بحث

الأحد، 9 نوفمبر 2014

وثيقة كامبل السرية وتفتيت الوطن العربي . الحلقة الثانية .

1- إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة.

وعلى هذا الأساس قاموا بــ
تقسيم دول العالم بالنسبة إليهم إلى ثلاث فئات:

الفئة الأولى : دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا) والواجب تجاه هذه الدول هو دعم هذه الدول ماديا وتقنيا لتصل إلى مستوى تلك الدول .

الفئة الثانية : دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها) والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمكانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا عليها وعلى تفوقها .

الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام) والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية.

٢- ومحاربة أي توجه وحدوي فيها.

ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ألا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة .

فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصاديًا وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف .واستمرار تجزئة الوطن العربي وإفشال جميع التوجهات الوحدوية إما بإسقاطها أو تفريغها من محتواها، ولا يعني هذا الأمر بالضرورة تدخلاً إسرائيلياً وإنما هو مصلحلة لوجود إسرائيل من جهة وللتعاون بينها وبين القوى الخارجية الطامعة بالعرب من جهة ثانية.

أدت الأتفاقية إلى الحد من نهوض العرب ومنعهم من التقدم وامتلاك العلم والمعرفة وذلك من خلال سياسات الدول المتقدمة التي تمنع عن العرب وسائل ولوج العلم وامتلاك إمكانية تطويره والمساهمة في إنتاج المعرفة.

إن من أسباب حالات العداء والمنازعات الرئيسة بين الدول العربية الصراع مع إسرائيل والموقف من هذا الصراع ودور القوى الخارجية في دفع هذه الدولة أو تلك لاتباع سياسات تتعارض مع مواقف دول أخرى، مما يشكل سبباً جوهرياً للتوترات العربية.

وحتى مشاكل الحدود بين بعض الأقطار العربية يمكن أن تعزى إلى العامل الخارجي في معظمها.

في عام ١٩٠٥ دعا حزب المحافظين البريطاني سراً إلى عقد مؤتمر يهدف إلى إعداد استراتيجية أوربية، لضمان سيادة الحضارة الغربية على العالم، وإيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الغرب الاستعماري إلى أطول أمد ممكن.

ولما كان حزب المحافظين خارج الحكم، فقد قدم فكرة الدعوة إلى عقد المؤتمر إلى رئيس حزب الأحرار: هنري كامبل بنرهان" رئيس الوزارة البريطانية آنذاك.

لم يكن "كامبل" بعيداً عن هذه الفكرة، فقد كان مولعاً بفلسفة التاريخ، وكان معنياً بأن تبقي بريطانيا على امبراطوريتها التي تمتد من أقصى الأرض إلى أقصاها .

دعيت إلى المؤتمر الدول الاستعمارية كافة وهي:

بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا، البرتغال.

شارك في المؤتمر فلاسفة ومشاهير المؤرخين وعلماء الاستشراق والاجتماع والجغرافية والاقتصاد، إضافة إلى خبراء في شؤون النفط والزراعة والاستعمار.

ويمكن إيراد أسماء بعض المشاركين :

البروفيسور جيمس: مؤلف كتاب "زوال الامبراطورية الرومانية"

البروفسور لوي مادلين: مؤلف كتاب: "نشوء وزوال امبراطورية نابليون"

الأساتذة: لستر وسميث وترتخ وزهروف.

افتتح "كامبل" المؤتمر بكلمة مطولة جاء فيها:

"إن الامبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى ثم تستقر إلى حد ما ثم تنحل رويداً رويداً ثم تزول والتاريخ ملئ بمثل هذه التطورات وهو لا يتغير بالنسبة لكل نهضة ولكل أمة، فهناك امبراطوريات روما، أثينا، الهند والصين وقبلها بابل وآشور والفراعنة وغيرهم.

فهل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون سقوط الاستعمار الأوروبي وانهياره أو تؤخر مصيره ؟

وقد بلغ الآن الذروة وأصبحت أوروبا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت مصالحها، بينما لا يزال العالم الآخر في صرح شبابه يتطلع إلى المزيد من العلم والتنظيم والرفاهية، هذه هي مهمتكم أيها السادة وعلى نجاحها يتوقف رخاؤنا وسيطرتنا"..

وبالنظر إلى ضخامة الدراسات وأوراق العمل المقدمة إلى المؤتمر، تشكلت لجنة للمتابعة سميت بلجنة الاستعمار.

نظمت اللجنة "استفتاءات شملت الجامعات البريطانية والفرنسية التي ردت على التساؤلات المطروحة، بأجوبة مفصلة شملت اتصالات اللجنة المفكرين والباحثين وأصحاب السلطة في حكومات الدول الغربية إضافة إلى كبار الرأسماليين والسياسيين.

أنهت اللجنة أعمالها في العام ١٩٠٧ وقدمت توصياتها إلى المؤتمر.

خرج المؤتمر بوثيقة سرية سميت "وثيقة كامبل" أو "تقرير كامبل" أو توصية مؤتمر لندن لعام ١٩٠٧ ." (د. جاسم سلطان فلسفة (التاريخ ص ٦٢) .

التقرير استراتيجي بكل معنى الكلمة وّلما يزل معتماً عليه فلم ينشره مصدروه ولم يفرج عنه بشكل نهائي وقد مضى ما يزيد على قرن على إصداره.

تحدث بعض الباحثين عن الإفراج عن التقرير، فمحمد حسين هيكل أورد في كتابه "المفاوضات السرّية وإسرائيل" التوصية النهائية للتقرير تحت عنوان :

" وصية بنرمان".

"والباحث المحامي أنطون سليم كنعان أشار إلى التقرير في محاضرة له بعنوان "فلسطين والقانون" ألقاها سنة ١٩٤٩ في كل من جامعتي فلورينو وباريس، وقد استند في معلوماته إلى مصادر إيطالية.

وقد نشر اتحاد المحامين العرب المحاضرة ضمن منشوراته التي غطت أنشطة مؤتمره الثالث الذي انعقد في دمشق في ٢١ - 25 أيلول ١٩٥٧ صـ ٤٥٧ - ٤٨٩

وقد أشار إلى التقرير الدكتور مسعود الظاهر (أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في الجامعة اللبنانية) وردود الفعل العربية عليه وذلك ضمن بحثه المنشور في مجلة "البحث التاريخي "السورية العدد ٧ . لعام ٢٠٠٣

وقد أشار الدكتور جاسم سلطان في كتابه "إدارة فلسفة التاريخ" إلى الإفراج عن التقرير لمدة أسبوعين فقط ثم أعيد خوفاً من آثاره الممتدة.

إلاّ أن أهم المراكز البحثية التي نشرت التقرير هي وزارة الإرشاد القومي في مصر إذ تضمن ملف وثائق فلسطين من عام ٦٣٧ م- إلى عام ١٩٤٩ التقرير تحت عنوان :توصية مؤتمر لندن المسمى : مؤتمر كامبل سنة ١٩٠٧ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق