين أهل الطريقين في التبرك بمروره بهم وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسألته .وقيل : لتبرك الطريقين بوطئه عليهما .] اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق